ملتقى النبأ للحوار يناقش: انتصار العراق على الإرهاب
زينب شاكر السماك
2017-07-26 05:45
ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (انتصار العراق على الارهاب) من تاريخ20 الى 24 تموز 2017، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم: (عضو مجلس النواب شروق العبايجي، الأستاذ حميد الطرفي، الأستاذ جواد العطار، الدكتور سامي شاتي، الأستاذ فوزي أكرم ترزي، الدكتور احمد الميالي، الدكتورة مهدية صالح حسن).
أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030
محاور البحث:
بمزامنة مع أجواء احتفالات الشعب العراقي بالنصر على براثن داعش الارهابي بعد أن مر الشعب العراقي بمخاضات صعبة وعسيرة لمدة ثلاث سنوات تعد من اسوء السنين على الشعب العراقي بسبب هذه العصابات الهمجية التي فعلت ما فعلت بالأهالي في المناطق التي أعلنت سيادتها بها قتلت واغتصبت وهجرت...... جاءت شمس الانتصار لتشرق على الأراضي العراقية من جديد بفضل تضحيات ودماء أبناء الشعب العراقي الغيور وتصاعدت أصوات الأفراح والتهاني بهذا اليوم الذي سوف يتذكره التأريخ بكل إجلال واحترام. اليوم سوف يكون حوارنا مفتوح بخصوص هذا اليوم وهذه الذكرى العظيمة على أن يتخلل الحوار بعض الأسئلة ومنها..
1_عند خروج داعش من الموصل هل هذا يعني نهاية الإرهاب في العراق؟
2_داعش ولى من يجتث فكره؟
3_برأيكم مالخطوة التالية التي يجب أن تخطيها الحكومة العراقية؟
4_هل ستنتهي الطائفية والمحاصصة بانتهاء داعش؟
5_هل سنرى وقفة سياسية من قبل السياسيين أمام الإصلاح ام عقد مؤتمرات طائفية فقط؟ 6_مالغاية من المؤتمرات التي عقدت بعد إعلان الانتصار مباشرة؟
7_تعليقات إضافية.
المداخلات:
عضو مجلس النواب شروق العبايجي:
مرحلة ما بعد داعش تتطلب دراسة موضوعية للأسباب الاجتماعية السياسية لانتهاك داعش لأراضينا وكرامة مواطنينا وامننا الوطني ولا اعتقد انه من الصحيح ان تشغلنا فرحة الانتصار بالاحتفالات الشعاراتية والخطابات الرنانة عن معالجة الاسباب بشكل جدي والتحوط لنتائج ليس بالضرورة ان تكون على نفس شاكلة تجربة الدولة اللا اسلامية في نينوى ولكن بأساليب مبطنة لزعزعة الامن والاستقرار في البلد مستفيدين من تصارع القوى السياسية العراقية على المكاسب والمغانم بغياب رؤية وارادة حقيقية لبناء دولة مدنية حقيقية ومجتمع امن مزدهر.
الأستاذ حميد الطرفي:
يوم النصر ومعطياته تتلهف الشعوب ومنذ القدم لأن تكون لها أيام تعتز بها فتجعلها ثوابت تاريخية تؤكد الأصالة والنهوض والتحدي والقدرة والقوة والمنعة والعنفوان والانجاز لهذا الشعب أو ذاك فما من شعب اليوم إلا وله يوم أو أكثر من (أيام الله) التي يعتز ويحتفي بها، يوم النصر، يوم الاستقلال، يوم الثورة ... الخ.
ولا تبدو لباحث الاجتماع السياسي أن الاحتفال بهذه الأيام وتلميعها وزخرفتها وتأكيد الحضور والمشاركة فيها ترفاً سياسياً أو اجتماعاً كمالياً بل إنه حاجة وضرورة، وهي حاجة منتجة وأساسية لكل شعب. وكلما تعرض شعب أو أمة إلى نكسات أو هزائم أو كوارث طبيعية أو غير طبيعية كلما كانت حاجته لتلك الأيام أكبر ليستعيد بها العزيمة والأمل من جديد ويغذي فيها روح التوحد والجماعة. لقد كان العراق بحاجة الى نصر بحجم نصر الموصل أو أكبر بعد ما تعرض له من قبل داعش وأعوانها.
تحرير الموصل نصر يستحق الثمن الذي دفع من أجله ويستحق الفرح والزهو والكبرياء لكن ثمنه الغالي يستدعي من صاحب القرار وممن صنعوا هذا النصر أمور عدة:
1-إن هذا النصر يصلح أن يكون مرتكزاً صلباً للانطلاق ورسم علاقة جديدة مع دول الاقليم والعالم يستعيد العراق فيه جزءً مهماً من زمام المبادرة والفاعلية والاحترام ويصلح أيضاً لترتيب الوضع الداخلي ورسم معالم عملية سياسية ذات آفاق مفتوحة بدل الانسداد الحاصل قبل النصر.
2-الحذر من الوقوع في حالة الغرور أو التقاعس أو الفتور أو الغفلة والانتباه الى أن الحرب لم تنتهِ بعد.
3-التفكير الجدي بإدامة زخم الانتصار عبر ايجاد طريقة ناجعة وناجحة وممكنة في إدارة المناطق المحررة بالتشاور مع جميع الفرقاء.
4-الاستفادة من دروس الماضي لتجنب تكرار نفس الكارثة وذلك بمراجعة شفافة وصريحة وشجاعة داخل قيادات الكتل السياسية قاطبة والانتقال الى خندق الوطن بدل التخندق الضيق.
بقي أن نقول ان تحرير الموصل لا يعني نهاية داعش ولكنه ضربة قوية ومؤلمة جداً للتنظيم وان قرار تجفيف منابع داعش المالية والعسكرية لم يتخذ بعد من قبل الدوائر المعنية. لأن ذلك مرتبط بقرار رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وتقسيم دوائر النفوذ بين القوى المتصارعة فالفوضى الخلاقة لم تؤت ثمارها كما رسم لها. ودخول الدب الروسي على الخط أفسد جزءً من اللعبة وعلينا الانتظار والمقاومة لحين التفاهم بين المتصارعين.
الاصلاح في العراق جزء مهم من مقاومة مشاريع الفوضى لأنه يعزز ثقة الشعب بالحكومة وبالتالي استقرار النظام السياسي وقوته ومنعته أمام التدخلات الاجنبية اتوقع ان تكون لحكومة السيد العبادي مستقبلاً مواجهة مع المفسدين ولكن سيحاول البعض افساد هذه الجهود بحجة انها دعاية انتخابية وانه اي السيد العبادي فوت الفرصة السابقة هكذا سيقول خصومه.
انطلاقة المؤتمرات بعد التحرير هو تسابق لملء الفراغ الذي خلفه سقوط داعش في الموصل ومحاولة لاستثمار التحرير باثبات الوجود والتلميح الى أن المشكل لايزال قائماً وان سقوط داعش لا يعني مصادرة مطالب جبهة القوى السنية في العراق، وعلى الحكومة قراءة الرسالة بعناية والبحث فيما هو عملي وقبول لحل الخلافات القائمة وفضح أصحاب المشاريع مدفوعة الثمن.
الأستاذ جواد العطار:
اذا كان رهان الحرب الطائفية قد انتهى بتوحد العراقيين في مواجهة ارهاب داعش، فان رهانات تقسيم العراق ما زالت قائمة وخطيرة وهي تتأرجح بين طرفين لا ثالث لهما:
1• دعاة الاستفتاء والانفصال في اقليم كردستان.
2. دعاة الأقلمة في الموصل والمناطق الغربية.
واذا كان خيار الاستفتاء في كردستان قد ولد ميتا لأنه اشبه بالجنين غير مكتمل النمو والذي لا تتوفر له اسباب الحياة لا على المستوى المحلي او الاقليمي وحتى شروطه الموضوعية لم تلق قبولا في المحافل الدولية والتي برزت من خلال اعلان الامم المتحدة عدم مشاركتها في تنظيمه او منحه الشرعية اللازمة على المستوى الدولي، فان الخطر كل الخطر يأتي من المناطق المحررة والتي ما زالت تعتبر ارض رخوة يمكن ان تتقبل كل شيء ان لم نحسن التصرف في إدارتها، والتي تستلزم:
1/ اعادة توطين النازحين الذين يفوق عددهم المليون.
2/عودة النازحين تستلزم إعمار البنى التحتية وتوفير ما يمكن من متطلبات الحياة المدنية.
كل ذلك لن يتحقق بدون إدارة نزيهة وكفؤة للمحافظات المحررة عموما والموصل خصوصا. واذا كانت ولاية مجلس محافظة الموصل قد انتهت، اضافة الى ان خلافاته المستمرة كانت واحدة من اسباب سقوط المدينة قبل ثلاثة اعوام وتدميرها على يد داعش، فان على الحكومة ان تنتدب إدارة كفؤة ذات حس امني عالي تستطيع التعامل مع التحديات الآنية المطروحة واهمها:
مسك الارض وإدارة عجلة البناء والحياة بشكل سلس بعيدا عن الفساد والخلافات السياسية. لكن السؤال: هل هذه الإجراءات كفيلة بالحفاظ على وحدة العراق وصيانة امنه وسيادته؟ وهل تحرير الموصل هو نهاية المطاف؟ وما علاقة عودة النازحين بوحدة العراق؟ وللإجابة: إذا كنا قد كسبنا معركة التحرير في الموصل فان علينا ان نكسب الحرب على هذا التنظيم الارهابي في كل بقعة من ارض العراق وبما ان الحرب ما زالت بفصولها لم تكتمل صورة الانتصار الناجز فيها والقريب ان شاء الله فإنها تستلزم استكمال الملفات الاخرى من امنية وسياسية واجتماعية وفكرية وتتطلب اكثر من ذلك؛ مشروع وطني جامع يرسخ الانتصار ويثبت دعائمه؛ والان وقته؛ والكرة في ملعب القوى السياسية التي مع الاسف بدأ بعضها التناحر والخلافات ومؤتمرات السباق الانتخابي قبل أوانه.
فنحن اليوم امام تحدي وحدة العراق وليس غيرها، وخروجه من عنق الزجاجة التي دخلها قبل ثلاثة اعوام بظهور تنظيم داعش الارهابي، وهذا لن يتحقق الا بوحدتنا وثوابتنا الوطنية في الدستور والولاء للعراق والتداول السلمي للسلطة وفقا للاستحقاق الانتخابي.
اما التحديات الاخرى من قبيل السباق الانتخابي فيفترض ان يؤجل ضمن سلم الاولويات فوحدة العراق اولا وبعدها يأتي كل شيء اما ما يقال عن الاقتتال الداخلي او الحرب بين المركز والإقليم فإنها بلا شك لن تحدث إذا كانت لغة الحوار هي السائدة اولا؛ وتسيد العقلاء للمشهد السياسي ثانيا؛ وغلبت مصلحة العراق ثالثا؛ وحفظ دماء ابنائه على المصالح الاخرى.
الدكتور سامي شاتي:
اتفق الخبراء والمراقبون ان داعش ليست ظاهرة منفصلة عما قبلها من التنظيمات التكفيرية السلفية ولاهي منفصلة عن بيئة المنطقة والصراعات المتقدة فيها بل هي نتاج لتفكك مجتمعي وفقر ثقافي وتخلف تربوي في ظل غياب الدولة الراعية لمواطنيها وكتل سياسية متمسكة بمصالحها المشروعة وغير المشروعة والتي أنتجت عصابة القاعدة في بلاد الرافدين سابقا وداعش حاليا وتنظيمات متطرفة أخرى مستقبلا.
وأفرزت عمليات التحرير وقساوة النتائج الكارثية في المناطق المحررة حاليا والمنتفضة سابقا مشهد ينفتح على احتمالات تعتمد بشكل كبير على عدة عوامل:
العامل الأول والمؤثر خطة الحكومة للاستقرار وإعادة التوطين وإدارة المصالحة المجتمعية وتوفير الأمن وسيادة القانون.
العامل الثاني كيفية ادارة المناطق المحررة وإجراء الانتخابات المحلية.
العامل الثالث إدارة الحوار مع إقليم كردستان لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها.
العامل الرابع الدبلوماسية العراقية ومدى قدرتها على أبعاد الداخل العراقي عن الصراعات الإقليمية والدولية.
العامل الخامس دور المؤسسات الدينية في إعادة إنتاج ومراجعة الخطاب الديني المعتدل وتغليب لغة الحوار والتسامح.
العامل السادس دور المجتمع المدني في تفعيل المشتركات الوطنية بين أفراد ومكونات المجتمع العراقي.
الأستاذ فوزي أكرم ترزي:
كي لا تتكرر المجازر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومحو الهوية والتغيير الديمغرافي والترحيل والتهجير القسري والتهميش والإقصاء والتحجيم اتحدوا يا قادة العراق عامةً وقادة التركمان خاصة، اجلالا لدماء الشهداء والجرحى واكراما للثكالى والشيوخ والأطفال وحفاظا على وحدة العراق ارضا وشعبا وعلما ودولة وسيادة افتحوا عقولكم قلوبكم وابوابكم للمصالحة الوطنية الحقيقة للحوار الفكري والمعرفي للتسامح والتواصل والتصالح مع الجميع دون استثناء.
افتحوا صفحة جديدة لاستيعاب واحتواء الجميع على أسس وطنية إنسانية أخلاقية عراقية خالصة مثلما حررتم الموصل وانتصرتم على الإرهاب اجعلوا العراق جنة الله على الأرض يدا بيد بالإرادة والعقيدة والايمان بالفكر الوطني والعقل النير لأنها بلد الأنبياء والمرسلين والاولياء بلد الحضارات والثقافات والمعجزات، بلد التاريخ والعرفان والامجاد، لنكون النموذج الامثل في الابداع والبناء والتنمية والإخاء والوئام والسلام في مدينة السلام بغداد العاصمة الثقافية العربية الدائمة وبخلافه ستحولون البلد إلى جحيم وتذهبون إلى جهنم وبئس المصير وسيلعنكم التاريخ والأجيال إلى ابد الابدين، اللهم اني بلغت والسلام على اتبع طريق الهدى ولو بعد حين، فسلاما يا عراق سلاما حتى مطلع الفجر سلاما.
الدكتور احمد الميالي:
في البداية لابد ان نثمن النصر العسكري للقوات المشتركة العراقية في الموصل، ولابد من الاشارة إلى نشوة الجنود العراقيين بالنصر والاهم من ذلك أن تنظيم داعش انتهى في مدينة الموصل كهيكلية ووجود وله سلطة امرة وناه ولكن علينا ايضا ان نتساءل ماذا بعد المعركة؟ هل الانتصار في الموصل أنهى التنظيم كفكرة؟ التساؤل الاهم هل ان دحر تنظيم داعش في مدينة الموصل يعني انحساره للأبد؟ التاريخ يجيب عن ذلك ب "لا ". فتنظيم القاعدة لم ينحسر وينتهي بعد دحره من معقله الرئيس في افغانستان، وكذلك تنظيم داعش فلا يمكن الجزم انه سيختفي تحت أنقاض الموصل.
داعش بنى نجاحه على الدعاية السياسية من خلال طرحه قيما ونماذج مضادة للديمقراطية وحقوق الانسان وعلى الديمقراطيات مواجهته بالرجوع إلى القيم الخاصة به، فلابد من تنفيذ هذه القيم من قبل الحكومة العراقية والقوى السياسية والمجتمع الاقليمي والدولي كاستحقاقات تواجه تحديات ظهور داعش (2) وذلك عبر اتباع اليات ادارة مجتمعات ما بعد الصراع.
وهذه الاليات:
١-الالية الامنية، فبعد تحقيق النصر العسكري في الميدان، من الضروري التفكير باستراتيجية امنية لمسك هذه الارض، فكل إستيراتجية عسكرية تتضمن عدة مراحل بدأً بمرحلة التحضير والهجوم ثم مرحلة التطهير ثم مسك الارض واخيرا مرحلة التأمين النهائية، وهنا لابد من اعادة الانتشار الامني للقطعات الماسكة بشكل يعيد تطبيع الاوضاع الامنية، والتركيز على الحدود الادارية والطرق الرئيسة ، وملاحقة فلول التنظيم في الصحراء والحدود وكشف مكان المتخفين مع المدنيين، وهنا لابد ان تبادر المؤسسات الحكومية للعمل بسرعة الى تقديم الخدمات بالتزامن مع الانتشار الامني، واهم ذلك كله الاتفاق على القوة الماسكة للأرض.
٢-الالية الاقتصادية، فالموصل تحتاج الى مليارات الدولارات، فمعركة التحرير الحقيقية هي معركة اعادة الاعمار والبناء علما ان الموصل حضريا تعيد نفسها بنفسها فقط تحتاج مقاربات عمرانية اقتصادية نزيهة لإعادة الامور الى ما كانت عليه، لكن إعادة الاعمار قد يلاقي عقبات منها الفساد والمقاولات السياسية، فالأموال قد تتأخر وقد تقع في ايادي غير امينة و حتى لو استحضر التمويل قد لا يكون ثمة مجال لاستخدامه في ظل استمرار الصراع السياسي، فتحرير الموصل شيء وتضميد الجراحات الاجتماعية وردم الخلافات السياسية شيء اخر، لان الموصل ستخضع لسيطرة قوى تتنافس فيما بينها.
٣-الالية الثقافية، فمن الضروري اعادة انتاج الخطاب الديني والسياسي والاعلامي اذ ان هذا الخطاب دخل في صيرورة بطيئة، من التكلس والتحجر والجمود، كما نحتاج الى مناهج تربوية وتعليمية تواكب مستوى التحول الثقافي الذي ساد مجتمع الموصل المقاربة او الالية.
٤-المقاربة الاجتماعية، تحتاج الموصل الى مصالحة مجتمعية وعدالة انتقالية، لا يمكن ان نبقى نشاهد مشاهد الثأر والانتقام، فأهم مسألة تطرح ما بعد تنظيم داعش وتعد التحدي الأكبر هو تصفية الحسابات داخل الموصل، فقد شهدت الموصل هذه التصفيات حتى ابان حكم داعش وفي بعض الفترات التي ضعف فيها التنظيم لا يمر يوم من دون اكتشاف جثث لأشخاص موثوقي الأيدي مرميين في الشارع هم في معظمهم من المشتبهين بالانتماء إلى داعش أو من المتعاملين معهم، او العكس من يتهم بتعاونه مع القوات الحكومية والصحافة.
فمرحلة ما بعد داعش لن تكون سهلة لاستمرار وجود المجموعات السنية المسلّحة التي تقدّر أعدادها ما بين 45 و50 مجموعة أي ما قد يصل إلى 30 ألف مسلح سيكونون حانقين على تداعيات ما بعد داعش، ناهيك عن مشهد تماهي افراد التنظيم مع المدنيين مما يشكل خطر داهم وقنابل موقوتة تحتاج الى جهد محلي واجتماعي يسهم في الفرز والتحقق بما لا يؤثر على الوئام الاجتماعي، كما يرافق موضوعة المصالحة موضوعة العدالة الانتقالية التي تعد من اهم ضرورات ما بعد داعش ولكي نقنن اثار الانتقام وتصفية الحسابات.
٥-المقاربة السياسية ببعديها المحلي والخارجي، فمحليا التفكير بالتحضير من هم الممثلون الفعليون والحقيقيون للمجتمع الموصلي بكل اطيافه، ولابد ان لا نستعجل بالتحضير للانتخابات لان مجتمعات ما بعد الصراع تحتاج فترات من اعادة الثقة والتفتيش عن الاصلح للتمثيل السياسي.
فمسألة التوقيت والتسلسل للانتخابات والتأسيس الديموقراطي في أجواء ما بعد الصراع، تؤكد ان الساسة لديهم استنتاج قطعي وهو أنَّ الانتخابات تستعمل كمقياس للنجاح؛ ولهذا يتم التعجُّلُ بتنفيذها من دون إجراء التحضيرات اللازمة.
اما خارجيا فالمقاربة السياسية تحتاج توحيد الجهود الدبلوماسية والسياسية لاستقدام المساعدات الخارجية فيجب ان يكون بناء الموصل والانبار وصلاح الدين وبقية المحافظات (الدولة) أولى الأولويات، وكذلك تقوية المؤسسات كي تكون بعدها عملية إعادة الإعمار والاندماج سهلة، ويقل الاعتماد على الدعم الخارجي.
اخيرا لابد ان نذكر بدرس سياسي مهم يعد تحدي لمرحلة ما بعد داعش في الموصل، الا وهو موقف القوى السياسية الفاعلة من التزاحم الدولي والاقليمي على التسابق لاختطاف ثمرة الانتصار، وتثبيت دوره ونفوذه، هذا التدافع والتزاحم سيرتبط بدور الولايات المتحدة وإيران، ويمكن القول ان الادارة الامريكية سادتها قناعة تسليم بالدور الإيراني في ظل الإدارة الامريكية، لان الايرانيون لديهم حلفاء اقوياء داخل العراق. لكن الولايات المتحدة تفتقر إلى الحلفاء السياسيين ما عدا جزء من الأكراد وإلى حد ما السنة.
الدكتورة مهدية صالح حسن:
لا يمكن الحفاظ على الانتصار والأمن والاستقرار الا بعد توفير الاطمئنان النفسي والاجتماعي للسكان أنك من الممكن أن تحصل على الانتصار بالسلاح وتستمر متجحفلا حاملا سلاحك دائما فإن ذلك أن استمر سيرهق عقلك وجسدك لكن أفضل الطرق لتحقيق النصر الناجز والحفاظ عليه هو من خلال كسب ود الناس وهذا لن يحدث إلا من خلال:
أولا- التعامل الانساني المتزن اي احترام ادمية الانسان وحقوقه هذا أولا.
ثانيا- الاسراع في اعمار المناطق المدمرة نتيجة للعمليات العسكرية وإعادة المهجرين والنازحين الى مناطقهم وتعويض المتضررين جراء تلك الأحداث.
ثالثا- على وزارة الخارجية أن تبذل جهودا حثيثة من أجل عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار العراق وعلى القضاء ولجنة النزاهة البحث عن الأموال المسروقة من المال العام إعادة تلك الاموال المسروقة الى العراق خاصة وان معظمها موجودة في مصارف في دول صديقة.
رابعا- الابتعاد عن الأساليب التي لا تنسجم مع السلوك الاسلامي القويم.
خامسا- وهو الاهم هو إعادة ترميم البيت العراقي بعيدا عن أي تدخل خارجي واتباع اسلوب تثقيفي وتوجيهي مكثف .والابتعاد عن التشفي والبحث عن الأساليب العلمية الحديثة لحمل الناس على اعادة الثقة بالنفس ومع بعضهم البعض.
ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار. وقوله الكريم من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت.
..............................