مقتل السفير الروسي في أنقرة عشية المحادثات الثلاثية
وكالات
2016-12-19 10:28
هل تؤدي حادثة اغتيال السفير الروسي في انقرة الى توتر شديد او حتى اندلاع حرب، خصوصا مع انتصار روسيا وحلفائها في حلب وغضب اوربي وسعودي وقطري من سقوط حلب، حيث تنطلق المحادثات الثلاثية بين روسيا وتركيا وايران لإيجاد حل سياسي في سوريا.
وبعد هذا الحادث وقعت حادثة الدهس في برلين بألمانيا التي أدت الى مقتل 9 اشخاص واصابة 50، في وقت تبادلت تركيا وألمانيا سابقا الاتهام بدعم الإرهاب.
فقد قتل السفير الروسي لدى أنقرة بالرصاص في هجوم على معرض فني في العاصمة التركية يوم الاثنين على يد مسلح صاح قائلا "لا تنسوا حلب".
وأكدت متحدثة باسم الخارجية الروسية مقتل السفير أندريه كارلوف في واقعة تمثل أحد أخطر تداعيات الصراع السوري على تركيا.
وروسيا حليفة وثيقة للرئيس السوري بشار الأسد ولعبت ضرباتها الجوية دورا رئيسيا في مساعدة القوات السورية على إنهاء مقاومة جماعات المعارضة الأسبوع الماضي بمدينة حلب في شمال البلاد.
وقالت وكالة الأناضول للأنباء إنه تم "تحييد" المسلح بعد الهجوم بقليل. وقال شاهد من موقع الحادث لرويترز إن المهاجم كان يرتدي بذلة سوداء وربطة عنق ويقف وراء السفير بينما كان يلقي كلمة في المعرض الفني.
وأضاف الشاهد الذي طلب عدم نشر اسمه "أخرج مسدسه وأطلق الرصاص على السفير من الخلف. رأيناه راقدا على الأرض ثم ركضنا هاربين."
وقال مصور لرويترز في موقع الهجوم إن دوي إطلاق نار تردد لبعض الوقت عقب الهجوم.
وأظهر مقطع فيديو المهاجم وهو يصيح "لا تنسوا حلب. لا تنسوا سوريا." وبينما ترددت صيحات أمكنت رؤية المسلح وهو يتحرك عشوائيا ويصيح بينما حمل مسدسا في يد ولوح بالأخرى.
وأظهرت صورة نشرت على موقع تويتر أربعة أشخاص يرقدون على الأرض بينهم السفير على ما يبدو.
وتشارك روسيا وتركيا في الصراع في سوريا. وتعارض تركيا الأسد بشدة بينما أرسلت روسيا جنودا وتساهم بقواتها الجوية دعما للرئيس السوري.
وأدانت وزارة الخارجية الأمريكية الهجوم على السفير. وتجري واشنطن اتصالات هاتفية مع موسكو في محاولة لحل أزمة النازحين التي تتطور حول مدينة حلب.
وتصاعد التوتر في الأسابيع القليلة الماضية بينما حاربت القوات السورية المدعومة من روسيا للسيطرة على الجزء الشرقي من مدينة حلب مما أدى لتدفق أعداد كبيرة من النازحين.
ولم تتضح بعد الجهة التي تقف وراء الهجوم. وينشط متشددو الدولة الإسلامية في تركيا ونفذوا عدة تفجيرات لأهداف تركية في العام الأخير.
وقال هاشم كيليج مراسل صحيفة حرييت في انقرة الذي كان موجودا في المكان، لوكالة فرانس برس "بينما كان السفير يلقي خطابا، اطلق رجل ضخم يرتدي بزة، النار في الهواء ثم استهدف السفير". واضاف انه "قال شيئا ما عن حلب وعن انتقام".
وظهر في صور نشرتها وسائل اعلام تركية السفير الروسي ممدا ارضا وبالقرب منه رجل يحمل مسدسا.
واعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية وفاة السفير متأثرا بجروحه. وقالت في لقطات بثتها شبكة التلفزيون الحكومية "روسيا 24" ان الهجوم "عمل ارهابي".
واعلنت وسائل الاعلام التركية ان ثلاثة اشخاص آخرين جرحوا في هذا الهجوم.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف ان الرئيس فلاديمير بوتين "ابلغ" بالهجوم. واضاف ان وزير الخارجية سيرغي لافروف وقادة الاجهزة الخاصة سيقدمون للرئيس تقريرا عن الحادثة كما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي.
ويأتي هذا الهجوم بينما تشهد العلاقات بين تركيا وروسيا تحسنا منذ اشهر بعد ازمة دبلوماسية خطيرة نجمت عن اسقاط الطيران التركي في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 طائرة حربية روسيا فوق الحود السورية التركية.
وقد نفت تركيا الاثنين ابرام أي "صفقة" سرية مع روسيا حول مستقبل سوريا رغم تحسن التعاون الذي افضى الى اتفاق حول عمليات اجلاء من حلب.
وتأتي تصريحات انقرة عشية اجتماع بين وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو ونظيريه الروسي سيرغي لافروف والايراني محمد جواد ظريف الثلاثاء في موسكو حول سوريا.
قال وزير الداخلية التركي إن المسلح الذي قتل السفير الروسي في تركيا في هجوم بمعرض للفنون مساء الاثنين يعمل ضابطا بشرطة مكافحة الشغب في العاصمة.
وقال سليمان صويلو للصحفيين إن الاغتيال أصاب الأمة التركية "بحزن عميق" مشيرا إلى أنه يأتي في وقت تحسنت فيه العلاقات بين تركيا وروسيا.
وذكرت قناة (سي.إن.إن تورك) أن الشرطة التركية اعتقلت شقيقة ووالدة المسلح الذي قتل السفير الروسي بالرصاص في معرض فني بالعاصمة التركية أنقرة. وأضافت أن المرأتين اعتقلتا في إقليم إيدين في جنوب شرق تركيا.
إعاقة المحادثات الثلاثية
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاثنين إن قتل السفير الروسي في تركيا عمل استفزازي يهدف إلى إفساد العلاقات الروسية التركية وإعاقة محاولات موسكو بمساعدة إيران وتركيا لإيجاد حل للأزمة السورية.
وفي تعليقات بثها التلفزيون قال بوتين خلال اجتماع خاص في الكرملين إنه أمر بتعزيز الأمن في السفارات الروسية بمختلف أنحاء العالم وقال إنه يرغب في معرفة الجهة التي تقف وراء المسلح.
وأثنى بشدة على السفير الروسي القتيل أندريه كارلوف الذي قتل بينما كان يلقي كلمة في معرض فني بأنقرة وأوضح أن رد فعل موسكو على اغتياله سيكون قويا.
وقال بوتين "إن جريمة ارتكبت وهي بلا شك استفزاز يستهدف إفساد تطبيع العلاقات الروسية التركية وإفساد عملية السلام السورية التي تدعمها بنشاط روسيا وتركيا وإيران وآخرون.
"لا يمكن أن يكون هناك سوى رد واحد - تصعيد الحرب على الإرهاب. قطاع الطرق سيشعرون بذلك."
وأضاف بوتين الذي قال إنه يعرف شخصيا السفير القتيل إنه اتفق في اتصال هاتفي مع نظيره التركي طيب إردوغان على أن يتوجه محققون روس إلى أنقرة قريبا لمساعدة الأتراك في التحقيق.
وقال بوتين لوزير الخارجية سيرجي لافروف ومدير المخابرات الخارجية سيرجي ناريشكين ومسؤولين آخرين "يجب أن نعلم الجهة التي تقف وراء القاتل."
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الاثنين إنه تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإن الزعيمين اتفقا على أن اغتيال السفير الروسي في أنقرة عمل استفزازي من قبل الساعين للإضرار بالعلاقات الثنائية.
وفي رسالة مصورة بثت على التلفزيون التركي قال إردوغان إن العلاقات التركية الروسية حيوية للمنطقة وإن الساعين إلى الإضرار بها لن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو يوم الاثنين إن التفكير السليم هو السائد حاليا في روسيا وتركيا في أعقاب اغتيال سفير موسكو في أنقرة وإن البلدين سيعملان معا للتحقيق في الواقعة.
وفي تعليقاته التي بثها التلفزيون التركي على الهواء أشاد تشاووش أوغلو بالسفير الروسي وقال إنه "رجل عظيم ودبلوماسي عظيم".
وذكر مسؤول أمني تركي كبير أن ثمة "دلائل قوية للغاية" على أن المسلح الذي قتل السفير الروسي يوم الاثنين ينتمي لشبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي تقول أنقرة إنه دبر انقلابا فاشلا في يوليو تموز.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته إن التحقيق الحالي يركز على صلات المسلح بشبكة كولن.
وتقول الحكومة إن كولن الذي يعيش في منفاه الإختياري في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ 1999 أوجد "شبكة موازية" في الشرطة والجيش والقضاء والخدمة المدنية بهدف الإطاحة بالدولة. وينفي كولن ذلك.
وعرف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المهاجم الذي قتلته قوات الأمن لاحقا بأنه عضو في قوات أمن أنقرة وعمل بها لعامين ونصف العام.
لكن مسؤولا يقدم الاستشارات الإعلامية لحركة رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن قال إن الحركة لا صلة لها باغتيال السفير الروسي في تركيا يوم الاثنين وإن كولن يدين قتل السفير بشدة.
وقال ألب أصلان دوجان لرويترز إن مزاعم مسؤول أمني تركي كبير لم يتم الكشف عن هويته بوجود "مؤشرات قوية للغاية" على انتماء قاتل السفير للحركة "مضحكة" وتهدف إلى التغطية على التراخي الأمني. وأضاف "السيد كولن يدين تماما هذا العمل الشائن."
وندد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بقتل السفير الروسي في تركيا يوم الاثنين وقال إن بلاده مستعدة لمساعدة روسيا وتركيا في التحقيق بشأن الهجوم.
وقال كيري في بيان "الولايات المتحدة تدين اغتيال السفير الروسي اندريه كارلوف في أنقرة اليوم."
وتابع قائلا "نحن مستعدون لتقديم المساعدة لروسيا وتركيا في تحقيقاتهم في الهجوم الخسيس الذي يعد أيضا هجوما على حق كل الدبلوماسيين في التقدم بسلام وأمان لتمثيل بلادهم في أنحاء العالم." وأدانت وزارة الدفاع الأمريكية الهجوم أيضا.
من جهتها قالت رئاسة الجمهورية في مصر إنها تدين "بأشد العبارات" الهجوم الذي أسفر عن مقتل سفير روسيا في تركيا مساء يوم الاثنين.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان إنها تعبر عن "عميق استنكارها ورفضها لهذا العمل الإرهابي الغادر... (و) تعرب عن خالص العزاء والمواساة لأسرة السفير الروسي الراحل ولروسيا الاتحادية قيادة وشعبا."
وتحسنت العلاقات بين القاهرة وموسكو منذ تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر عام 2014.
ودعت مصر مجددا في بيانها الصادر مساء الاثنين إلى "أهمية تضافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره."
وتكافح مصر للقضاء على متشددين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية وينشطون في شمال شبه جزيرة سيناء.
وزعم التنظيم مسؤوليته عن إسقاط طائرة ركاب روسية تحطمت في سيناء بعد قليل من إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي في أكتوبر تشرين الأول العام الماضي مما أسفر عن مقتل جميع ركاب الطائرة وأفراد طاقمها وعددهم 224 شخصا.
وفي سياق متصل نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن البرلماني الروسي الكبير ليونيد سلوتسكي إن محادثات موسكو بشأن مستقبل سوريا والتي تضم روسيا وإيران وتركيا ستمضي قدما يوم الثلاثاء رغم مقتل السفير الروسي في أنقرة.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء الخارجية والدفاع من البلدان الثلاثة في موسكو يوم الثلاثاء.
وذكر الكرملين في بيان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره الإيراني حسن روحاني هاتفيا يوم الاثنين بأنه يأمل في أن يعملا سويا للتوصل إلى حل بشأن سوريا في أسرع وقت ممكن.
وجاء الاتصال الذي قال الكرملين إنه بمبادرة من إيران عشية اجتماع في موسكو لوزراء خارجية ودفاع روسيا وإيران وتركيا بشأن سوريا.
ويرغب بوتين أن تجرى محادثات سلام سورية جديدة تشمل الحكومة السورية والمعارضة في قازاخستان ويحاول حشد الدعم لها.
وقال مسؤول من وزارة الخارجية التركية لوسائل إعلام دولية في اسطنبول يوم الاثنين "سيهدف (الاجتماع) إلى فهم آراء الأطراف الثلاثة وتوضيح أين نقف جميعا ومناقشة إلى أين نذهب.
"ليس بالاجتماع المعجزة لكنه سيمنح كل الأطراف فرصة للاستماع إلى بعضها البعض."
وأصبحت الدول الثلاث أطرافا فاعلة في سوريا فتدعم إيران وروسيا بقوة الرئيس السوري بشار الأسد في حين ترغب تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في أن تراه يترك منصبه.
غير أن تركيا تعطي الأولية لضمان عدم تمكن مقاتلين أكرادا من كسب أراض في سوريا على امتداد حدودها.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن اجتماع الثلاثاء سيتركز على كيفية حل الصراع المستمر منذ سنوات في سوريا وعلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية سيرجي لافروف قوله للصحفيين "نأمل في أن نتحدث بالتفصيل وبعبارات واضحة مع أولئك الذين يمكنهم تحقيق تحسن في الوضع على الأرض في حين ينشغل شركاؤنا الغربيون بدرجة أكبر بلغة الخطابة والدعاية ولا يؤثرون على من يستمعون لهم."
من جهة أخرى قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يوم الاثنين إنه إذا فشل المجتمع الدولي في إيجاد وسيلة ضغط على النظام السوري فلن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وأضاف الجبير في اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة "السؤال ليس كيف نصل لحل سياسي الكل يريد ذلك؟ ولكن السؤال كيف نفرض الضغوط اللازمة على النظام (السوري) للاستجابة لإرادة المجتمع الدولي؟"
وقال "إذا لم نستطع إيجاد وسيلة ضغط فعالة على النظام السوري فلن نستطع الوصول إلى حل سياسي وسيستمر القتل والتشريد والظلم في سوريا وسنتحمل مسؤولية ذلك أمام الله وأمام الشعب السوري."
شاحنة تقتحم سوقا لعيد الميلاد في برلين
هذا وقتل 9 أشخاص وجرح قرابة 50 حين داهمت شاحنة سوقا للميلاد في برلين، وذكرت الشرطة الألمانية أن المؤشرات الأولية تدل على أن الحادث هو اعتداء. وأعلن متحدث باسم الشرطة لقناة "إن24" الألمانية بأن الشرطة اعتقلت المشتبه بأنه قائد الشاحنة، وأن مساعده قتل خلال الحادث. ودعت الشرطة سكان برلين إلى البقاء في بيوتهم.
وأعلنت الشرطة الألمانية لوكالة الأنباء الفرنسية أن شاحنة اقتحمت مساء الإثنين سوقا لعيد الميلاد في وسط برلين، ما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص وسقوط ما لا يقل عن 50 جريحا. في حين نقلت وكالة "دي بي اي" عن الشرطة قولها أن الأمر عبارة عن اعتداء.
وقالت المتحدثة باسم الشرطة "هناك 50 جريحا على الأقل بعضهم بحالة الخطر"، و"هناك تسعة قتلى على الأقل".
كما كتبت شرطة برلين على تويتر أن العديد من الأشخاص أصيبوا بجروح عندما انحرفت الشاحنة نحو السوق، في ميدان يقصده السياح.
ودعت الشرطة الألمانية سكان برلين إلى "البقاء في منازلهم."