من الموصل إلى الرقة: دعاية الطوفان اخر أسلحة داعش

ما حقيقة انهيار سد الطبقة في الرقة؟

حسين درويش

2017-03-30 08:22

في الموصل، شمال العراق، آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي، وتحديداً قبل البدء بعمليات تطهير المدينة، عاش السكان هناك لحظات من الخوف والترقب الشديدين بعد أن انتشر خبر يحذر من كارثة انهيار سد الموصل الكبير في أي لحظة.

الحديث المتداول آنذاك يخلص إلى أن غرف التحكم داخل السد بدأت بالانهيار، وأن الكارثة باتت قريبة، وأن المدن الشمالية وصولاً إلى بغداد مهددة بسيول من المياه يصل ارتفاعها إلى 15 متراً.. أي أن الموت غرقاً لا مفر منه.

في تلك الأوقات، أصدرت الحكومة العراقية بياناً قالت فيه: "إن إمكانية انهيار السد شبه معدومة، وإن وضع سد الموصل لا يدعو إلى القلق"، وظهر بعد ذلك أن ما يحتاجه السد هو عملية إدامة مستمرة فقط، وانتهت القصة بذلك، ودخلت القوات العراقية الموصل وانفرط عُقد داعش فيها.

كارثة الطوفان

في الرقة، شمال سوريا، والتي تعتبر أيضا أبرز معاقل تنظيم داعش الإرهابي هناك، يدور الحديث أيضاً عن انهيار وشيك لسد الفرات، أو ما يعرف بسد الطبقة، والذي يعتبر من أهم موارد المياه في المشاريع الزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية، الأمر الذي ينبئ بحدوث كارثة اقتصادية لا تحمد عواقبها، بحسب خبراء مجهولي الهويات!.

يقول هولاء أيضا، إن الأشد فظاعة هو أن كارثة بشرية سوف تحل بعد أن تجرف مياه السد نحو 3 ملايين سورياً على الأقل، لكن الأشد فظاعة وما يدعو إلى الاستغراب حقاً، هو أن مصدر هذه التحذيرات هو تنظيم داعش الإرهابي الذي نشر الخبر عبر وكالة أعماق التابعة له، والتي قالت أن السد خرج عن الخدمة، وسرعان ما تناقلت وسائل إعلامية عالمية وعربية التحذيرات بشكل لا يقبل أدنى درجة من الشك، ودون أن تلتفت إلى ما حدث في الموصل حينها وفي ظروف مشابهة أيضا.

سد الطبقة يوقف العمليات العسكرية في الرقة

يمتد السد الأكبر في سوريا 4.5 كيلومتر عبر نهر الفرات، وتقدر المياه المخزنة فيه بأكثر من 14 مليار متر مكعب، وكان تنظيم داعش الإرهاب قد استحوذ عليه في وقت سابق إلى جانب قاعدة جوية في عام 2014.

في حين أن القوات السورية بدأت بالفعل في تشرين الثاني عمليات عسكرية واسعة لتطهير الرقة -التي يقع فيها السد- من تنظيم داعش الإرهابي بدعم من قوات التحالف الدولي، لتحرز بذلك تقدماً كبيراً قطعت من خلاله الإمدادات الرئيسية للتنظيم من جهات عدة.

وبحسب المرصد السوري، فإن القوات السورية تسيطر حتى الآن على نحو 65% من محافظة الرقة، وهذا يعني أنه لم يبق أمام التنظيم الإرهابي منفذاً سوى ريف الرقة الجنوبي أو من خلال قطع نهر الفرات بالزوارق، وهو النهر الذي يقع عليه السد المهدد بالانهيار، بحسب زعم التنظيم وإعلامه.

وعلى الرغم من اعلان قوات التحالف الدولية الاثنين الماضي بأنها "لا ترى خطراً وشيكاً على السد"، إلا أن القوات السورية أوقفت العمليات العسكرية الدائرة هناك وسمحت ببدء أعمال هندسية للسد.

لكن المتحدثة باسم قوات سوريا الديمقراطية وعدت بـ "استعادة السد بالكامل في غضون أيام بعد سيطرة مقاتليها على مدخله الشمالي".

هل قصف التحالف الدولي السد؟

هذا التوقف المفاجئ، جاء بعد تحذيرات اطلقها مسؤول رفيع في الحكومة السورية، أشار فيها إلى أن أضراراً قد طرأت فعلاً على السد بسبب الضربات الجوية التي تشنها واشنطن على المتشددين هناك، وتحدث عن احتمال حدوث كارثة حقاً.

لكن التحالف الدولي يقول إننا لن نحكم بوجود خطر وشيك يهدد السد ما لم تفجره الجماعات الجهادية، على حد وصفها.

أما الأمم المتحدة، فقد حذرت في وقت سابق من العام الحالي من مخاطر ما وصفته بـ "فيضان كارثي" إذا ما انهار سد الفرات لتعرضه للخطر بسبب ارتفاع منسوب المياه أو أعمال تخريبية متعمدة من قبل تنظيم داعش الإرهابي، وأشارت أيضا إلى تأثير الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات الأمريكية المتحدة، التي ترى في السد هدفاً استراتيجياً كبيراً.

وتتحدث قوات التحالف الدولي عن عملية إنزال قامت بها في ريف الرقة الغربي لدعم هجوم قوات سوريا الديمقراطية، و "لتجنب قصف السد او حصول اي اضرار فيه"، وفقاً للمتحدث الرسمي باسم القوات.

في الأثناء، أكد مصدر فني من داخل السد، ان "قصفا طال ساحة التوزيع المسؤولة عن تزويد السد بالطاقة الكهربائية ما ادى لخروجها عن الخدمة فنيا"، لكنه لم يحدد إذا ما كان القصف بسبب غرات التحالف او قصف تابع لمسلحي التنظيم الإرهابي.

وإذا ما ثبت حقاً وجود أعطال فنية في السد، فإن عدد الفنيين الموجودين حالياً لإجراء أعمال الصيانة فيه محدود جداً بسحب مصادر لم تكشف عن هويتها وكالة فرانس برس التي تناقلت هذه المعلومات.

كما تتحدث الوكالة عن حركة متوقفة منذ ثلاثة أيام للدخول والخروج، فكيف تمكن الفنيين من الوصل إلى السد؟!

انهيار سد الطبقة شائعة

غير أن المتحدثة باسم حملة استعادة الرقة جيهان شيخ أحمد، عادت يوم الأحد لتتهم تنظيم داعش الإرهابي بـ "نشر شائعات تستهدف إثارة الذعر بين المدنيين"، في إشارة إلى خبر قرب انهيار سد الطبقة الكبير.

بعد يوم واحد من عمل الفنيين في السد، وتوقف العمليات العسكرية، قصف تنظيم داعش الإرهابي مواقع سيطرت عليها القوات السورية على نهر الفرات، وأجبر ذلك المهندسين العاملين في السد على إقاف العمل.

وبذلك يكون التنظيم الإرهابي قد عرقل عمليات تحرير الرقة عبر تمرير شائعة انهيار السد لوقف تقدم القوات السورية وغارات التحالف الدولي.

وكشفت مصادر، يوم الأربعاء، أن تنظيم داعش أطلق نيرانه من الطرف الجنوبي للسد، فيما قال شهود أنهم سمعوا دوي انفجارين على الأقل قرب السد.

مؤشرات كثيرة تؤكد أن تنظيم داعش الإرهابي الذي بدأ يستخدم وسائل مستهلكة ومكشوفة كان قد اتبعها في الموصل، وهذا يعني أن نهاية داعش في الرقة سوف لن تكون مختلفة عن نهايته في الموصل التي باتت وشيكة جداً.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي