هل تهدد قوات البيشمركة مستقبل أكراد العراق؟
2017-04-20 08:59
مايكل روبن، معهد امريكان انتربرايز-ترجمة: هبه عباس
نشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
في إطار اهتماماته بالشأن العراقي قام الكاتب الامريكي مايكل روبن في اواخر شهر مارس-اذار الماضي بنشر مقال في معهد امريكان انتربرايز تحت عنوان (هل تعد البيشمركة الكردية ميليشيات؟)، وهذا الموضوع مهم جدا البحث فيه لسببين: الاول قرب القضاء على داعش عسكريا في العراق وما يترتب على هذا الامر من فتح محتم لملف التشكيلات العسكرية خارج سيطرة الدولة وكيفية التعامل معها للمحافظة على هيبة وقوة الدولة ونجاح برامجها. والآخر مرتبط بتصاعد الخلافات بين المركز والاقليم حول جملة من القضايا، ومن بينها ملف جهة ارتباط البيشمركة، وعلاقتها بالمنظومة الامنية للدولة العراقية.
ان الاطلاع على اراء المحللين المراقبين للمشهد العراقي من خارج دائرته مفيد جدا لفهم طريقة التعاطي معه، لاسيما من قبل صانع القرار العراقي الراغب في تجنيب بلاده ويلات صراعات جديدة تزيد من معاناة الشعب وتدمر مصادر قوته، لذا يأتي نشر مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية لهذا المقال بعد ترجمته الى العربية كخطوة اضافية في مسعاه المتواصل من أجل وضع صانع القرار على السكة الصحيحة، لاتباع المسار المناسب لبناء الدولة، في هذا الظرف الحرج من تاريخ العراق، لذا سيطلع القارئ في ما سيأتي من هذا المقال على تصورات مايكل روبن حول تشكيلات البيشمركة العسكرية العاملة في اقليم كردستان، اذ يقول:
"اختتم ممثلو ٦٨ دولة الاسبوع الماضي اجتماعات تتعلق بمناقشة استراتيجيات هزيمة "داعش"، ربما تنهي هزيمة هذا التنظيم فصلا من تاريخ العراق لكنها تثير قضايا اخرى مكبوتة أو مقيدة.
وفي الوقت الذي تجاوزت فيه الوفود العربية واشنطن اظهرت تحفظها بشأن شيعة العراق الذين يحكمون بطريقة تشبه الى حد ما طريقة الحكم في الفترة التي سبقت سقوط نظام صدام حسين (حسب زعم روبن)، وان عدم الثقة ان لم تكن الكراهية للفصائل الشيعية تجعلهم يتخذون قراراً بشأن "الحشد الشعبي" القوات التي تطوعت استجابة لفتوى اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالقتال الى جانب قوات الامن العراقية من اجل هزيمة تنظيم" داعش".
كما تعمل القوات العراقية على جعل "الحشد الشعبي" نظامياً اي لايقتصر على الشيعة ولا المؤيدين لإيران فقط خلافا لتصورات الصحف الغربية، كما تقول الصحف بان الحكومة العراقية تعترف بوجود وحدات تابعة لإيران او ربما لسياسيين معينين، وان استمرار عمل بعض الفصائل بعد هزيمة "داعش" يمكن ان يدمر الديمقراطية العراقية الفتية.
كما تتيح المناقشات المتعلقة بالحشد الشعبي الفرصة لأكراد العراق ومناصريهم في الولايات المتحدة بإجراء محادثات جدية حول "البيشمركة " القوة المقاتلة الكردية.
وقد شكلت هذه القوات التي كانت تقاتل في الحرب ضد نظام صدام حسين وحكومات عراقية اخرى مع قادة محددين مجموعات تحررية اصبحت فيما بعد احزاب سياسية، فعلى سبيل المثال، أسس الملا مصطفى برزاني الحزب الديمقراطي الكردستاني بينما انفصل جلال طالباني وشكل اتحادا قوميا منافسا للكردستاني.
بينما تشكلت حكومة اقليم كردستان في اعقاب انتفاضة عام ١٩٩١ ضد نظام صدام حسين التي اعقبت تحرير الكويت، حيث بقيت الاحزاب السياسية ومن ضمنها البيشمركة تعاني من التقسيم، وبالنسبة لجميع المحادثات عن الوحدة، تبقى وحدات البيشمركة مقسمة وظيفيا وموالية لقادة الاحزاب السياسية أكثر من ولائها لكردستان.
وإذا ارادت كردستان تحقيق التقدم -وخاصة في موضوع الاستقلال - عليها ان تعالج مسألة تحول البيشمركة الى ميليشيا أكثر من كونها جيش، والاجابة على التساؤل المتعلق بوجود اختلاف بين البيشمركة والحشد الشعبي هي ان كلاهما ولد من النار وكلاهما محاط بالأساطير وقام بأعمال النهب والاختطاف وارتكب الفظائع التي لا يمكن التحدث عنها (حسب زعم الكاتب الذي يبدو انه بحاجة الى تصحيح في معطياته عند كلامه عن الواقع العراقي-مركز الفرات).
وكمثال على الاستقلال وعواقبه أحدث استقلال جنوب السودان حرب اهلية وذلك لان المنافسين السياسيين عملوا على تفريق وفصل الاحزاب السياسية التي قاتلت فيما بعد على النفط بالنيابة عن القادة، كما اصبحت فلسطين مقسمة ليس بسبب اسرائيل بل بسبب الفصائل الداخلية التي تدعمها الجماعات الفلسطينية المختلفة، كما يعترف العديد من العراقيين ومؤيديهم بالخطر المحدق جراء ائتلاف الحشد الشعبي مع الفصائل السياسية بعد تبدد تهديد "داعش"، والتساؤل هنا هل سيعترف الاكراد بالنجاح الذي حققته البيشمركة؟ اذ ان انشقاقها الآن سيشكل تهديداً للدولة التي قاتلت من اجلها الكثير من الاجيال".