مركز آدم يناقش الآليات القانونية لإعادة بناء البقيع

مصطفى ملا

2015-08-14 10:47

عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (الآليات القانونية لإعادة بناء البقيع) بحضور مجموعة من المختصين في الشأن القانوني وباحثين في مراكز الدراسات.

 وتندرج هذه الحلقة ضمن المطالبات التي أكدت على ضرورة احترام الحقوق والحريات الدينية المكفولة من قبل المواثيق الدولية، وكذلك لتسليط الضوء على النصوص القانونية التي يمكن من خلالها المطالبة لإعادة اعمار هذه المراقد انطلاقاً من الحرية الدينية والفكرية التي تكفلها المواثيق والمعاهدات الدولية والانسانية.

 قدم الحلقة الأستاذ الدكتور ضياء عبد الله الجابر عميد كلية القانون وأستاذ القانون الجنائي/جامعة كربلاء، حيث أكد قائلا "في هذا الموضوع المتعلق بالآليات القانونية وكيفية إعادة بناء أضرحة أئمة البقيع عليهم السلام لابد من التطرق إلى جانب مهم وأساسي في هذه القضية إلا وهو القانون الدولي"، اضافة إلى معرفة آلية بناء العلاقات الثنائية بين البلدان ذات العلاقة وبالتحديد جمهورية العراق والدول التي ينتشر بها أبناء الطائفة الشيعية لاسيما المملكة العربية السعودية باعتبار المراقد المطهرة تقع تحت سيطرتها.

 وأشار الجابر الى أن الكثير من أسباب الكراهية والحقد تبدأ عن طريق التضييق او مصادرة هذه الحقوق والحريات المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية أو الاعتداء على الأماكن المقدسة التي تمثل رمزاً لطائفة معينة، داعيا إلى توفير الغطاء القانوني اللازم لحماية هذه الاماكن.

القانون الدولي والمواثيق

 الورقة البحثية الأولى التي تقدم بها الأستاذ الدكتور نوري رشيد النوري، تناولت القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات والإعلانات في الأعراف الدولية التي من الممكن أن تعزز وتقّوم هذه المطالبات لتحقيق الهدف الأساسي، وقال النوري مثلما كل بقعة ارض في أي بلد تعتبر مقدسة فالأماكن الإسلامية والدينية تعتبر مقدسة بحد ذاتها، لافتاً إلى أن في السابق كان من الصعب جدا دراسة المنظور الديني على الصعيد الدولي وذلك لعدم وجود الحدود الرسمية بين الدول، وبالتالي تولد الاعتقاد بأن الديانات والمذاهب لا تشملها الدراسات المعمقة في العلاقات الدولية.

 وأشار نوري إلى تطور العلاقات الدولية انعكس بصورة ايجابية على القواعد الدولية التي تحكم العلاقات ولهذا نرى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نص على أن يكون لكل شخص حق في حرية الرأي والتفكير والدين سواء كان بصورة سرية أو علنية وفق المادة (18) من هذا الإعلان، مستعرضا بعض المواد القانونية التي كفلت الحقوق المتعلقة بممارسة الطقوس والشعائر الدينية، منها ميثاق الحقوق والحريات الأساسية للاتحاد الأوربي فقد نص على هذا الحق في المادة العاشرة منه وكذلك المادة الثالثة من الإعلان الأمريكي للحقوق وغيرها من المواد القانونية.

 وعن دور القانون الدولي في حماية الأماكن المقدسة أضاف النوري، قد أضفت المعاهدات الدولية التي أبرمت في أوائل القرن العشرين نوعا من الحماية على انتهاك حرمة أماكن العبادة حيث اعتبرت هدم الآثار الدينية والتاريخية انتهاك لقوانين الحرب، مبيناً أن من أهم الأمثلة القائمة على أساس الدين والمعتقد هو مايحصل في المملكة العربية السعودية.

 واختتم حديثه بالقول أن الاعتداء على الأماكن المقدسة بأي شكل من الإشكال يعد انتهاك لإحكام القرآن الكريم التي أكدت على منع هدم منازل أهل الذمة وهذا ما شددت عليه المبادئ العامة للشريعة الإسلامية.

بناء قبور البقيع ترتبط بحرية الدين والعقيدة

 وذهب الدكتور علاء الحسيني في ورقته البحثية التي تقدم بها خلال الحلقة النقاشية إلى الإطار القانوني لحماية جميع الإفراد بممارسة شعائرهم الدينية أينما كانوا وحلوا وارتحلوا، مشيرا إلى أن المطالبة ببناء قبور البقيع كونها تعد من أماكن العبادة التي ترتبط بشكل مباشر بحرية الدين والعقيدة.

 وتطرق الحسيني إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعطى الحرية للأفراد ممارسة الشعائر الدينية وغيرها من الأمور العبادية دون قيود أو ضغوطات لاسيما وان أماكن البقيع تندرج ضمن الأماكن الدينية العامة وليس من حق أي جهة كانت أن تدعي امتلاكها والتصرف بها.

 وتناول الدكتور الحسيني دستور المملكة العربية السعودية لعام 1992 حيث تقول المادة 81 منه "لا يخل تطبيق هذا النظام بالاتفاقيات والمعاهدات التي انضمت اليها المملكة مع الدول الأخرى"، ومن الملاحظ أن العربية السعودية لن تلتزم ببنود هذه الاتفاقيات هذا ما يخص المستوى الدولي، أما على المستوى الدولي الإنساني فقد بين الحسيني الاتفاقيات الدولية كاتفاقية لاهاي وجنيف ضمنت وكفلت حق الإنسان في ممارسة حرياته من خلال احترام أماكن العبادة.

 ودعا الحسيني إلى إتباع آليات تسجيل مقبرة البقيع لدى منظمة اليونسكو لتكون هنالك فرصة للمطالبة بها باعتبارها ارث للإنسانية وليس للطائفة الشيعية فحسب، وهنا يأتي دور الأمم المتحدة والجامعة العربية للضغط على النظام الحاكم في السعودية من اجل إعادة بناء تلك القبور.

المداخلات

 وبعد الانتهاء من الورقة البحثية الثانية، فتح مقدم الحلقة الباب أمام الحضور لسماع مداخلاتهم وآرائهم بما تم طرحه للخروج بتوصيات مفيدة ازاء هذا الموضوع الذي يعد من المواضيع ذات الأهمية الكبيرة كونه يمس المعتقد والارث الإنساني.

 اول المداخلات كانت للدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للدراسات والتنمية الاستراتيجية جاء فيها "أن القانون الدولي وكذلك القوانين الوطنية تؤكد جميعها على حماية الأماكن المقدسة، متسائلاً في حالة حصول اعتداء على أئمة البقيع وتجريم الطرف الذي قام بالفعل وتساءل عن كيفية إعادة بناء المكان".

 وأضاف العرداوي "أن المشكلة تكمن في تأويل النصوص القانونية بما يتلاءم مع وجهة نظرهم، مشيرا إلى أن المملكة العربية السعودية لا تتحرك في هذا الإطار مالم يتم الضغط عليها من المجتمعات الإسلامية وكذلك المجتمع الدولي لإعادة بناء أضرحة البقيع".

 أما الدكتور بشير المدرب في التنمية البشرية فقد تقدم بأسئلة إلى الباحثين منها، ما هي الآلية المثلى والقانونية للمطالبة ببناء قبور أئمة البقيع؟ والى أي جهة دولية يمكن توجيه هذه المطالب أولاً؟ ومن له الحق القانوني في إدخال مقبرة البقيع في منظمة اليونسكو؟ وهل الشيعة في السعودية لهم هذا الحق ام لوزارة السياحة والآثار السعودية؟.

 وعلق الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية على الموضوع قائلاً "إن النقطة الأساسية التي يجب أن تنطلق منها الطائفة الشيعية هي الدعم الدولي كونها تلتقي بنقطة جوهرية مع البشرية جمعاء وهي إن الطائفة الشيعية هي الوحيدة التي تؤمن بجميع الأنبياء وهذا ما يمثل نقطة التقاء البشرية حيث يمكن الاستفادة منها في الحصول على دعم عالمي وبالتالي طرح قضية البقيع وهذا لايتحقق بدون هذا الدعم.

وشدد الصالحي على أهمية تعريف الطائفة الشيعية إلى المجتمع الدولي من خلال تشكيل لجان قانونية للتواصل مع العالم.

 وفي الموضوع ذاته أضاف الأستاذ احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات "ان القضية العقائدية والدينية أصبحت في الوقت الحاضر مشكلة كبيرة في جميع الدول وليس في العربية والإسلامية فقط"، مبينا "إن قضية المعتقد لا يمكن بأي حال من الأحوال التسامح بها"، موضحاً بعض الأمثلة حول المعتقدات الدينية في بعض البلدان على الرغم من أنها ليس ديانات أو معتقدات سماوية تم تجريم الاعتداء عليها من قبل المجتمع الدولي كما فعلت جماعة طالبان المتفرقة بعد تفجيرها لتمثال بوذا، فيكف إذا كانت هذه الديانات منصوص عليها في الكتب السماوية؟!!.

 وبين جويد بأن هناك طائفة دينية أعطت الشرعية الدينية للسلطات السعودية مقابل الإمضاء بالأفكار المتشددة بضمنها هدم القبور والرموز والتراث الديني، مؤكداً على أن هذه المرحلة هي بداية لتعضيد مشاعر الكراهية بين الطوائف ليومنا هذا، وما نعيشه اليوم من عنف وقتل وتهجير ما هو إلا افرازات تلك الحقبة الزمنية، داعياً منظمات المجتمع المدني إلى القيام بحملة شاملة للضغط من اجل إعادة بناء قبور أئمة البقيع وإرجاعها بأفضل مما كانت عليه.

 واعتبر الدكتور عادل سعود الاستاذ في القانون الجنائي جامعة كربلاء، هدم قبور أئمة البقيع جريمة بحق الإنسانية ولا تزال وصمة عار في جبين الحركة الوهابية، مطالبا بفضح هذه الجرائم على المستوى الإنساني من خلال تشكيل تكتلات على مستوى دولي ضد الحركة الوهابية، مشدداً على ضرورة انضمام العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية لضمان ملاحقة مرتكبي الجرائم في المحافل الدولية.

 وتقدم الأستاذ باسم عبد عون الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات بتساؤل للباحثين حول إمكانية قيام المنظمات الدولية بإجبار السلطة السعودية على إعادة بناء قبور أئمة البقيع، مكملاً حديثه عن أفضل الطرق لإعادة البناء.

 ويعتقد الأستاذ علي الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام بأن بقاء القبور على هذه الحالة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقانون الداخلي السعودي وهو ما يعكس العلاقة بين المشرع السعودي والنظام الوهابي الذي عرف بالانتهاكات ومخالفته لجميع الطوائف الاسلامية، مشيراً إلى اختلاف الأوضاع في العراق ذات الأغلبية الشيعية إذ تحرص المرجعية الدينية على احترام المقدسات لجميع الطوائف وهذا بالتأكيد يلقي بظلاله على طبيعة التشريعات ومن يشرعها فيما إذا كان متشددا أو يؤمن بمبدأ التسامح والتعايش.

...................................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
هـ/7712421188+964
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

ذات صلة

الاكتفاء الذاتي والبساطة في العيشالدفاع عن حقوق المرأة في منهج الصديقة الزهراءانسحاب قطر من جهود الوساطة لإنهاء الحرب في غزة وفشل المفاوضاتإمكان إزالة الغضب وطرق علاجهمرة أخرى، كان الاقتصاد هو السبب يا غبي