اخطار الأسلحة النووية.. بين المعاهدات الدولية والواقع العملي

عبد الامير رويح

2015-05-02 11:46

على الرغم من الجهود الدولية التي ترمي إلى القضاء على الأسلحة النووية، لا تزال هذه الاسلحة الفتاكة وكما يقول بعض المراقبين، تُمثل التهديد الأكبر الذي يواجه البشرية خصوصا في ظل المتغيرات والازمات الكبيرة التي يشهدها العالم الذي يعيش في اجواء العداء غياب الثقة المتبادلة، حيث لاتزال معاهدة الحد من الانتشار النووي موضع نقاش وجدل بين العديد من الدول وخصوصا الدول المتقدمة التي تمتلك هذه الأسلحة وتسعى بشكل دائم الى اثارة بعض المشكلات في سبيل تأخير هذه المعاهدة يضاف الى ذلك التحيز الدولي الصريح بحق دول اخرى تعترف بانها تمتلك وتطور اسلحتها النووية بشكل مستمر في سبيل تغير موازين القوى العالمية. ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتسمى أيضًا معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية هي معاهدة دولية، بدأ التوقيع عليها في 1 يوليو 1968 للحد من انتشار الأسلحة النووية التي تهدد السلام العالمي ومستقبل البشرية.

وتصريحات بعض المسؤولين عن هذا الملف لا تبشر بخير فمازالت هناك العديد من العقبات التي تعيق تطبيق هذه المعاهدة، حیث قالت الممثلة العليا للأمم المتحدة لنزع الاسلحة انجيلا كين: "نراوح مكاننا على الطريق الذي يؤدي الى عالم بلا اسلحة نووية"، موضحة "أن الدول التي تمتلك (السلاح الذري) لا تحترم وعودها بخفض ترساناتها"، والاتّفاقيّة الدّوليّة وإن كانت قد أعطت الدول النووية الخمس الكبرى وضعية خاصة للاحتفاظ بالسلاح النووي، الا انّها قالت بوجوب تقليص الترسانات النووية لها. لكن على مستوى الواقع، فإن الدول النووية الكبرى، لم تلتزم بتخفيض سلاحها النووي أو نزعه، بل سعت إلى الحفاظ على احتكارها النووي. بل أكثر من ذلك قامت أمریكا بتزويد دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي بما يصل إلى ١٨٠ سلاح نووي.

اما الهند والباكستان اضافة لاسرائيل وكوريا الشمالية، وهي في واقع الامر دول اسلحة نووية خارج معاهدة حظر الانتشار (NPT)، فقد استمرت في تطوير منظومات صواريخ جديدة قادرة على ايصال اسلحة نووية. تقدر المخزونات العالمية لليورانيوم عالي التخصيب حسب العام 2007 ما مجموعه 1370 طن (لا يتضمن 346 طن سيجري مزجها). يقدر مجموع المخزونات العسكرية العالمية للبلوتونيوم المنفصل 228 – 282 طن، و المخزونات المدنية 244,9 طن.

ازالة كاملة

وفي هذا الشأن فقد دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى ازالة كاملة للاسلحة الذرية وحث الوفود في مؤتمر متابعة معاهدة الحد من الانتشار النووي الى "العمل الدؤوب" لهذا الغرض. وتسعى الدول الـ190 الموقعة على المعاهدة السارية منذ 1970 الى احياء جهود نزع السلاح النووي في مؤتمرها المستمر حتى 22 ايار/مايو. واعرب بان في كلمة في افتتاح الاجتماع تلاها بالنيابة عنه مساعده يان الياسون عن "قلقه الكبير...لان عملية (نزع السلاح) تبدو متباطئة منذ خمس سنوات".

كما ندد بـ"التقدم الخجول" من اجل اقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الاوسط وب"البرامج المكلفة لتحديث" الترسانات الاميركية والروسية. وتابع "عوضا عن مواصلة المقترحات من اجل تسريع نزع السلاح النووي (...) نشهد عودة خطيرة الى عقليات الحرب الباردة". واضاف "تدعو الدول الاطراف (في المعاهدة) الى العمل الدؤوب والبناء في الاسابيع المقبلة لإحراز نتيجة تعزز المعاهدة" وعلى الاخص "اهدافها الرئيسية وهي تجنب انتشار السلاح النووي والتمكن من ازالة الاسلحة النووية" الموجودة. بحسب فرانس برس.

ويأتي هذا الاجتماع فيما تشهد العلاقات الاميركية الروسية توترا وفيما لم تنته المفاوضات مع ايران بخصوص ملفها النووي. ومن بين الدول التي تملك قنبلة ذرية، سواء كان ذلك بشكل رسمي او لا، وحدها الهند وباكستان واسرائيل لم توقع المعاهدة. والدول النووية الكبرى الموقعة هي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة. وانسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة العام 2003 واجرت مذ ذاك ثلاث تجارب نووية.

ويعبر الدبلوماسيون والخبراء عن خيبة املهم لعدم حدوث تقدم في فصول المعاهدة الثلاثة وهي نوع الاسلحة والتحقق من الطابع السلمي للبرامج النووية للدول والاستخدام السلمي للذرة، منذ المؤتمر السابق في ايار/مايو 2010. وانتهى ذلك المؤتمر ببرنامج عمل طموح يتأخر تطبيقه. واشارت الممثلة العليا للامم المتحدة لنزع الاسلحة انجيلا كين: الى الاحباط المتزايد للدول غير النووية التي "تشعر بانها لا تؤخذ على محمل الجد" والخطر الذي يشكله ذلك على "مصداقية" المعاهدة. وذهب وزير الخارجية الاسترالي السابق غاريث ايفانز الذي ترأس اللجنة الدولية حول منع الانتشار النووي الى حد الحديث عن "شلل وحتى تراجع". وهذا التشاؤم تغذيه الجهود الكبيرة التي تبذلها واشنطن وموسكو لتحديث ترسانتيهما.

ولا يستبعد دبلوماسيون فشل المؤتمر كما حدث في 2005 عندما أخفق المندوبون في الاتفاق على وثيقة نهائية. وهناك مشكلتان يمكن ان تسببا فشل الاجتماع هما التوتر الاميركي الروسي بسبب اوكرانيا والجدل بين اسرائيل والدول العربية حول مشروع منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الاوسط. بحسب فرانس برس.

وقال دبلوماسي متخصص في هذا الملف ان "التشنج الروسي الاميركي لا يبشر بالخير لاستئناف المفاوضات حول نزع الاسلحة بين موسكو وواشنطن" المتوقفة منذ 2011. واضاف انه "امر مقلق لمؤتمر المتابعة". وكان الاعلان الختامي للمؤتمر في 2010 ينص على عقد اجتماع في هلسنكي في 2012 حول اقامة منطقة خالية من السلاح الذري في الشرق الاوسط لكن الاجتماع لم يعقد. وترفض اسرائيل التي يقول خبراء انها تمتلك مئتي رأس نووي المشاركة في اجتماع من هذا النوع ما لم يتم توقيع اتفاق سلام في المنطقة. لكن ايفانز قال ان المصريين الذي جعلوا هذا الملف محور معركتهم في 2010 "لا يميلون الى استخدامه لتقويض مؤتمر 2015".

تفكيك الرؤوس النووية

في السياق ذاته اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان بلاده ستسرع عملية تفكيك الرؤوس النووية التي سحبتها من ترسانتها موجها تحذيرا الى كوريا الشمالية حول برنامجها النووي. وامام مؤتمر متابعة معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، وجدد كيري التأكيد ان القوى العظمى "هي الان اقرب من اي وقت مضى الى اتفاق شامل" مع ايران لمنع طهران من امتلاك القنبلة النووية.

ووعد كيري الدول غير النووية التي تتهم القوى العظمى النووية بانها لم تنزع اسلحتها بما فيه الكفاية، بان واشنطن "عازمة على العمل معكم من اجل اقناع المشككين" بالرغبة الاميركية في نزع السلاح. وقال ان الولايات المتحدة ترغب في "الانسحاب من السباق الى الاسلحة النووية". واشار الى ان الولايات المتحدة فككت 10251 رأسا نوويا منذ 20 عاما وتعمل على تفكيك 2500 اخرى.

واضاف "يسرني ان اعلن اليوم ان الرئيس (باراك) اوباما قرر ان تبذل الولايات المتحدة جهودا لتسرع بنسبة 20% عملية تفكيك الرؤوس النووية التي سحبتها من ترسانتها". وطالب من جهة اخرى كوريا الشمالية بتبديد القلق الدولي حول برنامجها النووي. وقال "اذا لم تفعل ذلك فهي ستزيد من عزلتها الدولية". بحسب فرانس برس.

ورغم التوتر مع روسيا بشأن اوكرانيا، أعلن كيري ان الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض مع موسكو حول تقليص اضافي للترسانة الاستراتيجية يقل عن المستوى الذي حددته معاهدة ستارت الجديدة عام 2011 بمعدل الثلث. وقال ان "هذا الاقتراح ما زال على الطاولة ونحن نحث الروس على السير به".

إيران وإسرائيل

من جانب اخر طالبت إيران الدول التي تملك أسلحة نووية أن تلغي خططها لتطوير ترساناتها النووية أو إطالة عمرها ووصفت في الوقت نفسه إسرائيل بأنها خطر على المنطقة بسبب ما يفترض من امتلاكها أسلحة نووية. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يتحدث نيابة عن حركة عدم الانحياز المؤلفة من 120 دولة وقال للدول الموقعة على المعاهدة إنه يجب ألا توجد قيود على نقل التكنولوجيا والمعارف النووية إلى الدول الموقعة على المعاهدة.

وقال ظريف في كلمته "إننا ندعو الدول مالكة الأسلحة النووية أن تكف على الفور عن إجراء مزيد من الاستثمارات في تطوير وإطالة عمر أسلحتها النووية وما يتصل بها من منشآت." واضاف قوله "إجراء تخفيضات في أعداد الأسلحة النووية ووضعها التشغيلي ليس بديلا عن إجراء تخفيضات لا رجعة فيها للأسلحة النووية وإزالتها تماما." وقال الوزير الإيراني إن إيران والدول غير المنحازة الأخرى الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي وعددها 117 دولة "تشعر بقلق عميق من العقائد العسكرية والأمنية للدول مالكة الأسلحة النووية وكذلك عقائد منظمة حلف شمال الأطلسي" التي قال إنها تجيز استخدام الأسلحة النووية والتهديد باستخدامها.

والأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الموقعين على معاهدة حظر الانتشار النووي لكن المعاهدة تطالبهم بالتفاوض بشأن خفض ترساناتهم من الأسلحة النووية وإزالتها في نهاية المطاف. وتشكو الدول غير المالكة لأسلحة نووية من أنه لم تتخذ خطوات تذكر نحو نزع السلاح النووي. وقال ظريف إن الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي يجب ألا تقيد نقل التكنولوجيا أو المعارف النووية إلى الدول الأخرى الأطراف في المعاهدة لأن المعاهدة نفسها لا تحظر هذا النقل.

وقال ان الدول غير المنحازة تعتبر الأسلحة النووية التي يفترض أن إسرائيل تمتلكها "خطرا بالغا ومتواصلا على أمن الدول المجاورة والأخرى وأدان إسرائيل لاستمرارها في تطوير وتخزين ترسانات نووية." ورفض مسؤول إسرائيلي رفيع انتقادات إيران وقال إنه لا توجد قوة عالمية تمارس ضغوطا إضافية على إسرائيل لتغير سياستها النووية. وأضاف المسؤول "إيران لديها ما يكفيها للتعامل معه بالنظر إلى مسلسل عدم التزامها بمعاهدة حظر الانتشار النووي ولذلك فإنها تريد دائما صرف الانتقادات عنها."

وفي موقف صاغه شمعون بيريس عندما كان وزيرا للخارجية عام 1995 قالت إسرائيل إنها لن تفكر في قبول عمليات تفتيش دولية على المواد النووية إلا عندما يتحقق السلام بينها وبين العرب. لكن هذه الدول تريد خضوع إسرائيل لمثل هذه القيود أولا. وتعتبر إسرائيل إيران أكبر تهديد لها. وتقول طهران إنها تسعى فقط للحصول على الطاقة النووية من تخصيب اليورانيوم لا تصنيع قنابل نووية. وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه "نعتقد أن الوقت حان كي تجلس كل الدول المعتدلة لتبحث المشكلات التي يواجهها الجميع في المنطقة."

وأضاف "أرى أن حضور إسرائيل الآن المؤتمر بصفة مراقب يمثل محاولة لإبداء حسن نوايانا فيما يتعلق بإجراء مثل هذا النقاش. نريد مفاوضات مباشرة بين الأطراف الاقليمية.. نقاشا أمنيا إقليميا.. نقاشا قائما على التوافق. هذا الأمر (حضور مؤتمر اتفاقية حظر الانتشار النووي) لا يعني تغيير سياستنا بل يعني تأكيد سياستنا." وكانت مسألة التتابع -أي ما إذا كان تحقيق السلام يجب أن يسبق نزع السلاح- قد خيمت على المفاوضات الخاصة باخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وكانت خطة مصرية لاجتماع دولي يضع الإطار لمثل هذا الاتفاق قد تمت الموافقة عليها في آخر مؤتمر لمراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي عام 2010.

ويقول دبلوماسيون غربيون في الأمم المتحدة إن من غير المرجح أن تتخذ مصر موقفا هجوميا ضد إسرائيل مثلما كان يحدث في اجتماعات حظر الانتشار النووي السابقة. ويضيف المحللون أن إسرائيل والدول العربية التي تخشى من الاتفاق النووي الإيراني يوحدها في الوقت الراهن شعور عام بالقلق من أن الولايات المتحدة قد تقدم تنازلات أكثر مما ينبغي لطهران في المحادثات.

وشكك المسؤول الإسرائيلي في إمكانية حل مثل هذه الإشكالية في المؤتمر وتوقع بدلا من ذلك طرح "اقتراح عربي لا يتبنى موقف التواصل المباشر" مع إسرائيل. ومع ذلك فإن المسؤول الإسرائيلي لا يزال يرى في مؤتمر حظر الانتشار النووي فرصة للبناء على الموقف المعارض الذي تتشارك فيه إسرائيل مع بعض العرب للاتفاق النووي المبدئي الذي وقع بين القوى العالمية وإيران.

وقال المسؤول إن المؤتمر "لا يتناقض مع (هدف) أبعد أوسع نطاقا." واضاف المسؤول دون أن يحدد دولا بعينها إن بعض الدول العربية تبدو أقل تركيزا على موقف إسرائيل من اتفاقية حظر الانتشار النووي "لانشغالها الشديد بمشاكل أكبر." ومن هذه الدول ربما تكون مصر التي ظلت طويلا معارضة بشدة لعدم شفافية الوضع النووي الإسرائيلي لكنها الآن تحاول التعاون مع جارتها ضد أعداء إسلاميين مشتركين. بحسب رويترز.

وقال مسؤل مصري طلب عدم نشر اسمه "مبادرتنا لإيجاد شرق أوسط خال من الأسلحة غير التقليدية مبدأ. إنه لن يتغير. لكن لا شيء ضد إسرائيل ذاتها. إنه يخص الجميع.. إيران.. إسرائيل.. الجميع." وأضاف "هل سنذهب ونضغط على إسرائيل (في المؤتمر)؟. لا أعتقد ذلك. لا أعتقد أن الضغط سيكون مفرطا."

اليابان

على صعيد متصل تبدأ اليابان المحرومة من الطاقة النووية منذ أشهر عملية تفكيك لمنشآت نووية سرعتها كارثة فوكوشيما التي وقعت في آذار/مارس 2011 وانهت المفاعلات الستة في محطة فوكوشيما دايشي المتضررة. واختارت شركة الكهرباء كانساي الكتريك باور التي تغذي جزءا من غرب الارخبيل تدمير اثنين من مفاعلاتها القديمة جدا والتي سيكون تمديد فترة تشغيلها الممكن نظريا، مكلفا جدا.

وتنوي كانساي الكتريك اتلاف الوحدتين الاولى والثانية اللتين وضعتا في الخدمة في 1970 و1972 على التوالي في منطقة فوكوي (غرب) حيث تقع عدة محطات ذرية. اما شركة اليابان للطاقة النووية فقررت تفكيك مفاعلي تسوروغا (يعود الى 1970) غرب البلاد ايضا. وقد تعلن شركتان اخريان هما شوبو الكتريك باور وكيوشو الكتريك باور قرارات مماثلة لوحدتيهما شيمان 1 (1974) وغينكاي 1 (1975).

وهي المرة الاولى التي يتخذ فيها قرار من هذا النزاع منذ حادث فوكوشيما الذي ادى فعليا الى توقف كل اقسام المجمع الذي تستثمره شركة كهرباء طوكيو (تبكو) في شمال غرب الارخبيل. وقال وزير الصناعة الياباني يويشي ميازاوا انه يدرس كل الوسائل الممكنة لمساعدة البلدات التي تقع فيها المفاعلات التي تشملها القرارات. واعلنت كانساي الكتريك انه "بصفتها رائدة في تطوير وسائل تفكيك المفاعلات ذات المياه المضغوطة سنواصل عمليات البحث بمساعدة المؤسسات والجامعات ومراكز الابحاث في المنطقة".

ومنذ حادث فوكوشيما الذي نجم عن تسونامي في آذار/مارس 2011 لم يعد بالإمكان تشغيل المفاعلات في اليابان اكثر من اربعة عقود. لكن بواسطة عمليات مراقبة متقدمة وتعديلات تقنية يمكن تشغيلها نظريا لعشرين عاما اضافية. وطلبت الحكومة العام الماضي من كل الشركات المنتجة للكهرباء ان تعلن بسرعة نواياها بشأن المنشآت التي تبلغ المدة المحددة اي بعبارة اوضح الوحدات التي بدأ تشغيلها في السبعينات وعددها حوالى 12 الى جانب مفاعلات فوكوشيما الست.

وعلى كل شركة القيام بحسابات دقيقة للمقارنة بين مختلف الخيارات (تفكيكها او اعمال لإعادة تكييفها...) تبعا للأرباح والخسائر المالية وفي المعدات. في المقابل هناك ثلاثة مفاعلات من العمر نفسه هي تاكاهاما 1 و2 وميهاما 3 يمكن تمديد فترة تشغيلها. وستتقدم شركة كانساي الكتريك بطلب في هذا الاتجاه الى سلطة تنظيم قطاع الطاقة النووية. وحاليا المفاعلات ال48 في الارخبيل (الى جانب ستة في فوكوشيما) متوقفة. وفي توقفها نهائيا على مدى اربعين سنة، ستتراجع القدرة النووية للارخبيل بنسبة 15 بالمئة بحلول 2030 حسب حسابات هيئات متخصصة، اي اقل بمقدار الضعفين عما كان عليه الانتاج قبل كارثة فوكوشيما.

لذلك هناك رغبة في تمديد تشغيل المفاعلات الاقوى بانتظار بناء مفاعلات جديدة. ويفترض ان يستأنف خلال السنة الجارية تشغيل مفاعلين هما سينداي 1 و2 جنوب غرب اليابان بعد حصولهما على ضوء اخضر متعلق بسلامتهما من قبل سلطة الضبط وموافقة السلطات المحلية التي لا يمكن تجاوزها. وحصلت محطتان اخريان تاكاهاما 3 و4 اللتان تستثمرهما شركة كنساي الكتريك الموافقة التقنية من قبل السلطات لكن تنقصهما الموافقة السياسية لنواب المنطقة. لكن تفيد كل استطلاعات الرأي ان اغلبية اليابانيين يعارضون الطاقة النووية. الا ان التعبئة ضد احيائها ضعفت بعدما بلغت ذروتها في الاشهر التي تلت كارثة فوكوشيما.

مفاعلات الجيل القادم

في السياق ذاته قالت جهة رقابية فرنسية على الأنشطة النووية إن الجيل القادم من المفاعلات النووية الذي تتولى تطويره دول مثل فرنسا وروسيا والصين واليابان ربما لا يكون أكثر أمنا من المفاعلات المنشأة اليوم. وفي دراسة شملت ستة تصميمات مستقبلية للمفاعلات النووية قال المعهد الفرنسي للأمان النووي والوقاية من الإشعاع إن نموذج المفاعل السريع الذي يجري تبريده بالصوديوم هو وحده الذي قطع شوطا طويلا في عملية التطوير ليكون مثلا يحتذى به لإنشاء نموذج أولي خلال النصف الأول من هذا القرن.

لكن المعهد لم يفصح انه سيكون أكثر أمنا من النماذج التي يجري تشييدها حاليا. وقالت الدراسة "في حين أنه يبدو من المحتمل أن تكفل تقنية المفاعل السريع الذي يجري تبريده بالصوديوم مستوى أمان يعادل على الأقل ما يستهدفه الجيل الثالث من المفاعلات التي تعمل بالماء المضغوط إلا ان المعهد الفرنسي للأمان النووي والوقاية من الإشعاع غير قادر على تحديد ما اذا كان سيتجاوز هذا المستوى بدرجة كبيرة".

ويمثل هذا الرأي أول انتقاد علني واضح لتصميمات الجيل القادم من المفاعلات النووية بين مسؤولي الأمان النووي من الأعضاء البالغ عددهم 13 بلدا بالمنتدى الدولي للجيل الرابع منها بريطانيا وكوريا الجنوبية وكندا. ومن بين أكثر من 400 من مفاعلات الجيل الثاني التي تعمل في شتى أرجاء العالم الآن فان السواد الاعظم منها يعمل بالماء المضغوط وشيدت بين عامي 1970 و1990.

ويجري تشييد عدد من مفاعلات الجيل الثالث التي تستخدم نفس تقنيات مفاعلات الجيل الثاني لكنها تتسم بقدر أعلى من الأمان النووي. ويركز (المنتدى الدولي للجيل الرابع) على التصميمات الحديثة الجذرية ومنها تبريد المفاعلات بالفلزات المسالة بدلا من الماء مع تشغيلها على درجات حرارة أعلى بكثير. وتضخ دول رائدة في المجال النووي ملايين الدولارات كل عام في بحوث الجيل الرابع من المفاعلات لكن كارثة فوكوشيما النووية عام 2011 والطفرة التي حدثت في مجال الطاقة المتجددة ورخص أسعار الغاز الصخري أثارت تساؤلات بشأن هذا البرنامج. بحسب رويترز.

وقال المعهد الفرنسي للأمان النووي والوقاية من الإشعاع إنه في حين أن المفاعل السريع الذي يجري تبريده بالصوديوم -وعلى خلاف المفاعلات التي يجري تبريدها بالماء المضغوط- يمكن أن يعمل عند مستوى منخفض من الضغط لكن من بين مساوئه الرئيسية أن عنصر الصوديوم يتفاعل بشدة مع الماء والهواء. ويقول أنصار الجيل الرابع من المفاعلات إن المفاعل السريع الذي يجري تبريده بالصوديوم سيقلل من حجم النفايات النووية وضرورة طمرها في جوف الأرض.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي