إقليم البصرة هو الحل
رد على مقال "إقليم البصرة واحتمالية ظهوره على أرض الواقع"
كاظم البصري
2015-03-14 07:34
إقليم البصرة هو الحل ردّاً على مقال السيد باسم عبد عون فاضل/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، في مقاله الموسوم: "إقليم البصرة واحتمالية ظهوره على أرض الواقع". لقد كان مقاله طويلاً بحيث لا يسعنا إن أردنا أن نردَّ على مقاله بردٍّ علميٍّ على نقاطه المهمّة باختصار، فكان لا بد من التفصيل والإسهاب.
إستطاع الكاتب أن يلفت القارئ في مقدمته من أنّ هنالك مجتمعات مثّلت أرضها وخيراتها ثقلاً إقتصاديّاً ومجتمعيّاً وتاريخيّاً لا يمكن تجاهله، وكان يقصد به حصراً المجتمع البصري، وبيّن الكاتب بأنّ هذه المجتمعات كانت تعيش غياهب الفقر والحرمان والتهميش منذ تأسيس الدولة العراقية عام ١٩٢١ وجعل الكاتب فرصة مجتمع أهل البصرة الجوهرية في حلم إستعادة حقوقهم هو أحداث التغيير بعد عام ٢٠٠٣، لكنه إعتبر غياب الوعي والإرادة والتخبّط السياسي لدى النخبة الحاكمة هو الذي بدّد حلم أهل البصرة في حلم فرصة التغيير فلذلك كانت نتيجة حتميّة على مطالبتهم بإقامة إقليم البصرة، وقد عدّ التهميش السياسي بعدم تمثيلهم في حكومة المركز الذي تُهيمن عليه الأحزاب سبباً في المطالبة وكذلك ما تورده موارد منطقتهم من ثروة نفطية وموانئ وغيرها للميزانية العامة بأكثر من ٨٠ بالمئة. ثمّ أبدى مخاوفه من الإقليم بأنه قد يتحوّل إلى نسخة من تجربة إقليم كردستان ونزاعه مع الحكومة المركزية وفقاً لبعض خلل المواد الدستورية التي تتصادم وتتناقض بين أطراف المركز والإقليم.
ثم يطرح الكاتب مخاوف بعض الجهات من إقامة الإقليم ويذكرها بأربعة نقاط، وبعدها يطرح الكاتب أيضاً حلولاً للبصرة بدلاً من إقامة الإقليم ويذكرها بخمسة نقاط، ويختم مقاله بخاتمة يدغدغ بها مشاعر البصريين بأهميّة ومنفعة الإقليم وعلى الحكومة أن تتبنّاه لكن علّقَ إقامة الإقليم وِفق بيئة سياسية مستقرّة.
وسنرد على المقال -إن شاء الله تعالى- بالتفصيل وسنذكر المخاوف والحلول التي ذكرها الكاتب وكذلك نرد عليها.
الرد على كاتب المقال
البصرة لها خصوصية لا تشترك بها أي محافظة أخرى في البلد حتى المحافظات الجنوبية القريبة منها، فهي كانت تاريخيّاً مركز إشعاع العراق الحضاري والثقافي والديني والعلمي وبيئة خصبة لكل الثقافات والمدارس بموقعها الجغرافي الكبير الواسع وبثروتها البشرية التي كانت تتصدّر نُخبِها النُخب، وما يُحيط بها اليوم من مناطق خارج العراق وداخله كانت تابعة إليها، فتلك أطرافها وهي المركز، وإنّ ما جاء عليها بالعارض من إحتلالات وحوادث عبر التاريخ الحديث وتوالي حكّام الجور على مقدّراتها لا يمسخ إرثها الحضاري والتاريخي اليوم ليمنعها من أن تستعيد فاعليتها بين الأمم ولو بإعادة جزء من حقها في تلك الخصوصيّة، فالبصرة لم تطالب بالإقليم أول مرّة بعد أحداث التغيير من عام ٢٠٠٣ كما يروّج البعض لذلك، بل كانت وعلى الدوام تحتج وتعمل لإسترداد ما غُصِب من حقوقها حتى وصل صداها لمحافل الدول، وإنّ القول بأنّ البصرة نادت بالإقليم كون الدستور العراقي الحالي ذكر مسألة الأقاليم فهذا كذب بواح ومغالطة على واقع البصرة وإرثها التاريخي والحضاري، فلو أردنا الرجوع إلى إطروحة الدكتوراه التي قدّمها الباحث الهولندي ريدر في جامعة إكسفورد وكان عنوانها " البصرة الدولة الخليجيّة الفاشلة/الإنفصالية والوطنية في جنوب العراق " والتي نُقِلت تلك الإطروحة إلى اللغة العربية، فهي تُبيّن لنا بأنّ بعض رجالات البصرة حيث لم يؤسس بعد قيام للدولة العراقية بظل الإحتلال البريطاني قد طالبوا المسؤولين البريطانيين بمطالب الإنفصال وقد تكرّر الطلب من شخصيتين من أعيان البصرة أحدهما أحمد الصانع والآخر عبداللطيف المنديل، حتى عُدّا من قِبل المسؤولين البريطانيين في فترة الإنتداب المحركين الأساسيين لمشروع أو مخطّط الإنفصال.
والإطروحة في أحد فصولها تبيّن موقّعي عريضة المطالبة بدولة البصرة وموقعي عريضة أخرى تطالب بعراق موحد. ومن خلال قراءة أحوال الموقعين يحلّل صاحب الإطروحة الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للطرفين، وصولاً الى فشل قيام دولة بصرية، وقد إنضمّا الى الحركة الإصلاحية التي يقودها المدعو السيد طالب. ولم يشرعا بالتعامل مع بغداد إلا بعد الاحتلال البريطاني، وبحرص شديد، إذ يروى أن الصانع الذي زار العاصمة الجديدة " بغداد " لأول مرة في حياته عام ١٩٢٠ لم يكن راضياً عن الأحوال في بغداد ولم تكن له سوى مساهمات قليلة كوزير بلا وزارة في الحكومة الموقتة، أما المنديل فلم يمارس فعلياً منصبه كوزير للتجارة، وعلى المستوى المحلي، أحرزا نجاحاً أكبر في التعامل مع الوقائع السياسية الجديدة، فعين كوكس " المندوب البريطاني " الصانع حاكماً على البصرة في أوائل عام ١٩٢٠.
إذن لم تكن مطالبات البصرة بخصوصيتها وليدة صدفة التغيير بعد عام ٢٠٠٣ بل هي قديمة منذ الإحتلال العثماني والإحتلال البريطاني، واليوم بعد قيام الدولة العراقية وبعد تبنّي الديمقراطية وكتابة الدستور الدائم الذي كان ذكره لفقرات الإقليم ضرورة حتميّة لوضع العراق الجديد، تعيّن أن تكون البصرة إقليماً بالحد الأدنى لخصوصيتها وليس لما لاقته من تهميش وغبن من قبل تعاقب الحكومات المحتلّة أو حكومات بغداد السابقة والحاليّة، فحرّكت لديهم النزعة الفيدرالية كما إدّعى الكاتب، فليس للبصريين نزعة فيدرالية أو غيرها بل الفيدرالية أدنى حق يطالبون به. أما ما ذكره الكاتب من مخاوف لبعض الجهات ومنها الطبقة السياسية والإجتماعية وحتى من بعض أهالي البصرة كما أدّعى، وجعلها في أربعة نقاط، فسنُجيب عليها أيضاً بأربعة نقاط وكما يلي:
١- إدّعى الكاتب بأنّ هنالك مخاوف من تحويل الإقليم إلى بؤرة جديدة من بؤر الصراع بين مراكز القوى فيه سواء على السلطة أو الثروات وإدارتها والخوف كذلك من التدخلات الإقليميّة فيه. وردّنا عليه، بإنها أكبر مغالطة يذكرها الكاتب، فالبصرة منذ الإحتلال البريطاني وانتدابه وتعاقب الحكومات الملكية والجمهورية عليه وإنتهاء فترة الحكم البعثي السابق وأحداث ما بعد التغيير عام ٢٠٠٣ وحكومة الأحزاب الحالية والبصرة وضعها مستباح، خيرها لغيرها، نفطها لغير أهلها، موانئها لسطوة حكومة بغداد، أرضها يُستقطع منها الأجنبي برضا حكومات بغداد وتطفّلها، فمَن كان يحكم عندما أقتُطِعت أجزاء من أراضيها للكويت، هل كان أهل البصرة يحكمون فوهبوا تلك الأراضي الشاسعة من البصرة للكويت أم حكومة المركز والحاكمين الحاليين من ضمنها، فلقد أُنتزع من أرضها بعهد المقبور صدام وكذلك قسماً من أم قصر وسفوان بعهد حكومة الأحزاب الحاليّة القابعة في المنطقة الخضراء المُدجّجة بأفواج الحمايات، ومن وافق على إجتزاء خور العميّة العراقي والسماح للكويت أن تُبحر بخور عبدالله العراقي وتتقاسمه معهم؟! هل كانوا أهل البصرة أم قنّن البرلمان العراقي لحكومة الأحزاب ذلك، فمَن هو الذي يفرّط بالبصرة؟!، فعندما يقول الكاتب عبارة " الخوف من الصراع لو تحوّلت البصرة إقليماً " فهل الصراع السياسي على الثروات وإدارتها اليوم غير موجود أم هو على أشدّه لتقاسم مغانم البصرة بين الأحزاب؟! فلماذا لا يعني للكاتب والجهة التي يتّبع أي أهميّة للصراع القائم على البصرة والذي تسبّب بإفقار البصرة وأهلها وتهميشهم، أم هو معنيٌ فقط بالصراع عندما ستتحوّل البصرة إلى إقليم؟!
أما التدخلات الإقليمية بالبصرة فهي موجودة اليوم لأنّ أجنداتها لها لاعبيها من الأحزاب الحاكمة في بغداد وذيولها في البصرة، وسبب هذه التدخلات هو ضعف الحكومة المركزية وموالاتها لأحزابها وبعض الدول الإقليمية. أما موضوع الصراع الذي إفترضه الكاتب في إقليم البصرة فسوف لن يكون له موضوعاً، لأنّ ما نراه اليوم من صراع، هو إنما صراع الحكومة المركزية بأحزابها في المركز أو بالبصرة على خيرات وهيمنة القرار السياسي فيها، وليس لأهل البصرة علاقة أو طرف به، فالبصرة حسب الدستور لو تحوّلت إلى إقليم فسوف تتخلّص من تلك الهيمنة التي فرضتها الأحزاب الحاكمة قرابة عقد من الزمن، وذلك لأنّ أغلب من نصف جماهير البصرة مع الإقليم، فلو أقيم الإقليم فسينتج عن طريق الإنتخابات بزوغ جهات سياسية بصرية خالصة مولودة من رحم البصرة، ليس لها علاقة تابعية بأحزاب المركز أو رؤساء كتل قابعة في المنطقة الخضراء أو جهات أخرى داخلية أو إقليمية، وإنما تابعيّتهم ستكون لأبناء البصرة حصراً، وسيعملون وِفق دستور الإقليم ووفق حكم السلطات الثلاث المنفصلة "السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية وقوانين الإقليم، وسيحمي حدود هذا الإقليم قوات حرس الإقليم، فلا أدري لماذا يفترض الكاتب أنّ البصرة عندما يحكمها غير أهلها كما نشهده اليوم تكون آمنة، مستقرّة - وهو خلاف الواقع على أرض واقع البصرة - وعندما يحكمها ويديرها أهلها الأصليين تكون عِرضة للصراعات والتآمرات الإقليمية والأطماع على ثرواتها وخيراتها؟!
٢- إدّعى الكاتب بأنّ هنالك مَن يبرّر للأكراد إقامة إقليمهم الخاص بهم وأنه ضرورة واقعية فرضتها عدَّة وقائع منها اللغة والعادات والتقاليد والجغرافية بينما البصريون يفتقرون لهذه المبررات. وهذه مغالطة أخرى يطرحها الكاتب ومَن يقف ورائه، حيث حصر ضرورة إقامة الإقليم بمسائل مثل اللغة والعادات والتقاليد والجغرافية، ولا أدري هل بقيّة دول العالم الذي تحكمها الفيدرالية وهي أكثر من خمس وعشرين دولة إقتضت ضرورة أقلمتها واقعيّة فرضتها وقائع كاللغة والعادات والتقاليد والجغرافية؟! هنالك دول فيدرالية كأمريكا وكندا والمانيا والبرازيل والأمارات وغيرها من الدول لم تنظر للأقلمة من هذه الجهة فكافة مناطق هذه الدول عبارة عن فيدراليات تجتمع في الغالب في عنصر اللغة والعادات والتقاليد والجغرافية، فخصوصيّة مجتمع معيّن كي يصبح إقليماً لا تنحصر بما ذكره الكاتب من وقائع، فللبصرة أيضاً خصوصيتها التي ذكرناها في هذا المقال من حيث موقعها الجغرافي والتاريخي وإرثها الحضاري الذي تتميّز به عمّن سواها عن بقية مدن العراق فهذا أيضاً يؤهلها أن تكون إقليماً ولا تنحصر ضرورة الإقليم بما اشترطه الكاتب من لغة مختلفة وعادات وتقاليد وجغرافية بل ولا دليل عليها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فالدستور العراقي وهو الوثيقة الرسمية التي تنظّم إدارة هذا البلد، لم تذكر في جواز الإقليم ما اشترطه الكاتب، بل أجازت قيام الإقاليم حسب الآلية التي رسمها الدستور لمحافظة أو أكثر تنظّم بإقليم، والأساس في حكم العراق كما في الدستور هو فيدرالي إتحادي ولم يشترط لغة أو جغرافية أو غيرهما.
ثمّ إنّ ما فرض إقليم كردستان في الواقع ليس هذه العناصر، بل إنهم كانوا منطقة منفصلة عن العراق قبل سقوط النظام السابق وفرضت الدول المتحالفة بقيادة أمريكا وجود الأكراد كجزء من الحكومة العراقية بوضع خاص وهو فرض أقلمة منطقتهم ولها أحكامها الخاصّة ورضي مَن في السلطة اليوم بالواقع الجديد، بل دوّن مَن في السلطة اليوم نفس الدستور الحالي الذي يُجيز للبصرة القيام بإقليمها، فلماذا إذن تُبدون المخاوف من قيام شيء أنتم مَن وضعه ورضيه وطلب من شعبه الإستفتاء عليه؟!
٣- أيضاً إدعى الكاتب هنالك مَن يطرح أنّ مسألة إقامة الأقاليم في العراق وفي ظل الظروف التي يعيشها إجتماعياً وأمنياً تعني التقسيم المستقبلي لهذه البلاد وإنّ الأقاليم تتطلّب مرحلة من مراحل النضج الديمقراطي وهذا غير متوفر في ديمقراطية العراق. وهذه النقطة بالذات تكرّرت بأكثر من جهة سياسية وهي مغالطة، حيث أنّ الدستور العراقي - كما قلنا - نصّ على جواز إقامة الأقاليم في أكثر من مرة وذكر تلك الآليات وشروط قيامها، ولم يذكر الدستور أوضاع وأحوال البلد الأمنية كشرط لقيام الإقليم، ولم يذكر الدستور أيضاً أنّ الأقاليم بحاجة لمرحلة من مراحل النضج الديمقراطي، وإذا أردنا أن نتكلّم على ظروف البلد الأمنية فهي متفاوتة، ففي البصرة وضعها مناسب ولا يعتريه عارض، أما النضج الديمقراطي فليس هنالك دليل بأنه بظل الحكم المركزي سيسود ذلك النضج، بل على العكس فإنّ حكم الإقليم هو أقرب لذلك النضج الديمقراطي وذلك لغياب هيمنة الأحزاب.
ثم إنّ أهل البصرة ليسوا سبباً في تردّي الأوضاع الأمنية في مناطق العراق وليست مشكلتهم بل هي بسبب صراع الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة في المركز وعدم إكتراثها بالجانب الأمني للمواطن العراقي، فالسلطة الحاكمة قد أمّنت وجودها وحمت مناطقها في منطقة محصّنة بالمنطقة الخضراء بأكثر من ثلاثين فوجاً من الحمايات وتركت المواطن بالعراء مُعرّضاً لتهديدات الإرهاب بأي لحظة، والتقسيم الذي افترضه الكاتب لا يتم بظل الإقليم الذي جاء في الدستور بل بظل سياسة المركز التهميشيّة للمحافظات وخصوصاً للمنطقة الجنوبية وبالخصوص للبصرة، لأنها سياسة فاسدة وضعيفة وخارج نطاق الدستور وهذا هو الذي يُهدّد البلد بالتقسيم.
ثمّ يحاول الكاتب أن يضع حلولاً كبديل عن الإقليم بعد إن ذكر مخاوفه من إقامة الإقليم وذكر خمسة نقاط، وسنرد على كل نقطة وكالتالي:
١- ذكر الكاتب مبادرات وضِعت كحل للبصرة منها جعلها عاصمة العراق الإقتصادية ومبادرة البترودولار. وردنا عليه هو إنّ كل مدينة من مدن العالم قد تحوّلت إلى عاصمة اقتصادية هي إنما كانت مؤهّلة أن تكون عاصمة اقتصادية قبل إعلانها رسميّاً، ومثال ذلك مدينة نيويورك في أمريكا ودبي في الإمارات، ومن مؤهلاتها الأساسية التي بموجبها تحوّلت إلى ذلك هو وجود بنى تحتيّة وفوقيّة كواقع حال وقوانين مرنة في المال والإقتصاد والإستثمار تجعل تلك المنطقة التي يُراد تحويلها إلى عاصمة اقتصادية ضرورة مطلوبة، البصرة اليوم لا يوجد فيها ما يؤهلها أن تتحوّل إلى عاصمة إقتصاديّة، لخلوّها من البنى التحتيّة والفوقيّة ولعجز وفقر القوانين العراقية القديمة التي ما زالت تحكمها ومنها قوانين الملكية لعام ١٩٥٢. والدستور العراقي محكوم بإرادة كتل وطوائف وأحزاب ولا يمكن عن طريق وزارات تلك الكتل أو برلمان تلك الكتل أن تُبنى البصرة أو تتغيّر قوانينها لتكون مؤهلة لذٰلك، فما يحكم ويشرّع القوانين رؤوس كتل، وما يحكم البصرة حتى بعد أن تكون عاصمة إقتصادية هي رؤوس كتل لها أذنابها بالبصرة تنفّذ أجندتها لا غير، فمَن كان عاجزاً عن رفع نفايات البصرة في الوقت الذي يُرجِع المليارات من أموال المحافظة إلى خزينة الحكومة لعدم قيامه بأي مشاريع حيويّة لمحافظته، فهو أعجز أن يمسك أو يحوّل البصرة إلى عاصمة اقتصادية. أما قضية البترو دولار فالذي سيطبّق القانون إنما هي إرادة كتل وأحزاب تنظر لمصالحها ولن يستفد المواطن منها.
٢- ذكر الكاتب كحل آخر هو تفعيل اللامركزية الإدارية وذلك بإعطاء صلاحيات واسعة لحكومة الإدارة المحلية. ونرد على السيد الكاتب، أنه يوجد قانون ٢١ للمحافظات غير المنتظمة بقانون والذي أُلغي ثم أُرجع وما زال القانون لم يرَ النور، والقانون يفترض تحويل بعض صلاحيات الوزارات الخدميّة إلى المحافظة بنسبة بين ٢٠ بالمئة وحتى ٨٠ بالمئة، والمعلوم أنّ في العراق الجديد، الوزارة ومواردها إنما هي ملك للحزب الدي ينتمي له الوزير، فأي حزب من الأحزاب سيعطي صلاحيات وزارة وزيره ومواردها وإمكاناتها لحزب آخر؟! لأنّ محافظ البصرة هو أيضاً ينتمي إلى حزب، وإذا سلّمنا جدلاً وقلنا ستوافق الأحزاب أن تعطي صلاحيات وزرائها إلى محافظ البصرة، فما هي النسبة التي سيعطونها له من تلك الصلاحية؟! لن تكون أكثر من ٢٠ بالمئة وهي الحد الأدنى، فلن يجبرهم أحد على إعطاء أكثر من هذه النسبة، وحتى لو أُعطي المحافظ أعلى من هذه النسبة، وهب إنها ٥٠ بالمئة من الصلاحية، فهل سينفع بها البصرة أم حزبه وكتلته، أوَ لم يُرجع محافظ البصرة حسب تصريح رئيس مجلس محافظ البصرة قبل عدّة أيام تريليونين إلى خزينة الدولة ببغداد، فلماذا لم يقم بمشاريع تنموية للبصرة بهذه المبالغ، فالذي يعجز عن رفع نفايات البصرة فهو أعجز من أن يحفظ أموالها ويبنيها إن حصل على صلاحيات أكثر.
٣- يرى الكاتب حل آخر هو إعطاء أولوية إقتصادية للبصرة وزيادة ميزانيتها بما يناسب مواردها وصادراتها النفطية. وردنا على الكاتب هو ما دامت الأموال تأتي عن طريق الأحزاب الحاكمة وإعطائها لنفس الأحزاب فسوف لن ينتفع بها المجتمع البصري أبداً، ولذلك لا حل للبصرة إلا أن يحكمها أبنائها أنفسهم دون تابعية لجهة معيّنة.
٤- يعالج الكاتب قضية البطالة في البصرة بإعادة النظر في العقود مع الشركات الأجنبية سواء أكانت نفطية أو غازية، وتشغيل الأيدي العاملة بدلاً من الوافدة من المحافظات. والرد عليه كما هو الرد في النقطة السابقة، فالعقود لها سماسرتها من الأحزاب والمتنفذين فأي بطالة سوف تعمل وتشتغل عن طريق هذا المجال.
٥- وكان أخر حل يضعه الكاتب هو إعادة النظر بالتعريفة الگمرگية ومساعدة الملاحة وتطويرها، ومعلوم لدى القاصي والداني موارد الموانئ ومواقع الحدود كيف تذهب لجيوب متنفذي الأحزاب وأعوانهم. فكل الحلول التي وضعها الكاتب إنما هي ترقيعية ولا تنفع واقع البصرة، فلن يبقى إلا حل واحد يتناسب مع واقع البصرة وهو قيام إقليمها الإداري والحضاري.