التحالف العربي بالقائمة السوداء والمدنيون اليمنيون هم من يدفع ثمن الحرب
عبد الامير رويح
2017-10-11 05:30
تزايدت بشكل كبير المعاناة الإنسانية في اليمن، بسبب استمرار الغارات الجوية لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، التي اسهمت بقتل الالاف من البشر وتدمير البنى التحتية في هذا البلد الفقير، الامر الذي اثار قلق ومخاوف المنظمات الانسانية والحقوقية العالمية، التي انتقدت الممارسات الاجرامية لقوات التحالف والصمت الدولي الخطير على هذه الانتهاكات. حيث اكدت "هيومن رايتس ووتش" في وقت سابق إن الحرب المستمرة و القيود التي تفرضها قوات التحالف بقيادة السعودية، أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين اليمنيين.
ويعاني اليمن، أفقر بلد في الشرق الأوسط، من أكبر أزمة إنسانية في العالم. ينتشر سوء التغذية والمرض على نطاق واسع، لا سيما بين الأطفال. كما أغلقت نصف مستشفيات البلاد، الامر الذي اسهم بانتشار الكثير من الامراض الخطيرة ومنها مرض الكوليرا الذي اودى بحياة الكثير من البشر. وحذرّت منظمة الصحة العالمية ايضا ، من أن الكثير من المديريات الصحية في اليمن تفتقر إلى الأطباء في ظل استمرار الحرب منذ ربيع 2015. وأضرت الحرب كثيرًا بالقطاع الصحي في اليمن، وتسببت في انتشار أوبئة، وأصبح أكثر من 20 مليون يمني (من أصل حوالي 27.4 مليون نسمة) بحاجة إلى مساعدات إنسانية؛ فضلا عن نزوح قرابة 3 ملايين شخص، ومقتل وإصابة عشرات الآلاف، وفق الأمم المتحدة.
وفيما يخص اخر تطورات الملف اليمني فقد أدرجت الأمم المتحدة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في قائمة سوداء بسبب مقتل وإصابة 683 طفلا في اليمن وشن هجمات على عشرات المدارس والمستشفيات خلال عام 2016 لكنها أشارت إلى أن التحالف اتخذ إجراءات لتحسين حماية الأطفال. وضمت أيضا القائمة السوداء، الملحقة بتقرير سنوي من الأمم المتحدة عن الأطفال في الصراعات المسلحة، حركة الحوثي وقوات الحكومة اليمنية ومسلحين موالين للحكومة وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بسبب انتهاكات بحق الأطفال في 2016.
وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن الحوثيين والمقاتلين المرتبطين بهم أوقعوا 414 طفلا ما بين قتيل وجريح في 2016. وقال التقرير إن أفعال التحالف بقيادة السعودية أدت إلى إدراجه على القائمة السوداء لقتل أو إصابة 683 طفلا وبسبب 38 هجوما على مدارس ومستشفيات في العام الماضي مضيفا أن الأمم المتحدة تحققت من صحة كل الوقائع. وأضيف التحالف الذي تقوده السعودية إلى القائمة السوداء لفترة وجيزة العام الماضي ثم استبعده فيما بعد بان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت إلى حين إجراء مراجعة. واتهم بان آنذاك السعودية بممارسة ضغوط ”غير مقبولة“ وغير مشروعة بعد أن أبلغت مصادر بأن الرياض هددت بوقف جزء من تمويل الأمم المتحدة. ونفت السعودية تهديد بان.
وفي محاولة لإنهاء الجدل المحيط بالتقرير قُسمت القائمة السوداء هذا العام إلى فئتين، إحداهما تدرج الأطراف التي طبقت إجراءات لحماية الأطفال ومن بينها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، والأخرى تضم الأطراف التي لم تفعل ذلك. وأعدت التقرير فرجينيا جامبا مبعوثة الأمم المتحدة بشأن الأطفال والصراعات المسلحة وصدر باسم جوتيريش. ولا يُخضع التقرير الدول المدرجة في القائمة السوداء لإجراءات من الأمم المتحدة ولكنه يُشهر بأطراف الصراع على أمل دفعها لتنفيذ إجراءات لحماية الأطفال. بحسب رويترز.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن جوتيريش تحدث هاتفيا إلى الملك سلمان. وأضاف ”أجريا نقاشا إيجابيا جدا بشأن القضايا محل الاهتمام المشترك بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط وخارجه“.وقُتل أكثر من عشرة آلاف شخص في الحرب الأهلية التي يشهدها اليمن منذ أكثر من عامين والتي جعلت الملايين على شفا المجاعة. ويسيطر الحوثيون على معظم شمال اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وأشار الامين العام أنطونيو غوتيريش ان الهدف من هذا التقرير السنوي لا يقتصر على التنديد بالانتهاكات التي ترتكب ضد الاطفال من قتل وتشويه وتعديات جنسية وتجنيد وخطف، وانما ايضا حض الاطراف المتحاربين على اتخاذ اجراءات للحد من عواقب النزاعات على الاطفال. ولفت غوتيريش إلى ان "العديد من الحكومات والجهات غير الحكومية تعمل حاليا مع الامم المتحدة" من اجل الحد من تلك العواقب، واصفا ذلك بأنه "مشجع".
ورحبت عدة منظمات غير حكومية بإدراج التحالف العربي على القائمة السوداء. ومن بينها منظمة هيومن رايتس ووتش التي اثنت على قرار غوتيريش واعلنت "يتعين على التحالف (العربي) التوقف عن تقديم وعود فارغة (...) واتخاذ إجراءات ملموسة لوقف هذه الهجمات الفتاكة غير القانونية في اليمن، والسماح بوصول (...) المساعدات الى من هم بحاجة اليها". واضافت "إلى حين حدوث ذلك، يجب على الحكومات تعليق جميع مبيعات الأسلحة الى السعودية". وتصنف الأمم المتحدة الوضع في اليمن على أنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث بات سبعة ملايين يمني على حافة المجاعة فيما تسبب انتشار وباء الكوليرا بوفاة أكثر من ألفي شخص.
معلومات مظللة
الى جانب ذلك أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية رفضه القطعي لما وصفه بـ"معلومات مضللة وبيانات غير صحيحة" جاءت في تقرير الأمم المتحدة السنوي بشأن انتهاكات حقوق الأطفال في اليمن. ونقلت قناة "الإخبارية" السعودية في حسابها على "تويتر" عن التحالف تحذيره من أن التقرير، الذي أدرج اسم التحالف على لائحة الأطراف المتورطة في مخالفة حقوق الأطفال في اليمن، يحتوي على معلومات غير صحيحة من شأنها الإضرار بمصداقية المنظمة العالمية.
وشدد التحالف على أنه يتخذ "إجراءات شاملة" من أجل حماية المدنيين، وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني، مطالبا الأمم المتحدة بتوضيح ما ورد في التقرير "من المغالطات" وسحب اسم التحالف من القائمة السوداء. وأكد التحالف رفضه للأساليب المستخدمة لتزويد المكاتب الأممية بـ"معلومات مضللة"، وتابع أنه "يتحفظ بشدة" على هذه الوثيقة. وأعرب التحالف عن أمله في مواصلة التعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز حماية المدنيين، مشيدا بتثمين الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش لـ"الخطوات المهمة التي اتخذها التحالف"، ومشيرا إلى تمسكه بالمعايير والقوانين الدولية لحماية المدنيين وسلامتهم.
وحذر التحالف من أن "المعلومات المضللة" الصادرة في التقرير الأممي "هدفها صرف الأنظار عن جرائم الحوثيين" وحلفائهم، متهما إياهم باستخدام المدنيين كدروع بشرية وتجنيدهم والزج بهم في جرائمهم، حسب تصريح التحالف. وحمل التحالف أيضا إيران المسؤولية عما يشهده اليمن، قائلا إن النزاع ما كان ليندلع لو لا تدخل طهران.
قنابل أميركية
على صعيد متصل اعلنت منظمة العفو الدولية ان التحالف العربي بقيادة السعودية استخدم قنبلة أميركية الصنع في ضربة جوية على صنعاء قتلت 16 مدنيا، بينهم سبعة اطفال، ويتّمت طفلة. وقالت المنظمة ان خبراءها عاينوا مخلفات القنبلة وانها "حملت علامات تلائم مكونات أميركية الصنع تستخدم عادة في القنابل المواجهة بواسطة الليزر والتي يتم القاؤها من الجو".
وقالت لين معلوف مديرة البحوث في منظمة العفو الدولية في مكتب بيروت الاقليمي "يمكننا الآن أن نؤكد بشكل قاطع أن القنبلة التي قتلت والدي بثينة وأشقاءها، وغيرهم من المدنيين، هي قنبلة أمريكية الصنع". وكانت معلوف تشير الى بثية منصور ابنة الخمس سنوات التي نجت من الغارة وفقدت والديها وجميع أشقائها وشقيقاتها وانتشرت صورتها على نطاق واسع في أعقاب الضربة.
ودمرت الضربة الجوية التي نفذت في 25 آب/اغسطس مبنيين سكنيين في حي فج عطَّان، جنوب العاصمة اليمنية. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في البلد الفقير.
واليمن منقسم تقريباً إلى شطرين، إذ يسيطر الحوثيون وحلفاؤهم على الشمال والقوات الموالية للحكومة مدعومة بالتحالف العربي على الجنوب. وبلغت حصيلة قتلى الحرب في اليمن 1712 طفلا من اصل 8500 قتيل منذ دخول التحالف العربي النزاع، بحسب اليونيسف. وغداة الضربة الجوية أقرت قوات التحالف العربي بمسؤوليتها، ولكنها أصرت على القول بأن الخسائر في صفوف المدنيين كانت نتيجة "خطأ تقني".
وتتعرض قوات التحالف العربي باستمرار لاتهامات بقتل مدنيين في الغارات التي تشنها في اليمن. وفي كانون الاول/ديسمبر 2016 أوقفت ادارة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما تزويد الرياض قنابل موجهة بدقة. واعلن مسؤول كبير في الادارة الاميركية ان تعليق تسليم هذا النوع من القنابل يعكس "قلقا كبيرا جراء الاخطاء في تحديد الاهداف لدى التحالف العربي" وطريقة توجيه التحالف للضربات الجوية في اليمن.
ومنذ توليه السلطة ضاعف الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الدعم العسكري للرياض. ووقعت واشنطن والرياض في أيار/مايو عقود تسلح بقيمة 110 مليار دولار اعتبرت الأضخم في تاريخ الولايات المتحدة. ودعا رئيس مجلس اللاجئين النروجي يان ايغلاند الى العودة للدبلوماسية لما فيه مصلحة المدنيين اليمنيين. وقال ايغلاند إن "الدول المجاورة والقوى الاقليمية تصب الزيت على النار فيما يدفع المدنيون اليمنيون ثمن الحرب".