في تونس.. الثورة تكاد تتلاشى من الذاكرة ومشاعر الإحباط الاقتصادي تتنامى

وكالات

2016-10-30 06:15

(رويترز) - لسنوات طويلة ظل نور الدين عز الدين يشاهد القطار مشحونا بكميات كبيرة من الفوسفات قيمتها ملايين من الدولارات بينما كان هو وكثير من أقرانه يشغلون المقاهي يائسين من الحصول على عمل وعلى مصروف يومي بل وحتى على الماء الصالح للشرب أحيانا في مدينة الرديف الواقعة في الجنوب التونسي.

ومع بطالته المستمرة منذ سبع سنوات لم يعد عز الدين الحاصل على دبلوم جامعي في الميكانيكا قادرا على التحمل أكثر وأعلنها صريحة.. "يكفي يكفي فاض كأس الصبر"، هذا الشاب انضم منذ عشرة أشهر لمحتجين عاطلين من خريجي الجامعات يرون أن لهم خيارا واحدا للضغط على الحكومة للاهتمام بمطالب منطقتهم المهمشة هو: "لا عمل لنا..اذن لا فوسفات لكم"، وأمام منجم الفوسفات بالرديف بقيت عربة قطار مملوءة بالفوسفات محتجزة داخل شركة المناجم ونصب المحتجون خيمة ممزقة وسط السكة الحديدية معطلين بذلك نقل الفوسفات قبل أن يعيدوا نصب خيمة أخرى على بعد أمتار من أكوام كبيرة من الفوسفات الجاهزة للتصدير نبتت فيها الأعشاب بعد أن ظلت مكدسة في مكانها منذ أشهر.

وبعد ست سنوات من انتفاضة اجتاحت تونس وانتهت بفرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى المنفى فإن قصة نجاح الانتقال الديمقراطي في تونس ما زالت تنغصها شوائب. فمشاعر الإحباط المتنامية لدى أوساط الشبان العاطلين عن العمل أصبحت تثير المخاوف من توترات اجتماعية جديدة مماثلة لتلك التي أشعلت انتفاضة 2011 والعودة بالبلاد الى نقطة الصفر من جديد، والحصار المستمر لقطاع الفوسفات مند 2011 ضرب هذه الصناعة الوطنية وكلف الدولة خسائر بمليارات الدولارات. لكن احتجاج الرديف هو واحد من عشرات الاحتجاجات التي انتشرت في عديد المناطق في تونس التي يراها الغرب مثالا للانتقال الديمقراطي الناجح في المنطقة المضطربة.

وأمام باب مغلق لمنجم بالرديف الذي ينتج 20 بالمئة من إجمالي إنتاج الفوسفات الوطني جلس عز الدين يتحدث لفريق رويترز قائلا "هنا لا يوجد شيء .. ليس هناك شركات .. ليس هناك فرص عمل .. ليس لدينا إلا الفوسفات".

ثم تابع بنبرة تجمع بين الغضب والحسرة "الفوسفات هذه الثروة التي تخرج من هنا تذهب أموالها لتمول مشاريع أخرى في كل مكان من البلاد ولكن ماذا عن فرص العمل والمشاريع بالنسبة لنا نحن هنا؟"، وفي العاصمة تونس أيضا يرابط محتجون عاطلون عن العمل أمام مقر وزارة التشغيل منذ شهور إضافة إلى اخرين يحتجون بشكل مستمر أمام مقرات محافظات وبعضهم هدد بالانتحار.

وهددت نقابات بالإضراب بسبب إجراءات تقشفية أعلنتها الحكومة. وفي سبتمبر أيلول الماضي هددت شركة بتروفاك البريطانية بوقف أنشطتها في تونس بسبب اعتصام أوقف صادراتها لأشهر قبل أن تتدخل الحكومة لإيجاد اتفاق مع المحتجين في جزيرة قرقنة.

وعلى غرار سابقيه يسعى رئيس الوزراء يوسف الشاهد لمواجهة تزايد المطالب. وتحت ضغط المقرضين الدوليين اقترح الشاهد حزمة إصلاحات لخفض الإنفاق وتقليص العجز، اقتراحات جاءت مصحوبة بإجراءات لتخفيف القيود على القروض للشبان وتشجيعهم على إطلاق مشاريع خاصة وإعلان مناظرة لتوظيف حوالي ثلاثة آلاف في شركة فوسفات قفصة.

لم تفلح الحكومات السابقة في السيطرة على العجز في الميزانية مع المحافظة على السلم الاجتماعي الهش في نفس الوقت لتفوت بذلك فرصة سانحة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية هامة، وبالنسبة للشركاء الغربيين لا تزال تونس منارة للديمقراطية في المنطقة المضطربة. وحصلت تونس بالفعل على مليارات الدولارات لإنعاش اقتصادها.

لكن دفوعات الديون الخارجية الكبيرة التي ستسددها تونس العام المقبل ومقترح تجميد زيادة الرواتب إضافة إلى فرض ضرائب جديدة وتجميد الانتدابات في القطاع العام كلها إجراءات ستختبر من جديد مدى صبر التونسيين الذي يقول بعضهم إن الحكومة لم تفعل إلا النزر القليل وبعد فوات الأوان.

ويشعر كثير من سكان المناطق في الجنوب التونسي - وهي معقل رئيسي للاحتجاجات ضد بن علي في 2011 - بأن منطقتهم ما زالت مهمشة لصالح المناطق الساحلية الأخرى التي تحظى باهتمام أكبر منذ حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي والزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس لتونس، وفي يناير كانون الثاني اندلعت هناك احتجاجات واسعة وانتشرت في عدة مناطق للمطالبة بالتنمية وفرص الشغل. وكانت تلك الاحتجاجات الأكبر والأعنف منذ انتفاضة 2011، وقال عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى الاقتصادي الاجتماعي متحدثا لرويترز "كنا نعتقد أن المسائل الاقتصادية الاجتماعية ستكون في صدارة الأولويات في 2011 ولكن الأمر لم يكن هكذا للأسف .. ونبهنا إلى خطورة هذا الأمر لأن كثيرا من الناس ما زالوا محبطين ولا فرص حقيقية لهم"، وجاءت الإصلاحات الاقتصادية في مركز متأخر خلال فترة التسوية السياسية في الأيام الأولى من انتفاضة 2011 بعد أن كاد الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين أن ينسف الانتقال الديمقراطي في مهد انتفاضات ما يعرف "بالربيع العربي".

وحذر الهذيلي من أن تزايد الاحتقان الاجتماعي وتنامي مشاعر الاحباط في عديد المناطق ينبئ بانفجار اجتماعي وشيك قد يخرج عن السيطرة، وزادت هجمات دموية لتنظيم الدولة الإسلامية من متاعب الاقتصاد التونسي العليل أصلا. وقتل عشرات السياح الغربيين العام الماضي في هجوم استهدف متحف باردو بالعاصمة وأخر استهدف سياحا بالمنتجع السياحي بسوسة، ولا تزال معدلات البطالة في نسق تصاعدي حيث وصلت في سبتمبر أيلول الماضي إلى 15.6 بالمئة وتصل الى المثلين في كثير من المناطق الداخلية. وخريجو الجامعات في تونس يمثلون ما لا يقل عن ثلث العاطلين الذين يصل عددهم إلى 650 ألفا.

وتعهد الشاهد الذي تسلم منصبه في أغسطس آب الماضي بإحياء الأمل لدى الشبان المحبطين وتوفير فرص حقيقية. ولكنه قال إن المالية العمومية ومكافحة الفساد وتوفير الأمن سيكون أيضا من أولويات حكومة الوحدة الوطنية التي تضم طيفا سياسيا واسعا.

ويريد الشاهد الذي يدعو إلى "تضحيات استثنائية لكل التونسيين" زيادة مداخيل الدولة عبر فرض ضرائب جديدة ومكافحة التهرب الضريبي إضافة إلى استقرار صناعة الفوسفات التي تمثل مصدرا هاما لجلب العملة الأجنبية. ويأمل أن يتراجع العجز العام المقبل إلى 5.4 بالمئة مقارنة مع 6.5 بالمئة متوقعة في 2016.

وأعلنت الحكومة عن برنامج اسمه "عقد الكرامة" يهدف إلى تشجيع المؤسسات على انتداب العاطلين براتب شهري قيمته 600 دينار (267 دولارا) لكل منتدب تساهم فيه الحكومة بمبلغ 400 دينار.

أوقات صعبة

وقال رئيس الوزراء "يتعين على الجميع القيام بالتضحيات لأن البيت لو سقط سيسقط على رؤوس الجميع"، لكن فرض ضرائب جديدة وتجميد الأجور في القطاع العام - وهو من أعلى كتل الأجور في العالم بنسبة 13.5 بالمئة من الناتج المحلي الخام - أمر بالغ الحساسية في بلد يرى كثير من شبابه أن على الدولة توفير الوظائف للعاطلين.وبالفعل واجهت مقترحات فرض ضرائب جديدة وتجميد الأجور موجة صد قوية. ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل ذو التأثير القوي تجميد رفع الأجور العام المقبل وهدد بإضراب عام قائلا إن الإجراء يهدد السلم الاجتماعي. ورفض اتحاد الصناعة والتجارة بدوره مقترحا لفرض ضريبة إضافية على أرباح الشركات بنسبة 7.5 بالمئة.

ويتساءل كثير من التونسيين من الطبقات الوسطى لماذا يتعين عليهم دفع ضرائب جديدة وتجميد الزيادة في الأجور وتقديم مزيد من التضحيات بينما يحتاج رئيس الوزراء للبحث عن موارد جديدة للدولة عبر ملاحقة الكسب غير المشروع وبعض من رجال الأعمال المتهربين من الضرائب من مؤيديه ومؤيدي حزبه نداء تونس.

وتحول مقترح حكومي بفرض ضرائب على من يمتلكون مسابح في بيوتهم بسرعة الى مثار للتندر في وسائل التواصل الاجتماعي ووصفه كثير بأنه إجراء شعبوي يهدف إلى إظهار أن الطبقات الثرية ستجبر أيضا على تضحيات بقدر تضحيات الطبقات المتوسطة والضعيفة، ويرى المحلل الاقتصادي نادر حداد أن إثقال كاهل التونسيين بالضرائب قد يزيد من الإحباط والتوتر الاجتماعي بينما يتعين حماية الطبقات الوسطى وهي الطبقات التي تغذي الاقتصاد بالسيولة المالية، وقال لرويترز "هناك اصلاحات هيكلية يتعين إطلاقها دون تأخير وهي إعادة هيلكة بعض الشركات العمومية العاجزة لخلق الثروة وربما بيع بعضها إضافة إلى إصلاح القطاع البنكي بسرعة وزيادة الحوافز الضريبية للمستثمرين الأجانب واستقطابهم لبعث مشاريع في المناطق الداخلية التي تحتاج تنمية وفرص شغل."

وفي شارع الحبيب بورقيبة حيث تظاهر أنصار حزب الجبهة الشعبية المعارضة ضد إجراءات التقشف قال عبد المنعم الشاذلي وهو شاب عاطل عن العمل منذ سنوات طويلة "تجميد الانتدابات يعني استمرار البطالة لنا ومضاعفة المشاكل".

إرهاب إقتصادي

وفي مدينة الرديف المهمشة والتي يعيش بعض سكانها من العمل في المناجم والأخرين في بعض الأنشطة الفلاحية وبيع البنزين المهرب ترى الإحباط في عيون شبانها الذين لايريدون من الحكومة إلا إظهار الجدية وبدء مشاريع تنموية تعيد إليهم أملا أصبح أشبه بالحلم المستحيل بالنسبة لهؤلاء.

ولأشهر طويلة يرابط معتصو الرديف من خريجي الجامعات في خيمة بالية فيها أغطية وقوارير مياه فقط وأصبحوا رمزا لاحتجاجات تظهر هشاشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس.، لكن منتقديهم يقولون إن ما يمارسه هؤلاء الشبان هو "إرهاب اقتصادي" يجب التصدي له ولو بالقوة لأنهم يخربون اقتصاد البلاد بتعطيل نقل وإنتاج الفوسفات.

ويقول الشبان المعتصمون إنهم لا خيار آخر لديهم في ظل صمت المسؤولين وتجاهل مطالبهم، أكثر من عشرين معتصما يؤكدون على أنهم عانوا من الإقصاء في كثير من مناظرات التشغيل التي جرت وأن الانتدابات يشوبها فساد واضح في كل مرة. أغلب هؤلاء عاطلون لفترات تفوق خمس سنوات ويعانون من أوضاع اجتماعية صعبة تصل إلى حد عجزهم عن إيجاد مصروف يومي لشراء قهوة أو سجائر.

وعلى بعد مئات الأمتار من خيمتهم تقف مجموعة أخرى من الشبان أمام محطة القطار بالرديف ليمنعوا عربات قطار مشحونة بالفوسفات من الخروج رغم محاولات السلطات لنقله بالقوة عدة مرات باءت كلها بالفشل.

وبعد أن تعهد الشاهد بالصرامة مع الاحتجاجات والإضرابات العشوائية في أول خطاب له أمام البرلمان بدا بعد ذلك بأسابيع أكثر ليونة في التفاوض مع محتجين. ونجحت وزيرة الطاقة هالة الشيخ روحه في إحياء 70 بالمئة من الإنتاج الوطني للفوسفات عبر إعادة تشغيل منجم المتلوي بعد إطلاق مناظرة لتشغيل حوالي ثلاث آلاف عامل في شركة فوسفات قفصة والمجمع الكيمائي بقابس، لكن تبقى الاتفاقات هشة وشديدة الحساسية في هذا القطاع الذي يوفر آلافا من فرص العمل ومن العملة الأجنبية للاقتصاد الواهن.

الحكومة تبدو حذرة جدا في التصدي بأسلوب أشد صرامة للمحتجين في مدينة الرديف التي ثارت ضد بن علي في 2008 الذي أطلقت قواته النار على المحتجين وقتل أحد المحتجين آنذاك في ما أصبح يعرف بأنه الشرارة الأولى للانتفاضة ضد بن علي وزوال الخوف من بطش شرطته، وعلى حائط خلف خيمتهم كتب المحتجون شعارات "ليس هناك شغل..ليس هناك فوسفات" و"شغل..حرية ..كرامة وطنية". تلك الشعارات نفسها رفعها المحتجون ضد بن حكم بن علي في 2011 أيضا، محمد الشباب وهو أيضا من خريجي الجامعة وعاطل منذ سنوات تحدث لرويترز قائلا "لماذا لا يرسلون الجيش إلى هنا برأيكم .. لأنهم يعرفون أننا على حق ولن نصمت على حقنا"، ويضيف "هم في مكاتبهم المكيفة لا علاقة لهم بنا .. ولايحسون بمعاناتنا .. الحكومة بعيدة جدا عنا وعن همومنا .. إنهم يعيشون في كوكب آخر".

جمنة .. قصة أخرى

وبعد مسافة ساعتين بالسيارة من الرديف ستفاجأ وأنت تدخل بلدة جمنة الصغيرة بأن كل شيء مختلف عما شاهده فريق رويترز في مدن الحوض المنجمي الغنية بالفوسفات والمهشمة، في جمنة المحاطة بواحات النخيل من كل جانب تختفي مشاعر الإحباط واليأس وتعم مشاعر الارتياح وأحيانا أخرى الفخر لدى سكان البلدة الصغيرة والهادئة.

في جمنة أخذ أبناء المدينة زمام الأمور بأيديهم وأصبحوا منذ انتفاضة 2011 يديرون واحات نخيل مساحتها تتجاوز 180 هكتارا تقول الدولة انها تملكها بينما يقول أهالي البلدة إنها أرضهم انتزعت منهم قبل استرجاعها قبل يومين من الإطاحة ببن علي في يناير كانون الثاني 2011، وبينما أخذ بعض من شبان الرديف الفوسفات وهو ثروتهم الوحيدة رهينة ووسيلة ضغط حتى توفر لهم الحكومة وظائف وتنهي معاناة وظروف اجتماعية قاسية فإن أهالي جمنة قاموا بتجربة عكسية تماما وجعلوا من ثروتهم الوحيدة وهي واحات التمور مصدر دخل وتنمية وفرص عمل لأبناء الجهة التي كانت مهمشة تماما مثل الرديف أو ربما أكثر منها.

وفي 2011 أسس نشطاء من بلدة جمنة جمعية سموها جمعية حماية واحات جمنة. الجمعية أصبحت تدير هذه الواحات التي درت أرباحا كبيرة في السنوات الخمسة الماضية بعد أن استثمر فيها أهالي المنطقة جهدهم ومالهم.

لكن الحكومة تصر على أن استغلال هذه الواحات غير قانوني وهو انتهاك لأملاك الدولة وتريد استرجاعها واسترجاع أرباحها، وأنفقت الجمعية التي تدير واحات جمنة بعد بيع محصول التمور رفيع الجودة كثيرا من المداخيل في مشاريع تنموية في جمنة حيث شيدت سوقا اسبوعية مغطاة وقاعات درس وقاعات رياضة في مدرسة بالبلدة إضافة إلى ملعب كرة قدم معشب لشبان المدينة، كما اقتنت الجمعية عربة إسعاف ومولت عديد المشاريع الأخرى بل ونظمت مناسبات ثقافية في المنطقة، وبعد أن كانت الواحات لا تشغل سوى 15 عاملا أصبحت اليوم توفر فرص عمل لحوالي 260 من شباب البلدة البالغ سكانها حوالي ثمانية آلاف.

والآن بعد خمس سنوات من استغلال الأهالي للواحات تريد الدولة التي ظلت غائبة لعقود عن تنمية جمنة مثل كثير من المناطق الداخلية الأخرى أن تقطف الثمار وتقول إن انتهاك أملاك الدولة يجب أن يتوقف فورا.

لكن رئيس جمعية واحات جمنة الطاهر الطاهري يقول لرويترز "الحكومة الغائبة عن تنمية جمنة منذ أمد طويل أحست بالإحراج لاننا أنجزنا مشاريع تنموية للبلدة وتصرفنا في المداخيل بشفافية تامة"، ويمضي قائلا إنه كان من الأجدر أن تدعم الحكومة هذه التجربة في الاقتصاد التضامني بدلا من السعي لإفشالها لأن أبناء المدينة أغلقوا باب مشاكل على الحكومة بتقديم فرص عمل لشبان كانوا مهمشين بدلا من تصدي الدولة لذلك.

وبينما يرى البعض أن ما حصل في جمنة هو أمر مخالف للقانون بوضوح وفيه تعد على هيبة الدولة ويهدد بزعزعة وحدة البلاد ويجعل من مثل هذه الجمعيات دولة داخل الدولة فان آخرين يرون أن تجربة جمنة مع ما يشوبها من خروقات قانونية فإنها تظل نقطة ضوء يتعين الاقتداء بها وتشجيعها بدل السعي لوأدها لأنها تعزز الحكم المحلي وتخفف بعض الضغوط على الحكومة التي تواجه بالفعل ضغوطا كبيرة مع تزايد المطالب بالتشغيل في عديد المناطق، وبعض من خريجي الجامعات في جمنة وجدوا فرصة للعمل في واحات جمنة لتوفير مصاريف كثيرة بعد أن كانوا ضمن صفوف العاطلين لسنوات طويلة.

التوهامي هو واحد من شباب المدينة ممن تحصلوا على عمل قار في الواحة بعد أن طالت بطالته لتسع سنوات وهو الحاصل على شهادة جامعية في علوم الأرض، يقول التوهامي لرويترز بينما كان يشرف على مراقبة جمع محصول التمور "كان الوضع صعبا وبقيت تسع سنوات دون عمل ودون مال أنفقه على نفسي ولكن الآن تغير الوضع وأصبحت أحصل على راتب شهري يكفي للإنفاق على عائلتي الصغيرة بعد أن تزوجت"، يضيف قائلا "نحن يأسنا من الحكومات كلها .. لم نعد نريد منها شغلا ..الشغل وفرناه لأنفسنا بأيدينا .. لا نريد منها شيئا .. فقط نقول اتركونا في حالنا!".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا