حقوق المرأة في المملكة الذكورية
وصال الاسدي
2018-05-31 04:04
لا تزال السعودية إحدى أكثر الدول التي تفرض قيودا على المرأة في العالم، حيث لا تتقلد النساء مناصب وزارية في المملكة التي تتبع نظام ولاية الأمر على النساء من أقاربهن الذكور بما يعني وجوب موافقتهم على القرارات المهمة، دعت الكثير من المنظمات الحقوقية للقضاء على التمييز ضد المرأة المملكة العربية السعودية إلى إنهاء الممارسات التي تتضمن تمييزا ضد النساء.
وحثت هذه المنظمات على إلغاء الممارسات المتعلقة بسلطة الرجل على المراة، وإنه يجب عليها تطبيق أمر صدر في الآونة الأخيرة يعطي للنساء الحق في الحصول على جواز سفر والسفر أو الدراسة في الخارج واختيار سكنهن والحصول على رعاية صحية.
في الوقت نفسه اكد ناشطون في مجال حقوق الانسان إنه يجب على السعودية تطبيق استراتيجية شاملة من أجل "القضاء على المواقف والأنماط الذكورية التي تتضمن تمييزا ضد النساء"، وأضافوا أنه لابد من تجريم الاغتصاب وكل أشكال العنف ضد المرأة بموجب القانون السعودي.
حيث لا تزال المرأة في المملكة الذكورية تكافح بقوة من اجل ان تعيش حياة تليق بكرامة الانسان، وتحافظ على شخصيته من الاذلال والامتهان وسلب الحقوق، حيث تعاني المرأة في السعودية من عادات وتقاليد بالية تعيق تقدمها وابراز دورها في الحياة كعنصر انساني مهم يشارك في البناء المجتمعي، فضلا عن طبيعة الحياة الكارثية التي تعيشها حيث المطاردة والملاحقة والعقوبات التي تصل حد القتل، بسبب عدم قبول الرجال لتعلم النساء او السير والذهاب بمفردهن الى التسوق وقضاء بعض احتياجات المرأة او العائلة، بل هناك موجة تعصب متفاقمة تحاول ان تمنع المرأة السعودية من حق التعليم والذهاب الى المدارس وحرمانها من حق التعليم والمشاركة الفعالة في الحياة اليومية للمجتمع.
لكن مع كل هذه المصاعب الجمة التي تواجه المرأة السعودية هناك اصرار كبير على التقدم الى امام نحو الحرية والتطور، إذ هناك نساء ناشطات يعملن ليل نهار ويكافحن من اجل فك القيود عن النساء ومحاربة التعصب الذكوري، بالاضافة الى استخدام الاعلام والفن من اجل توعية المجتمع على اهمية مشاركة المرأة الفعالة في الحياة العامة وحماية حقوقها خاصة حق التعليم والسير بمفردها وحق التعليم وما شابه، اذ تشير الدلائل على ارض الواقع ان هناك تقدما جيدا للمرأة في السعودية من حيث التعليم وقيادة السيارة ومشاركة الرجل في حقوق الاجتماعية.
لكن رغم مؤشرات الانفتاح الجزئي في السنوات الأخيرة التي أبداها النظام السعودي لا يزال هناك تضييقات شديدة في السعودية على حقوق المرأة، اذ لا يزال وضعها القانوني أدنى من وضع الرجل في كافة المجالات، بما فيها أبسط السلوكيات المرتبطة بالحياة اليومية.
الحريات الاجتماعية
تشهد المملكة مناخا جديدا حذرا فيما يتعلق بالحريات الاجتماعية مع صعود ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما إلى السلطة بعد سنوات طويلة كان حكام المملكة فيها من كبار السن.
تدعيما لحقوق المرأة قرر الامير الاصلاحي السماح للنساء بحضور مناسبات رياضية مشتركة وحقهن في قيادة السيارات وحرية ارتداء العباءة، وغيرها من الحريات اذ لقيت هذه التغييرات إشادة باعتبارها دليلا على نهج تقدمي جديد نحو التغيير في النهج المحافظة رغم أنها مازالت تتعرض لانتقادات بسبب القيود التي لاتزال تفرضها على المرأة.
الأمير محمد بن سلمان في حديث مع شبكة (سي.بي.اس) التلفزيونية قال: " إن قوانين الشريعة واضحة وتنص على أنه يتعين على النساء، مثل الرجال، ارتداء ملابس محتشمة ومحترمة.
وأضاف أن ذلك لا يعني بالتحديد ارتداء عباءة سوداء أو غطاء رأس أسود مشيرا إلى أن القرار يرجع للمرأة في تحديد نوع الملابس المحتشمة والمحترمة التي تريد ارتداءها.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه التصريحات تشير إلى تغيير في فرض زي معين على المرأة في السعودية، اذ لايوجد قانون مكتوب يحدد زي المرأة حسب الشريعة الإسلامية، لكن الشرطة والهيئة القضائية تفرضان منذ فترة طويلة زيا صارما على المرأة يطالبها بارتداء العباءة وتغطية رأسها وفي العديد من الحالات تغطية وجهها. وبدأت النساء السعوديات ارتداء عباءات ملونة في السنوات الأخيرة لتظهر ألوان مثل الأزرق الفاتح والوردي بدلا من الأسود المعتاد.
مشجعات للمرة الاولى
ضمن خطة "رؤية 2030 " التي طرحها الأمير محمد بن سلمان وفي محاولة لإدخال النساء إلى سوق العمل ولتحسين صورة المملكة في الخارج، اتخذ ولي العهد قرارا استثنائيا بالسماح للمراة بدخول الملاعب، للمرة الأولى في تاريخ المملكة سعوديات يشجعن فريقهن المفضل في ملعب لكرة القدم.
واضافت وكالة فرنس24 بانه حدث بارز يؤكد مسار التغيير الجذري الذي يقوده محمد بن سلمان ضمن خطة اقتصادية اجتماعية طرحها في 2016، اذ حضرت المشجعات في جدة لمتابعة مباراة من على المدرجات والهتاف لفريقهن المفضل، في حدث تاريخي تشهده المملكة المحافظة للمرة الأولى.
وشهد ملعب "الجوهرة المشعة" بمدينة الملك عبد الله الرياضية دخول أولى المشجعات إلى الملعب وهن يرتدين العباءة السوداء وفي أيديهن وشاح أخضر يحمل شعار نادي الأهلي.
وغردت السعوديات مستبشرات بالتغيير قالت لمياء خالد ناصر (32 عاما) المقيمة في جدة "مع هذا الحدث يتأكد لنا أننا نمضي بالفعل نحو مستقبل مزدهر، أشعر بفخر كبير لأنني شاهدة على هذا التغيير".
فيما رأت رويدة علي قاسم (50 عاما) أن يوم المباراة "يوم تاريخي في المملكة يستكمل التغييرات الجذرية الأخيرة"، مضيفة "أنا فخورة وسعيدة جدا بهذا التطور وبمواكبة الإجراءات الحضارية التي تنتهجها أغلب الدول. أتمنى أن يدوم هذا العز".
وذكرت نورة بخرجي "كنت دائما أشاهد المباريات على شاشة التلفزيون، بينما يذهب أشقائي إلى الملعب. شعرت بالحسرة كلما ذهبوا وعادوا ليخبروني عن متعة مشاهدة المباريات من على المدرجات، ان الاون انه يوم المتعة والفرح"، يذكر ان في 30 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت السلطات السعودية رفع الحظر عن دخول النساء إلى ملاعب رياضية والسماح لهن بحضور مباريات الدوري المحلي.
اعتراضات المحافظين
بعد مساع دامت لنحو ثلاثة عقود للمطالبة بانهاء حظر القيادة على النساء، حصلت السعوديات على هذا الحق، لكن بعض الناشطات يقلن إن هذه الانفراجة لم تأت دون ثمن وإن الثمن هو السكوت، وحظي المرسوم الملكي الذي أنهى حظر قيادة النساء للسيارات بالإشادة بوصفه دليلا على اتجاه تقدمي جديد في المملكة المحافظة لكن بعض النساء يقلن إنهن تعرضن لضغوط حتى لا يتحدثن عن الأمر بينما تنفي الحكومة ذلك.
اذ تسعى المملكة لتطبيق إصلاحات رغم اعتراضات المحافظين فإن القيادة تحاول اتخاذ خطوات للتحديث دون أن تخسر دعم قاعدتها التقليدية، ونقلت رويترز عن اربع نساء شاركن في الاحتجاجات تعرضهن للابتزاز والامر بعدم التعليق على المرسوم.
لكن الأعراف السعودية التي كان يبدو أن من الصعب كسرها انقلبت رأسا على عقب فقد بدأ بعض من رجال الدين الذين كانوا يؤيدون سياسات مثل تلك التي تمنع المرأة من القيادة وتحظر الاختلاط بين الجنسين في التعبير عن آراء مختلفة.
وتشير التغييرات إلى تحول محتمل في ميزان القوى لصالح أسرة آل سعود الحاكمة بعيدا عن المؤسسة الدينية، ونشرت رويترز حديثا لها مع الناشطات اللائي قلن إنهن تلقين اتصالات هاتفية تأمرهن بالتزام الصمت بشرط عدم نشر أسمائهن خوفا من التعرض للانتقام.
قالت إحداهن عمن اتصل بها "كان مباشرا للغاية. قال نأمرك بعدم التعليق على مسألة قيادة النساء وإلا ستتخذ إجراءات ضدك. أنت مسؤولة عن أي شيء ينشر بعد هذه المكالمة"، فيما اعتذرت امرأة أخرى هي تماضر اليامي على حسابها على تويتر عن عدم تمكنها من التعليق "لاعتبارات خارجة عن إرادتي"، اذ كتبت تقول "الكل يعلم... كل متابع.. لا داعي لقولها بصوت عال ... ولا يهم المهم هو المكسب ونحن كسبنا".
كفاحنا
الناشطة هالة الدوسري المقيمة في بوسطن بينت لوكالة رويترز" إن رفع الحظر يهدف كذلك لإسكات الناشطات"، وتابعت "أفراد الأسرة الحاكمة يريدون أن يكونوا محور الدولة السعودية في الداخل والخارج باعتبارهم أصحاب أي إصلاح. فهم ليسوا مستعدين لأن ينازعهم أحد في ذلك"، فكيف يمكنهم إقناع العالم بأنهم رعاة التحديث بينما تتحدى نساء السعودية هذه الأفكار؟.
واضافت إيمان النفجان التي شاركت في احتجاج على حظر القيادة في عام 2011 إنها شعرت بارتياح لرفع الحظر لكنها أصيبت بخيبة أمل من إغفال دور الناشطات في الوصول إلى ذلك، اذ كتبت في اليوم التالي لصدور المرسوم الملكي ”هل كانت جهودنا وراء رفع الحظر؟ أم كان قرارا اتخذ بصرف النظر عن كفاحنا؟.
نشرت وسائل إعلام سعودية أخبار إنهاء حظر قيادة النساء للسيارات على هاشتاك "الملك ينتصر لقيادة المرأة"، لكن الشرطة أصدرت أمري اعتقال في مطلع الأسبوع لرجال وجهوا تهديدات للنساء اللاتي سيقدن سياراتهن.
تمكين المراة والاقتصاد
في الوقت الذي تحصل فيه المرأة السعودية على حق قيادة السيارة ومزيد من فرص العمل، فإن زيادة النشاط الاقتصادي بين شطر السكان تنطوي على فرصة للبنوك وفقا لما قاله أحد رؤسائها.
ستيف برتاميني الرئيس التنفيذي لمصرف الراجحي صرح لرويترز إن البنك ثاني أكبر بنوك المملكة من حيث الأصول، فتح 133 فرعا مخصصا للسيدات بل ولديه معرض سيارات للسيدات لمساعدتهم في الحصول على قروض شراء السيارات.
وقال برتاميني "دخول النساء قوة العمل سيكون إيجابيا للأسر من حيث كونه دخلا إضافيا سيساعد في تبديد أثر بعض الزيادة في التكاليف التي تراها في أماكن أخرى"، وذلك في إشارة إلى الانخفاض المتوقع في إنفاق المستهلكين بسبب تطبيق ضريبة القيمة المضافة هذا العام وإلغاء بعض الدعم.
لكونه أكبر بنك في قطاع إقراض الأفراد، فإن مصرف الراجحي مزود كبير لقروض السيارات ويدير معارض سيارات منذ 2008، لكنه ظل مقتصرا على الرجال إلى أن افتتح البنك أول معرض مخصص للسيدات، واكد برتاميني "إن زيادة النشاط الاقتصادي للسيدات ستساعد في أن يتجاوز نمو القروض التي يقدمها البنك نسبة الأربعة بالمئة المتوقعة للقطاع في 2018. وبلغ نمو قروض البنك ثلاثة بالمئة العام الماضي".