الإرهاب في نيوزيلندا: وجهات نظر تحليلية
شبكة النبأ
2019-03-19 07:05
هل تعتقد ان الحادث الإرهابي في نيوزيلندا هو فردي بطريقة الذئاب المنفردة، ام هو عمل مخطط؟
إذا كان مخطط لماذا تم اختيار نيوزيلندا التي تعتبر أكثر منطقة أمنا في العالم؟
وكيف سيكون العالم بعد هذا الحادث وكيف يساهم في تشكيل المستقبل؟
ماذا يريد اليمين المتطرف من وراء التصعيد العالمي، وماهو دور نظرية صدام الحضارات؟
كيف سيكون رد فعل المتطرفين المتأسلمين اتجاه هذا الحادث؟
الدكتور واثق الهاشمي:
الاعتداء الارهابي على مسجدين في نيوزلندا هو الأسوأ منذ عام ١٩٤٣ وهذا ما وصفته الصحف النيوزلندية، والاهم هل هذا الحادث هو تصرف فردي ام مخطط له ضمن شبكة تحاول التصعيد.
اعتقد الحادث تصرف فردي وما شاهدناه من استنكار واسع على مستوى العالم يؤكد هذا الامر. ولكن يجب ان ننظر للأمر بمنظار اوسع ان هذا الحادث ربما يأخذ ابعاد اخرى مستقبلا ويشكل تهديدا حقيقيا للمسلمين والمهاجرين في العالم، والدليل هناك صعود لليمين الديني المتطرف في الانتخابات الاخيرة في اوربا مثل فرنسا والمانيا وبلجيكا ووجود اصوات متطرفة في بريطانيا وامريكا وأستراليا وهذا يضع العالم على محك خطير وعليه ان يقف الجميع دولا واديان وشعوب ضد الارهاب والتطرف.
ان من الخطأ الجسيم ان يلقى اللوم على الاسلام بالتطرف لأننا اليوم امام منابر دينية متطرفة وليست اديان فهناك منبر ديني اسلامي ومسيحي ويهودي متطرف وهذا يحتاج الى وقفة الجميع ضد العنف والتطرف.
ان ما حدث في نيوزلندا يحب ان لايمر مرور الكرام والامر يحتاج الى وقفة جادة وقوانين صارمة لحماية المسلمين والمهاجرين في العالم حتى لاتتكرر المأساة مرة أخرى.
الباحث محمد محفوظ:
في البدء نعلق إدانتنا للعمل الإرهابي الذي قام به احد العنصريين الأستراليين في نيوزلندا ونقول ان هذا العمل يحمّل الإنسانية جميعا العمل على الحد من ظاهرة الكراهية لأي سبب كان، والحد من استخدام العنف العاري لإنهاء الاختلافات بين بني الإنسان.. ويحمّل هذا العمل الإرهابي المجال الإسلامي بكل دوله وثقافاته، العمل على تطوير التعايش بين كل المكونات والأطياف، حتى لا تتشكل نزعة الكراهية وهي من العوامل الأساسية التي تهدد الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي..
ونعتقد ان هذا العمل الإرهابي، ليس وليدة تنظيم سياسي متكامل، وإنما وليدة مجموعة عنصرية تغذت على رفض المسلمين وكراهيتهم فجاء هذا العمل للتعبير عن رفضهم للمسلمين في البلاد الغربية..
ويبدو ان مواجهة هذا العمل يتطلب من المسلمين في الغرب تعزيز قيمة التعايش بين كل المكونات والتعبيرات في الغرب ووأد النزعات العنصرية التي تهدد التعايش في البلاد الغربية.
وجاءت هذه العملية لإثارة الخطر من كل نزعات الكراهية في الغرب..
وان مواجهة هذه النزعة الخطيرة، يتطلب من الجميع العمل على تنقية الإعلام ووسائط الثقافة والإعلام والمجتمع من كل موجبات هذه النزعة، حتى يعيش الجميع بعيدا عن الحروب والاشتباكات الدامية..
الدكتور اسعد شبيب كاظم:
يمكن قراءة تداعيات الحدث الاجرامي الذي طال الابرياء في مسجد النور في نيوزلندا من جوانب عديدة:
اولا: المعتدي: فرد متعصب دينيا ينتمي ايديولوجيا الى اليمين المتطرف وهو تيار ديني وسياسي اجتاح أوربا منذ فترة لأسباب عديدة منها انتشار ما يعرف بالإسلامفوبيا، وتواجد المسلمين اثر موجات الهجرة من العالم العربي والإسلامي اتجاه الدول الغربية، لذا رينا كيف، ان الشخص المعتدي حاول بفعلته الاجرامية ان يستذكر الإرث التكارهي الذي قام به شخصيات توصف من قبل اتباع التيار اليمني المتطرف بأنها احيت المسيحية وهزمت المسلمين.
ثانيا: المعتدى عليهم وهم مجموعات بشرية ذات الانتماء للدين الإسلامي، كانوا يقيمون صلاة الجمعة في المسجد المذكور، وهم كانوا عزل بالتأكيد لكن المجرم المتطرف أراد إيصال رسالته في الكراهية والتوحد، وهو بذلك يذكرنا باستهداف الارهابيين والمجرمين من الأولويات السلفية التكفيرية (الجهادية) للمجموعات البشرية في المساجد والأسواق والمدارس، والطرق، المعتدى عليهم هم من ذات الفئة وهم العزل من الناس، المعتدي يكاد يكون بنفس بذات الذهنية (الكراهية والتعصب الديني).
ثالثا: تداعيات الاعتداء الاجرامي: هذا الاعتداء ما هو إلا نتيجة لموجة الكراهية والتعصب الديني الذي ضرب العالم في العقد الأخير من هذا العقد، فانه افتراض عملي لما راهن البعض عليه من ان التطرف الأصولي (الديني-الديني)، و(الايديولوجي-الايديولوجي) قد ينتشر بصورة يضرب قيم التعايش السلمي بين المجتمعات. لكن إلى الآن لم يعد هذا الشكل من العنف برغم من توظيفاته الدينية والايديولوجية شكلا من التصادم الحضاري لكونه في الأغلب هي حوادث فردانية ممقوتة من قبل اغلب الناس وهذا ما لاحظناه من حجم التضامن الذي أبداه الغربيون بشتى ديانتهم ومنظوماتهم الفكرية والحضارية، مثلما شاهدا قبل هذا حجم الإدانة للعمليات الارهابية التي طالت المدنيين في العراق ودول أخرى، لكن هناك تيارات قد تبدي تفاعلها مع هذه العمليات للصلة الفكرية والايديولوجية التي تربط الجانبين، وبتصوري فإن هذا التيار (الاصولي الإسلامي السلفي الجهادي) (الاصولي المسيحي اليمني المتطرف) الذي يبارك هكذا أعمال يمثل أوجه مغذيات العنف والإرهاب.
الدكتور محمد مسلم الحسيني:
لا يمكن أن تكون عمليه إرهابية بهذا النوع وبهذا الحجم عمل إرهابي فردي إنما منطلقة من خطة يقودها الجناح المسلح في اليمين المتطرف في الغرب، وتحركات منفذ العملية في الدول الغربية مؤشر لذلك. ربما تكون هذه العملية رسالة جديده يقدمها التطرف وفيها معاني كثيرة، أهمها هو الرفض المتنامي للمسلمين في الغرب بشكل عام.
هذا النوع من التصرف يكون مرفوضا رفضا شاملا عادة من قبل الغربيين غير أن الظروف الجديدة التي لعبت وتلعب دورا كبيرا في تغيّر الظروف والواقع والمفاهيم تجعل المراقب لا يستغرب بحدوث هذا العمل الإرهابي وأعمال إرهابية أخرى مشابهة له. أهم المتغيرات والمستجدات التي وسعت وتوسع مساحة الرأي في رفض المسلمين في الغرب هي الهجرة المليونية للأجانب نحو الغرب وخصوصا المسلمين منهم، مضافا لها الأعمال الإرهابية التي يقوم بها إرهابيي القاعدة وداعش والتي أفضت الى ما يسمى بالـ "إسلاموفوبيا" أي الخوف من المسلمين، إضافة الى التغيّر الديموغرافي وإزدياد عدد المسلمين في الغرب.
فوق هذا وذاك فإن معظم دول الغرب تعاني من إزدياد مضطرد في البطالة والكساد الإقتصادي وتفاقم الأزمات المالية والسياسية مما يجعل المواطن الغربي يوجه إصابع الإتهام الى المغتربين الذين زادوا في شدة الأزمات وأمدوها. إنطلاقا من هذه التغيرات ومن الواقع الجديد فقد تغيّر الخطاب السياسي الغربي وازدادت النقمة صوب الأجانب الى الحد الذي لمعت به أسماء شخصيات سياسيّه يمينيّة تبوأت مراكز متقدمة أفرزت عن نجاح قوائمهم في الإنتخابات.
أقوى دولة في العالم صارت تصرح بكرهها وخوفها ونبذها للإسلام والمسلمين وعلى لسان رئيسها دونما حرج أو خجل أو تردد، معاكسة بذلك كل المبادىء والقيم التي يتشدقون بها ويتباهون. الصعود السياسي لليمين المتطرف في الغرب هو إشارة حاسمة وقويّه الى حصول مرض حضاري في بلدان الحضارة بدأت أعراضه تظهر شيئا فشيئا، وما حادث نيوزيلندا الإرهابي إلاّ عارضا من أعراض هذا المرض الذي ستتبعه أعراض مرضيّه أخرى.... لا أعتقد أن العداء الغربي الإسلامي ناشىء عن تباين حضاري إنما تأزم الإقتصاد الغربي من جهة والوضع السياسي والإقتصادي المريض في بلدان العالم الثالث الذي صنع الهجرة المليونية والذي لعب الغرب دورا هاما ومؤثرا في صناعته بسبب تدخلاته السافرة غير المدروسة في شؤون العالم الثالث وحيثياته.
نيوزيلندا هي بلد محايد مستقر بشكل عام اختيرت لبث هذه الرسالة الجديدة كبداية بسيطة سهلة الإخراج والتطبيق وإشارة بأن هذا الأسلوب الجديد قد يطال أي بقعه في العالم الغربي مهما قربت أو بعدت!
الدكتور غسان السعد:
اعتقد ان العمل فردي لكنه جزء من توجه اكبر للإسلام في اوربا قمته هذا العمل الاجرامي لكن ترسباته اعمق.
العالم بعد هذا الحادث سيكون ذاته قبل الحادث والمتوقع قليل بهذا الشأن الا الدولة ذات الحادث نفسها.
ان التطرف الاسلامي يوظف ويستفيد من هذه الافعال لزيادة المشروعية والدعم والتعاطف لمشروعه العنفي وليثبت ذلك اعتقد سيختطف مواطني هذه الدولة او يهاجم سفارتها.
الدكتور احمد عدنان الميالي:
تعبر جريمة مسجدّي نيوزيلندا عن الاتي:
١-تنامي ظاهرة ارهاب اليمين المتطرف واعادة تموضع متزايد ازاء الاسلامفوبيا وتزايد التحريض والكراهية والعنف ضد المسلمين، وعاد هذا التيار لتصوير المسلمين كـمحاربين غزاة هدفهم الوحيد تدمير الحضارة الغربية واستبدالها بالإسلام وهذا ماعبر عنه الجاني تارانت اذ قال: إن أرضنا لن تكون يوماً للمهاجرين، وهذا الوطن الذي كان للرجال البيض سيظل كذلك ولن يستطيعوا يوماً استبدال شعبنا، أنا رجل أبيض من الطبقة العاملة لكنني قررت أن اتخذ موقفاً لضمان مستقبل شعبي، متبنيا شعار (الاستبدال الكبير) لشرح دوافعه مشيرا الى مخاوف ومخاطر التزايد الكبير لعدد المهاجرين=المحتلّين= الغزاة.
٢- إن مجزرة نيوزلندا تعطي بعدا آخر بعيد عن البعد السياسي او الفكري والايدولوجي وتتعلق بسلطة المعرفة (التكنولوجيا) الاعلام الجديد المتمثل بوسائل التواصل الاجتماعي كأدوات حرب بديلة لتنشر العنف والازمات والتخالف الحضاري.
الدكتور سليم كاطع علي:
ان تحليل دوافع واسباب الاعتداء الارهابي على جموع المصلين في نيوزيلندا وان كان يقترن بفعل احادي وفقا لاستراتيجية الذئاب المنفردة، إلا ان الواقع يؤشر استنادا لمعطيات واحداث شهدتها الدول الاوربية ان هناك تعبئة ممنهجة ومدروسة يقودها اليمين المتطرف والمنظمات الغربية المتشددة تجاه العرب والمسلمين.
فطبيعة الخطاب العنصري والتعصب القومي والديني الذي يتبناه اليمين المتطرف هو في الواقع خطاب يمحو الآخر ولا يعترف بوجوده، وهو خطاب يحمل في ثناياه مشاعر الكراهية والعداء للإسلام والمسلمين خلافا لقيم التسامح والاعتدال واحترام التعدد الثقافي والديني.
فالطريقة التي اتبعها اليمين المتطرف في توظيف موجات اللاجئين إلى الدول الاوربية بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي اصبحت لها أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية وتم تصويرها كتهديد حتمي للثقافة الغربية، ولمستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتسم به الغرب، ومما عزز هذا التوجه طبيعة الخطاب الرسمي للعديد من مسؤولي الغرب، لا سيما خلال إدارة ترامب وتبنيها لخطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، مما خلق حالة من الغلو والتطرف والكراهية في المجتمع الاوروبي تجاه ما هو مسلم، وهو ما جسد مغادرة مرحلة صراع الحضارات إلى مرحلة رفع شعار مكافحة الإسلام السياسي ضمنيا، ومكافحة الاصولية بشكل علني وصولا إلى تبني شعار الحرب على الإرهاب والتي اقترنت وفقا للرؤية الغربية بالإسلام والمسلمين.
وفي ظل هذه الظروف والمعطيات، فان المستقبل يؤشر تزايد حالات الكراهية والعنف ضد الجاليات العربية والمسلمة، وربما خلق حالة من الانعزالية وعدم وجود تجانس ثقافي وديني داخل البلد الواحد، وصولا إلى إثارة حالة من الخوف والخشية من المسلمين، والنظر لهم كتهديد للأمن القومي للدول الاوربية ولمستقبل المواطن الأوربي.
ولعل في هذا الإعتداء واختيار نيوزيلندا تحديدا رسالة تحذير واضحة بأنه لا أمن وأمان في أي بلد أوروبي لأي جاليات مسلمة مهما بلغت درجة استقرار البلاد، وهي دعوة صريحة لاستمرار سياسة التمييز العنصري الذي أصبح يلاحق كل ما هو مسلم في البلاد الاوربية، فضلا عن سياسة الاعتداء الجسدي والنفسي على المسلمين والتجاوز على حقوقهم الثقافية والدينية. ولعل ما يشجع ديمومة هذه السياسة الرافضة للآخر هو مستوى الضعف والخضوع الذي أخذت تتسم به الحكومات العربية والاسلامية، وعدم القدرة على التعاطي مع هذه الأفعال الإرهابية إلا بعبارات التنديد والاحتجاج التي اصبحت سمة الضعيف المهزوم في عالمنا المعاصر.
الدكتور طارق عبد الحافظ الزبيدي:
بالتأكيد ان الموضوع له تجليات وإبعاد كثيرة. فهذه الحادثة صحيح فردية لكن أمثال المجرم الذي قام بالعمل موجودين بكثرة لكن أشبه مايكون بخلايا نائمة. لذلك من المتوقع أن تحدث أحداث أخرى قريبة ومتشابهة هذا من جهة، ومن جهة أخرى هذا الحدث بصراحة هو ردة فعل أكثر منه فعل، فهو ردة فعل على كل النشاطات الإرهابية التي حدثت في أوربا. لاسيما التفجيرات الكثيرة والعديدة والتي في غالبها تكون من قبل المهاجرين؟
كانت متوقعة لكن غير المتوقع أن الحدث يخطط له من مدة والسلطات ليست على علم، وغير المتوقع أن البعض وليس الكل وهنا أؤكد على البعض من الصحف والمجلات أشارت إلى لفظة العنف ولم تشر إلى لفظة الإرهاب.
وغير المتوقع أيضا أن الحدث يكون في نيوزيلندا وكان من المفترض أن يكون في فرنسا أو بريطانيا مثلا كون الإسلاموفوبيا ينشط أكثر في هاتين الدولتين.
الخوف الحقيقي الآن هو من ردة فعل بعض الحركات الإرهابية لأن من الممكن أن يكون ضحيتها الناس الأبرياء وقد يتطور المشهد بين الفعل وردات الفعل الكثيرة.
الدكتور سعدي الابراهيم:
ان الحادث المروع الذي وقع في نيوزلندا، يحتمل تفسيرين، هما:
1- عمل فردي (العبث):
للتقنية والتطور وحتى الهدوء ضريبة يدفعها الانسان، وهو الملل والسعي لكسر الرتابة والروتين، وهذا المرض اخذ ينتشر في الدول المتقدمة، بحيث بدأ الانسان يتفنن في التعبير عن حالته النفسية غير المستقرة، ويبتكر اشياء جديدة لا تخطر على بال احد، مثل الالحاد وايذاء الذات. وربما ان هذا العمل هو جانب من ضجر الانسان في نيوزلندا وعبثه، الذي صار هذه المرة على حساب الاخرين.
2- عمل منظم ومدروس:
خبتت جمرة الارهاب في العالم، بعد ان اشرف تنظيم داعش على النهاية، وفي هذه الحالة سوف يسود الاسلام المعتدل، وعندما يسود الاعتدال سوف تتحسن علاقة المسلمين مع كل دول العالم. اذا صح هذا الافتراض، فإن القوى المعادية للإسلام لابد لها من اعادة انتاج الارهاب، وتشويه صورته من جديد، ولا يوجد اسهل من استفزاز العقل الاسلامي العاطفي، عبر هذا الاعتداء. اي هو محاولة للحصول على ردة فعل ارهابية تضيع على المسلمين فرصة تحسين صورتهم امام العالم.
3- عمل مخابراتي ذكي:
تحتاج اجهزة المخابرات احيانا في سبيل الكشف عن الجماعات الارهابية، الى مخاطبتها بطريقة ذكية، وبمعنى اخر الى اجبار الارهابيين على الظهور بغية القبض عليهم. وقد تكون هذه العملية هي محاولة للتعرف على حجم الجماعات الاسلامية المتطرفة في الغرب، من خلال ترقب ردة فعلها ومن ثم ملاحقتها.
4- الرد الاسلامي:
وهو يقسم الى قسمين، هما:
أ- الاسلام المعتدل، سوف يكتفي بالشجب والتنديد والدعوة لضبط النفس...
ب- الحركات الاسلامية المتطرفة، ستحاول اثبات فلسفتها القائلة بأن الغرب يكره الاسلام، وبالتالي سوف تتحين الفرصة للانتقام، وقد تتخذها حجة لتجنيد اعداد جديدة من الشباب المندفع في صفوفها، لكنها لو تستطيع فعل شيء لما انتظرت هذا الحادث، ولفعلته من زمان.
4 – اختيار نيوزلندا: ربما ان الهدف منه، هو جر الارهاب الى هذه الدولة، من خلال استفزاز الحركات المتطرفة، وبالتالي فتح باب جديد للكره والحقد على المسلمين.
الباحث علي زياد فتحي العلي:
لا اعتقد ان هذا الحدث هو منفرد خصوصا اذا نظرنا الى الحدث من زاوية مختلفة نجد ان طبيعة الحادثة منسقة بشكل كامل فالمنفذ هو على صلة تامة بجماعات متطرفة منتشرة في جنوب شرق اسيا ربما تكون منظمة لا يتعدى عناصرها بضع مئات لكن هي بدون شك مدعومة سياسياً ولها شعبية لا باس بها.
ان اختيار نيوزيلندا هو من اجل لفت انظار العالم حول منطقة جوهرية وهي ان معظم الدول المسيحة تحتضن توجهات اليمين المتطرف، كذلك الامر يتعلق بطبيعة قوانين نيوزيلندا، او ربما حتى لا يتم سحب المتورطين في هذه المجموعة من الاستراليين، اختيرت نيوزيلندا.
بالتأكيد أسهمت هذه الحادثة بتعاطف الكثرين من مؤيدي اليمين المتطرف، فنلاحظ تصريحات العديد من رجالات السياسة الاوروبية والأسترالية تتعاطف مع هذا الفعل من خلال رد السبب الى الجماعات المتطرفة الإسلامية.
في المستقبل المنظور سيكون هناك حضور سياسي حزبي لها ثقله في بعض الدول الأوروبية خصوصا المانيا ومنطقة شمال غرب أوروبا.
هذه الحادثة هي رسلة يريد بها اليمين المتطرف اثبات تأثيره ورفع معنويات اعضاه سياسيا من اجل التسويق السياسي ولأجل جذب اكبر عدد من المتعاطفين، اما دور نظرية صدام الحضارات فاعتقد انها نظرية مفسرة وليست مسيرة لمسارات هكذا نوع من الصراعات، فالصدام قائم ومستمر ومتعمق في جذور الحضارة الاسلامية والغربية.
اما بخصوص استغلال الجماعات المتطرفة الاسلامية اعتقد هذه الحادثة اعطت دفعة قوية ورفعت من مؤيديها وقتيا.
الدكتور محمد القريشي:
هناك نمط من الجرائم العنصرية يزداد خلال السنوات الاخيرة على الساحة الغربية بعضها ترتكب من قبل جماعات منظمة وهامشية من اليمين المتطرف وبعضها اعمال فردية، هذه الأفعال لا تخص المسلمين لوحدهم بل تشمل مكونات اخرى كاليهود حيث سجلت الجهات المختصة في فرنسا ارتفاع نسبة الاعتداءات الى ٦٩٪ خلال عام ٢٠١٨. اتساع فضاء التواصل الرقمي في العالم سهل وصول الآراء المتطرفة الى الشرائح الشعبية الفقيرة والمتذمرة ونشر الكراهية بين أوساطها اضافة الى وجود تقنيات العنف (ألعاب - طرق صناعة أسلحة - شراء أسلحة او قطع منها - افلام الخ) على الشبكة الرقمية.
تعبير الأكثر امنا لم يعد صحيحا في عالم الثورة الرقمية والعولمة التي حولت العالم الى فضاء واحد، وضمن هذه الظروف تعتبر نيوزلندا الجزء الرخو الذي يسهل تنفيد الجرائم العنصرية.
بالتأكيد ستكون هناك تداعيات لهذا الحدث صعب تخمين ابعادها او توزيعاتها الجغرافية. قاعدة الأواني المستطرقة تنطبق هنا على التطرّف اليميني والتطرف الاسلامي.
ستكثر الإجراءات الأمنية في مناطق مختلفة من العالم بسبب التوحش وسيؤثر ذلك حتما على الحريات التي تمتعت بها شعوب الغرب.
التحدي الكبير والمركب امام الدول الغربية يتمركز حول كيفية مقاومة الاٍرهاب ووسائله مع المحافظة على منظومة الحقوق والحريات.
التصعيد نتيجة لتغول المنظمات الدولية وهياكل العولمة على الهويات الوطنية يتجلى بشكل صعود للخطاب الشعبوي مستفيدا من الازمات الاقتصادية ورسائل العنف التي تصل من داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة.
التطرّف الاسلامي لا ينتظر افعال كي يرد عليها بصورة عامة وهو يمارس جرائمه وفق منهجية تتطابق مع الأيديولوجية التي يتمسك بها.. وهو قد يمنح جرائمه المُحتملة عناوين تشير الى هذه الجريمة ويستخدمها كوسيلة لاستقطاب الشرائح المهمشة وتقويض السلم الأهلي في المجتمعات وهو هدف بحد ذاته.
الدكتور نضير الخزرجي:
اعتاد الإعلام الغربي في مثل هذه الجرائم أن يبعدها قدر الإمكان عن جانبها التنظيمي الجمعي، ونسبتها إلى الفرد، أي تفريغها من جانبها الجمعي، لأنه يدرك أن القول بوقوف قوى منظمة وراء الحدث هو إدانة لسياسة الحكومات التي تتهاون في جانب وتقسو في جانب آخر حسب البشرة والمعتقد.
ولكن بغض النظر عن جانبها الفردي أو الجمعي، فإن المجتمع الغربي بسبب السياسة الإعلامية القائمة هو مجتمع معبأ بالضد من المهاجرين أو أصحاب البشرات السود والملونة، وساحات الملاعب الرياضية حافلة بالمواقف العنصرية، ولم يعد خافيا على ذي لب بأن هذا الإعلام يمارس سياسة التبعيض في تناوله للجريمة الفردية والمنظمة، وقد انتقل هذا المرض الى ساحة القضاء الذي يفترض أن يكون مستقلا، فالمتهم صاحب البشرة البيضاء في مثل هذه القضايا برئ حتى تثبت إدانته وغيره متهم حتى تثبت براءته.
لماذا تم اختيار نيوزيلندا؟
هناك جهات ومنظمات دولية تسعى إلى تخريب الأمان في هذه الدول، وموجات الإعلام اليومية تحشد العقول في هذا الإتجاه، ومن الطبيعي ان تختار الخاصرة الآمنة أو الضعيفة بتعبير الإعلام، بل وتسعى هذه المنظمات إلى شحن النفوس لخلق ازمة نفسية ومجتمعية بين المواطنين في هذه البلدان، والذي يعيش في الغرب ويتابع الأوضاع يدرك هذه الحقيقة ولكن الشعوب الغربية بسبب التدهور الإقتصادي وانتشار الجريمة مغيبة عن ذلك بفعل دوائر الإعلام والسياسة التي تسيطر عليها المنظمات الكهنوتية السردابوية.
العالم بعد هذا الحادث
لا أعتقد بحصول تغيير جذري، لان الدوائر الإعلامية التي تضخ موجات الكراهية هنا وهناك تعيش على هذه السياسة القاتمة، ومن يتابع الصحف الصفراء الصادرة في العواصم الغربية يستشعر هذه الإزدواجية في التعامل مع القضايا الدولية والمحلية، فالإعلام الذي ساهم بشكل كبير في خلق موجات الشباب التي انتقلت من الغرب الى سوريا والعراق تحت دعوى الجهاد وشجع عليها أو تغافل عنها إذا أردنا أن نحسن الظن!، هو نفسه الإعلام الذي يحذر مما يسميه بالإرهاب الإسلامي، فهم من جانب يسمحون لموجات الإرهاب وانتقال الرجال عبر مطاراتها ما دام الأذى يصيب البلدان العربية والإسلامية، ولكنهم في الوقت نفسه لا يرتضون لأنفسهم أن يرجع الإرهابي ويمارس دور التخريب في بلدانهم.
اليمين المتطرف وصدام الحضارات
قد يعتقد البعض ان سوق الأسلحة هي بيد الحكومات الغربية، ولكن في واقع الحال هي بيد شركات يدير بعضها اليمين المتطرف، وصاحب التجارة يبحث عن أسواق لتصريف تجارته، ومصانع الأسلحة حالها حال بقية الصناعات تبحث عن سوق وتسويق، وسوقها البلدان النفطية والغنية وتسويقها يتم عبر إشعال الحروب والفتن، فمادامت المصانع فاعلة لابد للفتن ان تكون على قدم وساق، وإلا توقفت مصانع السلاح الغربية وصدأ حديدها.
رد فعل المتطرفين المتأسلمين
هذه فرصة يستغلونها لإثبات نظريتهم في صدام الحضارات ونشر ثقافة الكراهية ومحاولة إثبات نظرية الصدام وأن الغربّ غربٌ والشرقَ شرقٌ بينهما برزخ لا يلتقيان، وهذه فرصة ايضا للدوائر التي تقف وراء الإرهاب الدولي لتدوير الأزمات وتسويقها، ووضع المجتمعات في دوامة الفعل ورد الفعل.