تحول المياه إلى فئة من الأصول
بروجيكت سنديكيت
2021-12-22 04:41
بقلم: ويليم بويتر
نيويورك ـ منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، توقعتُ وصول المياه إلى فئة من الأصول. كنت أتوقع "توسعًا هائلاً في الاستثمار في قطاع المياه، بما في ذلك إنتاج المياه العذبة والنظيفة من مصادر أخرى (تحلية وتصفية المياه)، فضلاً عن تخزينها، وشحنها، ونقلها". وهذا من شأنه أن يؤدي إلى:
"سوق عالمية متكاملة للمياه العذبة في غضون 25 إلى 30 عامًا. وبمجرد إدماج الأسواق الفورية لمعالجة المياه، ستتبعها أسواق العقود الآجلة والأدوات المالية المُشتقة الأخرى القائمة على المياه -عمليات البيع، وعمليات الشراء، والمُقايضات- سواء المتداولة في البورصة أو خارج البورصة "أسواق البيع المباشر". وستكون هناك درجات وأنواع مختلفة من المياه العذبة، تمامًا كما أصبح لدينا اليوم النفط الخام الخفيف الحلو مقابل النفط الخام الثقيل الحامض".
في الواقع، كنت أعتقد أن المياه ستُصبح في نهاية المطاف "أهم فئة من فئات الأصول المادية القائمة على السلع الأساسية، مما يُقلل من أهمية النفط، والنحاس، والسلع الزراعية، والمعادن الثمينة".
وبعد عشر سنوات، حلّ المستقبل الآن - وإن لم يكن تمامًا كما توقعت.
في ديسمبر / كانون الأول عام 2020، أنشأت مجموعة بورصة شيكاغو التجارية (وهي واحدة من أكبر البورصات المالية في العالم) أول سوق للعقود الآجلة في مجال المياه. ويجري الآن تداول العقود الآجلة للمياه التي تتم تسويتها ماليًا بموجب عقد لمدة سنتين كحد أقصى في نظام التداول الإلكتروني "جلوبيكس" الذي تعتمده مجموعة بورصة شيكاغو التجارية. أنا أرى هذه الخطوة سابقة لأوانها إلى حد ما. لكي تعمل أسواق العقود الآجلة (وأسواق المشتقات الأخرى مثل خيارات البيع والشراء) بشكل صحيح، يجب أن تتمتع السوق الفورية الأساسية - في هذه الحالة السوق الفورية لحقوق المياه أو المياه المادية - بالسيولة والشفافية.
يعتمد سوق العقود الآجلة لمجموعة بورصة شيكاغو التجارية على مؤشر "ناسداك فيليس كاليفورنيا" للمياه، الذي يقيس السعر النقدي للحقوق المادية للمياه في ولاية كاليفورنيا، بناءً على المعاملات في المياه السطحية وفي أربعة أسواق للمياه الجوفية. ونظرًا إلى أن شبكات إمدادات المياه المحلية والإقليمية غالبًا ما تكون غير مُتصلة، ناهيك عن كونها غير مُوحدة بشكل كامل، فإن السوق الفورية التي تقوم عليها سوق العقود الآجلة مُجزأة إلى حد كبير؛ فهي لا تُمثل سلعة أساسية أو أصلًا مُتجانسًا واحدًا. وبالتالي، فإن الأسواق الفورية القائمة الخاصة بحقوق المياه والمياه تفتقر إلى السيولة والشفافية الكافية لدعم سوق العقود الآجلة المُفيدة اقتصاديًا واجتماعيًا.
لكن لا يزال هناك أمل. فقد أحرز التكامل الإقليمي والعالمي لإمدادات المياه المادية - والأسواق الفورية المرتبطة بها لحقوق المياه والمياه - تقدمًا مذهلاً. يجري تنفيذ اثنين من المشاريع الناجحة. أحدهما هو مشروع جرينلاند، الذي أنشأته ورعته شركة توماس شومان كابيتال، بشراكة مع شركة "شمال الأطلسي المحدودة للبحوث والدراسات الاستقصائية". وفي إطار برنامجها الخاص بإدارة الجبال الجليدية واستخراج المياه، يتم سحب الجبال الجليدية العائمة في شمال المحيط الأطلسي والتي يتراوح وزنها بين 1.2 و 1.4 مليون طن إلى موقع تشغيلي في اسكتلندا، حيث يتم إعداد الجليد والمياه للنقل الدولي.
تقع الأسواق المُستهدفة في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المحرومة من المياه. إن هذا المشروع قابل للتطوير ويعتمد على التكنولوجيات والهياكل الأساسية القائمة التي يجري نشرها بطريقة مُبتكرة ومُعقدة. ومع مرور الوقت، وبفضل التقدم التكنولوجي الإضافي، والتسعير المناسب للمياه، يمكن أن تتحول الجبال الجليدية من القارة القطبية الجنوبية أيضًا إلى مصادر حيوية للمياه العذبة.
يتمثل العامل الثاني الذي يُساهم في الدخول إلى أسواق المياه العالمية في نظام توليد المياه في الغلاف الجوي التابع لشركة "SkyH2O"، وهي تقنية خاصة تُساعد في استخراج المياه العذبة النظيفة من الغلاف الجوي. يُعد نموذج العمل هذا مرن وقابل للتطوير، وذلك لأنه يمكن نشر قدرة مُولد المياه في الغلاف الجوي بطريقة مُوزعة للوصول إلى أفضل المستهلكين، سواء كانوا من الحكومات أو الأسر المعيشية أو المستخدمين الصناعيين والتجاريين والزراعيين. تعتمد فعاليتها من حيث التكلفة، مقارنة ببدائل مثل تحلية المياه وعملية التقطير، على رطوبة الغلاف الجوي وسعر الطاقة في المناطق القريبة من العملاء.
يعتمد مستقبل المياه باعتبارها فئة مهمة من الأصول على استعداد الحكومات -وفي نهاية المطاف المجتمع ككل- لتسعير المياه بتكاليفها الهامشية الاجتماعية الطويلة الأمد بوصفها موردًا نادرًا من الموارد المُتجددة (بما في ذلك تكاليف معالجة العوامل الخارجية البيئية السلبية المرتبطة بإنتاجها وتوزيعها). وعلى الصعيد العالمي، يتم استخدام أكثر من 70٪ من المياه العذبة في الزراعة، ومعظم هذه المياه المُستخدمة إما مجانية أو مدعومة بشكل كبير. وبالمثل، تدفع الأسر في العديد من البلدان أيضًا جزءًا ضئيلاً من التكاليف الهامشية الاجتماعية الطويلة الأجل مقابل المياه التي تستخدمها.
إنني لآمل وأتوقع أن يتم التغلب على هذه الصعوبات قريباً. هناك إدراك متزايد لتفاقم أزمات ندرة المياه العذبة في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن زيادة استعداد صُناع السياسات لتسعير العوامل الخارجية البيئية السلبية على نحو مناسب.
إن الاعتراف بالمياه بوصفها الموارد النادرة المُتجددة، وسلعة قابلة للتداول، وأصل قابل للتسويق لا يعني التقليل من أهميتها الفريدة باعتبارها سلعة أساسية للحياة ويعتبرها الكثيرون بمثابة نعمة من الله. وعندما تتسبب سياسات تسعير المياه الفعالة من الناحية الاجتماعية في خلق تحديات اقتصادية، فإن الأمر يتطلب استجابة مالية مناسبة من خلال دعم الدخل المُستهدف. إذا تعذر ذلك -ربما بسبب فشل الدولة في تحديد المتأثرين سلبًا بالتسعير المناسب للمياه- فقد تكون هناك حاجة إلى تعريفة بسعر مزدوج. وفي حين ينبغي توفير مستوى معيشي اجتماعي من المياه مجانًا أو بأسعار مُنخفضة، يمكن تحديد أسعار جميع استخدامات المياه الإضافية بتكلفتها الهامشية الاجتماعية الطويلة الأجل للحفاظ على الحوافز المناسبة.
لقد أصبحت المياه بالفعل فئة من الأصول. ومع مرور عقد من الزمان، سوف تُشكل صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة لحقوق المياه جزءًا من الوضع الطبيعي الجديد بالنسبة للمستثمرين.