في اوزبكستان المتغيرة: المسلمون يسعون إلى ممارسة ديانتهم علنا
وكالات
2019-05-30 09:38
(أ ف ب) - كانت الطالبة الأوزبكية لويزا موينجونوفا ترغب في العمل في قطاع السياحة الإسلامية المزدهر في البلاد، إلا أنها طُردت من الجامعة الواقعة في العاصمة طشقند العام الماضي، كان السبب في ذلك أن هذه الطالبة البالغة 19 عاماً مسلمة متدينة وترتدي الحجاب، وقالت لويزا لوكالة فرانس برس وهي تستشيط غضبا "كيف يجرؤون على التمييز ضدي ومنعي من الحصول على التعليم الذي أرغب به بسبب ديانتي؟".
ولكن بدلا من أن تستسلم، تبنت هذه الطالبة موقفا وضعها وسط نقاش حول الحرية الدينية في أوزبكستان، ورفعت عائلتها قضية على "أكاديمية اوزبكستان الدولية الإسلامية"، وقررت رفع المسألة إلى أعلى المستويات لتصل إلى أعلى محكمة في البلاد.
وتعكس قضية لويزا الإقبال المتزايد من الأوزبك لممارسة طقوسهم الدينية بشكل علني، يشجعهم على ذلك التغيير السياسي في ظل حكم الرئيس شوكت ميرزوييف، وقد استمر القمع الديني في الدولة الشيوعية السابقة إلى ما بعد الاستقلال عن موسكو في 1991، وكان اسلام كريموف أول رئيس للدولة مناهضا للتدين، وانتقدته جماعات حقوق الإنسان بسبب خلطه ما بين التدين والتطرف، وتحدى الإسلاميون حكم كريموف في التسعينات وألقيت عليهم مسؤولية موجة من تفجيرات السيارات المفخخة في 1999، ويُعتقد أن مئات الاوزبكيين انضموا إلى جماعات مسلحة تقاتل في العراق وسوريا ومن بينها تنظيم الدولة الإسلامية.
الزمن تغير
بعد وفاة كريموف وتولي ميرزوييف الرئاسة في 2016، قدمت الحكومة غصن الزيتون للمتدينين، والعام الماضي سُمح لسماعات المساجد بأن تصدح بالآذان لأول مرة منذ نحو العقد، وخلال زيارة إلى معبد في مدينة تيرميز التاريخية الشهر الماضي، قال ميرزوييف أن طريقة تعامل السلطات السابقة مع الدين هي "مأساتنا" مؤكدا أن الإسلام يرمز إلى "النور"، ويشكل المسلمون أكثر من 90% من سكان البلاد البالغ عددهم 33 مليون نسمة، كما أن المجتمع بطبعه محافظ خاصة في المقاطعات، ووسط صحوة إسلامية، تدور مؤخراً معركة ثقافية حول الزي المدرسي بين المحافظين ومؤيدي العلمانية.
والعام الماضي تم اقرار زي مدرسي موحد ترتدي فيه الطالبات تنانير قصيرة إلى مستوى الركبة. وتلا ذلك على الفور تقرير تلفزيوني ينتقد المعلمات والطالبات اللواتي يرتدين تنانير قصيرة، وأطلق التقرير الذي بث في أيلول/سبتمبر نقاشا محتدما على مواقع التواصل الاجتماعي وتسبب في خفض رتبة مدير القناة الوظيفية.
وتحدثت التقارير عن اعتقال مدونين محافظين في نفس الشهر بعد دعوتهم إلى السماح للفتيات بممارسة حقهن في ارتداء الحجاب.
طرد من المدرسة
قالت لويزا إن الجامعة التي طردتها إضافة إلى تسع طالبات أخريات في ايلول/سبتمبر الماضي، "وضعت شرطا" لنحو مئة طالبة جديدة، واضافت وهي تضبط حجابها القطني الوردي، أن الجامعة قالت "اما ان تخلعن حجابكن، أو سيتم طردكن"، وعندما رفضت لويزا خلع الحجاب، تم طردها من سكن الطالبات ولم يُسمح لها بدخول المحاضرات، وقالت إن طلب خلع حجابها "هو مثل اجبارها على التخلي عن دينها"، وللغرابة فإن الجامعة تركز على التعليم الديني، وما حدث بعد ذلك هو أمر غريب على بلد اعتاد فيه السكان على عدم معارضة الحكومة، فقد رفعت عائلة لويزا قضية على الجامعة وطالبت باعادة ابنتها إلى مقاعد الدراسة وهي ترتدي حجابها، والأكثر غرابة أن محكمة محلية وافقت على النظر في القضية فيما كانت نحو عشر فتيات يرتدين الحجاب وامهاتهن ينتظرن خارج المحكمة تضامنا مع عائلة لويزا، وبعد رفض محاكم في الإقليم والمدينة قضية لويزا، رفعت عائلتها القضية إلى المحكمة العليا.
العديد لا زالوا في السجون
اعترافا باتاحة السلطات المزيد من الحرية الدينية، ازالت وزارة الخارجية الأميركية العام الماضي اوزبكستان عن قائمة "الدول المثيرة للقلق" بشأن الحريات الدينية، ولكن في نيسان/ابريل قالت اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية إن"الانتهاكات الشديدة للحرية الدينية مستمرة" في اوزبكستان وأوصت وزارة الخارجية بإعادة اوزبكستان إلى قائمة المراقبة التي تشمل كذلك كلا من السعودية وكوريا الشمالية.
واستغلت جماعات حقوقية دولية الحوار الجديد مع الإدارة الجديدة للمطالبة بمزيد من الحرية الدينية سواء للمسلمين أو غيرهم من الجماعات، وتحدث ستيف سويردلو الباحث في شؤون وسط آسيا في منظمة هيومان رايتس ووتش عن أدلة تستند إلى مقولات البعض بأن "المئات من السجناء الدينيين ربما تم الإفراج عنهم" منذ تولى ميرزوييف السلطة.
واضاف لوكالة فرانس برس "لايزال الكثير من المعتقلين لأسباب دينية في السجن"، وبعد عام أكاديمي كامل من وقف لويزا عن الدراسة، يخشى محامي العائلة عبد الوهاب يعقوبوف - الذي طردت ابنته من الجامعة لنفس السبب - من أن القضاء يماطل في القضية، وقال "كان من المفترض أن ترد المحكمة العليا على استئنافنا خلال 30 يوما"، وفي تحد واضح ذكرت لويزا أنها ستتوجه إلى المحاكم الدولية في حال لم ينصفها النظام القضائي في بلادها، وقالت "لا يمكننا ان نبقى صامتين بعد الآن".