الهجرة والنزوح.. بين الاهمال الدولي ومقبرة البحار
عبد الامير رويح
2015-01-11 02:42
تعد مشكلة الهجرة والنزوح من اصعب المشاكل واهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، خصوصا مع ازدياد اعداد المهاجرين والنازحين الهاربين من ويلات الحرب الاضطرابات الامنية، هذه المشكلة المستمرة وكما يقول بعض المراقبين، اصبحت اليوم مصدر قلق لدى المنظمات العالمية، التي تخشى من تفاقم معاناة المهاجرين والنازحين، خصوصا مع قلة الدعم والامكانات المقدمة من قبل المجتمع الدولي الذي عجز عن الايفاء بالتزاماته الانسانية، ومما يزيد الأمر سوءاً هو حلول فصل الشتاء القاسي وانخفاض درجات الحرارة في بعض الدول التي تشهد موجة نزوح كبيرة، بسبب عدم الاستقرار الامني وسيطرة المجاميع الارهابية على مناطق واسعة كما في العراق وسوريا، هو ما يهدد ارواح الملاين من النازحين وخصوصا الاطفال وكبار السن، يضاف الى ذلك القوانين والاجراءات الجديدة التي اعتمدتها بعض الدول في سبيل الحد من اعداد الوافدين اليها.
فشل إنقاذ الارواح
وفي هذا الشأن فقد قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنه يجب ان تركز الحكومات على انقاذ الأرواح بدلا من ابعاد الأجانب في وقت يتزايد فيه لجوء الناس إلى الهجرة عن طريق البحر طلبا للجوء أو بحثا عن حياة أفضل. وأضافت أن 384 ألفا على الأقل بينهم عدد كبير من طالبي حق اللجوء لجأوا للهجرة عن طريق البحر.
وأغلب المهاجرين وصلوا لأوروبا حيث عبر أكثر من 207 آلاف البحر المتوسط وهو أكثر من ثلاثة أمثال العدد السابق البالغ نحو 70 ألفا في عام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية الليبية. ورغم هذه الزيادة تعامل المجتمع الدولي مع المشكلة بارتباك. وقالت المفوضية أن بعض الحكومات تنشغل أكثر بإبعاد المهاجرين بدلا من التعامل معهم كأفراد هاربين من الحرب أو الاضطهاد.
وقال أنطونيو جوتيريس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين في بيان "هذا خطأ وتحديدا هو رد فعل خاطئ لفترة تشهد فرار أعداد قياسية من الناس من الحروب. "كيفية إدارة الأمن والهجرة مصدر قلق لأي دولة ولكن السياسات يجب أن توضع بشكل لا يعرض حياة الناس إلى ضرر غير متعمد في نهاية الأمر." وتأتي تصريحات جوتيريس في الوقت الذي فتحت فيه المفوضية نقاشا بشأن القضية مع مسؤولين حكوميين وعمال إغاثة وخفر سواحل ومحامين وأكاديميين وخبراء آخرين. بحسب رويترز.
وتأتي بعد اعلان إيطاليا أنها ستوقف أعمال الانقاذ في البحر والتي أنقذت أرواح أكثر من مئة ألف لاجئ من افريقيا والشرق الأوسط منذ بدء تنفيذها قبل عام. وقالت المفوضية إنه إضافة إلى البحر المتوسط هناك ثلاثة طرق بحرية أخرى على الأقل يستخدمها المهاجرون أو طالبو اللجوء. ودعا جوتيريس كل الأطراف إلى التعامل مع الأسباب الجذرية التي تدفع الناس للفرار ومناقشة سبل كبح الشبكات الإجرامية التي تتربح من الراغبيين في الهجرة.
16 مليار دولار
على صعيد متصل ستضطر الوكالات الانسانية في الامم المتحدة الى مساعدة 57,7 مليون شخص في 2015 وهو رقم قياسي يفوق قدراتها وهي تحتاج لتحقيق ذلك الى 16,14 مليار دولار وفقا لنداء للمساعدة الانسانية وجه في جنيف. وقالت فاليري اموس مساعدة الامين العام للقضايا الانسانية وتنسيق المساعدات العاجلة ان "الزيادة المتنامية للحاجات تفوق قدراتنا".
واعلنت ان النداء العاجل الذي وجهه برنامج الاغذية العالمي لتفادي تعليق المساعدات الانسانية الى اللاجئين السوريين سمح بمواصلة البرنامج لشهر كانون الاول/ديسمبر. وقالت انه طلب 64 مليون دولار وجمع الى هذا اليوم اكثر من 80 مليونا. وقال انطونيو غوتييريس المفوض الاعلى للاجئين ان "الحاجات بلغت مستويات غير مسبوقة ومن دون مزيد من الدعم من المستحيل معالجة هذه الاوضاع الانسانية التي تتنقل من منطقة الى اخرى ومن نزاع الى اخر".
ولمساعدة 58 مليون شخص يعتبرون من الاكثر تأثرا بالنزاعات تحتاج وكالات الامم المتحدة الى 16,14 مليار دولار (13,6 مليار يورو) وهو رقم لا يشمل المساعدة لدول الساحل التسع وجيبوتي التي يتم تقييمها وستنشر في شباط/فبراير. وستخصص نصف المساعدة للازمة السورية وحدها التي نشبت في 2011 وستنقسم بين تلك الخاصة بداخل البلاد (12,2 مليون شخص) وتلك المخصصة لللاجئين (ستة ملايين) في دول الجوار.
وجنوب السودان ثاني بلد سيحتاج للمساعدة مع 1,8 مليار دولار. والازمات الاخرى الكبرى هي في جمهورية افريقيا الوسطى وافغانستان وجمهورية الكونغو الديموقراطية وبورما والاراضي الفلسطينية والصومال والسودان واوكرانيا واليمن. ولعام 2014 قدرت وكالات الامم المتحدة حاجاتها الانسانية ب17,9 مليار دولار وهو رقم قياسي لم تؤمن الجهات المانحة سوى 52% منه. بحسب فرانس برس.
وكان اول نداء لجمع الاموال في 2013 طالب ب12,9 مليارا تلته نداءات اخرى متممة مع اندلاع ازمات جديدة خصوصا في العراق مع هجمات تنظيم الدولة الاسلامية واوكرانيا وغرب افريقيا بسبب تفشي فيروس ايبولا. وقال غوتييريس ان "الحاجات تزداد بوتيرة سريعة ومنتظمة" موضحا ان معدل عدد اللاجئين في العالم ارتفع من 14 الفا في اليوم في 2011 الى 32 الفا يوميا في 2013 وهو عدد سيزداد هذا العام. وتجعل المفوضية العليا للاجئين من مساعدة اللاجئين في فصل الشتاء "اولوية لتجنب وفاة اي لاجئ جراء البرد".
النازحون بالعراق وسوريا
الى جانب ذلك قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن النزاعات في العراق وسوريا أجبرت نحو 13.6 مليون شخص على مغادرة منازلهم وإن الكثيرين منهم لا يجدون الغذاء أو المأوى مع اقتراب الشتاء. وقال أمين عوض مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمفوضية إن العالم لا يتحرك لتلبية حاجات اللاجئين.
وقال عوض "الآن عندما نتحدث عن نزوح نحو مليون شخص خلال شهرين أو نزوح 500 ألف في ليلة واحدة لا نرى تجاوبا من العالم." ويشمل العدد 13.6 مليون شخص نحو 7.2 مليون نازح داخل سوريا -فيما يشكل زيادة كبيرة من تقديرات الأمم المتحدة البالغة 6.5 مليون شخص - علاوة على 3.3 مليون لاجئ سوري في الخارج و1.9 مليون نازح في العراق هذا العام بسبب القتال بين العشائر وتقدم الدولة الإسلامية اضافة الى مليون نازح في السابق و190 ألف شخص غادروا طلبا للسلامة.
وتوجهت الأغلبية الساحقة من اللاجئين السوريين إلى لبنان والأردن والعراق وتركيا وهي بلدان قال عوض إنها "تدفعنا إلى الشعور بالخجل من أنفسنا" بسبب دعمها للعائلات السورية المشردة. وقال إنه "ينبغي للدول الأخرى في العالم وخصوصا البلدان الأوروبية وغيرها أن تفتح حدودها وتتحمل جزءا من العبء."
وقالت إليزابيث بيرس المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي إن البرنامج خفض حصص الغذاء لنحو 4.25 مليون شخص وان نقص الاموال قد يجبر البرنامج على وقف الامدادات للاجئين. وأضافت بيرس أن برنامج الاغذية العالمي حصل في الآونة الاخيرة على تعهدات جديدة ربما كانت ستحول دون الخفض الفوري في الحصص وقالت "إلى أن تتأكد هذه التعهدات فإن وضع التمويل الفعلي للبرنامج سيظل صعبا."
من جهة اخرى اعلنت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان ان نحو سبعة ملايين طفل سوري وعراقي عالقين في النزاع الدائر في البلدين سيواجهون "شتاء قاسيا" هذا العام. ونقل البيان عن ماريا كالفيس المديرة الإقليمية لليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انه "بعد كل ما عانوه بسبب النزاعات الدائرة في سوريا والعراق سيحتاج أطفال المنطقة لحمايتنا بشكل ملح بسبب قدوم فصل الشتاء وتزايد اعداد الأسر المهجرة".
واضافت "لكن بسبب الأوضاع الحرجة التي تتعلق بالقدرة على الوصول لهذه الفئات ونقص التمويل فلن نتمكن للأسف من الوصول للعديد من الأطفال". واوضح البيان ان "الوصول للعديد من المناطق في سوريا يبقى أمرا صعبا أو مستحيلا بسبب الاقتتال الدائر" في هذا البلد، مشيرا الى ان "الوضع في العراق يشكل تحديا مماثلا". بحسب فرانس برس.
وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة اعلنت انها اجبرت على خفض عدد الاشخاص الذين تستطيع تقديم المساعدة لهم للاستعداد للشتاء في سوريا والعراق بسبب نقص التمويل. وتجدر الاشارة الى ان 11 طفلا توفوا بسبب البرد في سوريا العام الماضي، وهو ما قد يحدث هذا العام مع الاطفال والمسنين والضعفاء".
لاجئون لكندا وايران
على صعيد متصل التزمت كندا استقبال عشرة الاف لاجئ سوري وثلاثة الاف لاجئ عراقي خلال ثلاثة اعوام ردا على طلب المساعدة من الامم المتحدة، بحسب ما اعلنت وزارة الهجرة. وعبر هذا الالتزام حيال اللاجئين السوريين، تساهم كندا بعشرة في المئة من مجمل مئة الف لاجئ سوري دعت المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة العام الفائت الى استقبالهم في دول اخرى في العالم.
وافاد تقرير للمفوضية العليا ان السوريين يشكلون اكبر مجموعة لاجئين في العالم تعنى بها المفوضية مع عدد يتجاوز ثلاثة ملايين شخص فروا من الحرب. وقال وزير الهجرة الكندي كريس الكسندر خلال اعلانه هذه الاجراءات "لا نقوم بذلك فقط لاننا قادرون بل ايضا لان القيام بهذا الامر سليم وجيد". ومنذ اشهر عدة، تنتقد المعارضة في اوتاوا تباطؤ الحكومة المحافظة في الوفاء بالوعود التي قطعتها حيال اللاجئين السوريين.
وفي تموز/يوليو 2013، التزمت اوتاوا استضافة 1300 لاجئ سوري، لكن من دخلوا البلاد حتى الان هم الف ونيف. واعلنت الحكومة ان الدفعة الاخيرة منهم ستصل في اذار/مارس المقبل. وسبق ان استقبلت كندا عشرين الف لاجئ عراقي منذ 2009، وفق ارقام رسمية. واعلنت الحكومة ايضا ارسال مساعدة انسانية اضافية بقيمة تسعين مليون دولار للسكان المدنيين في سوريا والعراق والدول المجاورة.
من جانب اخر قالت إيران انها وافقت على مد التأشيرات المؤقتة لنحو 450 ألف لاجئ أفغاني لستة أشهر متخلية بذلك عن تهديد بترحيلهم إلى بلدهم الذي يشهد هجمات المتشددين بعد أن استعادوا نشاطهم. وتواجه افغانستان صعوبات للتعامل مع مئات الالاف الذين تشردوا داخل حدودها بسبب العنف وطلبت من جارتها ألا تطرد اللاجئين الأفغان الذين لا يملكون الوثائق اللازمة. وقالت كابول إن 760 ألف لاجئ معرضون للخطر ولم يتضح على الفور ما الذي سيحدث لمن لم تمد تأشيراتهم.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان "تم تمديد (التأشيرات المؤقتة) لمدة ستة أشهر استنادا الى العلاقات الأخوية بين بلدينا." وأضافت الوزارة أن أفغانستان وافقت على وضع خطة لمساعدة اللاجئين خلال شهرين. وتتوقع الأمم المتحدة أن يحتاج 756 ألف نازح داخل أفغانستان لمساعدتها. بحسب رويترز.
وتقول الأمم المتحدة إن هناك ما يقرب من مليون لاجئ افغاني مسجلون في إيران وجاء معظمهم قبل عام 2001 حين أطاحت قوات قادتها الولايات المتحدة بحكم طالبان. وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن تصاريح إقامة من وصلوا الى إيران بعد ذلك تقيم على أساس فردي مما يصعب عليهم الحصول على الأوراق اللازمة لتسجيلهم رسميا.
ضحايا تهريب البشر
في السياق ذاته قال متحدث باسم البحرية في بنجلادش إنه تم إنقاذ أكثر من 600 من ضحايا تهريب البشر من ميانمار وبنجلادش قبالة ساحل جنوب آسيا في أكبر عملية من نوعها تقوم بها سلطات بنجلادش. وقال الكومودور م. راشد علي المتحدث باسم البحرية إنه تم العثور على الضحايا على متن سفينة صيد ترفع علم ميانمار قبالة جزر كوكس على بعد حوالي 400 كيلومتر عن داكا عاصمة بنجلادش. وأضاف أن سفينة الصيد كانت بانتظار سفينة أخرى كانت ستنقل الضحايا إلى ماليزيا. وتم احتجاز طاقم السفينة المكون من 14 فردا. بحسب رويترز.
وقال مسؤولون بحرس السواحل في بنجلادش إن الضحايا الذين يجري تهريبهم يتوقعون أن تبحر سفنهم إلى ماليزيا لكنهم يتعرضون للخطف عادة وينقلون إلى مخابيْ في أحراش تايلاند حيث يحتجزون إلى حين دفع فدية. وإذا لم يدفع الأهل فدية عادة ما يكون مصير المخطوفين القتل أو الاستعباد. ولم يصل بعد آلاف من مسلمي الروهينجا الذين غادروا ميانمار في الشهر الأخير إلى وجهاتهم حسب روايات ذويهم وجماعة حقوقية مما يثير مخاوف من منع قواربهم من الوصول للبر.