مأزق التجارب الديمقراطية

الأسباب وسُبل العلاج

حاتم حميد محسن

2019-03-17 07:12

كان للمحتجين الذين اطاحوا بحكومة اوكرانيا الكثير من الطموحات تجاه بلدهم. شعاراتهم دعت الى علاقات وثيقة مع الاتحاد الاوربي، وانهاء التدخل الروسي في السياسة الاوكرانية وتأسيس حكومة نزيهة بدلا من الحكومة الفاسدة للرئيس فيكتور يانوكوفيتش. غير ان مطالبهم الاساسية هي ذاتها التي حفزت الناس عبر عدة عقود لإتخاذ موقف من الحكومات الاوتوقراطية الفاسدة. هم ارادوا ديمقراطية ذات قواعد ثابتة.

من السهل ادراك لماذا تكون الديموقراطيات عادة أغنى من اللاديمقراطيات واقل ميلا للحروب ولديها سجل افضل في مكافحة الفساد. ما هو أساسي هو ان الديمقراطية تسمح للناس بالتحدث عما في أذهانهم وتحديد مستقبلهم ومستقبل اطفالهم. ان ما تبديه مختلف الشعوب في مختلف الاماكن من تبنّي لهذه الفكرة انما يشكل دليلا على جاذبيتها الدائمة.

غير ان ما نشهده في الوقت الحاضر من اثارة ناتجة عن احداث كتلك التي في العاصمة الاوكرانية كانت ممتزجة بالقلق بسبب النماذج المسببة للمشاكل التي كررت نفسها في عاصمة بعد اخرى. الشعب نزل الى الساحات العامة، والنظام فقد اعصابه امام الضغوط الشعبية والتغطيات الاخبارية العالمية. رحب العالم بانهيار النظام وابدى استعداده للمساعدة في بناء الديمقراطية. غير ان الاطاحة بالاوتوقراط بدت أسهل من بناء حكومة ديمقراطية قابلة للحياة. النظام الجديد تهاوى، الاقتصاد ينازع والبلاد وجدت نفسها في وضع ليست أفضل مما كانت عليه من قبل. هذا ما حدث ايضا في معظم دول الربيع العربي وفي ثورة اوكرانيا البرتقالية قبل عقد. في 2004 اطيح بيانوكوفيتش باحتجاجات واسعة في الشوارع لكنه اعيد انتخابه عام 2010 بعدما شعر المعارضون الذين اطاحوا به انهم محبطون.

بين عامي 1980 و2000 واجهت الديمقراطية بعض النكسات، ولكن منذ عام 2000 كانت هناك عدة ديمقراطيات تمر في ظروف صعبة. حين طُرد الاوتوقراط من السلطة، فشل معارضوهم في خلق انظمة ديمقراطية فاعلة. حتى في الديمقراطيات القائمة سلفا اصبحت العيوب مقلقة والارباك في السياسة عاما. ولكن فقط في السنوات القليلة الماضية بدت الديمقراطية كما لو انها اكتسحت العالم. في النصف الثاني من القرن العشرين ضربت الديمقراطية جذورها في اصعب الظروف – في المانيا التي اضرت بها النازية، وفي الهند التي فيها اكبر نسبة من السكان الفقراء، وفي التسعينات في جنوب افريقيا التي تشوهت بالتمييز العنصري. التحرر من الاستعمار خلق عدد من الديمقراطيات الجديدة في افريقيا واسيا، بينما فتحت الانظمة الاوتوقراطية الطريق للديمقراطية في اليونان عام 1974، واسبانيا عام 1975، والارجنتين عام 1983 والبرازيل عام 1985 وشيلي عام 1989.

ان انهيار الاتحاد السوفيتي خلق العديد من الديمقراطيات الوليدة في اوربا الوسطى. في عام 2000 صنّف بيت الحرية وهو مجموعة من الخبراء الامريكان حوالي 120 دولة بالديمقراطية وهو ما يعادل نسبة 63% من مجموع دول العالم. وفي تلك السنة اجتمع ممثلون عن اكثر من 100 دولة في المنتدى العالمي للديمقراطية في وارشو للادّعاء بان "رغبة الشعوب" كانت "الاساس في سلطة الحكومة". تقرير حكومي صدر في امريكا صرح بان ما يشهده العالم من تجارب فاشلة للأنظمة التوتالورية والسلطوية يجعل الديمقراطية تبدو هي المنتصرة. هذه الثقة المفرطة ربما يمكن فهمها بعد تلك النجاحات.

لكن انتصار الديمقراطية بدا اقل حتمية. بعد سقوط اثينا التي شهدت اول نموذج ديمقراطي، دخل ذلك النموذج السياسي في حالة سبات حتى مجيء التنوير بعد اكثر من 2000سنة. في القرن الثامن عشر كانت الثورة الامريكية هي فقط منْ انتج ديمقراطية مستديمة. في النصف الاول من القرن العشرين انهارت الديمقراطيات الوليدة في المانيا واسبانيا وايطاليا. في عام 1941 كانت هناك فقط 11 ديمقراطية متبقية حين أعلن الرئيس الامريكي روزفلت "بانه من غير الممكن حماية شعلة الديمقراطية من ظلام البربرية"

التقدم الذي حصل في اواخر القرن العشرين توقّف في القرن الواحد والعشرون وربما يتراجع. حيث ان 40% فقط من سكان العالم يعيشون في دول فيها انتخابات حرة وعادلة. بيت الحرية يتوقع بان عام 2013 كان السنة الثامنة على التوالي تتراجع فيها الحرية في العالم، وان ذروة التقدم كانت في بداية القرن. بين عامي 1980 و2000 شهد طريق الديمقراطية عدد محدود من النكسات ولكن منذ عام 2000 برز العديد منها، واصبحت مشاكل الديمقراطية أعمق مما تشير له الارقام.

العديد من الديموقراطيات الاسمية انزلقت نحو الاوتوقراطية، حيث حافظت على الشكل الخارجي للديمقراطية من خلال الانتخابات، ولكن بدون حقوق ومؤسسات والتي هي المظهر المهم في عمل النظام الديمقراطي. الايمان في الديمقراطية برز فجأة في لحظات الانتصار، اثناء الاطاحة بالأنظمة غير الشعبية في القاهرة او كيف وبدأت الاصوات ترتفع عاليا مرة اخرى. وفي خارج دول الغرب، كانت الديمقراطية تتقدم فقط لتنهار لاحقا، بينما ارتبطت الديمقراطية في دول الغرب عادة بالديون والشلل في الداخل. للديمقراطية دائما نقادها، ولكن الآن يجري التعامل مع الشكوك القديمة باحترام متجدد لأن ضعف الديمقراطية في فضاءها الغربي، وهشاشة نفوذها في اماكن اخرى اصبح واضحا وبشكل متزايد. لماذا اذا فقدت الديمقراطية زخمها في التقدم نحو الامام؟

عودة التاريخ

السببان الرئيسيان لما تقدم هما الازمة المالية العالمية في العام 2007-2008 وصعود الصين. كان الضرر الذي سببته الازمة العالمية سايكولوجيا وماليا ايضا. انها كشفت الضعف الاساسي المتأصل في الانظمة السياسية الغربية، وأضعفت الثقة بالذات التي كانت واحدة من اعظم الاصول لدى تلك الانظمة. الحكومات وسّعت باستمرار الحقوق على مر العقود فخلقت مستويات خطيرة من الديون، والسياسيون اعتقدوا انهم أوقفوا دورات الصعود والهبوط في الاقتصاد boom-bust cycles (1) وقلّلوا كراهية المخاطرة في الاستثمار.

العديد من الناس اصبحوا مرتبكين تجاه انظمتهم السياسية خاصة عندما رأوا ان حكوماتهم تمول المصارف من اموال دافعي الضرائب ومن ثم وقفوا محبطين عندما استمر الممولون بدفع المكافئات الضخمة لأنفسهم. أدت الازمة كذلك الى خلق حالة من الشعور العارم بالاستياء والغضب في العالم النامي تجاه قرارات إجماع واشنطن (2). في تلك الاثناء، كسر الحزب الشيوعي الصيني احتكار العالم الغربي للتقدم الاقتصادي. لاري سمرس من جامعة هارفرد لاحظ ان امريكا عندما كانت تنمو بسرعة فهي ضاعفت مستويات المعيشة فيها خلال ثلاثين سنة، اما الصين فقد ضاعفت مستويات المعيشة كل عقد في الثلاثين سنة الماضية. النخبة الصينية جادلت بان نموذجهم من السيطرة القوية للحزب الشيوعي ترافق مع جهد مكثف لتشغيل الناس الموهوبين في الطبقة العليا من الحزب فكان ذلك أكثر فاعلية من الديمقراطية واقل ميلا للجمود. القيادة السياسية في الصين تتغير كل عقد وهناك ضخ مستمر للمواهب الجديدة لأن كوادر الحزب يتم اختيارها وفقا لقابليتها على تحقيق الاهداف. الصين تقول ان نموذجها اكثر كفاءة من الديمقراطية واقل عرضة للجمود.

منتقدو الصين يتّهمون الحكومة بالسيطرة على الرأي العام بمختلف انواع الطرق، بدءاً من سجن المعارضين وحتى مراقبة النقاشات في الانترنيت. مع ذلك ومن المفارقة ان افراط النظام في السيطرة تعني انه يصغي عن قرب للرأي العام. وفي نفس الوقت كان قادة الصين قادرين على معالجة بعض المشاكل الكبيرة لبناء الدولة التي يمكن ان تأخذ عقودا للتعامل معها في ظل الانظمة الديمقراطية. فقط خلال سنتين تمكنت الصين من توسيع نظام التقاعد ليغطي 240 مليون شخص اضافي من السكان الريفيين وهو اكثر من العدد الكلي للمشمولين بنظام التقاعد الامريكي. العديد من الصينيين مستعدون للقبول بنظامهم اذا كان يخلق نموا. استبيان PEW لعام 2013 للأوضاع العالمية بيّن ان 85% من الصينيين كانوا "راضين جدا" تجاه بلدهم مقارنة بـ 31% من الامريكيين. بعض المثقفين الصينيين اصبحوا فخورين جدا. Zhang Weiwei من جامعة Fudan يرى ان الديمقراطية تحطم الغرب وخاصة امريكا بسبب انها تقوم بمأسسة الجمود وتقلل من اهمية عمل القرارات وتفرز رؤساء من الدرجة الثانية مثل جورج بوش الابن. اما Yu Keping من جامعة بكين يرى ان الديمقراطية تجعل الاشياء البسيطة "معقدة وتافهة" وتسمح "بمحاولات السياسيين في الخداع وتضليل الناس".

مفكر آخر لاحظ ان "العديد من الدول النامية التي استوردت القيم والنظم السياسية الغربية تشهد حالة من الاضطراب والفوضى" وان الصين تقدم النموذج البديل. دول من افريقيا (رواندا) مرورا في الشرق الاوسط (دبي) حتى جنوب شرق اسيا (فيتنام) تأخذ بهذه الوصفة على محمل الجد. التقدم الصيني كان له التأثير الكبير في سياق سلسلة الاخفاقات التي مني بها الديمقراطيون منذ عام 2000.

كانت النكسة الاولى الكبيرة حدثت في روسيا. بعد سقوط جدار برلين عام 1989 بدت دمقرطة الاتحاد السوفيتي القديم كأنها حتمية. في اعوام التسعينات اتخذت روسيا خطوات في ذلك الاتجاه تحت حكم بوريس يلسن. ولكن في نهاية عام 1999 استقال يلسن وسلم السلطة الى فلاديمير بوتن الرئيس السابق للمخابرات KGB الذي كان منذ ذلك الوقت رئيسا للوزراء ثم رئيسا للدولة مرتين. هذا الاتجاه حطم جوهر الديمقراطية في روسيا حيث جرى منع الصحافة وسجن المعارضين مع ابقاء المظهر الخارجي في امكانية التصويت لكل فرد. القادة الاوتوقراطيون في فنزويلا واوكرانيا والارجنتين واماكن اخرى اتبعوا اساليب فاسدة وغير مقنعة من الديمقراطية وبهذا اساءوا لها أكثر.

النكسة الثانية الكبيرة كانت حرب العراق. عندما لم تثبت ادلة اسلحة الدمار الشامل لصدام حسين بعد غزو امريكا للعراق عام 2003، اتجه الرئيس بوش لتبرير الحرب ككفاح لأجل الحرية والديمقراطية. "الجهد المشترك للأمم الحرة لتعزيز الديمقراطية هو البداية لهزيمة اعدائنا". هو ذكر في الذكرى الثانية لتسلمه الرئاسة ان هذا اكثر من مجرد فرصة نفعية، اعتقد بوش ان الشرق الاوسط سيبقى مرتعا للارهاب طالما بقي تحت حكم الدكتاتوريين. جناح اليسار اعتبروا ان خطة بوش برهان على ان الديمقراطية هي مجرد ورقة توت للامبريالية الامريكية. واقعيو السياسة الخارجية اعتبروا الفوضى المتصاعدة في العراق برهانا على ان قيادة امريكا للدمقرطة كانت وصفة لعدم الاستقرار. بينما محافظون جدد مثل فوكاياما اعتبر ذلك دليلا على ان الديمقراطية لا يمكنها مد جذورها في بيئة غير ملائمة.

النكسة الثالثة كانت في مصر. ان انهيار نظام حسني مبارك عام 2011، والاحتجاجات التي ترافقت مع ذلك عزز الامل بان الديمقراطية ستعم الشرق الاوسط. لكن الآمال سرعان ما تبخرت. الانتخابات المصرية اللاحقة لم يفز بها الليبراليون النشطاء (الذين كانوا منقسمين الى عدة احزاب كوميدية ساخرة) وانما فاز بها محمد مرسي رجل الاخوان المسلمين. تعامل مرسي مع الديمقراطية باعتباره رابحا لكل الدولة التي سخرها لخدمة اهداف الاخوان المسلمين فمنح نفسه سلطات لامحدودة مؤسسا لبرلمان بأغلبية اسلامية دائمة. في تموز 2013 تمكن الجيش من الاطاحة بالنظام واعتقل اول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، كما زج القادة الاعضاء في حزب الاخوان المسلمين بالسجون وتعامل بقسوة مع المئات من المتظاهرين. والى جانب الحرب في سوريا والفوضى في ليبيا كل هذا جعل بعض المنتمين الى المعسكر الديمقراطي يفقدون بريقهم.

منذ إدخال الديمقراطية عام 1994 الى جنوب افريقيا جرى حكم البلاد بنفس الحزب الحاكم وهو المؤتمر الوطني الافريقي الذي اصبح بمرور الزمن اكثر اهتماما بمصالحه الشخصية. تركيا التي بدت تضم الاسلام المعتدل والديمقراطية انحدرت الى الاوتوقراطية والفساد. في بنغلاديش وتايلند وكمبوديا انسحبت المعارضة من الانتخابات الاخيرة ورفضت القبول بنتائجها. كل هذا اظهر بان ما تحتاجه الديمقراطية من بناء للمؤسسات كان في الحقيقة بطيء جدا، وقضى على الفكرة الشعبية بان الديمقراطية ستثمر تلقائيا وبسرعة حالما تُلقى بذورها. وعلى الرغم من ان الديمقراطية "طموح عالمي" مثلما اشار بوش وبلير، لكنها ممارسة تتجذر ثقافيا. الدول الغربية تقريبا جميعها وسّعت حقوق التصويت بعد تاسيس انظمة سياسية معقدة وتوفير خدمات مدنية فعالة وحقوق دستورية راسخة في مجتمعات احتضنت برغبة وصدق افكار الحقوق الفردية والقضاء المستقل.

الديمقراطية في امريكا

لكن في السنوات الاخيرة بدت المؤسسات التي تقدم نموذجا للديمقراطيات الجديدة كأنها متقادمة وعاجزة عن القيام بذلك. الولايات المتحدة اصبحت مثالا لحالة الجمود والانسداد بوجود مساعدي الاحزاب واللوبيات حتى وصلت البلاد الى حافة الإفلاس وغرقت مرتين في الديون في الفترة الاخيرة. ديمقراطيتها هي ايضا فاسدة بفعل اساليب الاحتيال التي تقوم بها السلطة في تغيير حدود المناطق الانتخابية وتوسيعها لتضم اكبر عدد من الناس وهو ما يسمى gerrymandering. ان عملية رسم الحدود الدستورية لترسيخ سلطات منْ في الحكم شجع على التطرف لأن السياسيين يكتسبون الرضا فقط من الاخلاص للحزب وبالتالي استُبعد من العملية عدد كبير من الناخبين. صوت النقود كان أعلى من اي وقت مضى في السياسة الامريكية. الآلاف من اللوبيات (اكثر من 20 لكل عضو بالكونغرس) زادوا من طول التشريعات وتعقيداتها، الافضل كان دائما هو المتاجرة بالامتيازات الخاصة. كل هذا خلق انطباعا بان الديمقراطية الامريكية هي للبيع وان الاغنياء لديهم سلطة اكبر من الفقراء. النتيجة هي ان صورة امريكا والديمقراطية ذاتها تعرضت للنقد العنيف.

الاتحاد الاوربي

كذلك لم يكن الاتحاد الاوربي قدوة للديمقراطية. ان قرار إدخال اليورو عام 1999 تم من جانب التكنوقراط، كانت هناك فقط دولتان وهما الدانيمارك والسويد اجريتا استفتاءً على المسألة (كلاهما قررا الرفض). الجهود للفوز بموافقة شعبية في معاهدة لشبونة التي وحّدت ورسخت السلطة في بروكسل جرى اهمالها عندما اتضح ان الناس يصوتون بالاتجاه الخاطئ. خلال الايام المظلمة من ازمة اليورو اجبرت نخبة اليورو ايطاليا واليونان لإستبدال قادتهم المنتخبين ديمقراطيا بآخرين من التكنوقراط. البرلمان الاوربي هو محاولة غير ناجحة لإصلاح العجز في الديمقراطية الاوربية، فجرى تجاهله ونبذه. اما الاتحاد الاوربي اصبح مرتعا للأحزاب الشعبوية مثل حزب Geert Wilders للحرية في هولندا وحزب الجبهة الوطنية في فرنسا الذي يدّعي الدفاع عن الناس العاديين امام النخب غير الكفوءة. الخطط التي صُممت لتدجين الشعبوية الاوربية قادت في النهاية الى إنعاشها ومدّها بالحياة.

الاضطراب الديمقراطي

تعاني الديمقراطية حتى في قلعتها الرئيسية من مشاكل بنيوية خطيرة، فلم تكن تلك المشاكل حالات ثانوية منعزلة. منذ فجر عصر الديمقراطيات الحديثة في اواخر القرن التاسع عشر عبّرت الديمقراطية عن نفسها من خلال الدولة القومية والبرلمانات الوطنية. الناس ينتخبون ممثلين عنهم يرفعون دعامات السلطة القومية لفترة محددة. لكن هذا الترتيب اصبح الان عرضة للهجوم من الأعلى والاسفل على السواء. من الأعلى، لأن العولمة غيرت وبعمق السياسات القومية.

السياسيون الوطنيون تنازلوا عن الكثير من السلطات في مسائل التجارة والتدفق المالي الى الاسواق العالمية والهيئات العابرة للحدود وهكذا هم يجدون انفسهم غير قادرين على الايفاء بالوعود التي قطعوها للناخبين. المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الاوربي وسّعوا نفوذهم. هناك تبرير منطقي لهذا الاتجاه، كيف يمكن لدولة منفردة ان تتعامل مع مشاكل مثل تقلبات المناخ او التهرب الضريبي؟ السياسيون الوطنيون استجابوا ايضا للعولمة بتقليص حرياتهم وتسليم السلطة للتكنوقراط غير المنتخبين في بعض المناطق. عدد الدول ذات البنوك المركزية المستقلة، مثلا، ازداد من 20 بنك عام 1980 الى اكثر من 160 بنك عام 2014.

اما من الأسفل تبرز ايضا تحديات بنفس القوة، من دول تشهد دعوات انفصالية مثل كتالونيا في اسبانيا واسكتلندا في المملكة المتحدة، الولايات الهندية، وبعض بلديات المدن الامريكية. الجميع يحاول استعادة السلطة من الحكومات المركزية. هناك ايضا مجموعة ما يسميه موسى نعيم "السلطات الجزئية" micro-power (3) مثل المنظمات غير الحكومية واللوبيات التي تعرقل السياسات التقليدية وتجعل الحياة اكثر صعوبة للقادة الديمقراطيين والاوتوقراطيين على السواء. ان الانترنيت جعل من السهل التنظيم والتعكير في عالم يمكن للناس فيه المشاركة في تصويت تلفزيون الواقع كل اسبوع، او المساعدة في رفع طلبات رسمية للحكومة بمجرد الضغط على الماوس. ان ماكنة ومؤسسات الديمقراطية البرلمانية وحيث تتم الانتخابات فقط بعد عدد محدد من السنوات تبدو كأنها تنتمي للماضي. ان التحدي الاكبر للديمقراطية لا يأتي من الاعلى ولا من الاسفل وانما يأتي من الداخل، من الناخبين انفسهم. قلق افلاطون الكبير حول الديمقراطية يأتي من ان المواطنين "يعيشون حياتهم اليومية مستمتعين بمرح اللحظة"، ذلك القلق اثبت صوابيته. الحكومات الديمقراطية اعتادت على التعايش مع عيوب هيكلية كبيرة كشيء متوقع وعادي، تقترض لكي تعطي الناخبين ما ارادوا في الأجل القصير، بينما تتجاهل الاستثمارات الطويلة الاجل. فرنسا وايطاليا لم يحققا التوازن في الموازنة لأكثر من ثلاثين سنة. الازمة المالية كشفت وبقوة صعوبة ادامة مثل هذه الديمقراطيات الممولة بالديون.

وفي أعقاب الازمة المالية بدأت الحوافز الاقتصادية تتراخى وتضعف كثيرا، السياسيون يجب عليهم الآن مواجهة الصعوبة في ايجاد التوازن بين موقفين متضادين وهما النمو الثابت والاقراض السهل، وهي الصعوبة التي استطاعوا تجاوزها في السابق. لكن اقناع الناخبين بعصر جديد من التقشف سوف لن يكون مرغوبا في صناديق الاقتراع. النمو البطيء وموازنات شديدة التقليص سيحرّض على الصراع عندما تتنافس جماعات المصالح على الموارد المحدودة. هذه المنافسة تبرز عندما يتقدم سكان الغرب في السن فيصبح الموقف اكثر سوءا. كبار السن دائما يكونون افضل من الشباب في ايصال اصواتهم، يصوتون بأعداد كبيرة وينظمون جماعات الضغط. هم باستمرار لديهم عدد لا بأس به يقف الى جانبهم. العديد من الديمقراطيات تواجه الآن صراعا بين الماضي والحاضر، بين الحقوق الموروثة من جهة واستثمارات المستقبل من جهة اخرى.

ان التكيف مع الاوقات الصعبة يصبح اكثر صعوبة مع تعاظم عدم الثقة تجاه السياسيين. عضوية الاحزاب تتضائل في العالم المتطور: فقط 1% من البريطانيين عام 2014 هم اعضاء في احزاب سياسية مقارنة بـ 20% عام 1950. نسبة المقترعين المؤهلين تتراجع ايضا: دراسة لـ 49 ديمقراطية وجد فيها ان الديمقراطية هبطت بنسبة 10% من النقاط بين 1980 – 1984 و2007-2013. استبيان لسبع دول اوربية عام 2012 وجد ان اكثر من نصف المصوتين "ليس لديهم ثقة بالحكومة". استبان YouGov البريطاني للرأي وجد في نفس السنة ان 62% من الناخبين يتفقون على ان "السياسيون يكذبون في كل الاوقات".

تصحيح العيوب

ان السخرية من السياسة تجسدت في ضياع الفوارق بين أعمال الفن وحملات الاحتجاج السياسية. في عام 2010 كان حزب ايسلندا افضل يعد الناس علنا بالفساد، وقد فاز بالأصوات لإدارة مجلس مدينة ريكافيك. وفي عام 2013 صوّت ربع السكان لحزب اسسه الكوميدي الايطالي Beppe Grillo. كل هذه السخرية الشعبية تجاه السياسة قد تكون صحية لو كان الناس يطلبون القليل من حكوماتهم، وانما هم يستمرون بطلب المزيد. النتيجة ستكون خطيرة وسيحصل مزيجا غير مستقر من اعتمادية تجبر الحكومة على التوسع وتحمّلها اعباء لا تستطيع القيام بها و احتقار لها ينزع عنها الشرعية. الشلل الديمقراطي يسير جنبا الى جنب مع الفساد الديمقراطي. مشاكل الديمقراطية في موطنها الاصلي يوضح النكسات في اماكن اخرى. الديمقراطية عملت جيدا في القرن العشرين جزئيا بسبب الهيمنة الامريكية.

دول اخرى ارادت تقليد القوة العظمى، لكن عندما تعاظم نفوذ الصين بدأت امريكا واوربا تفقدان جاذبيتهما كنموذج فاعل في نشر الديمقراطية. كانت ادارة اوبوما تعاني من الشلل بفعل الخوف من ان تنتج الديمقراطية انظمة اما محتالة او تطلق العنان للجهاديين، فلماذا الدول النامية تعتبر الديمقراطية الشكل المثالي للحكومة عندما لا تستطيع الحكومة الامريكية تمرير الموازنة ناهيك عن التخطيط للمستقبل؟ لماذا يستمع الاوتوقراط للمحاضرين في الديمقراطية من اوربا عندما تطرد النخبة الاوربية القادة المنتخبين ديمقراطيا؟ الازمة المالية العالمية كشفت بوضوح صعوبة استمرار الديمقراطيات الممولة بالديون. وفي نفس الوقت، واجهت الديمقراطية في العالم النامي نفس المشاكل التي برزت في العالم الغني. هي ايضا افرطت في الانفاق القصير الاجل بدلا من الاستثمارات الطويلة المدى.

في البرازيل سُمح لعمال القطاع العام بالتقاعد في سن 53 لكن الحكومة لم تنفق الكثير لإيجاد مطار حديث. الهند تدفع الكثير لأعضاء الجماعات لكنها تستثمر القليل في البنية التحتية. الانظمة السياسية وقعت في فخ جماعات المصالح وجرى إضعافها بفعل العادات المضادة للديمقراطية. في الهند نجد الدعم للديمقراطية يتآكل حتى ضمن النخبة الرأسمالية ذاتها. رجال الاعمال الكبار في الهند يشكون من ان الديمقراطية الفوضوية في الهند تنتج بنية تحتية روتينية بينما نظام الصين السلطوي ينتج القطارات السريعة والمطارات الحديثة وانظمة السير المتطورة. كانت الديمقراطية تحت التهديد دائما.

في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي بدت الشيوعية والفاشية كأنهما القادم من الاحداث: عندما اعادت اسبانيا حكومتها البرلمانية عام 1931 اراد لها موسيليني العودة الى المصباح الزيتي في عصر الطاقة الكهربائية. في اواسط السبعينات اعلن المستشار الالماني السابق ويلي براندت ان "اوربا الغربية امامها فقط 20 او 30 سنة متبقية للديمقراطية، بعدها ستنزلق بلا محرك ولا ربان امام بحر الدكتاتورية". ورغم ان الاشياء الآن ليست بنفس ذلك السوء لكن الصين تمثل تهديدا اكثر خطورة من الشيوعية لفكرة الديمقراطية المتفوقة فطريا والتي ستسود في النهاية. غير ان تقدم الصين يخفي ايضا مشاكل عميقة. النخبة الصينية تحولت الى جماعات صغيرة ذات مصالح ذاتية. أغنى خمسين عضوا في البرلمان الشعبي الوطني الصيني يمتلكون ثروة تقدّر بـ 94 مليار دولار اي اكثر بستين مرة مما يمتلكه اغنى خمسين عضوا في الكونغرس الامريكي. نمو الصين هبط من 10% الى دون 8% ويتوقع ان يهبط اكثر في ضوء التحديات الهائلة للنظام الذي تعتمد شرعيته على مدى قدرته في تقديم النمو.

غير ان اليكس توكفيل اشار في القرن التاسع عشر الى ان الديمقراطية تبدو دائما أضعف مما هي عليه في الواقع. انها مضطربة ومرتبكة في السطح لكن فيها الكثير من عناصر القوة المختبئة. كونك قادر على استبدال القادة يجعل الديمقراطية أفضل من الاوتوقراط في ايجاد حلول ابداعية للمشاكل والارتفاع الى مستوى التحديات حتى لو اتخذت طريقا متعرجا للسياسات الصحيحة. ولكن لكي تنجح الديمقراطية سواء كانت ناشئة او قائمة يجب ان تُبنى على اسس راسخة.

مؤسسو الديمقراطية الحديثة مثل جيمس ماديسون وجون ستيوارت مل اعتبرا الديمقراطية آلية فعالة لكنها غير تامة. شيء ما بحاجة ليُصمم بعناية لكي يمكن الاستفادة من الابداعية الانسانية مع مراقبة انحراف الانسان، ومن ثم ابقاءه في نظام يعمل جيدا، بتزويده الدائم بالوقود وتكييفه.

الحاجة الى الواقعية تبقى ملحّة في تأسيس الديمقراطيات الناشئة. احد اسباب فشل الديمقراطيات الحديثة هي انها وضعت الكثير من الاهتمام بالانتخابات والقليل منه في الخصائص الاخرى الضرورية للديمقراطية. سلطة الدولة تحتاج للتوازن، وحقوق الفرد في الكلام والتنظيم يجب ان تكون مضمونة. الديمقراطيات الاكثر نجاحا هي التي تجنبت اغواء الاكثرية او الـ majoritarianism وهي الفكرة بان الفوز بالانتخابات يسمح للغالبية بعمل كل ما ترغب.الهند 1947 والبرازيل 1980 نجحت ديمقراطيتهما لأنهما وضعا حدودا لسلطة الحكومة ووفرا ضمانات لحقوق الافراد. المؤسسات القوية ليست فقط تحمي الاستقرار الطويل الاجل وانما ايضا تقلل من احتمال ان تتخذ الأقليات المتذمرة اجراءا ضد النظام.

كذلك هي تكثّف الصراع ضد الفساد الذي هو سبب تحطيم الدول النامية. ان اولى علامات فشل الديمقراطية الناشئة هي ان الحكام المنتخبين يحاولون اضعاف القيود على سلطاتهم تحت اسم حكم الاكثرية. محمد مرسي حاول تشكيل مجلس تشريعي بمساعدة الاخوان المسلمين. كذلك قلل يوكوفتش سلطة البرلمان الاوكراني. الرئيس بوتن تجاهل المؤسسات الروسية المستقلة باسم الشعب. العديد من القادة الافريقيين مستمتعين بأغلبية سخيفة حين ازاحوا القيود على الرئاسة وشددوا الغرامات على المثليين الجنسيين كما فعل الرئيس الاوغندي في 24 فبراير.القادة الاجانب يجب ان يتحدثوا عاليا عندما يرتكب الحكام مثل هذه السياسات الغير ليبرالية حتى لو كانت تدعمها الاكثرية.

ان العولمة والثورة الرقمية جعلا من معظم الديمقراطيات السائدة موضة قديمة. الديمقراطيات القائمة تحتاج الى تحديث انظمتها السياسية لمعالجة المشاكل التي تواجهها في الداخل ولكي تقوّي صورة الديمقراطية في الخارج. بعض الدول قامت سلفا بهذه العملية. اصلاح تمويل الاحزاب ايضا مطلوب لكي تُعلن جميع اسماء المتبرعين امام الجمهور علنا لتقليل تاثير المصالح الخاصة. البرلمان الاوربي يطلب من اعضاء البرلمان ابراز الايصالات مع الانفاق. برلمان ايطاليا فيه العديد من الأعضاء دُفع لهم الكثير، وفيه جهتان تشريعيتان متساويتان في السلطة بما يجعل من الصعب انجاز اي شيء.

ان افضل طريقة لتقييد سلطة المصالح الخاصة هو تقييد عدد المكافئات التي يمكن ان تمنحها الدولة، كما ان احسن طريقة لمعالجة الاستياء الشعبي تجاه السياسيين هو في تقليل حجم الوعود المعلن عنها. باختصار، الاساس في ديمقراطية صحية هو دولة في اضيق نطاق ممكن وهي الفكرة التي تعود الى الثورة الامريكية. ماديسون يرى "ان الصعوبة الكبرى تكمن في هذا: انت يجب اولا ان تمكّن الحكومة من السيطرة على المحكومين، ومن ثم تلزمها في السيطرة على نفسها". فكرة الحكومة المحدودة كانت ايضا جزءا مكملا للديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية. ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 والاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 أسسا مبادئ لا تستطيع الدول خرقها حتى لو ارادت الاغلبية ذلك. الفصل بين السلطات جاء بدافع الخوف من الاستبداد. ولكن الان وخاصة في الغرب، يكمن الخطر الكبير للديمقراطية في الحجم المتزايد للدولة.

التوسع المفرط للحكومة يقلل من الحرية ويمنح المزيد من السلطات لجماعات المصالح الخاصة. الخطر الآخر يأتي من اسلوب الحكومة في قطع الوعود التي لا تستطيع انجازها وهي تتمثل اما بخلق حقوق لا تستطيع دفعها او بتمويل حروب لا تستطيع الانتصار فيها، مثل حرب المخدرات. كل من الناخبين والحكومة يجب اقناعهم بمزايا القبول بالقيود على ميول الدولة الطبيعية بالتوسع. تفويض السيطرة على السياسة النقدية لبنوك مركزية مستقلة كبح جماح التضخم المتسارع في الثمانينات، والآن ربما حان الوقت لتطبيق نفس مبادئ الحكومة المحدودة على نطاق واسع من السياسات. الديمقراطيات الناضجة حالها حال الناشئة تتطلب فصلا ملائما بين السلطات في الحكومات المنتخبة. تستطيع الحكومة وضع كوابح ذاتية بطرق مختلفة. هي تستطيع تبنّي قواعد مالية شديدة مثلما فعلت السويد حين تعهدت بموازنة ميزانيتها اثناء الدورة الاقتصادية. يمكن للحكومة ايضا اجبار السياسيين لتجديد القوانين كل عشر سنوات. يمكنها الطلب من اللجان غير الحزبية اقتراح اصلاحات طويلة المدى. السويد انقذت نظام المعاشات التقاعدية من الانهيار عندما اقترحت لجنة مستقلة اجراء اصلاحات برجماتية تتضمن استخدام واسع للتقاعد الخاص وربط التقاعد بسنوات الحياة المتوقعة.

ان تفويض السلطات صعودا نحو التكنوقراط يجب ان يتوازن مع تفويض السلطة نحو الاسفل – نحو الناس العاديين. العملية هنا تستخدم كلا القوتين العولمة والمحلية بدلا من محاولة تجاهلهما او مقاومتهما. مع التوازن الملائم لهذين الاتجاهين فان نفس القوى التي تهدد الديمقراطية من الاعلى عبر العولمة، ومن الاسفل عبر صعود السلطات الجزئية سوف تعزز الديمقراطية بدلا من إضعافها.

الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدم ذكر مرة "الديمقراطية لن تستمر طويلا ابدا، انها فورا ستصدأ وتُستنزف ثم تنتحر. لن نشهد ابدا اية ديمقراطية لم ترتكب الانتحار". ربما هو مخطئ، البعض يرى ان الديمقراطية كانت هي المنتصر في صدام الايديولوجيات في القرن العشرين. لكنها لكي تبقى ناجحة في القرن الواحد والعشرين كما كانت سابقا، يجب ان تنال الرعاية الكبيرة حينما تكون شابة وحينما تصبح ناضجة ايضا.

What’s gone wrong with Democracy, The Economist March 2014

.......................................
الهوامش
(1) دورة الصعود والهبوط هي عملية من التوسع والتقليص الاقتصادي تحدث بشكل متكرر. هذه الدورة هي من اهم سمات الاقتصاد الرأسمالي الحالي. اثناء فترات الصعود يبدأ الاقتصاد بالنمو، وفرص العمل تصبح متوفرة بكثرة، والسوق يعطي مردودا عاليا للاستثمارات. وفي فترة الهبوط اللاحق ينكمش الاقتصاد والناس يفقدون وظائفهم بينما المستثمرون يخسرون نقودهم. دورة الصعود والهبوط تختلف من حيث شدتها واستمراريتها. السياسيون يكذبون، فهم لا يستطيعون إلغاء هذه الدورات لأنها جزءا من طبيعة النظام الرأسمالي ذاته.
(2) عبارة إجماع واشنطن Wasington consensus استعملها لأول مرة الاقتصادي جون وليمسون عام 1989 وتعني حزمة من الاصلاحات لمعالجة مشاكل اقتصاديات الدول النامية. هذه الاصلاحات اقترحها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والخزانة الامريكية وتتضمن:
1- ضوابط للسياسة المالية لتجنب العجز المالي الكبير قياسا بالناتج المحلي الاجمالي.
2- إصلاح ضريبي مثل توسيع الاساس الضريبي وتبنّي نسب ضريبية معتدلة.
3- سعر الفائدة يتقرر وفقا للسوق
4- سعر الصرف يجب ان يكون تنافسيا
5- تحرير التجارة والاستيراد
6- تحرير الاستثمار الاجنبي المباشر القادم الى الداخل
7- خصخصة مشاريع الدولة
8- إعادة النظر بالقوانين مثل الغاء القوانين التي تمنع الدخول الى السوق او تقيّد المنافسة
9- تأمين حماية قانونية لحقوق الملكية.
هذه السياسات تعرضت للنقد الشديد باعتبار انها ساهمت في إفقار الدول وتعميق مشاكلها الاجتماعية. البعض يرى ان الولايات المتحدة ذاتها لم تطبّق إجماع واشنطن، حيث استمرت بتفضيل الانفاق العسكري على التعليم العام والرعاية الصحية، واتّبعت سياسة الحماية التجارية، ولم تشجع الاستثمار الاجنبي.
(3) السلطات الجزئية او سلطة الجماعات الصغيرة مصطلح اقترحه موسى نعيم في كتابه (نهاية السلطة، 2013) ويشير الى تآكل السلطة بسبب ثلاث ثورات:
1- ثورة المزيد، الكثير من الناس، مستويات معيشة افضل، ابجدية وتعليم افضل.
2- ثورة التنقل: الناس والنقود والافكار يتنقلون عبر الكوكب.
3- ثورة الذهن بما فيها تغيرات في طرق التفكير والمواقف والطموحات والتوقعات.
يرى نعيم ان السبب الذي يحول دون حل مشكلة التقلّب في المناخ هو ان القادة ليس لديهم السلطة للتصرف سواء داخل بلادهم او خارجها. ان تآكل السلطات المركزية وانتعاش السلطات الجزئية يعني ان الحكومات تصبح مشلولة لأنها لم تعد لديها سلطة الاغلبية. تأثير السلطات الجزئية سواء ضمن الاحزاب الصغيرة او في الخلايا داخل تلك الاحزاب يعني انها تستطيع القول بـ (لا) وهي العملية التي يسميها نعيم بـ (الفيتوكراسي).
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا