موقف الشريعة من الغنى والثروة والفقر والفاقة

آية الله السيد مرتضى الشيرازي

2017-03-25 06:30

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.

قال الله العظيم في كتابه الكريم: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)(1).

وقال جل اسمه: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(2).

محور البحث في هذه السلسلة يدور حول: ما هو الموقف الشرعي من الغنى والثروة، ومن الفقر والفاقة؟ وهل المطلوب من المتدين أن يسعى لكسب الثروة وأن يكون من الأغنياء؟ أو ان المطلوب منه أن يقنع بالكفاف وأن يتخذ من الزهد شعاراً ودثاراً له مدى الحياة؟

قائمة بأسئلة حيوية يجب أن يحدد المسلم موقفه منها مسبقاً

هذا السؤال يقع في ضمن سلسلة من المسائل الحيوية والمصيرية التي يجب على كل متدين يؤمن بالله والرسول والقرآن والعترة الطاهرة كمصدر للفكر والثقافة والعلم والمعرفة وكموجّه لشتى مناحي الحياة، أن يبحث عن الجواب عنه على ضوء الآيات الكريمة والروايات الشريفة، وأن يحدّد موقفه مسبقاً منها مستضيئاً بنور الآيات ومستهدياً بهدي الروايات الشريفة.

ولنشِر في البداية إلى فهرس قائمة من الأسئلة الهامة الأخرى التي يجب على كل مسلم بما هو مسلم متدين أن يبحث عن الإجابة عليها لدى الشرع الأقدس، ثم نعود للإجابة التفصيلية عن السؤال مورد البحث في هذه الحلقة والحلقات القادمة من المباحث بإذن الله تعالى.

فهل الأفضل أن يختار الإنسان الهندسة أو الطب أو المحاماة؟ أو الأفضل أن يختار التجارة أو الصناعة؟ أو ان الأفضل أن يختار الزراعة أو تربية الدواجن والماشية؟ ايها هو الأفضل؟

وهل الأفضل أن يكون موظفاً في مؤسسة أهلية أو حكومية؟ أو ان الأفضل هو أن يفتتح محلاً خاصاً لنفسه ولو كخياط أو عطار أو بقال أو كهربائي أو غير ذلك؟

وهل الأفضل لرجل الدين أن يصبح خطيباً؟ أو مؤلفاً ومحققاً؟ أو قاضياً؟ أو إمام جماعة؟ أو مدرِّساً؟ أو مربّياً؟ أو مؤسّساً؟ أو مرجع تقليد؟

مسؤولية الحوزة العلمية في الإجابة على تلك الأسئلة

وتنبع أهمية وضرورة استنطاق الآيات والروايات للعثور على أجوبة على ذلك كله وعلى نظائره، من أن الحوزة العلمية تقع على عاتقها مسؤولية توجيه المجتمع على ضوء البحوث الاجتهادية في الآيات والروايات، إضافة إلى ضرورة العثور على إجابة على تلك الأسئلة ليحددوا مستقبلهم هم بأنفسهم.

وتتأكد ضرورة ذلك أكثر عندما نلاحظ أن عامة الشيعة والمسلمين يتخذون القرار في مدار تلك المفردات السابقة الذكر بوحي من قناعات ذاتية تستند إلى تجارب محدودة أو إلى توجيه أحد الأبوين أو تأثير الأصدقاء أو شبه ذلك، من دون أن يستند اتخاذ القرار في ذلك إلى بحث موسع يستلهم فيه من النصوص الدينية الأولويات كما يراها إله الكائنات باعتباره الأعرف ببني آدم الذين خلقهم وسوّاهم بيد قدرته فانه الأعرف بما يصلحهم أو يفسدهم وبالأصلح من دوائر الخيارات الصالحة، للفرد ديناً ودنياً وأخرى.

هذا إضافة إلى أن اتخاذ الناس القرار في تلك الأعمال والوظائف أو التخصصات لا يستند عادة إلى دراسات تقوم بها مراكز دراسات ضليعة تستقرأ وضع المجتمع والبلد بأكمله وتضع على ضوء ذلك قائمة بسلم الأولويات والحاجات كما لا تستند إلى دراسة تفصيلية ميدانية عن كفاءات هذا الفرد بخصوصياته وطاقاته ومجالات تميزه أو إبداعه.

ونعود إلى السؤال من جديد: هل الفقر خير للمؤمن أو الغنى؟ وهل الثروة خير أو شرّ وهل الفقر ممدوح أو مذموم؟

وفي الجواب على ذلك نقول: أن هنالك المئات من الروايات والعديد من الآيات التي تتحدث عن هذا المحور وما يقاربه أو يشابهه من وجه ويتقاطع معه في دائرة أو دوائر مما يسمى بـ(العموم والخصوص من وجه)، وهي تنقسم إلى طوائف وقد تبدو في ظواهرها متضاربة لذلك يحتاج استخلاص المحصلة النهائية والنتيجة بشكل علمي إلى بحث استنباطي اجتهادي في تلك الروايات لنصل إلى أن الأفضل للمؤمن أن يسعى للثروة لكي يكون من الأغنياء؟ أو أن يزهد في الدنيا ويكون من الفقراء(3)؟ أو أن يسلك فيما بين ذلك سبيلاً؟ أو هنالك تفصيل بل تفصيلات أخرى في المسألة؟.

الطائفة الأولى: الروايات التي تمدح الفقر وتعتبره علامة الإيمان

الروايات الكثيرة المستفيضة بل المتواترة التي تدعو إلى الإعراض عن الثروة وتذم المال ومتاع الحياة الدنيا وتحرِّض على التجلبب بجلباب الفقر بل أن يفتخر المؤمن بكونه فقيراً وأن الفقر وسام كوسام الشهادة وانه علامة على حب الله للمؤمن وان الثراء هو عقوبة إلهية معجلة على معصية صادرة من الإنسان:

كلما ازداد إيماناً ازداد ضيقاً في معيشته

فمنها: ما ورد في الكافي عن المفضّل قال: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) "كُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ إِيمَاناً ازْدَادَ ضِيقاً فِي مَعِيشَتِهِ"(4) فالرواية إذاً تصرح بقضية شرطية تفيد التلازم بين زيادة درجات الإيمان وزيادة الضيق في المعيشة، فيمكن ان نكتشف إذاً درجات إيمانه من دركات ضيق معيشته (إذا لم يقترن ذلك بما يحطم إيمانه وينسف منزلته – كما سيأتي).

وعليه: فانه، وبالبرهان الإنّي، يعلم انه كلما زادت السعة في معيشة المؤمن نقص إيمانه أكثر!

وقال (عليه السلام): "لَوْلَا إِلْحَاحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى اللَّهِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ لَنَقَلَهُمْ مِنَ الْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا إِلَى حَالٍ أَضْيَقَ مِنْهَا"(5) مما يظهر منه أن مقتضى الحكمة هو عدم الإلحاح في طلب الرزق لأن الله تعالى يرى الأصلح لعبده الضيق الأكثر!

فليستعد للفقر جلباباً!

ومنها: الحديث المشهور: "مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً"(6) والجلباب الثوب الواسع الذي يغطي البدن كاملاً فقد قيل أن الجلباب هو الملحفة وكلما يستتر به من كساء أو غيره، وقيل بانه ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء أو هو القميص، فمن أحب أهل البيت فليستعد ليحيط به الفقر من كل الجوانب!

ومنها: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام): "أَكْرَمُ مَا يَكُونُ‏ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَطْلُبَ دِرْهَماً فَلَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام): هَذَا الْكَلَامَ وَعِنْدِي مِائَةُ أَلْفٍ وَأَنَا الْيَوْمَ مَا أَمْلِكُ دِرْهَماً"(7) والرواية صريحة في أن حالة الإفلاس والفاقة إلى الدرهم ثم لا يجده هي الحالة التي يكون المؤمن فيها أكرم لدى الله تعالى من أية حالة أخرى! والملفت في الرواية ان عبد الله بن سنان لم يلتفت إلى عمق مغزى الرواية حين صدورها بل انه تصوّر انها مجردة قاعدة كلية ذكرها له الإمام (عليه السلام) للفائدة العامة، ولم يلتفت إلى أن الإمام كان قد قرأ مستقبله وان كلامه تضمن رسالة مبكّرة جداً له، نعم لم يعرف ذلك إلا عندما ابتلي بالفقر الشديد بعد ذلك بفترة من الزمن.

والملفت أيضاً أنه كان حين صدور الرواية من الأثرياء حقاً فان مائة ألف درهم تساوي عشرة آلاف دينار ذهبي، والدينار كان يُشترى به في بعض الأحيان خروف أو شاة وذلك يعني ما يعادل عشرة آلاف شاة(8) وهي ثروة كبيرة حقاً.

الفقر عند الله مثل الشهادة

ومنها: عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "الْمَصَائِبُ مِنَحٌ مِنَ اللَّهِ، وَالْفَقْرُ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلُ الشَّهَادَةِ وَلَا يُعْطِيهِ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا مَنْ أَحَبَّ"(9).

ومن الواضح أن للشهداء درجة كبيرة جداً عند الله تعالى ترجح على الدنيا بما فيها فإن الشهداء يأتون بعد النبيين والصديقين مباشرة كما يأتون قبل الصالحين! قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)(10) و(وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(11).

والرواية تفيد أن الله تعالى يعتبر الفقر منحة وهدية استثنائية لا يعطيها إلا من أحب من عباده المؤمنين!

ومنها: وفي الخبر: أنّه (صلى الله عليه وآله) تعوّذ من الفقر وانّه قال: "الْفَقْرُ فَخْرِي وَ بِهِ أَفْتَخِرُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ"(12).

إذاً الفقر فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس الغنى أو الثروة فخراً له!

تأويل الحديث والمناقشة

ولكن صاحب مجمع البحرين حاول الجمع بين القولين في الفقر بقوله: "وقد جمع بين القولين بأن الفقر الذي تعوّذ منه الفقر إلى الناس والذي دون الكفاف، والذي افتخر به (صلى الله عليه وآله) هو الفقر إلى الله تعالى. وإنما كان هذا فخراً له على سائر الأنبياء مع مشاركتهم له فيه لأن توحيده واتصاله بالحضرة الالهية وانقطاعه إليه كان في الدرجة التي لم يكن لأحد مثلها في العلوّ، ففقره إليه كان أتمّ وأكمل من فقر سائر الأنبياء (عليهم السلام) انتهى "(13).

لكن كلامه قد يتأمل فيه بأن تفسيره للفقر الذي يفتخر به الرسول (صلى الله عليه وآله) بالفقر إلى الله تفسير بخلاف الظاهر عرفاً ولا يصار إليه إلا مع تعذر المعنى الحقيقي، لكن المعنى الحقيقي غير متعذر ولا مستبعد بل هو حسن صحيح واقع فلا يصح رفع اليد عنه إلى ما فسره به، غاية الأمر أن يُجمع بينهما من دون أن ينفي إرادة الفقر المعهود بأن يكون المراد الجامع أو نقول بصحة استعمال اللفظ في أكثر من معنى وإن كان أحدهما حقيقة والآخر مجازاً، ولم نتصور لهما جامعاً، لكن لا على أن يكون كل منهما تمام المراد وبشرط لا لاستحالته حينئذٍ.

وذلك لأن من المعروف أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعاني من الفقر فترات طويلة حتى انه كان يشد حجر المجاعة على بطنه ثلاثة أيام مما يعني انه كان لا يحصل حتى على الخبز اليابس ثلاثة أيام!

وشدّ حجر المجاعة لعله لوجهين:

الأول: أن يقلص ذلك من حركة المعدة الانقباضية إذ انها تطحن نفسها بنفسها عند فقدان الطعام بشكل كامل مما قد يسبب، بالتدريج، قرحة المعدة.

الثاني: ان ذلك يخفف من الإحساس بالجوع.

بل ان الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى عندما كانت تصله الأموال الطائلة كان ينفقها فوراً فكان يعود فقيراً بالفعل وإن كان غنياً بالقوة. فتأمل

فليكن المراد إذاً: انني افتخر بهذا الفقر الذي هو في سبيل الله! ولو شاء (صلى الله عليه وآله) لوضعوا الشمس في يمينه والقمر في يساره على أن يترك هذا الأمر لكنه لم يتركه أبداً.. بل لو شاء لاكتفى بالتجارة في أموال خديجة أو غيرها وصار من أثرى الناس لكنه (صلى الله عليه وآله) رجّح الفقر في ذات الله على الغنى الذي لا قيمة له.

وفوق ذلك فان الفقر زين للقائد "لِئَلَّا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ"(14) كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فان من مفاخر القائد أن يعيش كأضعف الناس لا أن يترفع عليهم. فليكن لذلك كله ولغيره، قوله (صلى الله عليه وآله): "الْفَقْرُ فَخْرِي وَ بِهِ أَفْتَخِرُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ".

الفقر شعار الصالحين! والغنى ذنب عُجِّلت عقوبته!

ومنها: عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "قَالَ فِي مُنَاجَاةِ مُوسَى (عليه السلام): يَا مُوسَى إِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ وإِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ"(15).

والتعبير بشِعار الصالحين دقيق وغريب معاً فان الشِعار هو الملابس اللصيقة بجسد الإنسان في مقابل الدثار الذي يتدثر به فوق الملابس، فـ(الشِعار ما تحت الدثار من اللباس) وقد سمي شِعاراً لأنه ملتصق بشعر البدن فهو أقرب شيء للإنسان.

والفقر حسب هذه الرواية شِعار الصالحين وليس دثاراً مع أنه لو كان دثاراً لكان قريباً من الإنسان، لكنّ الفرق أن الشِعار لا يفارق جسد الإنسان عادة أما الدثار فيخلعه أوقات الاستراحة والشِعار لا يُنزع إلا في حالات استثنائية، فكذلك الفقر للصالحين.

وفي عالم اليوم نجد إطلاق الشِعار على شعار الشركة أو شعار الأحزاب أو حتى الشعارات الدينية كما يقال: (شعارنا: يا لثارات الحسين (عليه السلام)) (وفي حديث الصحابة: "شِعَارُنَا يَوْمَ بَدْرٍ يَا نَصْرَ اللهِ اقْتَرِبْ، وَشِعَارُنَا يَوْمَ بَنِي قَيْنُقَاعَ يَا رَبَّنَا لَا يَغْلِبُنَّكَ، وَشِعَارُنَا يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ يَا سَلَامُ سَلِّمْ، وَيَوْمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَلَا إِلَى اللهِ الْأَمْرُ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ يَا عَلِيُّ ائْتِهِمْ مِنْ عَلُ، وَيَوْمَ بَنِي الْمُلَوَّحِ أَمِتْ أَمِتْ"(16)) والوجه في ذلك أن هذا الشعار أصبح لصيقاً بالشركة أو الجماعة دالاً عليها مؤشراً لها كما الشعار ببدن الإنسان فالشعار هو العلامة.

واما الغنى فهو (ذنب عجلت عقوبته) فلعله كان قد ارتشى أو رابى أو كذب أو اغتاب أو نظر نظرة محرمة فعجل الله له العقوبة بأن جعل الغنى يقبل نحوه قال تعالى: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ)(17) ومن جهات ذلك أن الغنى مدعاة للعجب والغرور والكبرياء والطغيان وارتكاب المآثم والقسوة والعنف والعصيان.

رائعة من صحابِيَّين للرسول (صلى الله عليه وآله): غني وفقير

وفي الرواية والقصة التالية العِبَر البالغة: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "جَاءَ رَجُلٌ مُوسِرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) نَقِيُّ الثَّوْبِ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَجَاءَ رَجُلٌ مُعْسِرٌ دَرِنُ الثَّوْبِ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ الْمُوسِرِ فَقَبَضَ الْمُوسِرُ ثِيَابَهُ مِنْ تَحْتِ فَخِذَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَخِفْتَ أَنْ يَمَسَّكَ مِنْ فَقْرِهِ شَيْ‏ءٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَخِفْتَ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْ غِنَاكَ شَيْ‏ءٌ قَالَ: لَا، قَالَ: فَخِفْتَ أَنْ يُوَسِّخَ ثِيَابَكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرِيناً يُزَيِّنُ لِي كُلَّ قَبِيحٍ وَيُقَبِّحُ لِي كُلَّ حَسَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لَهُ نِصْفَ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لِلْمُعْسِرِ: أَتَقْبَلُ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: وَلِمَ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَدْخُلَنِي مَا دَخَلَكَ"(18) وفي الرواية دروس وعبر:

لا تترك منكراً إلا وتنهى عنه

الأولى: ان الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يدع ذلك الموقف "فَقَبَضَ الْمُوسِرُ ثِيَابَهُ" يمرّ من دون أن يُتحِف ذلك الغني، بل والناس على امتداد التاريخ، بالموعظة والنصيحة والإرشاد فان مسؤولية الأنبياء على مرّ التاريخ هي التزكية إلى جوار التعليم.. وعلينا أن نتعلم هذه المنهجية من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا نترك منكراً إلا ونردع عنه حسب مقتضيات الحكمة، ولا معروفاً إلا ونأمر به، وعلينا أن لا نراعي في ذلك غنياً ولا مفكراً ولا حاكماً ولا سلطاناً، وإلا كان الأمر كما أنذرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسْتَعْمَلَنَّ عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"(19).

لا تكابر إذا نُصحت!

الثانية: ان ذلك الغني حينئذٍ اخطأ ذلك الخطأ لم يكابر ويعاند ويصرّ ويستكبر بل تراجع عن موقفه واعترف بذنبه واثمه "فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرِيناً يُزَيِّنُ لِي كُلَّ قَبِيحٍ وَيُقَبِّحُ لِي كُلَّ حَسَنٍ "بل انه لم يقتصر على ذلك بل قام بأكثر من ذلك فحاول التكفير عن فعلته تلك بأن وهب نصف أمواله لذلك الفقير!

وفي ذلك أكبر العبرة لكل من إذا نصح استكبر وإذا وعظ أنِف؛ فإن البعض إن اغتاب فنصحته غاظه ذلك وثار عليك! أو إذا كذب ونظر أو إذا اختلس المال العام أو الخاص وارتشى أو إذا فعل ما فعل فانه يضاعف جريمته بتهديد كل من يقف في طريقه أو حتى مجرد ينهاه عن المنكر، وقد يسجنه أو يصادر أمواله أو يواجهه بحملة من التشهير المضاد!

ولكن ذلك الغني، وموقفه المشرف بالاعتراف بالخطأ أولاً ثم محاولة التكفير ببذل نصف ثروته، يصلح أسوة لنا وقدوة ومثالاً يُحتذى.

كما أن من الملفت أن ذلك الغني لم يهب الفقير شيئاً مّا (عشر ثروته مثلاً) مع أنه كان مما يرضى الفقير بذلك بل وهبه نصف ثروته، وما أصعب ذلك على الأثرياء! ولكن هكذا يجب أن يكون الصلحاء!.

لا تقبل الأموال من الأغنياء!

الثالث: ان ذلك الفقير كان بدوره ذكياً حصيفاً لـمّاحاً؛ إذ رفض أن يأخذ الأموال قائلاً: "أَخَافُ أَنْ يَدْخُلَنِي مَا دَخَلَكَ"! وكم فقيراً يوجد مثل ذلك الفقير!

الرابعة: ان تقرير النبي (صلى الله عليه وآله) لرفض الفقير للمال الممنوح له، هي الحجة علينا مما يستفاد منه – حسب الطائفة الأولى من الروايات – ان الثراء مذموم وان الغنى أمر مرجوح، وإلا لقال (صلى الله عليه وآله) للفقير خذ المبلغ واستعن به على حوائجك الشخصية مثلاً!.

والروايات التي تذم الفقر أشد الفقر وتنعته بوصف شديد بشع، كثيرة:

فمنها: "كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ"(20)

ومنها: "الْفَقْرُ سَوَادُ الْوَجْهِ فِي الدَّارَيْنِ"(21) على ما هو ظاهره لو لم نأوّله بضرب من التأويلات الآتية.

فالفقر إذاً هو المذموم فانه يكاد أن يكون كفراً وليس مجرد فسقاً أو حتى فجوراً وهو سواد الوجه في الدارين فماذا نفعل إذاً؟ هل نطلب الغنى؟ أم نأنس بالفقر؟ وهل نوجه الناس لهذا أم لذاك.

الطائفة الثانية: الروايات التي تمدح الغنى وطلب المال

وهذه الطائفة تتضمن روايات كثيرة أيضاً:

ومنها: عن الإمام الصادق (عليه السلام): "لَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يُحِبُّ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ حَلَالٍ يَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ"(22)

وفي هذه الرواية إشارة إلى احدى وجوه الجمع بين الطائفتين أو الطوائف.

ومنها: عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سَلُوا اللَّهَ الْغِنَى فِي الدُّنْيَا وَالْعَافِيَةَ، وَفِي الْآخِرَةِ الْمَغْفِرَةَ وَالْجَنَّةَ"(23) فالإمام يأمرنا بأن نسأل الله تعالى الغنى لا الفقر ولو كان الغنى مذموماً والفقر مطلوباً لَعَكَسَ!

وقال (عليه السلام): "أَلَا وَإِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ الْمَالِ، وَأَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ الْمَالِ صِحَّةُ الْبَدَنِ، وَأَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَى الْقَلْبِ"(24) وهل النعمة مذمومة؟

ومنها: "أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) كَانَ فِي زَمَانٍ مُقْفِرٍ جَدْبٍ، فَأَمَّا إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا لَا فُجَّارُهَا، وَمُؤْمِنُوهَا لَا مُنَافِقُوهَا، وَمُسْلِمُوهَا لَا كُفَّارُهَا، فَمَا أَنْكَرْتَ يَا ثَوْرِيُّ، فَوَ اللَّهِ، إِنَّنِي لَمَعَ مَا تَرَى، مَا أَتَى عَلَيَّ مُذْ عَقَلْتُ صَبَاحٌ وَلَا مَسَاءٌ وَلِلَّهِ فِي مَالِي حَقٌّ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَهُ مَوْضِعاً إِلَّا وَضَعْتُه‏"(25).

وصريح الرواية "فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا لَا فُجَّارُهَا، وَمُؤْمِنُوهَا لَا مُنَافِقُوهَا، وَمُسْلِمُوهَا لَا كُفَّارُهَا" فإذا كنا نحن (الأبرار، أو المؤمنون، أو المسلمون – وهذه دوائر ومراتب ثلاث كما لا يخفى) الأحق بها كان الأرجح لنا طلبها؛ أفلا ترى ان الناصبي والوهابي والصهيوني لو كان ثرياً موّل الإرهابيين والدواعش والقاعدة وطالبان وغيرها؟ وان الفساد المستشري في العالم تقف وراءه جهات دولية تنفق بسخاء على تسويق الفساد الأخلاقي وغيره؟ وألا ترى أن المؤمن – في الاتجاه المقابل – لو كان ثرياً انفق أمواله في بناء المساجد والحسينيات والمدارس والمياتم والفضائيات الدينية الهادفة وفي نشر الفضيلة والتقوى؟

ومنها: عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ الْغِنَى"(26).

وعن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "نِعْمَ الْعَوْنُ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ"(27).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "نِعْمَ الْعَوْنُ الدُّنْيَا عَلَى طَلَبِ الْآخِرَةِ"(28).

والروايات في الطائفتين كثيرة جداً، فلنكتفِ منها بهذا المقدار وسيأتي الكلام عن وجوه جمع عديدة بين الطائفتين على أن الإشارة لبعضها كانت متضمَّنة في الاحاديث السابقة.

من بصائر النور في آية الاستعمار

وفي هذه الآية الكريمة: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) الكثير من البصائر:

البصيرة الأولى: ان قوله (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) كأنه واقع موقع التعليل(29) لـ(اعْبُدُوا اللَّهَ) وذلك هو مقتضى القاعدة فانه إذا كان أصل خلقة الإنسان من الله بنحو العلة المحدثة ثم كان عمره وامتداده أو عمرانه للأرض من الله وبإذنه وإقداره للناس على ذلك بتوفير مختلف الآلات الممكّنة للعباد من ذلك بنحو العلة المبقية، كان من (الشكر الواجب) أن يعبدوه ثم ان يستغفروه ويتوبوا إليه!

البصيرة الثانية: ان (اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) يحتمل فيها احتمالان:

الأول: أن المراد: طلب منكم العمر والحياة والبقاء فيها بأن تتمسكوا بعوامل البقاء من الحفاظ على الصحة والأمن وغير ذلك.

الثاني: ان المراد: طلب عمرانكم لها بصنوف العمران وألوان الإعمار.

ولعل الثاني هو الأرجح بجهات عديدة نتطرق لها لاحقاً بإذن الله تعالى.

أنواع من إعمار الأرض

وعلى أي تقدير فانه قد يقال بان إعمار الأرض ملازم للثراء؛ فان إعمار الأرض يكون بالزراعة والصناعة والسقي والرعي وغير ذلك.. ومن الواضح ان ذلك هو طريق الثراء وانه كلما عمّر الإنسان الأرض أكثر ازداد ثراءً أكثر فأكثر!

كما ان من إعمار الأرض بناء الطرق الواسعة السريعة والجسور والأنفاق والسدود وشق الجداول والترع واجراء الانهار وحفر الآبار وغيرها.

ومن اعمارها أيضاً اعمارها ببناء المساجد والمدارس والمكتبات والمستوصفات وسائر المؤسسات أيضاً.

الاستعمار تمسك بالاستغلال وتركنا نحن الاستعمار!

البصيرة الثالثة: ان الاستعمار سمّي بالاستعمار من باب تسمية الشيء باسم ضده فانه استغلال ودمار؛ ألا ترى ان ما حل ببلادنا من قتل وذبح واستبداد وطغيان وما بها من عنف وظلم وعدوان، يقف وراءه الاستعمار من جهة وعملاؤهم من الحكام المستبدين من جهة أخرى؟

وان من المؤلم حقاً هو اننا تركنا العمل بهذه الآية الشريفة والمعنى الصحيح لاستعمار الأرض ليأخذ به الأخرون: فتجد غالب بلادنا يباباً وخراباً وقد كان العراق سابقاً بلد السواد رغم انه لم يكن يتمتع بثروة النفط المذهلة ولا بسائر الثروات المستجدة ولم تكن الأجهزة الحديثة متوفرة ولا علم الزراعة متطوراً لكنه الآن أضحى بلداً يكاد يلتحق ببلاد القرون الوسطى في الكثير من قُراه بل ومدنه أيضاً (في الكهرباء وفي الشوارع وفي مختلف المرافق العامة!).

من غايات الخِلقة عمران الأرض

البصيرة الرابعة: انه قد يستظهر من الآية ان من غايات خِلقة الإنسان على الأرض: (عمران الأرض والبلاد) وان عمرانها راجح شرعاً محبوب لله تعالى ومطلوب، ويمكن على ضوء ذلك ان نقصد بإعمارها (بالزراعة والبناء وغير ذلك) القربة إلى الله تعالى فتكون عبادةً نستحق بها الأجر والثواب. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

* سلسلة محاضرات في تفسير القرآن الكريم
http://m-alshirazi.com
http://annabaa.org/arabic/author/10

........................................
(1) سورة هود: آية 61.
(2) سورة التوبة: آية 34.
(3) سيأتي أن الزهد أمر والفقر أمر آخر.
(4) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج2 ص261.
(5) المصدر.
(6) الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، نهج البلاغة، دار الهجرة – قم، ص 488.
(7) محمد بن همام الاسكافي، التمحيص، مدرسة الإمام المهدي عجل الله فرجه – قم، 1404هـ، ص45.
(8) فاضربها في 300 دولار (قيمة الشاة في العراق) تبلغ ثروته ما يقارب 3 ملايين دولار!!.
(9) محمد بن همام الاسكافي، التمحيص، مدرسة الإمام المهدي عجل الله فرجه – قم، 1404هـ، ص46.
(10) سورة النساء: آية 69.
(11) سورة الزمر: آية 69.
(12) ابن أبي جمهور الاحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) - قم، 1405هـ، ج1 ص39.
(13) الشيخ فخر الدين الطريحي، مجمع البحرين، ط – الحسيني، انتشارات مرتضوي، ج3 ص443.
(14) الشيخ المفيد، الإختصاص، الناشر: المؤتمر للشيخ المفيد – قم، 1413هـ، ص152.
(15) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج2 ص263.
(16) الشيخ فخر الدين الطريحي، مجمع البحرين، ط – الحسيني، انتشارات مرتضوي، ج3 ص350.
(17) سورة المؤمنون: آية 55-56.
(18) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج2 ص262.
(19) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج5 ص56.
(20) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج2 ص307.
(21) ابن أبي جمهور الاحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) - قم، 1405هـ، ج1 ص40.
(22) المصدر: ج5 ص72.
(23) المصدر: ج5 ص71.
(24) الحسن بن شعبة الحراني، تحف العقول، مؤسسة النشر الإسلامية – قم، 1404هـ، ص203.
(25) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج5 ص65.
(26) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، عدد الأجزاء 8، ج5 ص71.
(27) المصدر: ج5 ص72.
(28) المصدر: ج5 ص73.
(29) والمراد الحكمة.

ذات صلة

استراتيجية وحدة المسلمين في مواجهة أعدائهمكاميلا هاريس خسارة الانتخابات أم خسارة القيم؟في تفسير ظاهرة تصادم النخب الثوريةحملة وطنية لمكافحة التصحّرالقطاع الخاص وحاجته للقوة الاكاديمية