انسحاب بريطانيا.. هل يفكك الاتحاد أم المملكة؟
عبد الامير رويح
2016-07-05 09:01
بعد تصويتها على الخروج من الاتحاد الاوروبي، تواجه المملكة المتحدة جملة من التحديات والمشكلات السياسية والاقتصادية الخطيرة التي قد تكون سببا في تفكيك هذا البلد، حيث اثار هذا القرار جدلا وانقسامات كبيرة داخل وخارج بريطانيا، خصوصا وان قادة حملة الداعية للخروج من الاتحاد الأوروبي قد وجدو أنفسهم اليوم في مأزق خطير بعد فوزهم المفاجئ في الاستفتاء حيث وبدأوا وكما تنقل بعض المصادر بالتراجع عن وعودهم التي قطعوها للبريطانيين من غير أن يكونوا واثقين بإمكانية تنفيذها.
وتركزت حملة أنصار الخروج على مسألتي ضبط الهجرة التي مصدرها أوروبا وتعزيز نظام الضمان الصحي بواسطة أموال المساهمات التي تدفع لبروكسل، وهما وعدان كان لهما الإسهام الأكبر في حمل الناخبين على دعم خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وهذا الامر اسهم بخلق حالة من التذمر ودفع العديد من البريطانيين الى المطالبة بإجراء استفتاء جديد حول الاتحاد الأوروبي الذي طالب بترتيب اجراءات عاجلة لإخراج بريطانيا.
وحتى الآن ليس هناك ما يشير إلى أن هذا الخروج سيحدث بالفعل في وقت قريب أو ربما لا يحدث على الإطلاق. وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي أعلن استقالته إنه لن يتخذ الخطوات الرسمية لإتمام الطلاق من الاتحاد الأوروبي على أساس أن خلفه هو الذي يجب أن يقوم بذلك. ولأن الاستفتاء غير ملزم قانونيا يقترح بعض الساسة إجراء تصويت في البرلمان قبل بدء إجراءات الخروج الرسمية.
كما وقع أكثر من ثلاثة ملايين شخص خلال يومين فقط على التماس على الموقع الالكتروني للحكومة البريطانية لإجراء استفتاء ثان. وينقسم زعماء أوروبا - الذين يواجهون أكبر تهديد لوحدتها منذ الحرب العالمية الثانية- بشأن السرعة التي يتعين أن تبدأ بها مفاوضات الخروج. فتريد باريس التعجيل بها في حين تدعو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للتحلي بالصبر. وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية إنه يريد أن تبدأ العملية "فورا".
وقالت رئيسة وزراء اسكتلندا إن برلمانها قد يعترض على قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبموجب السلطات الممنوحة من الحكومة المركزية لحكومات الأقاليم يتعين على برلمانات اسكتلندا وأيرلندا الشمالية وويلز قبول قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وفقا لتقرير أعده مجلس اللوردات. ويتفق أغلب الساسة البريطانيين على أن التصويت الحاسم بنسبة 52 بالمئة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل 48 بالمئة لصالح البقاء فيه يعني أن الانفصال يجب أن يحدث. وسيمثل ما دون ذلك صفعة قوية على وجه الديمقراطية.
وقال كاميرون المصدوم في خطاب استقالته التي تمثل أكثر النهايات صخبا لولاية رئيس وزراء بريطاني منذ استقالة أنتوني إيدن بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 "إرادة الشعب البريطاني هي توجيه يتعين تنفيذه." لكن مازال اللغط كثيفا على وسم (هاشتاج) "التراجع عن الخروج" على الانترنت بشأن ما إذا كانت بريطانيا قد تستطيع إعادة النظر ومحاولة التعامل مع حالة التشكك التي تخيم على القارة الأوروبية في أعقاب التصويت الذي أثار اضطرابات مالية وسياسية.
مظاهرات في لندن
في هذا الشأن تظاهر الاف البريطانيين في لندن رفضا لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي فيما يستعد المرشحون لخلافة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لخوض معركتهم. وبعد ايام من الاستفتاء الذي افضى الى خروج بريطانيا من الاتحاد، تجمع عدد كبير من المتظاهرين واتجهوا الى البرلمان انطلاقا من بارك لين على طول حديقة هايد بارك في وسط لندن. وحمل الحشد عشرات من الاعلام الاوروبية ولافتات تطالب بإلغاء البريكست كتب عليها "حملة الخروج كذبت" فيما هتف بعضهم "الاتحاد الاوروبي، نحبك".
وقال احد المتظاهرين مرتديا الاصفر والازرق، لوني العلم الاوروبي، "اريد البقاء في الاتحاد الاوروبي. يمكننا فعل شيء ما دامت المادة الخمسون لم تطبق"، في اشارة الى المادة الواردة في معاهدة لشبونة والتي تتيح البدء بالية الخروج من الاتحاد الاوروبي. وقالت كايسي (37 عاما) التي زينت شعرها بورود صفراء وزرقاء "لقد اتخذنا القرار السيء بسبب اكاذيب الحملة المؤيدة للبريكست. اريد ان نعيد النظر في قرارنا". وقال نيكولاس لايت (82 عاما) "الجميع يعلمون باننا سنصوت للبقاء في حال اجراء استفتاء جديد"، مضيفا ان "عشرات الاف الاشخاص لم يصوتوا للخروج من الاتحاد الاوروبي او البقاء فيه بل ضد الحكومة".
واظهر استطلاع للراي اجراه مركز ايبسوس موري لحساب بي بي سي ان 16 في المئة من البريطانيين الذين شاركوا في الاستطلاع يعتقدون ان بريطانيا ستبقى في الاتحاد، فيما يجهل 22 في المئة ما اذا كانت البلاد ستخرج من الحظيرة الاوروبية. اما 48 في المئة فيعتبرون ان الانتخابات التشريعية يجب ان تجري قبل بدء مفاوضات الخروج.
واعلن ابرز مرشحين لخلافة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الوزيران تيريزا ماي (داخلية) ومايكل غوف (عدل) انهما لن يباشرا الية البريكست قبل نهاية 2016 وربما في 2017، ما اثار استياء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وقال هولاند ان قرار البريكست "اتخذ" و"لا يمكن ارجاؤه او الغاؤه"، على وقع دعوات القادة الاوروبيين الى تنفيذ المادة الخمسين في اسرع وقت لتبديد الغموض. من جهته، اعتبر وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور بول ريشار غالاغر ان صدمة البريكست يجب ان تؤدي الى "اعادة تأسيس" اوروبا و"تعزيز" اهدافها.
وعززت تيريزا ماي (59 عاما) موقعها لخلافة كاميرون، فقد اعلن مئة نائب محافظ من اصل 330 تاييدهم لها حتى الان مقابل عشرين لمايكل غوف، وفق وسائل الاعلام البريطانية. وقد يدفع وزير العدل مايكل غوف ثمن خيانة مزدوجة ارتكبها: الاولى لصديقه ديفيد كاميرون والثانية لبوريس جونسون حين دفع عددا من النواب المحافظين الى عدم تبني موقفه، علما بان ستين في المئة من هؤلاء ايدوا البقاء في الاتحاد الاوروبي. بحسب فرانس برس.
وكتب جون رنتول المعلق في صحيفة "ذي انديبندنت" الالكترونية "بعد الصدمة الهائلة للاستفتاء، تحتاج البلاد الى الاستقرار والى شخص كفؤ وحكيم في المفاوضات. قد تكون (تيريزا ماي) مثيرة للملل (...) ولكن لا شك اننا نحتاج اليوم الى شخص حكيم ويثير الملل". وسيعلن اسم خلف ديفيد كاميرون في التاسع من ايلول/سبتمبر. من جهتها، افتتحت الملكة اليزابيث الثانية الدورة الخامسة لبرلمان اسكتلندا من دون اي اشارة الى البريكست في خطابها. واكتفت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن باختتام كلمتها مؤكدة ان اسكتلندا ستظل "تؤدي دورها في اوروبا اكثر قوة". وايد 62 في المئة من الاسكتلنديين في الاستفتاء البقاء في الاتحاد الاوروبي واثارت ستورجن امكان اجراء استفتاء جديد حول استقلال بلادها.
آليات الخروج
الى جانب ذلك حذر وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن بأن بريطانيا لن تطبق المادة 50 من أجل الخروج من الاتحاد الاوروبي إلا في الوقت المناسب، مشددا على أن الاقتصاد البريطاني مستعد لمواجهة تبعات الخروج من أوروبا. جاء ذلك بأول تصريح متلفز له منذ تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الاوروبي. وأضاف أوزبورن في كلمته المقتضبة "أن المملكة المتحدة وحدها قادرة على مباشرة تطبيق المادة 50 وبرأيي لن نقوم بذلك إلا عندما تتوافر لدينا رؤية واضحة للترتيبات الجديدة مع جيراننا الأوروبيين.
وقال إن الاقتصاد البريطاني "مستعد لمواجهة ما يخبئه المستقبل لنا"، في وقت تبدي الأسواق المالية مخاوف من تبعات خروج بريطانيا. وأشار إلى أن الاقتصاد البريطاني بعد ست سنوات من السياسة المحافظة في وضع أفضل مع نمو قوي ومصارف لديها رؤوس أموال وفيرة وتراجع في عجز الموازنة. وأضاف "النتيجة هي أن اقتصادنا أقوى وأكثر قدرة على مواجهة التحديات التي تتصدى لها البلاد". وشدد على أهمية "التنسيق" المتواصل بين الحكومة والمصرف المركزي البريطاني والسلطات في دول مجموعة السبع الأكثر ثراء من أجل الحد من تقلبات الأسواق المالية.
وعلق أوزبورن على قرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بقرار إرجاء تطبيق المادة 50 من معاهدة لشبونة 2007، والتي تنظم آليات خروج الدول الأعضاء من الاتحاد، قائلا: "إنما أمهل البلاد بعض الوقت ليتسنى لها اتخاذ القرار حول العلاقة الجديدة التي ستقيمها". وتنص المادة 50 من معاهدة لشبونة الموقعة عام 2007 على أنه من أجل الشروع في إجراءات الانسحاب، على بريطانيا إبلاغ المجلس الأوروبي المؤلف من رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء بنيتها الخروج من الاتحاد، وأن تتفاوض بعد ذلك على مدى سنتين كحد أقصى في "اتفاق انسحاب". ولم يتم استخدام هذه المادة حتى الآن.
في حين قال ديبلوماسي أوروبي، طالبا عدم ذكر اسمه، "اعتقادي الشخصي هو أنهم لن يبلغوا أبدا" الاتحاد الاوروبي بنيتهم الخروج منه بالرغم من تصويت البريطانيين على ذلك في الاستفتاء الذي جرى. وشدد الدبلوماسي قائلا "نريد من لندن أن تباشر المادة 50 الآن حتى تتضح الأمور. وبما أنه لا يمكننا ارغامهم على ذلك، أتوقع بالتالي ان يأخذوا وقتهم ... ولا أستبعد وهذا اعتقادي الشخصي، ألا يفعلوا أبدا.
من جهة اخرى فالتطلعات الى استقلال اسكتلندا وكذلك ايرلندا الشمالية التي يؤيد ناخبوهما الاتحاد ويرون انهم على وشك ان يتم اخراجهم عنوة من هذه الكتلة. وقد صوت الاسكتلنديون بنسبة 62 بالمئة على البقاء في الاتحاد الاوروبي، مقابل نسبة 48,1 بالمئة لمجمل البريطانيين. وتحدثت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن على الفور عن امكانية اجراء استفتاء ثان على الاستقلال بعد ذاك الذي اجري في 2014.
وقالت ستورجن زعيمة الحزب الاستقلالي، من مقر اقامتها الرسمي في ادنبره حيث عبر ثلاثة ارباع الناخبين عن تأييدهم للبقاء في الاتحاد ان "امكانية اجراء استفتاء ثان يجب ان تكون مطروحة وهي مطروحة". وكانت قد حذرت قبل ساعات من ان اسكتلندا "ترى مستقبلها داخل الاتحاد الاوروبي" مما يفتح الطريق لتصويت جديد. وتؤكد ستورجن منذ اشهر بان الخروج من الاتحاد قد يؤدي الى استفتاء جديد.
وقال الباحث في العلوم السياسية لويس مورينو ان "حوالى ثلثي الناخبين الاسكتلنديين صوتوا للبقاء في الاتحاد الاوروبي وليست هناك اي دائرة اسكتلندية صوتت مع الخروج من الاتحاد". واضاف "انها نتيجة محبطة جدا للاسكتلنديين". وفور اعلان نتائج الاستفتاء البريطاني، انتشر على موقع تويتر وسم "استفتاء استقلال 2". ويعتقد توم (59 عاما) انه "سيجري استفتاء جديد"، معبرا عن "تفاجئه وخيبة امله" من نتيجة الاقتراع.
وفي مكان آخر، يعبر هيو براون (64 عاما) عن ارتياحه للخروج من الاتحاد. لكنه يشعر بسعادة اكبر بسبب احتمال الدعوة الى استفتاء جديد حول استقلال اسكتلندا. وقال "اذا كان ويستمينستر (البرلمان البريطاني) يريد بقاء اسكتلندا فعليه منحنا مزيدا من السلطات". وكغيره من الاسكتلنديين، يخشى ان يكون لدى البرلمان البريطاني المستقل عن المفوضية الاوروبية، مزيدا من الاوراق. وحول موعد الاستفتاء الجديد، يقول القادة الاستقلاليون الاسكتلنديون انهم "لن ينظموا اي شئ قبل ان يكونوا واثقين من الفوز به"، كما قال مايكل كيتينغ الذي يشغل مقعد السياسة الاسكتلندية في جامعة ابردين، بدون ان يذكر اي تاريخ محدد.
واكد استاذ العلوم السياسية في الجامعة نفسها مالكولم هارفي انه يجب الانتظار "لمعرفة ما اذا كان رئيس الوزراء (المقبل) سيلب طلب الاسكتلنديين الذي يمكن ان يؤدي الى تفكك المملكة المتحدة. الا ان المحللين يرون ان استفتاء جديدا حول استقلال لن يؤدي بالضرورة الى انتصار الاستقلاليين. وصرح المحلل مالكولم هارفي "اذا انضمت اسكتلندا مستقلة الى الاتحاد الاوروبي الذي خرجت منه انكلترا، فستقام حدود بين الامتين مع كل التبعات التي يمكن ان تنجم عن ذلك في مجال التنقل الحر". واضاف ان هذا ما يمكن ان يمنع الناخبين من التصويت مع الاستقلال. اما مالكولم كيتينغ، فقد اشار الى ان استطلاعات الرأي الاخيرة تتوقع هزيمة جديدة للاستقلاليين في حال اجري استفتاء جديد.
وعلى غرار اسكتلندا، صوت الناخبون في ايرلندا الشمالية بنسبة 55,7 بالمئة مع البقاء في الاتحاد الاوروبي. وفي هذه المنطقة، يطالب الحزب الجمهوري لايرلندا الشمالية شين فين باستفتاء على توحيد ايرلندا. وقال زعيم الحزب ديكلان كيرني "جرفنا تيار تصويت في انكلترا"، مؤكدا ان الشين فين سيمارس الآن ضغوطا من اجل استفتاء حول الحدود". وصرح انصار البقاء في الاتحاد الاوروبي انهم يخشون اعادة مراكز المراقبة على الحدود مع جمهورية ايرلندا المجاورة مما سيؤدي بالتأكيد الى صعوبات ادارية للشركات والعائلات. بحسب فرانس برس.
ويمكن لايرلندا الشمالية التي تواجه صعوبات في الانتعاش الاقتصادي بعد نزاع مسلح استمر عقودا وتدعمها مليارات اليورو التي تضخها المفوضية الاوروبية لدعم اتفاقات السلام الموقعة في 1998، ان تتأثر بذلك بشكل كبير. واكد رئيس الوزراء الايراندي ايندا كيني الذي يدرك الانعكاسات الممكنة لخروج من الاتحاد على اتفاقات السلام، ان الموضوع "سيشكل اولوية خاصة" لدى حكومته. وقال ان "الحكومة ستفعل ما بوسعها في المفاوضات المقبلة للابقاء على منطقة السفر المشتركة" التي اقيمت منذ عشرينات القرن الماضي بين ايرلندا والمملكة المتحدة. وهذا الاتفاق يسمح باجراءات مراقبة قليلة جدا ان لم تكن معدومة على الحدود المشتركة.
دائرة حكومية ومطالبات
في السياق ذاته اعلنت الحكومة البريطانية انشاء دائرة خاصة ستبدأ العمل على مسالة الخروج من الاتحاد الاوروبي مؤكدة ان تنظيم استفتاء حول الاستقلال "هو اخر شيء تحتاجه" اسكتلندا. ومن جانب اخر ندد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بالحوادث المناهضة للاجانب التي حصلت منذ فوز مؤيدي الخروج من الاتحاد الاوروبي. وقال المتحدث ان الدائرة الجديدة "ستقود عملا مكثفا حول الاصلاحات التي يجب تطبيقها لتقديم اقتراحات وآراء لرئيس الوزراء الجديد".
واكدت الحكومة ايضا ان اسكتلندا لديها "ما يكفي من الاسباب للبقاء ضمن المملكة المتحدة الان" وذلك بعد 18 شهرا على الاستفتاء الذي انتهى برفض الاستقلال. واعتبرت ان "استفتاء جديدا يشكل مصدر انقسام هو اخر شيء تحتاجه بريطانيا". واخيرا عبر الناطق عن "ادانته للحوادث التي وقعت في مختلف انحاء البلاد مثل التعرض لمهاجرين عبر الطلب منهم العودة الى بلادهم". وقد عبر السفير البولندي في لندن فيتولد سوبكوف عن صدمته وقلقه الشديد اثر الحوادث الاخيرة "والاهانات المعادية للاجانب التي وجهت الى الرعايا البولنديين ومهاجرين اخرين مقيمين في بريطانيا" وذلك في بيان.
على صعيد متصل شرعت شركة محاماة في إجراءات لضمان موافقة مجلس العموم على تفعيل قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتمثل شركة، ميشكون دي ريا، مجموعة من رجال الأعمال والأكاديميين، وتقول إن رئيس الوزراء ليس من حقه تفعيل المادة 50 دون نقاش مستفيض، وتصويت في البرلمان. وتأتي هذه الإجراءات عقب تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، في استفتاء 23 يونيو/ حزيران. وأعلن رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، عقب الاستفتاء أنه سيتنحى بحلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وسيترك مهمة تفعيل المادة 50 من لشبونة لمن سيخلفه. وستكون بعدها أمام بريطانيا فترة عامين للتفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتواصلت شركة المحاماة مع المسؤولين في الحكومة، من أجل الحصول على ضمانات بشأن الإجراءات القانونية. وتعتقد شركة المحاماة أنه إذا استعمل رئيس الوزراء صلاحياته التنفيذية لبدء الإجراءات سيكون قد انتهك القانون، لأن عمله يخالف قانون 1972، الذي نص على دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبي. وتضيف شركة المحاماة أن التشريع لا يلغيه إلا تشريع آخر، وفق الأعراف الدستورية، وعليه فغن موافقة البرلمان مطلوبة لمنح رئيس الوزراء سلطة بدء إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
والتصويت في البرلمان يعطي النواب، من الناحية النظرية، فرصة لوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لأن أغلبهم مع البقاء، ولكن من "الناحية الدستورية لا أحد يتصور ذلك". ويقول المحامي، كسرى نوروزي، من شركة ميشكون دي ريا: "علينا أن نتأكد من أن الحكومة تتبع الإجراءات الصحيحة، احتراما للقانون، وحماية للأعراف الدستورية البريطانية، وسيادة البرلمان، في هذه الظروف غير المسبوقة". ويضيف أن "نتيجة الاستفتاء ليست محل تشكيك، وإنما علينا اتباع الإجراءات التي تحترم القانون البريطاني". ولا تحمل نتيجة الاستفتاء طابع الإلزام، من الناحية القانونية، حسب المحامي، ولكن تفعيل المادة 50 من قلب رئيس الوزراء الحالي أو المقبل، دون موافقة البرلمان، سيكون مخالفا للقانون.
وتفاجأ الكثيرون عندما علموا أن نتيجة الاستفتاء ليست ملزمة في القانون البريطاني، وأنها وحدها لا تكفي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولابد أن يتم الخروج وفق إجراءات منصوص عليها في المادة 50 من اتفاقية لشبونة. ويرى القانونيون أن رئيس الوزراء بمفرده لا تسمح له صلاحياته بتفعيل المادة 50، ولابد له من تشريع في البرلمان يعطيه السلطة كاملة. وسيمنح عرض القضية على البرلمان فرصة للنواب، وأغلبهم مع البقاء، للتعبير عن رأيهم في الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتصويت وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم. ولا يمكن لأحد أن يتصور، وفق الأعراف الدستورية، أن يرفض النواب الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعدما صوت له الشعب في استفتاء وطني. بحسب بي بي سي.
ويدعو قادة الاتحاد الأوروبي بريطانيا لعدم تأخير خروجها. وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جون كلود يونكر، إن بريطانيا ليس أمامها شهور للتفكير في تفعيل المادة 50. ولا يمكن تمديد فترة العامين من المفاوضات، وفق المادة 50، إلا بإجماع الأعضاء الباقين وعددهم 27 دولة. وإذا لم تحصل الموافقة على تمديد فترة المفاوضات، فإن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي، على اساس ما تم الاتفاق عليه، في فترة العامين. وقال متحدث باسم الحكومة: "مثلما أوضح رئيس الوزراء في مجلس العموم، فإننا نفحص تفاصيل الإجراءات، وسيكون للبرلمان حتما دور في تحديد أفضل السبل".