مسؤولية الأمة تجاه النازحين واللاجئين اللبنانيين
الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ (1)
آية الله السيد مرتضى الشيرازي
2024-11-02 07:07
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وأهل بيته الطاهرين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.
قال الله العظيم في كتابه الكريم: (الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) (سورة الحج: الآية 40) والكلام يقع في فصول:
الفصل الأول: بصائر قرآنية
في الآية الكريمة بصائر كثيرة نقتصر بإيجاز على ثلاثة منها تمهيداً للحديث عن إخوتنا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا وآبائنا وأمهاتنا من المؤمنين المهجرين والنازحين من لبنان، وسائر بلاد الإسلام أيضاً.
البصيرة الأولى: قوله تعالى: (بِغَيْرِ حَقٍّ) أي بغير حق يجوّز إخراجهم، والاستثناء على حسب المعروف منقطع فإن (بِغَيْرِ حَقٍّ) يعني بالباطل وقولُهم (رَبُّنَا اللَّهُ) قول حق، فلم يكن داخلاً في الباطل كي يخرج منه فهو منقطع، وذلك كقولك: جاء العلماء إلا أطفالهم فإن الأطفال ليسوا داخلين في العلماء لكنهم استثنوا لنكتة، والنكتة لا بدّ منها في الاستثناء المنقطع وإلا لصح أن يقال: جاء العلماء إلا الجدران، والنكتة هي توهم الدخول لوجهٍ كما لو كان العلماء يأتون عادة مع الأطفال لكنهم جاءوا هذه المرة وحدهم فحيث قد يتوهم الطرف الآخر انهم جاءوا مع أطفالهم يقال: (جاء العلماء إلا أطفالهم) ففي الواقع الاستثناء منفصل حسب ظاهر اللفظ لكنه على توهّم الاتصال متصّل حسب توهّم المتوهّم.
البصيرة الثانية: ان اللفتة الرائعة في قوله تعالى (بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) قد تكون، استناداً إلى دلالة الإشارة[1] المنطقية المعروفة، التنبيه على مسخ شاكلة أولئك الكفار المعتدين على المؤمنين بإخراجهم من ديارهم، حيث ان العقل السليم لا يسمح بإخراج أحد لقوله الحق فكيف يخرجه لقوله أجلى مصاديق الحق وهو (رَبُّنَا اللَّهُ) إذ أي حق اظهر وأعظم من ذلك؟ ومع ذلك تجد أولئك الظلمة الجبابرة يخرجونهم بغير حق إلا حق هو قولهم ربنا الله وهل يفعل ذلك إلا أعمى القلب سقيم الفكر مطموس الفطرة ممن مسخت شاكلته فتعامل مع المحق معاملة المجرم وعاقبه على قوله الحق وجزى من يستحق المثوبة بالعقوبة والمحقّ بالسوءى وهل هو إلا كمن تقول له: ما ذنبي إليك إلا انني أحسنت إليك؟ وفي ذلك تقريعٌ وأيُّ تقريع وإدانةٌ وأيةُ إدانة.
البصيرة الثالثة: انه يحتمل في هذا الاستثناء أن يكون متصلاً كما يحتمل أن يكون منفصلاً، ولتصوير كل منهما وجوه نقتصر الآن على وجهين منهما وهما:
1- المنفصل، وذلك إذا كان (إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) استثناء من (بِغَيْرِ حَقٍّ) = الباطل؛ لبداهة أن قول (رَبُّنَا اللَّهُ) ليس بغير الحق بل هو الحق فهو استثناء منفصل أي انه إخراجٌ لما لم يكن داخلاً.
2- المتصل، وذلك إذا كان (إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) استثناء من المضاف إليه أي من (الحق) أي بغير حق إلا حقاً هو قولهم ربنا الله.
وليس الكلام في ترجيح أحد الاحتمالات على الآخر ووجوهه، بل الإشارة إلى لفتة رائعة أخرى وهي ان التعبير بـ (بِغَيْرِ حَقٍّ) يفتح الباب على احتمالات محتملة تفتح للإنسان آفاق التدبر والتفكير، عكس ما لو قيل (الذين أخرجوا من ديارهم بالباطل) والباطل يساوي غير الحق لكنه لو كان قد اختير لما كان هنالك مجال واسع للبحث السابق والتجوال الفكري والتدبر.
الفصل الثاني: كلمات للشعب اللبناني الكريم
وهنا كلمات نوجهها إلى الشعب اللبناني الكريم وإلى كل إنسان طُورِد وقوتل وهُجرّ وشُرِّد، ظلماً وعدواناً وجوراً وطغياناً.
الكلمة الأولى: انكم شعب عريق في حضارته كما هو عريق في تشيّعه
انّ لبنان بلد عريق جداً في حضارته كما هو بلد عريق جداً في ولائه لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وتشيعه، وقد نتكلم لاحقاً عن البعد الأول، فلنعطف عنان الكلام الآن إلى البعد الثاني حيث تشدنا إلى لبنان واللبنانيين الحقيقة المشرقة المتألقة التالية وهي:
إنكم أيها اللبنانيون تسري في أرواحكم روح أبي ذر وتسري في أنفاسكم أنفاس أبي ذر، المؤسس الأول لبذرة الجهاد والإباء والولاء والوفاء لسادات الكون الأطهار الأبرار النجباء.
كما انكم أيها اللبنانيون الكرام تجري في عروقكم دماء قبيلة همْدان اليمانية القحطانية المؤسس الثاني لموجة الولاء للعترة الطاهرة والتي تجسدت فيها أسمى آيات الشهامة والشجاعة والبطولة والغيرة والحمية والنجدة والجهاد والاستقامة.
فمن الطبيعي، والحال هذه، أن تستلهموا، جميعاً بمختلف ألوانكم وأطيافكم، من أبي ذر ومن قبيلة همدان كل تلك المعاني المتألقة السامية والنبيلة وأن ترسموا بأحرف نورية لوحة عزِّ وشرف على امتداد تاريخ البشرية وأن تكونوا (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماء * تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)[2].
من تاريخ همْدان، التي بنت مجد لبنان
بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام علياً (عليه السلام) إلى اليمن في العام الثامن أو التاسع للهجرة، على ما ورد في السيرة الحلبية، وبقي بين أظهر اليمانيين حوالي سنة يفقههم في الدِّين، فتشيعوا عن بكرة أبيهم وتخرّج منهم أبطال أشاوس وأفذاذ أعاظم غيروا وجه التاريخ.. ثم هاجروا بعد سنين إلى الكوفة.. وكانت الكوفة زمن حكومة الإمام (عليه السلام) تضم حوالي أربعين إلى خمسين ألفاً من قبيلة همدان حيث كانت تقسم إلى سبعة أسباع، وكانت مدينة الكوفة تحتضن حوالي ثلاثمائة ألف نسمة، حسب بعض المؤرخين، وهذه هي الكوفة – المدينة، أما الكوفة الكبرى أي الكوفة التي كانت تتشاطر والبصرةُ العراقَ فكانت على حسب بعض المؤرخين، كجرجي زيدان، تضم أربعة ملايين نسمة.. والمهم ان همدان كانوا هم الدرع الحصينة لحكومة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى ان شَرَطة الخميس، وهي قوات النخبة، كانت منهم.. ولقد استمروا في توفير الحماية لأصحاب الكساء صلوات الله عليهم وفي العطاء المذهل حتى بعد هجرة معظمهم من الكوفة وبقاء قليل منهم بعد محاصرة معاوية لهم بدءاً من عام 41 فصاعداً حيث استتب له الأمر فشن حرباً بلا هوادة ضدهم اضطرهم إلى الهجرة إلى بلاد أخرى.
وقد نقل عن ابن عساكر، أنّ ابن أرطأة الذي أرسله معاوية لقتال شيعة الإمام علي (عليه السلام) باليمن، سبى نساء اليمن وهمدان، فكنّ أوّل من سُبي من نساء المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما فعله بسر بن أرطأة بأهل اليمن، كان قاسياً إلى أبعد الحدود، ولكن وحشيته ودمويته لم تستأصل الروح العلوية من نفوس اليمنيين خاصة الهمدانيين، وفي كلمة ابن عبّاس للإمام الحسين عليه السلام قبل توجّهه إلى كربلاء شهادة على ذلك إذ قال: "اذهب إلى اليمن، فإنّ فيها شيعة أبيك".
وعندما أرسل معاوية بسر بن أرطأة إلى اليمن حمّله أقسى القرارات فقال له: "لا تنزل على بلد أهله في طاعة عليّ، إلّا بسطت لسانك عليهم، حتّى يروا أن لا نجاة لهم،… وادعهم إلى البيعة لي، فمن أبى فاقتله، واقتل شيعة عليّ حيث كانوا".
قبيلة همْدان: حلقة الوصل بين أعراق ومذاهب لبنان
ومع ذلك كله فإنه ليس من الغريب على الشعب اللبناني الكريم أن يكون شهماً أبياً شجاعاً صامداً إذ تسري في روحه، وإن لم يكن شيعياً، روح أبي ذر الغفاري وتجري في عروقه، وإن لم يكن حتى مسلماً، دماء همدان... حيث يشكّل أبو ذر وتشكّل همْدان الجسر الرابط بين جميع شرائح الشعب اللبناني ومذاهبه.
وبيت القصيد في مؤشر المجد والعظمة انهم حتى بعد ان تناقصت أعدادهم بشكل كبير ظلوا الدرع والسند والساعد والعضد لأئمة الهدى صلوات الله عليهم حتى احص بعض المؤرخين أبطال همدان الذين كانوا في جيش الإمام الحسين (عليه السلام) الصغير جداً فبلغوا ثلاثة عشر شخصاً[3] وقيل أربعة عشر[4] وهو عدد لافت جداً إذ شكلوا نسبة تقارب الـ 18% من جيشه المميز المتخيّر من أفضل عناصر البشر إذ قال (عليه السلام): (فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوْفَى وَلَا خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي، وَلَا أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَلَا أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَجَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِّي خَيْراً أَلَا وَإِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّهُ آخِرُ يَوْمٍ لَنَا مِنْ هَؤُلَاءِ)[5].
هِجْرات همْدان شكلت بداية قصة التشيع في لبنان
وقد شكّلت هجرات قبيلة همْدان المتكررة بداية قصة التشيع في بلاد كثيرة، فلقد هاجر قسم منهم بعد محاصرة معاوية لهم إلى مصر وقسم إلى الأندلس وقسم إلى حمص وقسم إلى بَعْلَبك وقسم إلى طَرَابُلُس بلبنان، وهما موطن الشاهد.
فعن اليعقوبي في تاريخه: (إنّ بعلبك قومها من الفرس، وفي أطرافها قوم من اليمن)[6].
ولقد بلغوا من الكثرة أو الأهمية في بعلبك حتى سميت إحدى بوابات مدينتها بباب همدان، كما ذكر ذلك بعض المؤرخين وكان هذا الباب مسمى باسمهم حتى القرن الثاني عشر للهجرة.
يقول ابن عساكر: (في الميدان الأخضر خارج باب همذان ببعلبك وحوله من جرت العادة بحضورهم وهو في جملة الناس وكان قد أتي ببساط فبسط له وطرح عليه طراحة فجلس عليها فإذا بأربعة مشايخ قد حضروا فجلس اثنان عن يمين الحاجب عطاء واثنان عن شماله بعد أن سلموا عليه وأقبلوا بوجوههم إليه وكأنه قد أتي بكرسي شبيه بكرسي الوعظ فأخذوا بيد الحاجب ورفعوه عليه فلما استقر على الكرسي حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه (صلى الله عليه وسلم) فالتأم في الميدان خلق لا يحصى فقال معاشر الناس الدنيا فانية والآخرة باقية...)[7]
كما هاجر قسم منهم إلى أطراف طرابلس التي أسسها الفينيقيون في العام الثامن قبل الميلاد، حسب المؤرخين[8].
وقال اليعقوبي عن حِمص واللاذقية وجِبلة و...: (وأهل حمص جميعاً من يمن وطيء وكندة وحِمْيَر، وكلب وهمدان وعلى ساحل البحر من جُند حمص. اللاذقية وأهلها قوم من اليمن، من سلنج وزبيد وهمدان وغيرها. ومدينة جبلة وأهلها من همدان، ومدينة بانياس وأهلها أخلاط)[9].
وقال القلقشندي، المتوفّى عام 821هـ: (وبالجبل المعروف بالظنيّين[10] من الشام، فرقة من همدان)[11].
وبذلك اختلطت دماء اللبنانيين كدماء السوريين والشاميين، بدماء اليمنيين، عبر بوّابة أكثر قبائلهم شجاعة ونجدة وإيماناً وإخلاصاً وحمية ووفاءٍ وهي همدان والتي قال عنها الإمام علي (عليه السلام) في الشعر المنسوب إليه:
جَزى اللَهُ هَمدانَ الجِنانَ فإِنَّهُم --- سِمامُ العِدى في كُلِّ يَومٍ خِصامِ
لِهَمدانَ اَخلاقٌ وَدينٌ يَزينهُم --- وَلينٌ إِذا لاقوا وَحُسنُ كَلامِ
وَجَدٌّ وَصِدقٌ في الحُروبِ وَنَجدَةٌ --- وَقَولٌ إِذا قالوا بِغَيرِ إِثامِ
مَتى تَأتِهِم في دارِهِم لِضيافَةٍ --- تَبِت عِندَهُم في غِبطَةٍ وَطَعامِ
أَلا إِنَّ هَمدانَ الكِرامَ أَعِزَةٌ --- كَما عَزَّ رُكنُ البَيتِ عِندَ مَقامِ
أَناسٌ يُحِبّونَ النَبيَّ وَرَهطَهُ --- سِراعٌ إِلى الهَيجاءِ غَيرَ كَهامِ
فَلو كُنتَ بَوّاباً عَلى بابِ جَنَةٍ --- لَقُلتُ لِهَمدانَ اِدخلوا بِسلامِ
ومن المفيد تأكيد ما نقلناه من هجرة الهمدانيين إلى حمص أيضاً وانهم كانوا هم الذين حملوا مشاعل الهداية ونور أهل البيت إلى تلك الديار، وكما يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: (ومن عجيب ما تأمّلته من أمر حمص، أنّهم كانوا أشدَّ الناس حرباً على عليّ في صفّين مع معاوية، وأكثرهم تحريضاً عليه، وجِدّاً في حربه. فلمّا انقضت تلك الحروب، ومضى ذلك الزمان، صاروا من غلاة الشيعة)[12]، والمستظهر بحسب القرائن أن السبب الأول كانت همدان.
الكلمة الثانية: استلهِموا من نموذج المهاجرين في زمن سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)
استلهموا من نموذج العهد النبوي (صلى الله عليه وآله) واستفيدوا من تجربة المهاجرين زمن الرسول العربي (صلى الله عليه وآله) واتخذوا تعاليمه منهجاً لكم طوال فترة نزوحكم أو هجرتكم أو لجوئكم، فإن تعليماته (صلى الله عليه وآله) وتوجيهاته هي التي تكفل لكم الحياة السعيدة ولجميع النازحين والمهاجرين على مر التاريخ، وليست خاصة بتلك الفترة الزمنية الخاصة، على أن بعض إرشاداته كانت عامة لكل المسلمين وبعضها خاصة بالمهاجرين.
أ- فلقد أمر المسلمين بشكل عام بالتفقه في الدِّين وكان من طليعتهم المهاجرون، قال تعالى: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون)[13]، و(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون)[14].
ب- وقد وجّه (صلى الله عليه وآله) المهاجرين، كغيرهم، للانشغال بالعمل في روايات كثيرة نقل بعضها السيد الأستاذ الوالد في (الفقه: المال).
كما أسّس (صلى الله عليه وآله) سوقاً خاصة بالمسلمين، إلى جوار بنائه مسجداً لهم، وكانت تسمى (بقيع الخيل[15]، والبطحاء[16] كما سمِّيت بسوق حرض[17])، وقد جعل (صلى الله عليه وآله) السوق صدقة جارية للمسلمين وكانت مجانية بالكامل من دون ضريبة (وجعلها صدقةً عليهم[18])، ومن دون إجارة.
ونقل الواقدي: (انهم كانوا إلى جانب ذلك يَخرجون في رحلات طويلة إلى بلاد الشَّام[19]).
التجارة والجهاد جنباً إلى جنب في معركة بدر
بل وفوق ذلك ولعله من الغرائب ان الرسول (صلى الله عليه وآله) كما كان يأمر المسلمين بالجهاد كان يأمرهم بالعمل والتجارة، وانه كان يتحرّك ويحرّك باتجاهين متكاملين: اتجاه الاكتفاء الذاتي والإثراء المشروع واتجاه العبادة والجهاد على ضوء قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّار)[20].
وقد نقل الواقدي وابن سعد عن تجارات المسلمين في بدر طوال الأيام السابقة على الحرب: (فلمّا تكلّم رسول الله صلى الله عليه وآله تكلّم بما بصّر الله عز وجل المسلمين، وأذهب ما كان رعبهم الشيطان، وخرج المسلمون بتجارات لهم إلى بدرٍ.
فحُدّثت عن يزيد، عن خصيفة، قال: كان عثمان بن عفان يقول: لقد رأيتنا وقد قُذف الرعب في قلوبنا، فما أرى أحداً له نيّة في الخروج، حتى أنهج الله تعالى للمسلمين بصائرهم، وأذهب عنهم تخويف الشيطان.
فخرجوا فلقد خرجت ببضاعة إلى موسم بدرٍ، فربحت للدينار ديناراً، فرجعنا بخيرٍ وفضلٍ من ربنا.
فسار رسول الله صلى الله عليه وآله في المسلمين وخرجوا ببضائع لهم ونفقاتٍ، فانتهوا إلى بدرٍ ليلة هلال ذي القعدة، وقام السّوق صبيحة الهلال، فأقاموا ثمانية أيامٍ والسوق قائمة)[21].
وذكر الواقدي: (وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج في ألفٍ وخمسمائة من أصحابه وكانت الخيل عشرة أفراسٍ)[22].
دحية الكلبي داعياً وتاجراً
كما يُروى عن دحية بن خليفة الكلبي[23]، الذي بعثه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بكتاب إلى عظيم بُصرى[24]، لكي يسلمه إلى قيصر ملك الروم، انه خرج بعد انتهاء مهمَّته إلى أسواق بصرى، وعاد محمَّلاً بتجارة وبضائع من تلك البلاد)[25].
و(روي أنَّهم كانوا يتاجرون أحيانًا أثناء خروجهم للغزْو، وحدث ذلك في غزوتَي خيبر وتبوك)[26].
(كما كانوا يشاركون أيضًا في أسواق العرب الموسميَّة التي كانت تقام في أماكن متفرِّقة خارج المدينة)[27].
وليس الهدف من التجارة مجرد الإثراء، بل إضافة إلى التوسعة على الأهل والعيال، خدمة الفقراء والمساكين والأرامل والمرضى والبؤساء وتشييد المراكز الإنسانية والدينية من مساجد وحسينيات ومكتبات ومدارس ومستشفيات وصناديق الإقراض الخيري وغير ذلك، فإن الأموال وسيلة للمهاجر ولمطلق المؤمن وليست هدفاً، وهي جسر يعمر به آخرته، من دون أن يشده إلى دنياه أو يأسره بها، ولذلك ورد (لَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا بِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَلَا تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، بَلِ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَا فِي يَدِكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)[28]، وقد قال تعالى: (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون)[29].
وإلى ذلك كله كان المسلمون المهاجرون ينشغلون بأعمال أخرى منوعة حتى من نوع الحِمالة أو العمل أُجَراء عند البعض لتوفير ما يلزمهم من ضروريَّات الحياة[30]، فإن العمل شريف، وقد ورد (الْكَادُّ عَلَى عِيَالِهِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّه)[31]، كما ورد (الكاسب حبيب الله).
الكلمة الثالثة: كافحوا أعراض ما بعد الصدمة
انّ الاضطرابات الاجتماعية وموجات النزوح والهجرة واللجوء، كثيراً ما تترك أعراضاً خطيرة سيكولوجية تسمى في علم النفس باضطراب ما بعد الصدمة إذ تظهر على نسبة كبيرة من اللاجئين أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وأعراض الإجهاد اللاحق للصدمة (PTSS)[32] أو الاكتئاب[33].
هذه المشاكل العقلية طويلة المدى يمكن أن تعيق بشدة وظائف الشخص في المواقف اليومية. ويزيد الأمر سوءًا بالنسبة للأشخاص النازحين الذين يواجهون بيئة جديدة ومواقف صعبة.
من بين الأعراض: الانتحار[34]، وفي درجات أدنى: القلق، والإفراط في اليقظة، والأرق، ومتلازمة التعب المزمن، والصعوبات الحركية، وفشل الذاكرة قصيرة المدى، وفقدان الذاكرة، والكوابيس، وشلل النوم. وتعتبر ذكريات الماضي من سمات هذا الاضطراب: يعاني المريض من الحدث الصادم، أو أجزاء منه، مرارًا وتكرارًا. الاكتئاب هو أيضًا سمة مميزة لمرضى اضطراب ما بعد الصدمة وقد يحدث أيضًا دون مرافقة اضطراب ما بعد الصدمة[35].
وإذا استنطقنا لغة الإحصاءات عن نسبة المصابين بأعراض اضطرابات ما بعد الصدمة نجد انه وحسب احدى الدراسات فإن 28.3٪ من النساء البوسنيات اللاجئات يعانين من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بعد ثلاث أو أربع سنوات من وصولهن إلى السويد. كان لدى هؤلاء النساء أيضًا مخاطر أعلى بشكل ملحوظ من أعراض الاكتئاب والقلق والضيق النفسي مقارنة بالنساء المولودات في السويد. بالنسبة للاكتئاب كانت نسبة الأرجحية 9.50 بين النساء البوسنيات[36].
وفي دراسة أخرى: تم تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة لدى 34.1٪ من الأطفال الفلسطينيين، ومعظمهم من اللاجئين والذكور والعاملين. كان المشاركون 1,000 طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة من مدارس الأونروا الحكومية والخاصة ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في القدس الشرقية ومحافظات مختلفة في الضفة الغربية[37].
دور الأبوين وقادة المجتمع
وهنا يتجلى دوركم أنتم الآباء والأمهات والمربّون والمعلّمون والقادة إذ تشكل هذه الإحصاءات علامات إنذار مبكرة وخطيرة. ولكنّ القسط الأكبر من المسؤولية المباشرة يقع على عاتق الآباء والأمهات حيث عليهم أن يوفروا أجواء آمنة لأولادهم وبناتهم، وذلك عبر احتضانهم عاطفياً ودعمهم روحياً ومعنوياً ومضاعفة الوقت الطبيعي الذي كانوا قد خصّصوه لأولادهم وبناتهم في بلدانهم، ربما إلى الضعف أو الضعفين فإذا كان الأبوان يصرفان يومياً من الوقت نصف ساعة مثلاً للحديث مع أبنائهم وبناتهم فإن عليهم أن يبذلوا في المهجر والمناطق التي نزحوا إليها ساعة أو أكثر يتحفونهم فيها بالقصص التربوية والمواعظ الروحية ويغمرونهم بالدفء والحنان ويستعمون لهم ليجد الأولاد متنفساً ورَوحاً وراحة لدى الوالدين عندما يبثّون إليهم شجونهم ولواعج قلوبهم.
كما تقع على الرجال مهمة الاهتمام أكثر فأكثر بأمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم، نظراً لأن المرأة بطبعها أضعف من الرجل، وإن كان بعضهن لَبْوات غاب ولكن الظروف القاسية تنخر بطبعها في القلوب والأعصاب، وهنا يتجلى أكثر فأكثر دور رب الأسرة ليكون المرفأ الآمن والواحة الخضراء في الصحارى القاحلة وفي منعطفات الزمن الغادر، وفي ملأ أوقات الفراغ بأنشطة مفيدة – منوعة مثل إقامة حلقات التفسير والمجالس الحسينية البيتية اليومية وتلاوة أدعية مفاتيح الجنان والصحيفة السجادية، فإنها نِعم العون والسند كما لعقد جلسات حوارية أسرية دور كبير في صفاء الأرواح وتغذية العقول والتنفيس عن الكروب والمزيد من تماسك الأسرة وقبل ذلك كله: جلب رضا الله تعالى ولطفه وعطفه وعونه ونصرته.
ولكنّ ذلك كله لا يقلل أبداً من أهمية دور العلماء وقادة المجتمع والمعلمين والوجهاء ومسؤوليتهم تجاه جميع النازحين واللاجئين.
وكلمة للحكومات والشعوب الإسلامية
وهنالك كلمة نوجها للحكومات الإسلامية وللناس والشعوب التي استقبلت كثيراً من اللاجئين والمهجرين والمهاجرين:
اللاجئون آباؤنا وأمهاتنا وإخوتنا وأخواتنا، وليسوا اغياراً أو حتى ضيوفاً
هنالك فرق بين المنطق الإسلامي والمنطق المعاصر حتى في أرقى صُوَرِهِ الإنسانية، ففي المنطق الإنساني المعاصر هنالك لجوء سياسي وهنالك لجوء ديني وهنالك لجوء إنساني، ولكل هؤلاء حقوق متنوعة كثيرة، على الحكومات أن تلتزم بها تجاه اللاجئين.. ومنها توفير فرص عمل لهم أو تأمين حياتهم، وتوفير التعليم والرعاية الصحية وغير ذلك لهم.
وهذه الحقوق ونظائرها وإن كانت تشكل خطوة مهمة إلى الأمام يجب على الحكومات الالتزام بها تماماً، ولكن المنطق الإسلامي، حسب الآيات القرآنية الكريمة والسنة الشريفة، أسمى من ذلك وأرقى بكثير، ذلك أن الإسلام لا يعتبر اللاجئ أو المهجر والمهاجر شخصاً أجنبياً غريباً له علينا حقوق وواجبات فقط بل يعتبره فوق ذلك صاحب الدار وأهلاً كما نحن أصحاب الدار وأهلها.
بكلمة أخرى: انهم آباؤنا وأمهاتنا وإخوتنا وأخواتنا وأبناؤنا وبناتنا وليسوا مجرد غرباء لاجئين أو ضيوفاً مؤقتين.
وكما قال الشارع:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا --- نحن الضيوف وانت رب المنزل
فأرضنا أرضهم
وذلك لأن المنطق الإسلامي يرفض التجزئة الجغرافية ويرى المسلم، بل كل إنسان، أينما حل فإنه يحل في وطنه كما هو وطنٌ لمن ولدوا في تلك الأرض أباً عن جد، تماماً ولقد صرح تعالى بقوله: (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَميعاً)[38]، و(وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنام)[39].
وقال (صلى الله عليه وآله): (الْأَرْضَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ عَمَرَهَا)[40]، و(مَنْ غَرَسَ شَجَراً أَوْ حَفَرَ وَادِياً بَدْءاً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، قَضَاءً مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله) )[41] كما فصّلنا ذلك في كتاب (الأرض للناس لا للحكومات).
وعلى ذلك فإن أي إنسان حل بأرضنا فهي أرضه كما هي أرضنا: فله الزراعة والتجارة والصناعة وحق تملك الأرض والدُّور والشركات، كما لأهلها تماماً، وله أن يتسنّم أعلى المناصب دون قيد وشرط إلا شرط الكفاءة ضمن الضوابط الشرعية.
وليسوا منافسين على الوظائف والمواقع
والشريعة الإسلامية السمحاء ترفض النظر إلى اللاجئين والمهاجرين كعبء على الوظائف وكمنافس على الأدوار والمواقع فإنهم الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأبناء والبنات، وهل ينظر أحد إلى أبويه وإخوته وأبنائه كمنافس على لقمة العيش أو فرص الحياة؟
ولنا في موقف الأنصار من المهاجرين أعظم الدروس والعِبَر
ولنا في الأنصار وما صنعوه مع المهاجرين بتوجيه النبي الأعظم أعظم العِبَر وأجمل الأمثال، فلقد فاق صنيعهم ما دعونا إليه قبل قليل إذ آثروهم على أنفسهم وقدموا مصالحهم على مصالحهم، ويكفي أن نلقي نظرة إعجاب وإكبار على ذلك الموقف المشرّف الذي يفصح عنه النص التالي: (قال المهاجرون: يا رسولَ الله، ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أكثر بذلاً من كثير، ولا أكثر مواساة من قليل، كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ، فقد خشينا أن يكون قد ذهبوا بالأجر كلّه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "كلا ما دعوتُم لهم وأثنيتم عليهم")[42]. فـ:
1- إذا كان لهم مال كثير بذلوا منه عليهم، على المهاجرين، كثيراً كثيراً.
2- وإذا كانت أموالهم قليلة لم يقصروا في المواساة بل أكثروا منها بما يسحر الألباب.
3- وكانوا الـمِجن والترس للمهاجرين يتحملون عنهم الصعاب والمؤن فإذا كان الهناء والرخاء اشركوهم فيه، فهم ينفردون بتحمل الغرم ولكنهم يشركونهم في الغنم.
4- وأما واجب المهاجر فهو أمران: أن يشركهم في صالح دعائه، بصدق وحرارة وإخلاص، وأن يثني على جميل فِعالهم ومحامد خصالهم في الخلأ والملأ وأن يتغاضى عن بعض ما قد يجده فيهم من عيوب ونواقص؛ فإنهم بشر، ولكلّ بشرٍ، إلا المعصوم (عليه السلام) ما يشين كما له ما يزين.
وهكذا يتجلى لنا قوله تعالى: (وَالَّذينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ في صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون)[43].
مقارنة سريعة بين الموقف الإيماني والموقف المادي
ومن هنا نجد الشعب العراقي الكريم يحتضن بكل فخر واعتزاز اللاجئين والمهجرين من زمن هجوم داعش ونزوح حوالي المليونين من الموصل وغيرها حتى نزوح مآت الألوف من الأحبة السوريين في السنين الأخيرة ثم الأحبة اللبنانيين في الأسابيع الماضية.
ولذا لم نسجل حتى حادثة اعتداء واحدة عليهم (من جهة كونهم لاجئين) عكس البلاد المتحضرة التي افتقد كثير من أهلها إلى حد كبير تلك المعاني الإنسانية النبيلة، وإن امتلك الرفاه والتطور والأموال والقوانين التي تحمي اللاجئين، فعلى سبيل المثال وفي استطلاع PEW، يعتقد 50٪ من المشاركين أن اللاجئين يشكلون عبئًا بسبب المنافسة على الوظائف والمزايا الاجتماعية[44].
وعندما استقبلت السويد أكثر من 160 ألف طالب لجوء في عام 2015، كانت مصحوبة بـ 50 هجومًا على طالبي اللجوء، وهو ما يزيد عن أربعة أضعاف عدد الهجمات التي وقعت في السنوات الأربع الماضية[45].
وعلى مستوى الحوادث، يُظهر الهجوم الإرهابي الذي وقع في 2011 على يوتويا النرويج من قبل (بريفيك) تأثير تصور التهديد هذا على خطر البلد من الإرهاب المحلي، ولا سيما التطرف العرقي القومي. وقد صوّر بريفيك نفسه على أنه حامي الهوية العرقية النرويجية والأمن القومي يحارب إجرام المهاجرين والمنافسة وإساءة استخدام الرعاية الاجتماعية والاستيلاء الإسلامي[46].
ووفقًا لدراسة أجريت عام 2018 في مجلة أبحاث السلام فإنه غالبًا ما تلجأ الدول إلى العنف ضد اللاجئين ردًا على الهجمات الإرهابية أو الأزمات الأمنية. وتشير الدراسة إلى أن هناك أدلة تشير إلى أن «قمع اللاجئين أكثر انسجاما مع آلية كبش الفداء من العلاقات الفعلية مع اللاجئين وتورطهم في الإرهاب»[47].
وذلك كله على العكس تماماً مما شهدناه من روح الإخوة والغيرة والحمية التي امتلكها الأُباة من الشعب العراقي الكريم تجاه إخوته وأحبّته السوريين واللبنانيين حيث اسكنوهم في قلوبهم قبل بيوتهم ووضعوهم على رؤوسهم قبل أن يجلسوهم في حسينياتهم ودورهم ومنازلهم، ولكل من الطرفين الأجر ولكل منهما الفضل: فهذا لأنه استضاف فأحسن وأجاد وذلك لأنه حل ضيفاً عزيزاً (بل صاحب دار كريماً) فوفّر لنا فرصة التقرب إلى الله تعالى وإلى رسوله وأهل بيته باستضافة شيعته ومحبيه.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين