سباق الطاقة في البحر المتوسط: يرسم حرب الخرائط الجيواستراتيجيّة

زينب شاكر السماك

2017-10-07 05:29

يعد البحر المتوسط من المناطق الاقتصادية المهمة في الشرق الاوسط، حيث تتوزع فيه ثروة الغاز بين مصر وقبرص وفلسطين وسوريا ولبنان. عبرت قبرص وإسرائيل أشواطاً مهمّة، وهما تتصدّران مشهد التنقيب عن الغاز في المتوسط، تليهما مصر، فيما لبنان وسوريا يراوحان في مكانهما.

تعمل مجموعة من الشركات العالمية في البحر المتوسط بين قبرص واسرائيل في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة، وتمثل هذه الشركات مصالح اقتصادية ومشاريع مالية ضخمة، إلى جانب شركات أخرى في العالم، وهي تمتلك قدرات فائقة للتاثير بسياسات الدول ومقارباتها النفطيّة، وتُسهم في تكييف خططها الجيواستراتيجيّة...

لذا بات ملف التّنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسّط محور صراع جديد يتصدّر المشهد السياسي الحالي بسبب وجود مشاكل تداخل الحدود البحريّة بين دول كل من: "مصر، إٍسرائيل، فلسطين المحتلّة، لبنان، سوريا، تركيا، اليونان وقبرص".

يتوقع المحللون والمواقبين الى انبثاق حروب جديدة وهي حرب اكتشاف الغاز في هذه المنطقة وهذه الحروب اكثر خطورة من حروب الماء التي كانت متوقعة في المنطقة، منذ أكثر من 3 عقود من الزمن، والتي قد تراجعت امام حروب اكتشافات الغاز والنفط هذه.

سباق البحث والتنقيب بين دول «المتوسط»

دخلت الدول المطلة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط سباقا محموما فيما بينها، للبحث والتنقيب عن الغاز فى المياه العميقة بهدف تأمين احتياطياتها من الطاقة وتثبيت حقوقها التاريخية.

فى مصر كشف المهندس محمد شعيب، رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية، عن أن الشركة سوف تطرح 5 مناطق فى المزايدة الجديدة التى ستعلنها رسميا قبل نهاية الشهر الجارى فى المياه العميقة فى البحر المتوسط، من بين 15 منطقة من المقرر طرحها فى المنطقة.

وقال إن الهدف من هذه المزايدة تحقيق مزيد من الاكتشافات الغازية فى هذه المياه التى تؤكد المؤشرات أنها واعدة وتتضمن شواهد إيجابية حول توافر احتياطيات بها، مشيراً إلى أن من بين المناطق المطروحة مواقع تقع قرب المناطق التى تم اكتشاف الغاز فيها فى قبرص. بحسب موقع اليوم السابع المصري.

وكشف مسؤول بهيئة البترول أن أغلب المناطق الجديدة تقع فى منطقة امتياز التى كانت تعمل فيها شركة «شل» العالمية فى المياه العميقة فى البحر المتوسط، والمعروفة باسم حقل «نميدا»، مشيراً إلى أنه تم تقسيم هذا الامتياز لضمان جدية الشركات فى عمليات البحث والتنقيب.

كانت شركة «شل» قد تخلت عن منطقة امتياز «نميدا» فى مارس الماضى لعدم وجود جدوى اقتصادية رغم إنفاقها 1.2 مليار دولار استثمارات فى المنطقة واكتشافها احتياطى يقدر بتريليون قدم مكعب من الغاز لكن تكلفة استخراج الغاز مقارنة بأسعار بيعها لم تكن مجدية بالنسبة لها.

وفى اليونان، أرسلت السلطات خطاباً رسميا لوزارة الخارجية المصرية تخطرها فيها بأنها سوف تستعد لبدء عمليات المسح السيزمى لبعض المواقع البحرية فى المياه العميقة فى البحر المتوسط.

وقال مصدر حكومى مسؤول إن اليونان أرسلت خريطة تطلب فيها تعيين الإحداثيات المتعلقة بحدود الجانب المصرى لعدم انتهاكها فى عمليات المسح، لكن الخارجية طلبت من اليونان خريطة تتضمن إحداثيات محددة لعرضها على اللجنة العليا لترسيم الحدود والرد على طلب الجانب اليونانى.

وفى لبنان، تستعد الحكومة اللبنانية لطرح أول مزايدة عالمية أمام الشركات العالمية للتنقيب عن الغاز فى المياه العميقة فى البحر المتوسط بعد تأجيل دام عمر بسبب عدم إقرار قانون الحدود البحرية للبنان.

أما سوريا فإن الظروف السياسية التى تمر بها دفعت الحكومة لتأجيل الإعلان عن نتائج المزايدة العالمية التى طرحتها للشركة للتنقيب عن الغاز فى المياه، فيما جدد النائب جوزيف المعلوف، عضو لجنة الطاقة والمياه النيابية فى البرلمان اللبنانى، التأكيد على أن بلاده ليست قادرة على التفاوض مع سوريا لترسيم الحدود البحرية فى ظل الوضع السائد فيها.

كانت تركيا قد أعلنت عن أنها ستقوم للمرة الأولى بعمليات مسح سيزمى للمناطق البحرية لها فى مياه البحر المتوسط فى إطار خطوات تمهيدية لبدء طرح هذه المناطق للتنقيب عن الغاز، وضمان حقوقها.

"ظُهُر" الحقل المكتشف الاكبر في المتوسط

يُعدُّ اكتشاف حقل "ظُهُر" في مصر أواخر عام 2015 الأهمّ في عالم الغاز الطبيعي في البحر المتوسط. إن احتواءه على 30 تريليون قدم مربّع جعله الحقل المُكتشف الأكبر في المتوسط، وتنعكس آثاره المباشرة على خمس دول. ففي إسرائيل، انخفضت أسهم شركات الطاقة مع إعلان الاكتشاف بداية، ثمّ أُطبق الخناق على حقلي "ليفياتان" و"تامار" مع إطلاق مصر مفاوضات مع "نوبل إنرجي" الأميركيّة (المستثمر الوحيد للنفط في فلسطين المحتلة)، ما قلّل من خيار التصدير الإسرائيلي ودفع إلى مصالحة معجّلة مع تركيا التي تُعدّ الأكثر احتياجاً للغاز.

الاخبار على صعيد قبرص، وبعد أن انعكس التنقيب عن الغاز فائدة كبيرة على اقتصادها، شاطرها الاكتشاف الجديد الأنظار وسرّع من عمليّة إعلانها لدورة عروض ثالثة لاستثمار 3 بلوكات جديدة (6-8-10). وتأثّرت به كلّ من روسيا وإيران، باعتبار الأولى المصدّر الأوّل للغاز إلى أوروبا، والثانيّة أكبر منتج للغاز في العالم، إذ بات لهما منافس واعد على أسواقهما العالميّة. هكذا تحوّلت منطقة "شروق" حيث حقل "ظُهُر" إلى وجهة جديدة مهمّة لصراع شركات الطاقة العالميّة. حسب موقع الاخبار الالكتروني.

يستبعد مراقبون أن تكون التغييرات الجيواستراتيجيّة في المنطقة، المصالحة التركيّة – الإسرائيليّة من جهة، والتركيّة – الروسيّة من جهة أخرى، على علاقة بأي انفراج ميداني في سوريا أو تبدّل في موازين القوى. يعتقد هؤلاء أن الموضوع يرتبط أولاً بتشابك مصالح نفطيّة، ويندرج ضمن مساعي روسيا لشراء حقلي "كاريش" و"تانين" الإسرائيليين المحاذيين للحدود اللبنانيّة (يحتويان على نحو 6 تريليون قدم مكعّب)، بالتزامن مع مساعيها للدخول على خطّ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول المنطقة النفطيّة المتنازع عليها في الجنوب، بغية حصولها على امتياز استكشاف النفط في الجنوب اللبناني.

أما مصالح تركيا، فتكمن أولاً بالحصول على مصدر جديد للطاقة، باعتبارها الأكثر استيراداً للغاز في المنطقة، وثانياً بإمرار خطّ أنابيب عبر أراضيها إلى أوروبا، خصوصاً أن تسييل الغاز لنقله عبر البواخر مكلف نسبياً في ظلّ تهاوي أسعار النفط العالميّة، بينما تمديد أنابيب من إسرائيل مروراً بقبرص ومنها إلى تركيا وصولاً إلى أوروبا يبقى الأجدى اقتصادياً، وهو أقل كلفة من أنبوب غاز قد يمتدّ من فلسطين المحتلة مروراً بقبرص واليونان، وصولاً إلى أوروبا.

اكتشاف النفط والغاز في المتوسط ينعكس استقراراً في المنطقة

لا يزال ترسيم حدود لبنان البحرية بتحديد النقاط النهائية للمنطقة الاقتصادية الحصرية، عالقاً بين سورية وإسرائيل، إذ أكد رئيس «كتلة المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة، أن لبنان «رسم الحدود مع قبرص، وعندما وصلنا إلى الجنوب والشمال اصطدمنا بعقبة عدم تمكّننا من التوقيع مع إسرائيل، فيما لا يزال الجانب السوري حتى الآن متحفّظاً ولا يريد التوقيع معنا، ما اضطرنا إلى الابتعاد شيئاً ما عن النقطة الثلاثية» في الشمال والجنوب.

وكان السنيورة يتحدث في مداخلة خلال ندوة حول «آفاق بترول شرق المتوسط: الإنتاج والأسواق»، نظمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية وافتتحها رئيس مجلس الأمناء في المؤسسة طارق متري، في ضوء أهمية اكتشافات البترول والغاز في مياه البحر المتوسط وانعكاساتها على مستقبل الاستقرار السياسي والاقتصادي في دول المنطقة، من دون إغفال ما تسعى إليه إسرائيل لاستغلال تصدير الغاز إلى بعض هذه الدول، لتسيطر استراتيجياً عليها. وفق موقع المونيتتورالاخباري.

وأدار جلسة المحور الأول حول الأبعاد القانونية والسياسية والديبلوماسية لاكتشافات البترول في المياه اللبنانية، الخبير الاقتصادي كمال حمدان، وكشف خلالها رئيس اللجنة النيابية للأشغال العامة والطاقة النائب محمد قباني، أن الحكومة اللبنانية «ألزمت قبل خمسة أشهر بحكم قضائي، شركة «أس جي أس» الأميركية تسليمها نتائج المسوحات التي نفّذتها، وهي تظهر وجود كميات كبيرة من الغاز في شرق المتوسط ووجود أحواض مشتركة خصوصاً بين لبنان والأراضي المحتلة». وأعلن أن «ما أعاد تحريك ملف التنقيب عن النفط والغاز في لبنان هو تحرّك إسرائيل تجاه تركيا لمد أنابيب الغاز عبرها وصولاً إلى أوروبا، بعدما تبيّن أن مشروع الخط منها إلى قبرص واليونان مكلف جداً». وأمل بأن «يبصر المرسومان العالقان في مجلس الوزراء النور في عهد الحكومة الجديدة».

إسرائيل تسرق الغاز الفلسطينى

كان سقف التوقعات لمشروع استخراج الغاز من سواحل قطاع غزة عالياً جداً، بالنسبة للسلطة الفلسطينية التى كانت تخطو خطواتها الأولى نحو استقلال اقتصادى باستغلال مواردها الطبيعية، ففى العام 1999 بدأ العمل فى المشروع من جانب صندوق الاستثمار الفلسطينى بشركات أجنبية أهمها شركة «بريتيش غاز» البريطانية، واستطاع المطورون اكتشاف ما يزيد على 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى.

وكان من المتوقع أن يدر هذا المشروع للسلطة ما قيمته 2 مليار دولار، أى 50% من الأرباح، إلى جانب الاكتفاء الذاتى من الغاز لسد حاجة السوق المحلية، لكن المشروع، وبحسب صندوق الاستثمار الفلسطينى، توقف مع بدء انتفاضة الأقصى بسبب سيطرة إسرائيل على المياه الإقليمية الفلسطينية، واشتراط تل أبيب الحصول أولاً على موافقتها للسماح بمد أنابيب الغاز وتوريده للخارج، كما لم تسمح إسرائيل للسلطة بالاستفادة من المشروع لسد احتياجات السوق المحلية من الغاز، بدلاً من استيراده.

يقول الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، غسان الخطيب، إن السلطة الفلسطينية خلال السنوات السابقة حاولت تحريك هذا الملف من خلال طلب الحصول على الموافقات المطلوبة من إسرائيل، لكنها كانت تتلقى رداً بالرفض دائماً، وأشار «الخطيب» فى تصريح لـ«المصرى اليوم» إلى أن أكثر من طرف خارجى تدخل للضغط على إسرائيل لإعادة العمل فى هذا المشروع دون فائدة.

ولا يتوقف الأمر لدى الاحتلال على تعطيل أعمال التنقيب عن الغاز فى القطاع، ففى الضفة الغربية تسرق سلطات الاحتلال الغاز الطبيعى، الذى تم الكشف عنه مؤخراً فى نطاق الضفة، ويقول جميل المطور، نائب سلطة البيئة، إن إسرائيل بدأت بالتنقيب عن الغاز الطبيعى فى العام 1994 فى المناطق الواقعة غرب رنتيس الواقعة وسط الضفة الغربية، وأظهرت الأبحاث أن هناك مؤشرات لوجود النفط بكميات تجارية.

الحوت سلاح اسرائيل للتخلص من سيطرة العرب على النفط

كثفت إسرائيل أعمالها فى التنقيب عن الغاز الطبيعى والنفط فى أعماق المتوسط، وحسب قول نائب وزير التعاون الإقليمى الإسرائيلى أيوب قرا، فإن الدولة العبرية تسعى أن تصبح دولة مصدرة للغاز لكل دول العالم، وأوضح أن هذا لا يعنى التخلى عن اتفاقية الغاز مع مصر.

ونفى المسؤول الإسرائيلى أى علاقة للشراكة الإسرائيلية القبرصية فيما يخص التنقيب عن الغاز فى المتوسط، بفكرة الضغط على تركيا، أو أى دولة أخرى، مشيرا إلى أن العلاقة مع قبرص موجودة منذ زمن وستستمر.

وأكد قرا فى تصريحات صحفية أن الاتفاقات التى وقعت مع الهند لتصدير الغاز إليها لن تكون الأولى، وأن إسرائيل ستعقد اتفاقات أخرى مع دول الشرق، مشيرا إلى أن الاتفاقية الموقعة بين مصر وإسرائيل شأن مختلف وذات اهمية بالنسبة لإسرائيل لما لها من دور فى ترسيخ الاستقرار بالمنطقة.

وحول إمكانية إلغاء اتفاقية الغاز مع مصر إذا وجدت إسرائيل كميات كافية من الغاز، أوضح أن إسرائيل تأمل أن تصبح مصدرة للغاز والنفط لكل دول العالم، ولكن هذا لا يعنى التخلى عن أى اتفاقية وقعت مع مصر، لأن تل أبيب ترى أهمية كبيرة للدور المصرى فى استقرار المنطقة وتحترم الاتفاقات الموقعة معها.

وذكر أيوب قرا أن إسرائيل تريد فتح علاقات اقتصادية، جديدة شرقا فى الهند والصين وغيرهما، من منظور الأهمية الاقتصادية نافياً وجود أى علاقة لذلك بالتخلى عن العلاقات مع دول الجوار.

من جانبه، قال المحلل السياسى الخبير فى الشأن الإسرائيلى أنطوان شلحت، لـ «المصرى اليوم» إن الهدف من التنقيب الإسرائيلى عن الغاز الطبيعى فى أعماق المتوسط هو محاولة للتحرر من تبعية إسرائيل نفطياً لدول أخرى، خصوصا أن النفظ فى الغالب فى يد العرب لذلك تحاول إيجاد مصادر بديلة.

وأكد شلحت أن التنقيب عن الغاز الطبيعى والنفط فى المتوسط يأتى فى هذا الإطار، لاسيما أن هناك أبحاثاً كثيرة ومنها أمريكية أظهرت وجود حقول ضخمة فى أعماق المتوسط ما يساعد إسرائيل على الاكتفاء ذاتياً وتصدير الغاز إلى دول أخرى.

ويرى المحلل السياسى أنه فى حال اكتشاف هذه الكميات من الغاز والنفط يمكن لإسرائيل أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فمن ناحية تتحرر من ارتباطها بمصر والذى شهد تحولات غاية فى الخطورة بالنسبة لإسرائيل، خصوصا بعد ثورة 25 يناير وهى تخشى من عدم إمكانيتها استيراد الغاز بالأسعار السابقة، ومن ناحية أخرى يجعلها قادرة على التصدير إلى دول العالم.

وفى سياق التنقيب عن الغاز أكد أنطون شلحت أنه جرى الحديث عن عدة حقول تم اكتشافها فى عسقلان والخضيرة ولكن الأهم أن هناك استطلاعات تثير احتمالاً بوجود حقل ضخم جداً سيمكن إسرائيل من التصدير وأطلق على هذا الحقل اسم «الحوت» وتشير التوقعات إلى أنه سيبدأ الإنتاج فى العام 2016. وفق موقع المصري اليوم.

وأكد المحلل السياسى أن تخلى إسرائيل عن اتفاقية الغاز مع مصر وارد بعد هذه الاكتشافات، خصوصا أن التوقعات تقول إن إسرائيل لن تسد فحسب حاجتها من الغاز وإنما ستصبح مصدرة له. وأوضح أن إسرائيل تسعى إلى شراكات مع دول جديدة بهدف التنقيب عن النفط والغاز أولا وثانيا لتصدير الغاز وتستخدم هذه الاتفاقيات ضد دول أخرى، ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة سلسلة اتفاقيات مع هذه الدول.

إسرائيل تُبحر بالتنقيب عن الغاز بالمتوسط

بعد أربع سنوات من تجميد مشاريع التنقيب عن الغاز والنفط في البحر الأبيض المتوسط قبالة شواطئ إسرائيل، نشرت وزارة الطاقة الإسرائيلية، مناقصات لتوزيع التراخيص الجديدة للتنقيب عن الغاز والنفط في البحر المتوسط.

وأعلن وزير الطاقة، يوفال شطاينس، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم، عن فتح مياه المتوسط قبالة البلاد أمام الشركات لتقوم بأعمال تنقيب جديدة لاستكشاف حقول غاز ونفط، وذلك بهدف تحويل إسرائيل إلى 'إمبراطورية غاز'، وأيضا دمج الغاز الطبيعي بنسب 70% إلى 80% في حقل الطاقة وسوق الكهرباء في البلاد.

وقال الوزير شطاينس: 'هذا أفضل استثمار لضمان مستقبل إسرائيل، وهو الإمكانية الوحيدة لتوسيع الموارد المستقبلية للدولة، مع أهمية تذويت الغاز الطبيعي في السوق المحلي'.

وبحسب وزارة الطاقة، سيتم طرح عطاءات لاستكشاف 24 حقلا بحريا في المرحلة الأولى من العطاءات التي تنتهي في آذار/مارس 2017، ويبلغ نطاق كل واحد منها 400 كيلومتر مربع.

وتبنت وزارة الطاقة إستراتيجية بالسماح لجميع الشركات التقدم للمناقصات ومنحها الإمكانية للفوز من خلال فحص جودة أعمالها ومشاريعها والإنجازات التي حققتها بالسابق في مجال استكشاف الطاقة، دون الخوض بمساومة على حجم الإيرادات والمدفوعات عن السندات.

وتضمنت المناقصات بندا يحول دون تقدم كبرى الشركات الإسرائيلية والأميركية التي عملت وتعمل على استكشاف حقول غاز ونفط قبالة شواطئ إسرائيل ونجحت في أعمالها، التقدم للمناقصات الجديدة.

من جانبه، استعرض مدير عام وزارة الطاقة الإسرائيلية، شاؤول ميردور، خلال المؤتمر الصحفي شروط المناقصات والتراخيص التي ستوزع، حيث من المتوقع أن تنهي الوزارة إجراءات المناقصات في 21 نيسان/أبريل 2017، على أن يتم اختيار الشركات الفائرة بالمناقصات بتاريخ 15 حزيران/ يونيو من نفس العام. وفق مانشر في صحيفة الحياة.

وبحسب المواد المرفقة مع المناقصة، فأن التراخيص سيتم استصدارها لثلاث سنوات، وبعد انقضاء المدة المذكورة هناك إمكانية للشركات تقديم طلبات لتمديد فترة التراخيص لثلاث سنوات إضافية، فيما تحفز المناقصات الشركات إمكانية استصدار وحيازة أكثر مرخصة بنفس الوقت، وبإمكان كل شركة التقدم للحصول على ثمانية تراخيص كحد أقصى.

صراع جيوسياسي عالمي وإقليمي

لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط عامة، ومنطقة شرق المتوسط خاصة ساحة لصراع جيوسياسي عالمي وإقليمي، على مر العصور، غير أن هذا الصراع أخذ منحى جديدا منذ مطلع الألفية الثانية، وبخاصة بعد اكتشاف احتياطيات هائلة من الغاز في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

تاريخياً، بقيت منطقة شرق المتوسط، خارج دائرة استقطاب شركات النفط والطاقة، التي ركزت بقوة على مكامن واحتياطيات الطاقة الأهم في المنطقة: أي في منطقة الخليج.

غير أن نتائج مسوحات جيولوجية جديدة جرت في مطلع الألفية الثانية أكدت وجود إحتياطات ضخمة من الغاز في حوض المشرق تقدر ب 120 تريليون متر مكعب و1.7 مليار برميل من النفط. وقد جلبت تلك النتائج معها تداعيات جيوسياسية جديدة، وكذلك عملية اصطفاف جديدة للقوى الإقليمية والدولية، ترافقت مع مزيد من التوتر فيها، ومع صب المزيد من الزيت على حروبها، وخاصة بسبب الغياب الكامل للحدود البحرية، بين الكثير من دول منطقة شرق المتوسط. وفق موقع بسنز الاقتصادي.

ويرى محللون أن الدخول العسكري الروسي الأخير على خط الأزمة في سورية، ليس سوى تكريس للصراع الدائر على مصادر الطاقة العالمية، ويقولون أن روسيا تريد أن تحكم سيطرتها على إمدادات الطاقة إلى أوروبا، وتريد حصة من السيطرة على حوض الغاز المكتشف في شرق المتوسط، بعد أن تمكنت من تحقيق سيطرة لا بأس بها من خلال خطي غاز «السيل الشمالي» و«السيل الجنوبي» اللذان يمدان أوروبا بنحو 40 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي.

وتشير الدراسات أن الغاز، وكذلك البترول، ولكن بشكل أقل، موجودان على عمقٍ واحد في شرق المتوسط، وفي حوضِ واحد، يمتد من شواطئ شبه جزيرة سيناء غربا، مرورا بشواطئ فلسطين ولبنان وسورية وقبرص، وصولاً إلى تركيا، ولذلك فإن من يبدأ بالاستخراج أولاً، يكون بإمكانه أن يستخرج حصته وحصص الدول المجاورة من هذا الحوض، وهو ما باشرت به "إسرائيل" منذ سنوات بخلاف دول المنطقة الأخرى المنشغلة بصراعاتها وبمشاكلها الداخلية.

وزاد من هذا الأمر أن الحدود البحرية بين دول المنطقة لم ترسم بعد، وليس من المتوقع في ظل الحالة الراهنة، أن يتم الاتفاق عليها قريباً نظراً للتغييب الكامل ولربما المتعمد لدور الأمم المتحدة في هذا الشأن. فإسرائيل تماطل في ترسيم الحدود البحرية مع لبنان ومع سورية وأيضا مع الفلسطينيين، فيما تعترض تركيا بقوة على ترسيم حدود جزيرة قبرص البحرية مع عدد من دول الجوار، في ظل تكريس إنقسام شطري الجزيرة منذ عام 1974 بحجة تهديد مصالح «جمهورية قبرص التركية» التي لا تعترف بها سوى أنقرة.

صراع يتمدد

وفق ماجاء في موقع بسنز الاقتصادي ان الصراع على الغاز الطبيعي والمناطق الاقتصادية الخالية امتد ليصل إلى تركيا من جانب، وقبرص وإسرائيل من جانب آخر. فعلى خلفية توقيع الاتفاقية الإسرائيلية - القبرصية، رفضت تركيا الاتفاقية، واعتبرت أن الحكومة القبرصية لا يحق لها التوقيع على أي اتفاقية دولية، أو البدء في أي عمليات تنقيب طالما ظلت أزمة جزيرة قبرص قائمة، على اعتبار أن أي موارد سيتم استخراجها يحق للطرفين استغلالها.

وإثر ذلك بدأ الصراع يأخذ مسارا أكثر تشددا بعد قيام تركيا بتوقيع اتفاق مع جمهورية شمال قبرص التركية، للتنقيب عن الموارد النفطية بالقرب من السواحل المقابلة لشمال قبرص.

وقد بات واضحا أن الغاز قد أصبح يُمثل إحدى أبرز وسائل التوظيف السياسي لتصفية الحسابات السياسية بين القوى الإقليمية، لا سيما مع وصول أنظمة سياسية إلى سدة الحكم ليست على وفاق مع نظيرتها في الدول الأخرى. وقد تجلى ذلك بوضوح في الصراع السياسي الذي نشب بين مصر وتركيا على خلفية سقوط نظام الإخوان بعد ثورة 30 يونيو من جانب، وبين قبرص وتركيا إثر الاعتراف التركي بشمال قبرص، وبين تركيا واليونان على خلفية الصراعات التاريخية بشأن القضية القبرصية وبحر إيجه.

ويبدو أن الأطراف المعنية بالمنطقة قد بدأت في القيام بعملية استغلال الغاز وتوظيفه سياسيًّا كأداة من أدوات الضغط على بعضها البعض. فمن المعروف أن العلاقات المصرية - التركية دخلت بعد 30 يونيو نفقا مظلما، وهو الوضع ذاته في حالة العلاقات التركية القبرصية، في الوقت الذي تسعى فيه مصر لإعادة ترسيم حدودها البحرية مع قبرص بهدف الاستفادة من الغاز المكتشف في حقل أفروديت. ويبدو أن السلطات المصرية بدأت في تبني استراتيجية تقديم دعم سياسي وتقارب مع خصوم تركيا في المنطقة، خاصة قبرص واليونان، عبر الزيارات المتبادلة، في مقابل إعادة النظر في موضوع تقاسم الموارد الطبيعية لا سيما الغاز معها. وقد تجلى ذلك بوضوح في القمة الثلاثية التي عُقدت في القاهرة بين رئيسي مصر وقبرص ورئيس وزراء اليونان، والتي نتج عنها إعلان القاهرة في 8 نوفمبر 2014، الذي تضمن عدة أمور هامة بشأن الغاز في شرق المتوسط، أبرزها: احترام القانون الدولي والأهداف والمبادئ التي يجسدها ميثاق الأمم المتحدة في ما يخص اكتشاف مصادر مهمة للطاقة التقليدية في شرق المتوسط، واستئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية، ودعوة تركيا إلى التوقف عن جميع أعمال المسح السيزمي الجارية في المناطق البحرية لقبرص.

غير أن تركيا ردت على تلك القمة بتصريح للأدميرال بولنت أوغلو، قائد القوات البحرية التركية، الذي أكّد أنّ الحكومة التركية فوّضت القوات البحرية لتطبيق قواعد الاشتباك الجديدة التي جرى تعديلها لمواجهة التوتر المتزايد بين الدول الساحلية بسبب مشروعات التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في شرق البحر المتوسط.

حلف المتوسط الجديد أكثر التحالفات جدية

يشهد شرق المتوسط الآن صراعاً علي منابع ومصادر الطاقة فيه بين ثلاث قوي رئيسية “مصر وتركيا وإسرائيل”، فالجانب التركي لم يوفق في تكوين أي تحالف في شرق متوسط؛ نظرا للتوتر القائم بينه وبين قبرص في الجزء الشمالي لها الذي احتله تركيا في سبعينيات القرن الماضي ويرفض الاعتراف بأحقية قبرص في المنطقة الاقتصادية الخاصة لها.

وحذر الجانب التركي شركات النفط من مغبة التنقيب عن مصادر الطاقة في تلك المياه، وشهد التوتر الجيوسياسي بينهما ذروته بعد توقيع القاهرة وأثينا ونيقوسا اتفاقا تاريخياً تمحور بعد إعلان القاهرة في 2014 وصولاً لإعلان نيقوسا 2015 في أبريل الماضي، مضت للتعاون في مجالات التنقيب عن الغاز في المتوسط ولإعادة ترسيم الحدود البحرية بين الثلاث دول التي من المتوقع أنها ستعتمد اتفاقية البحار التي ستضيق الخناق علي أنقرة وستحرمها من منطقتها الاقتصادية الخاصة قرب اليونان.

حروب النفط والغاز في البحر المتوسط

بعد ان ألمحت إسرائيل سابقاً وعلى مدى السنوات الماضية إلى تدمير شاحنات محملة بصواريخ "ياخونت"، أعلنت البحرية الإسرائيلية مؤخراً عن تأكيدها لإمتلاك الحزب هذا النوع من الصواريخ الذي يمثل التهديد الأكبر للسفن والغواصات الإسرائيلية، وبأن هذه الصواريخ تُسلم للحزب من النظام السوري الذي اشتراها من روسيا ويقوم بتخزينها في منشأت سرية يستطيع الحزب الدخول إليها.

إعلان البحرية عن هذا الخبر الذي نقله بإهتمام الإعلام الإسرائيلي اعتبره قيادات البحرية الإسرائيلية كسراً للخطوط الحمراء وتهديداً استراتيجياً، حيث يشير العميد المتقاعد هشام جابر في حديث لـ"المدن" إلى أن هذه الصواريخ ستغير المعادلة إذ ستمكن الحزب من ضرب اهداف بحرية عن بعد 300 كيلومتر، ولديها رأس حربي مدمر موجه رادارياً زنته 300 كيلوغرام، تفوق سرعته ثلاث مرات سرعة الصوت، ويستطيع الحزب إطلاقه من السواحل اللبنانية أو السورية، ويهدد السفن الحربية الإسرائيلية، ومنصات التنقيب واستخراج الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، كما يمكن لهذه الصواريخ ان تهدد السفن المدنية التي تشق طريقها إلى موانئ إسرائيل.

امتلاك "حزب الله" لهذه الصواريخ يشكل عامل قلق كبير في إسرائيل، وفق العقيد إيال هاريل، أحد الضباط السابقين في البحرية الإسرائيلية، والذي تابع كيف يتغير الشرق الأوسط عن قرب على مدى السنوات الماضية، وشارك في بعض العمليات السرية، ومنها مكافحة تهريب صواريخ بحراً لـ"حزب الله" و"حماس" من إيران. التهديد الذي يصفه هاريل، والذي يشغل حالياً منصب رئيس قسم التخطيط في مديرية التخطيط العسكرية، بالقاتل، يمكن أن يشل الشواطئ الإسرائيلية، والموانئ على البحر الأبيض المتوسط، وعرقلة التنقيب عن الغاز الطبيعي، مضيفاً في أحاديث صحافية إن "خدمة الجندي الإسرائيلي الأن على السفن الحربية أصبحت اصعب من الإنضمام للواء غولاني فإطلاق صاروخ واحد قد يسفر عن مقتل 100 جندي".

هذا النوع من الأسلحة لن يؤثر فقط على الردع والخطط والحسابات العسكرية، بل سيغير طبيعة المعركة إلى ورقة ضغط اقتصادية، انطلاقاً من تعهد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بالحفاظ على الثروات البحرية حيث تقدر الحكومة اللبنانية وجود محتمل لاحتياطات من الغاز الطبيعي تقدر بـ25 تريليون قدم مكعب تغطي حوالي 22.700 كيلومتر مربع على ان يتم إجراء المزيد من الاستكشاف قبل تأكيد مستوى الاحتياطيات. كما قد تُستخدم هذه الصواريخ من قبل الحزب بإطلاقها من السواحل السورية، خصوصاً أن رؤية الحزب للأزمة في سوريا يلخصها بحرب على الموارد مع وجود احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي على الساحل السوري.

وتعمل إسرائيل باستمرار لتطوير منظومات للدفاع عن منشآت الغاز "الاسرائيلية"، وكانت اختبرت البحرية الإسرائيلية بالتعاون مع الهند عام 2009 منظومة "باراك 8" بهدف توفير ردود ضد صواريخ بحر بحر وصواريخ أخرى لا سيما ما يمتلكه "حزب الله" من صواريخ "C- 802" الصينية، والتي تصنع إيران نسختها الخاصة منها، وتستطيع ضرب منصات الغاز، ولكن بشكل غير دقيق، وبشكل غير قادر على تغطية جميع الأهداف. كما وضعت القيادة البحرية الإسرائيلية خططاً للرد على تهديدات اكبر تتمثل بوصول صواريخ "ياخونت"، فطورت مدى المنظومة لتصل في العام 2014 إلى 100 كم، ويوفر نظام الرادار تغطية بحدود 360 درجة ويمكن للصواريخ إعتراض الصاروخ القادم من على بعد 500 متر من السفينة. ويحتوي كل نظام على حاوية صواريخ وأجهزة الرادار، وأجهزة الكمبيوتر، وتكلف كل منظومة نحو 24 مليون دولار وستكلف صيانة هذه المنظومات 100 مليون دولار سنوياً.

كما تعمل إسرائيل على تطوير رادار "أدير"، الذي يستطيع الكشف عن المخاطر والأهداف من مسافات عالية جدّاً، ويمسح المنطقة المحيطة بالسفينة بطريقة رقمية، وباستطاعته أن يكتشف الأهداف في البحر، وفي الجو وفي والبر، والذي سيتم تثبيت صواريخ من طراز "باراك" عليه بنسخة أكثر تطوراً تُسمى "باراك 8-ER" لتزيد مدى الصاروخ إلى 150 كم، وطوله إلى ستة أمتار مع قدرة فائقة على مواجهة عدد كبير من التهديدات الغير مرئية ما يجعلها من النماذج الأكثر تطوّراً في العالم. وفق موقع البترول اليوم.

الإستهداف المتكرر الذي تدعيه إسرائيل في السنوات الماضية لشحنات صواريخ مضادة للسفن مرسلة لـ"حزب الله" دفعها للقيام بدوريات بحرية منتظمة، حول منشأت الغاز، والعمل على تثبيت نظام "باراك 8" على فرقاطات "ساعر 5"، التي صُنعت في الولايات المتحدة، وتُعتبر الأفضل في المنطقة لكثافة القوة النارية لكل فرقاطة، حيث يثبت على كل منها 64 صاروخ من نوع "باراك" للدفاع الجوي، و8 صواريخ ضد السفن من نوع "Gabriel"، وطوربيدات من نوع "MK46"، كما انها حاملة لطائرات الهيليكوبتر، التي تستكشف الأهداف المعادية. وتمتلك اسرائيل 15 فرقاطة من هذا النوع في الخدمة الخدمة.

.............................

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال annabaa010@gmail.com
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي