الهند: بين التشدد الهندوسي والعنف الطبقي

زينب شاكر السماك

2017-01-09 06:49

تشهد الهند العديد من حوادث التعصب الديني والتمييز الطبقي والكثير من اعمال الشغب وتفشي التشدد الديني الهندوسي ووفق التقارير التي تسجيل حوادث الاعتداءات التي يتعرض لها مجموعات من الاقليات الدينية المسلمة والمسيحية من متطرفين هندوسيين واجبارهم ايضا على اعتناق الهندوسية ان هذه الحوادث كثرة خاصة عند تولي ناريندرا مودي رئاسة الوزراء في مايو/ 2014 وهو المعروف بأنتمائة الى اكبر المنظمات الهندوسية الاصولية المتشددة واقواها.

وهذا ماجعل شعبيته تقل حيث هزم في انتخابات بولاية بيهار ثالث أكبر ولاية هندية من حيث عدد السكان وهذا يشير الى ضعف سلطة الزعيم الذي ضل حتى فترة قريبة قادرا على كسب الأصوات بحسب رأي المحللين السياسيين. وستعرقل هزيمة بيهار مساعي مودي لتمرير اصلاحات اقتصادية لأنه بحاجة للفوز بمعظم انتخابات الولايات خلال السنوات الثلاث المقبلة ليسيطر على البرلمان بالكامل.

حيث باتت الانتخابات في الهند تأخذ منحنى اخر وذلك من خلال استغلال الساسة للديانة والطائفة لجمع الاصوات وذلك في حكم قد يجبر الأحزاب السياسية على تغيير استراتيجيتها في الانتخابات المقبلة. وذهبت آراء معظم قضاة المحكمة إلى أن تجرى الانتخابات دون أن يتقرب أي سياسي من الناخبين على أساس المشاعر الدينية.

وخاصة ان نظام الطبقات ما زال متجذرا في المجتمع الهندي، وما زال ملايين المنبوذين يعانون من تمييز يومي. بالرغم من ان الدستور الغى الفروقات الطبقية منذ استقلال الهند. فقد اثار مقطع مصور يظهر هجوما نفذه متشددون هندوس على افراد من "الداليت"، في ولاية غوجارات شمال غرب الهند مسقط رأس رئيس الحكومة ناريندرا مودي، غضبا واسعا في صفوف ابناء هذه الطبقة الدنيا في الهند.

وتعاني الاقليات الدينية المسلمة في الهند الكثير من التمييز والتعصب الديني حيث قضت محكمة هندية بالسجن المؤبد على 11 هندوسيا حرقوا عشرات المسلمين أحياء، في أعمال عنف بولاية جوجارات الهندية العام 2000. وجاءت هذه المذبحة ضمن سلسلة من أعمال الشغب التي اجتاحت جوجارات لمدة شهرين ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص، غالبيتهم من المسلمين.

الهند والتي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار تمتلك اكبر ثروة حيوانية في العالم ولكنها كذلك اقل دول العالم في استهلاك اللحوم وذلك لان اغلب اللحوم هناك ليست للأكل وانما للعبادة, حيث حث أكبر مسؤول في ولاية تتبع الحزب الحاكم في الهند بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي أقلية المسلمين في البلاد على عدم أكل لحم الأبقار احتراما للمعتقدات الهندوسية وهي الدعوة التي قد تشعل مزيدا من الانقسامات الاجتماعية.

ومن جانب اخر تصاعد الغضب في الهند في الوقت الذي وجدت فيه البنوك صعوبة بالغة في صرف مبالغ نقدية للجماهير التي تكالبت عليها بعدما سحبت الحكومة أوراقا نقدية ذات فئة عالية في خطوة صادمة تهدف إلى الكشف عن ثروات بمليارات الدولارات مخبأة عن أعين سلطات الضرائب. وتصب أموال الرشى والجريمة أيضا في هذا الاقتصاد الخفي. وقال مودي إنه يرغب أيضا في القضاء على الأوراق النقدية المزورة فئة 500 و1000 روبية والتي يستخدمها المتشددون المناهضون للهند لتمويل أعمال عنف.

الاقليات الدينية

من جانب اخر حث أكبر مسؤول في ولاية تتبع الحزب الحاكم في الهند بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي أقلية المسلمين في البلاد على عدم أكل لحم الأبقار احتراما للمعتقدات الهندوسية وهي الدعوة التي قد تشعل مزيدا من الانقسامات الاجتماعية. جاءت تصريحات مانوهار لال خاطار رئيس وزراء ولاية هاريانا بشمال الهند بعدما قتلت مجموعة من الهندوس رجلا مسلما بسبب شائعات بانه أكل لحما بقريا مما أثار نقاشا حادا بشأن تصاعد التعصب تجاه الاقليات الدينية في الهند. بحسب رويترز

والأبقار مقدسة لدى كثير وليس جميع الهندوس الذين يشكلون أغلبية سكان الهند البالغ عددهم 1.2 مليار. ويأكل المسلمون والمسيحيون لحوم الأبقار وكذلك كثير من الطبقة الدنيا للهندوس.

ورغم سعي حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم وحلفاؤه طويلا لحظر ذبح الأبقار إلا ان الهند بزغت كإحدى أكبر الدول المصدرة للحوم الأبقار بالعالم. ويدير المسلمون هذه التجارة بشكل كبير.

وقال خاطار في مقابلة مع صحيفة إنديان اكسبريس "في هذا البلد عليهم (المسلمون) التوقف عن أكل لحوم البقر." وأضاف "يمكنهم أن يظلوا مسلمين حتى بعد التوقف عن تناول لحوم الأبقار. ألا يستطيعون؟ ليس هناك ما ينص على ان المسلمين عليهم أكل لحم الأبقار ولا ما ينص في أي مكان على ان المسيحيين يجب أن يأكلوا لحم الأبقار."

التمييز الطبقي

تتجول الابقار في الهند بأمن وسلام، في المدن كما في الارياف، اذ ان اكل لحومها محرم في الديانة الهندوسية التي تعتنقها الغالبية الكبرى من السكان. لكن حين تنفق هذه الحيوانات بشكل طبيعي، ينبغي على ابناء طبقة "داليت" ان يزيلوا جيفها، ويمكنهم ان يبيعوا جلودها الى الدباغين وشحومها الى صانعي الصابون. بحسب فرانس برس.

في آخر تموز/يوليو الماضي، قام متشددون هندوس باحتجاز اربعة من المنبوذين واشبعوهم ضربا بقضبان حديد بين جمع من الناس، للاشتباه في انهم قتلوا بقرة. وصورت هذه الحادثة وانتشر المقطع كالنار في الهشيم على مواقع الانترنت، واثار احتجاجات كبيرة في غوجارات.

وقام متظاهرون غاضبون من الداليت بوضع جيف ابقار في مبان عامة، واحرقوا حافلات، ورموا الشرطة بالحجارة فسقط شرطي قتيلا. وبعد التحقيقات، تبين ان المنبوذين الاربعة ابرياء مما نسب اليهم، وان البقرة قتلها اسد. ما زال الداليت مضربين عن العمل، رغم الاثر الاقتصادي على حياتهم.

ومع ان اسم طبقة المنبوذين تغير الى الداليت، الا ان ربع الهنود ما زالوا يتعاملون معهم على انهم منبوذون، بحسب دراسة اعدت العام الماضي. يبلغ عدد ابناء هذه الطبقة 200 مليون نسمة، وهم يقبعون في ادنى سلم طبقات المجتمع الهندي. وغالبا ما توكل اليهم مهام يتعفف ابناء الطبقات الاخرى عن القيام بها، مثل دفن الموتى وازالة الفضلات البشرية.

أفظع المذابح في الهند

وعلى صعيد ذي صلة، أصدر القضاء الهندي أحكاما بالسجن المؤبد على 11 هندوسيا، قتلوا عشرات المسلمين خلال أعمال شغب شهدتها ولاية جوجارات عام 2000. وهزت هذه المذبحة التي تعد واحدة من أفظع المذابح في الهند في وقت كان رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي يتولى فيه قيادة الولاية. وقال الإدعاء لقنوات التلفزيون المحلية بعد صدور الأحكام إن المحكمة قضت بسجن 12 شخصا لمدة سبع سنوات في اتهامات تتصل بمقتل 69 مسلما في حين حكمت على آخر بالسجن عشر سنوات. بحسب فرانس 24.

وتسلق حشد من الهندوس الجدار الخارجي لمنطقة جولبارج السكنية في أحمد أباد أكبر مدن جوجارات-في فبراير شباط 2002 قبل أن يحرقوا المنازل التي حوصرت داخلها عائلات مسلمة. واحترق نساء وأطفال حتى الموت. وجاءت المذبحة ضمن سلسلة من أعمال الشغب التي اجتاحت غرب جوجارات لشهرين مما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص معظمهم من المسلمين.

وقد ألقت أعمال الشغب بظلال قاتمة على مسيرة مودي السياسية لسنوات بعد اتهامه بعدم القيام بما يكفي كرئيس لوزراء الولاية لوقف العنف. وينفي مودي وهو هندوسي ارتكابه أي خطأ وخلصت لجنة عينتها المحكمة العليا عام 2013 للتحقيق في الأحداث إلى عدم وجود أدلة كافية لملاحقته قضائيا.

ممارسة علمانية

ومن جهة اخرى قال كبير القضاة تي.اس. ثاكور في المحكمة العليا في الهند "لا يسمح لأي سياسي بالسعي وراء الأصوات باسم الطائفة أو العقيدة أو الديانة" مضيفا أن عملية الانتخابات يجب أن تكون "ممارسة علمانية". وينص الدستور في الهند على علمانية الدولة لكن الأحزاب السياسية دأبت على استخدام الديانة والطائفة كمعيار رئيسي لاختيار المرشحين والتقرب من الناخبين.

وينافس حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي في الانتخابات بأجندة قومية هندية واتهم أعضاء في الحزب من قبل بالإدلاء بتصريحات مناهضة للمسلمين لاستقطاب الناخبين الهندوس. بحسب وكالة رويترز.

ويأتي قرار المحكمة قبل أسابيع من انتخابات في ولاية أوتار براديش أكبر ولاية هندية من حيث عدد السكان. وتهيمن قضية الديانة والطائفة بشكل عام على الانتخابات في الولاية. وستكون نتيجة هذه الانتخابات مهمة لسعي مودي المتوقع لفترة ولاية ثانية في عام 2019. وكتبت المحكمة العليا في حكمها بشأن التماس قدمه سياسي في 1996 أنه يجب حماية النص على العلمانية في الدستور.

هزيمة مودي في انتخابات ولاية بيهار

وفي أول تصويت كبير منذ تولي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي السلطة قبل 18 شهرا خسر حزب بهاراتيا جاناتا في ولاية بيهار بعدما اتسمت حملته الانتخابية بالاستقطاب على أساس الطائفة أو الانتماءات الدينية. وقال رام مادهاف وهو سكرتير عام لبهاراتيا جاناتا "كانت انتخابات بيهار معركة مهمة للغاية بالنسبة لنا. يتحتم علينا تحليل كل جوانب النتيجة."

وستثير ثاني هزيمة إقليمية لمودي على التوالي حماسة أحزاب المعارضة كما ستعزز خصومه داخل حزبه وتضعف موقفه أمام الزعماء الأجانب وسط مخاوف من أنه قد لا يفوز بفترة ثانية كرئيس للوزراء. وقال ساتيش ميسرا وهو محلل سياسي بمؤسسة اوبزرفر للأبحاث "هذا مؤشر واضح على أن شعبية مودي ربما وصلت إلى ذروتها الآن." بحسب رويترز.

وستعرقل هزيمة بيهار مساعي مودي لتمرير اصلاحات اقتصادية لأنه بحاجة للفوز بمعظم انتخابات الولايات خلال السنوات الثلاث المقبلة ليسيطر على البرلمان بالكامل. وتقدم تحالف مناهض لمودي بقيادة رئيس وزراء الولاية نيتيش كومار وفاز بعدد 179 مقعدا في المجلس الإقليمي المؤلف من 243 مقعدا محققا أغلبية ساحقة وفقا لإحصاءات مفوضية الانتخابات.

ذات صلة

مصائر الظالمينترامب يصدم العالم.. صنعنا التاريخفوز ترامب.. فرح إسرائيلي وحذر إيراني وآمال فلسطينيةالنظامُ التربوي وإشكاليَّةُ الإصلاح والتجديدالتأثير البريطاني على شخصية الفرد العراقي