كيف تتنافس شركات التكنولوجيا للسيطرة على حياتنا رقميا؟
بي بي سي عربي
2019-10-02 07:26
بقلم: ديف لي-محرر شؤون التكنولوجيا
خلال فترة انتشار الهواتف الذكية، تعلمت شركات التكنولوجيا أن الاستحواذ على العملاء في فترة مبكرة قد يكون علامة فارقة بين النجاح والفشل.
ففي الأغلب، لا يرغب العملاء في التخلي عن نظام استخدموه لبعض الوقت، سواء كان نظام أبل "آي أو إس" أو نظام غوغل "أندرويد".
وعند تدشين نظام جديد، تكون هناك فرصة للاستحواذ على عملاء لسنوات قادمة، ولذا قد يحدث بعض الارتباك.
وبالنسبة للتقنيات المعتمدة على "الصوت"، التي يتوقع على نطاق واسع أن تحظى بأهمية متزايدة خلال الفترة المقبلة، فإن حالة الارتباك مستمرة.
ومن الواضح أن الشركات تركز جهودها على ابتكار تقنية تتناسب مع منطقة مميزة: الوجه.
ويقول بن وود، من مؤسسة "سي سي إس انسايت" إنه حتى الآن فإن "أكثر مكان مقبول لوضع أجهزة تكنولوجية هو المعصم، ويعكس هذا الأمر نجاح ساعة أبل". ويضيف: "لكن مع بدء شركة أمازون وعدد من الشركات المؤثرة الأخرى الاهتمام على نحو جدّي بسماعات الأذن والنظارات الذكية، برزت أدلة متزايدة على أن (معركة الوجه) قد بدأت".
مجال الاستماع
لنبدأ بالأذنين. أصبحت شركة أبل في فترة مبكرة رائدة في هذا المجال، مغتنمة فرصة نجاح أجهزة آيفون، إذ استحوذت سماعات الأذن التي أطلقت عليها "آير بودز"، وطرحتها الشركة في عام 2016، حاليا على نصيب بلغ 53 في المئة من إجمالي مبيعات 27 مليون "سماعة" حول العالم خلال الفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران العام الجاري، وفقا لبيانات مؤسسة "كونتربوينت" البحثية.
وقالت ليز لي، وهي محللة بارزة في المؤسسة: "ستستمر أبل في قيادة السوق في الوقت الراهن بفضل قاعدتها المؤلفة من مستخدمين مخلصين لها ولنظامها وثيق الصلة بالأجهزة والبرامج".
وأضافت: "ستطرح أبل أيضا سماعات أذن جديدة مع إجراء تعديلات كبيرة في التصميم أواخر عام 2020. ونتوقع أن تصل حصة أبل السوقية نحو 40 في المئة أو 50 في المئة العام الجاري، مع تراجع طفيف لحصتها العام المقبل، لكنها ستظل على الرغم من ذلك أكبر الشركات تأثيرا".
وعلى الرغم من أن سماعات "آير بودز" تعد مجرد نسخة لاسلكية من سماعات الأذن التي باعتها شركة أبل منذ عشر سنوات، تتعامل الشركة معها من منظور استراتيجي، إذ تراها أفضل فرصة لجعل المستهلكين يتفاعلون مع الأجهزة التي تستخدم تقنيات الصوت.
بيد أنها لا تجدي في التصدي لمشكلة أبل الرئيسية في الوقت الراهن، والمتمثلة في أنه بمجرد عودة المستخدمين إلى منازلهم، فإنهم على الأرجح - إذا كان لديهم مكبر صوت ذكي - سيتحدثون إلى "مساعد" رقمي من إنتاج شركة "أمازون" أو "غوغل".
أما مشكلة أمازون فهي مختلفة، إذ أدى نجاح مساعدها الرقمي "أليكسا" إلى قيادة سوق السماعات الذكية في منازلنا، وفقا لبحث أجرته شركة "كاناليس"، بيد أن نتائج محاولة الشركة الكارثية لاقتحام سوق الهواتف الذكية تعني أن مساعد "أليكسا" سيظل محصورا داخل المنازل.
واتخذت شركة أمازون يوم الأربعاء خطوات مهمة تأمل أن تحدث تغييرا، لاسيما مع إعلانها طرح جهاز سماعات "إيكو بدز"، وهي سماعات أذن لاسلكية مدمج معها مساعد "أليكسا".
وتعد هذه طريقة مباشرة يمكن أن تدفع إلى الاستفادة من المساعد الرقمي "أليكسا" خارج المنازل، ولاسيما أن الجهاز أرخص بالمقارنة مع "آير بودز" ومزود بخاصية حجب الضوضاء، وهي خاصية غير متوفرة في "آير بودز".
وتقول لي: "يبدو أن استخدام أليكسا سيكون أكثر جاذبية لبعض الناس مقارنة باستخدامهم المساعد (سيري)، حيث يمكن استخدام أليكسا في طلب السلع من أمازون مباشرة، كما أن نظام أمازون أكثر انفتاحا من نظام أبل".
وأضافت: "يمكن أن تلجأ أمازون إلى عمليات تخفيض قوية أثناء مبيعات الجمعة السوداء لزيادة حصتها في السوق".
وسوف يظهر على الساحة قريبا المزيد من الشركات المؤثرة في إنتاج سماعات الأذن، إذ من المتوقع أن تعلن مايكروسوفت الأسبوع المقبل عن سماعات أذن لاسلكية ذكية.
كما يمكن أن تطرح غوغل، مع مساعدها الخاص ومجموعة من البرامج التي تعمل بالتقنيات الصوتية (مثل الترجمة الآلية)، جهازا آخر، يعمل على تحسين منتجها "بيكسل باد" الذي طرحته عام 2017.
وسوف تعقد الشركة في 11 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل مؤتمر الإعلان عن طرح منتجاتها الجديد.
مجال الرؤية
تأمل أمازون أيضا في تغيير وجهتها، إن لم يكن ذلك بسرعة كبيرة، من خلال طرحها منتج النظارة الذكية "إيكو فريمز"، وهي نظارة تدعم المساعد الرقمي "أليكسا"، ويمكن دمجها بالاتصال مع الهاتف الذكي، إذ تحدث اهتزازا عند تلقي أي إشعار، وتسمح بإعطاء الأوامر الصوتية إلى المساعد أليكسا عبر اثنين من الميكروفونات، مثل "إيكو بودز".
وتوصف الخطوة بأنها متواضعة على طريق تحقيق الهدف الحقيقي المتمثل في طرح نظارات ذكية تحتوي على خاصية الواقع المعزز (AR).
وبينما كانت أمازون تتحدث عن مزايا منتجها "إيكو فريمز" في مقرها الرئيسي في مدينة سياتل الأمريكية، كانت شركة فيسبوك مشغولة في مشاركة تطلعاتها الخاصة في تطوير الواقع المعزز (AR) ضمن فعاليات مؤتمر "أوكيولاس كونيكت" لمطوري التكنولوجيا في سان خوسيه.
وقال أندرو بوسورث، رئيس قسم الواقع الافتراضي والواقع المعزز لشركة فيسبوك، إن الشركة تقوم بتطوير نظارات الواقع المعزز.
وأظهر مقطع فيديو توضيحي كيف يمكن أن تظهر نوافذ فرعية رقمية أثناء الرؤية، وتنبهك لتوقيت فيلم أو اتجاه صحيح. وهذا المنتج ليس وشيكا، إذ أمام فيسبوك الكثير من العمل لجعل هذه التقنية حقيقة بالفعل.
وتفتقر الشركة حاليا إلى امتلاك مساعد صوتي كامل المواصفات خاص بها.
وتتحدث أنباء عن استعداد شركة أبل لإصدار جهاز يعتمد تقنية الواقع المعزز يمكن ارتداؤه أيضا.
ويتوقع المحلل التايواني، مينغ-تشي كو، أن يكون جهاز الواقع المعزز لشركة أبل جاهزا منتصف العام المقبل.
مظهر غريب
تواجه هذه الأجهزة عقبة يتعين التغلب عليها تتمثل في ضمان كفاءة الأداء على نحو جيد، كما تبرز قضايا التصميم والثقة.
هل تتذكرون نظارة "غوغل جلاس"، التي طرحتها الشركة في عام 2013؟ فعلاوة على أوجه القصور التكنولوجية التي عانى منها المنتج، فإنها جعلت من يرتديها يبدو غريب المظهر.
وتحتاج نظارات الواقع المعزز إلى استخدام كاميرات موجهة للخارج لرصد الأشياء حولها، ومن المحتمل أن تفكر شركات التكنولوجيا في تسجيل الفيديو وإجراء اتصالات كنقطة تفوق في أجهزتها.
وبالمثل ستكون سماعات الأذن قادرة على التقاط قدر من الصوت المحيط بها.
وقد يروق الأمر بالنسبة لمن يرتديها، ولكن ماذا عن الأشخاص المحيطين الذين قد لا يرغبون في التقاط أي شيء يتعلق بهم وتحليله من جانب شركات فقدت ثقتنا بالفعل؟
هذا ما يجعل السباق التقني الجديد مختلفا، فأي شخص يشتري هذه الأجهزة سوف يقضي وقتا في التفكير ليس في اسم الشركة المنتجة التي لديها أفضل التقنيات فحسب، بل أيضا في أفضل النوايا الخفية من إنتاج هذا الجهاز.