الانتخابات الامريكية وتوظيف الارهاب في الصراع الرئاسي
مسلم عباس
2016-06-30 07:30
قد يكون الامر المؤكد الوحيد في المنافسة بين الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب هو وصول نيويوركي الى سدة الرئاسة للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية، ففي 20 كانون الثاني/يناير 2017، سيقسم احدهما اليمين ليصبح الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة: اما ابنة المدينة بالتبني التي مثلتها مرتين في مجلس الشيوخ او رجل الاعمال الثري في مانهاتن.
وللمرة الاولى منذ 72 عاما، يتواجه مرشحان من نيويورك في انتخابات عامة منذ فوز فرانكلين روزفلت على حاكم المدينة الجمهوري توماس ديوي في 1944. وكلينتون وترامب شخصيتان مختلفتان جدا كانت تربط بينهما علاقات اجتماعية من قبل لكنهما عدوان سياسيان حاليا. لكنهما قادمان من مكان واحد في هذا البلد الذي يضم اربعة مناطق توقيت. وقد يكون احد اسباب ذلك قوة الجذب التي تتمتع بها نيويورك.
في تقرير لوكالة فرانس برس قالت شارين اوهالوران استاذة الاقتصاد السياسي والدولي والعلاقات العامة في جامعة كولومبيا ان "نيويورك تجذب الاشخاص الجريئين جدا الذين يتمتعون بكفاءة عالية واداء عال". واكد ويل ليو (30 عاما) الذي يعمل في قطاع المال "في بعض الاحيان يجب ان تتمتع بصفات لا يملكها سوى النيويوركي". واضاف "اعرف ان من ينجح هنا ينجح في كل مكان آخر".
التنوع
وتقول وكالة فرانس برس "قد يكون السبب الآخر هو التنوع. فنيويورك اكبر مدينة في البلاد تحكى فيها اكثر من مئتي لغة و35 بالمئة من سكانها البالغ عددهم 8,55 ملايين نسمة، مولودون خارج الولايات المتحدة".
وتشكل كلينتون التي اطلقت حملتها التاريخية لتصبح اول امرأة تتولى قيادة القوات الاميركية من امام نصب فرانكلين روزفلت في نيويورك، نموذجا للنخبة الديموقراطية المثقفة في الولاية. وانتخبت نيويورك كلينتون المولودة في ايلينوي ودرست المحاماة في آيفي ليغ، ممثلة لها في مجلس الشيوخ مرتين مما سمح لها بالخروج من ظل زوجها الذي اتاح لها ان تكون السيدة الاولى في البيت الابيض والسيدة الاولى في اركنسو قبل ذلك.
اما ترامب، فقد جاء من قطع العقارات العالمي في مانهاتن ويعد من المشاهير ومقدم احد برامج تلفزيون الواقع في الماضي. وقد احتلت قضايا طلاقه الصاخبة وآرائه عناوين الصحف الصفراء. ويمكن اعتبار ترامب ليبراليا الى حد في القضايا الاجتماعية ومحافظا في المسائل الاقتصادية، كما قالت اوهالوران. لكن بينما تتمتع كلينتون بتأييد ناخبين في نيويورك، لا يلقى ترامب هذا الدعم. فناطحات السحاب التي يملكها في مانهاتن تزين نيويورك لكنه خسر الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في مانهاتن امام خصمه المعتدل جون كاسيك.
وبدلا من ذلك، يتحدث الى البيض من الطبقة العاملة من الجمهوريين الذين يشعرون باستياء كبير. وهو يتمتع بالتأييد في بعض الاحياء لكن نيويورك بشكل عام ديموقراطية منذ حوالى ثلاثين عاما.
مرشحان استثنائيان
وبحسب فرانس برس فان عدد الناخبين الديموقراطيين المسجلين في نيويورك اكبر بمرتين من عدد الجمهوريين لكنها تضم مناطق محافظة تمنع اي ديموقراطي متطرف من الفوز، وهذا ما ساعد كلينتون على صقل قدراتها الانتخابية. وقالت اوهالوران لوكالة فرانس برس "لكسب موقع في السياسة في ولاية نيويورك يجب ان تكون قادرا على تجاوز الخطوط لتحقيق الفوز وهذا تمرين مهم لمرشح رئاسي محتمل".
على الصعيد الوطني، تشكل نيويورك مصدرا مهما للتبرعات للحملات السياسية وهي مؤثرة جدا بصفتها مقرا لوسائل الاعلام الليبرالية. وفي حال تقدم ترامب وحقق ما لم يكن احد يتصوره بفوزه في الانتخابات في الثامن من تشرين الثاني/يناير، فسيكون اول رئيس مولود في نيويورك منذ تولي تيودور روزفلت السلطة في 1901.
وكان تيودور روزفلت الذي يحمل احد احفاد ترامب اسمه الاول، ثريا ايضا وعرف بحبه للحياة. واذا انتخب ترامب فسيكون اكبر الرؤساء سنا عند انتخابه، بينما كان تيودور روزفلت حينذاك الاصغر سنا. ورأى ستيفن هيس من معهد بروكينغز ان مدينة كلينتون وترامب ستختار احدهما "لكن هذا لا يعني اي شئ". واضاف لفرانس برس ان الاهم هو ان كلينتون هي اول سيدة ترشح عن حزب كبير وترامب هو مرشح غير عادي لحزب، ولا يتمتع باية خلفية سياسية. واضاف "انهما مرشحان غير عاديين وكونهما قادمين من نيويورك هو شبه صدفة".
تفوق كلينتون
وأظهرت نتائج استطلاع أجرته رويترز ومؤسسة إبسوس أعلنت (10 حزيران 2016) تقدم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق 11 نقطة في سباق الانتخابات الأمريكية في تغير طفيف بعد أن حصلت على تأييد عدد كاف من المندوبين.
وأظهر الاستطلاع الذي أجري عبر الإنترنت أن 46 بالمئة من الناخبين المحتملين يدعمون كلينتون مقابل 34.8 بالمئة لمنافسها ترامب. وقال 19.2 بالمئة من الناخبين المحتملين إنهم لن يساندوا أيا منهما. وسيعقد كل من الحزبين مؤتمره لإعلان المرشح للرئاسة في يوليو تموز المقبل قبل الانتخابات المقررة في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني.
وكانت كلينتون (68 عاما) متفوقة بنفس الفارق منذ أسبوع قبل أن تجمع عدد المندوبين الكافي لحسم ترشيح الحزب وقبل أن يجلب ترامب على نفسه انتقادات قادة الحزبين لتشكيكه في نزاهة قاض أمريكي من أصل مكسيكي. وحصل ترامب (69 عاما) على تأييد أكبر بعد أن حسم ترشيح الحزب الجمهوري في مايو أيار الماضي. ونجح ترامب لفترة قصيرة في تقليص الفارق لأقل من عشر نقاط بل وتساوى مع كلينتون.
الى ذلك كشف استطلاع لصحيفة "واشنطن بوست" وقناة "ايه بي سي" عن تراجع كبير للمرشح الجمهوري الى البيت الابيض دونالد ترامب في نوايا التصويت في مقابل تقدم الديموقراطية هيلاري كلينتون باكثر من 10 نقاط.
وتحصل وزيرة الخارجية السابقة (68 عاما) على 51% من الاصوات مقابل 39% لرجل الاعمال النيويوركي اذا جرت الانتخابات في هذه الايام. وهو اكبر تقدم لكلينتون في استطلاعات واشنطن بوست-ايه بي سي منذ الخريف، وكذلك اكبر هوة مقارنة باستطلاع الرأي السابق الشهر الماضي الذي اظهر فارق نقطتين فقط لصالح كلينتون.
واظهر استطلاع اخر ل"ان بي سي" و"وول ستريت جورنال" نشر الاحد تقدما بنسبة اقل لكلينتون (46% الى 41%) لكنه يشكل ارتفاعا مقارنة مع فارق النقطتين لصالحها في ايار/مايو. وتراجع ترامب في استطلاع واشنطن بوست-ايه بي سي يترجم عدم الارتياح المتنامي بين الجمهوريين جراء تصريحاته الشديدة اللهجة ومواقفه في السياسة الخارجية.
بوش ينهي عزلته
الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو.بوش الذي كان عاقد العزم تماما على الالتزام باعتزاله السياسة وجد أن الهاتف لا يتوقف عن الرنين بمناشدات من المرشحين الجمهوريين في مجلس الشيوخ من أجل المساعدة بحسب ما تقول وكالة ريترز نقلا عن اصدقائه. ونتيجة لهذا بدأ بوش في مهمة إنقاذ في محاولة للحفاظ على الأغلبية البسيطة التي يحظى بها الجمهوريون في مجلس الشيوخ خلال عام تخشى فيه شخصيات حزبية كثيرة أن يجرهم المرشح المحتمل دونالد ترامب إلى هزيمة في الانتخابات التي تجري في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني.
ويسيطر الجمهوريون على 54 مقعدا في مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو. وقالت دانا بيرينو التي كانت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض في عهد بوش "أعتقد أن هذا أمر مؤقت لمرة واحدة ففي أي مكان يكون فيه مفيدا سيقوم بذلك." وتقوم أيضا كوندوليزا رايس التي كانت وزيرة للخارجية في عهد بوش وهي الآن أستاذة للعلوم السياسية في جامعة ستانفورد بجمع أموال للمرشحين الجمهوريين ولكنها استبعدت تكهنات بأنها قد تترشح كنائبة للرئيس مع ترامب.
ويقول أصدقاء إن بوش كان محجما في البداية عن المشاركة لشعوره بأن وقته تحت الأضواء قد انتهى. وقالوا إنه فوجيء بحجم المناشدات التي تلقاها للعودة إلى السياسة بعد مرور أكثر من سبع سنوات على انتهاء رئاسته التي استمرت ثماني سنوات. وحتى الآن تصدر بوش عناوين أخبار متعلقة بمناسبات لجمع تبرعات للسناتور جون مكين في أريزونا والسناتور كيلي أيوت في نيو هامبشير. ويعتزم بوش مساعدة السناتور روب بورتمان في أوهايو والسناتور رون جونسون في ويسكونسن والسناتور روي بلنت في ميزوري.
وبوش ليس من أنصار ترامب لكنه إلى حد ما يُسدي معروفا لترامب على الرغم من استمرار عداء ترامب رجل الأعمال النيويوركي المولع بالصدامات تجاه عائلة بوش. وعادة ما يكون مرشح الحزب هو الذي يتزعم حملة جمع التبرعات في سنوات الانتخابات ولكن جهود ترامب لجمع التبرعات شابها التباطؤ. في الوقت نفسه يواصل ترامب توجيه انتقادات لعائلة بوش لاسيما جيب بوش حاكم فلوريدا السابق الذي هزمه ترامب في السباق المبدئي لحملة الحزب الجمهوري للترشح للرئاسة.
التطرف والتطرف المقابل
وعقب هجوم اورلاندو قال المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب إنه سيعلق الهجرة إلى الولايات المتحدة من الدول "التي لها تاريخ من الإرهاب" ضد الولايات المتحدة فيما يمثل أقوى رد فعل له حتى الآن على الهجوم.
وحذرت منافسته الديمقراطية من شيطنة المسلمين الأمريكيين مقدمة نهجا مختلفا تماما للتعامل مع الأمن القومي بينما تراشق المرشحان في كلمتيهما تعليقا على الهجوم الذي شهده ملهى ليلي قتل فيه 49 شخصا بالإضافة إلى المسلح وأصيب 53. وهذا هو أشد هجوم بالرصاص فتكا في تاريخ الولايات المتحدة. وقالت كلينتون المرشحة الديمقراطية المفترضة لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني في كلمة في كليفلاند "ربما يكون إرهابي أورلاندو قد مات لكن الفيروس الذي سمم عقله لا يزال قويا جدا ويجب أن نهاجمه."
وفي مانشستر في نيو هامبشير قال ترامب إنه إذا فاز بالانتخابات فإنه سيستخدم سلطته التنفيذية من أجل رقابة أفضل على الهجرة مؤكدا واحدة من الأفكار الرئيسية لحملته لانتخابات الرئاسة. وركز على أن والدي منفذ هجوم أولاندو عمر متين (29 عاما) مولودان في أفغانستان. وأضاف "سأستغل هذه السلطة لحماية الشعب الأمريكي. حين أُنتخب سأعلق الهجرة من مناطق العالم التي لها تاريخ من الإرهاب ضد الولايات المتحدة وأوروبا أو حلفائهما إلى أن نفهم تماما كيف يمكن إنهاء هذه التهديدات."
وتحدى ترامب منافسته كلينتون لتشرح أسباب تأييدها لاستقبال لاجئين من الحرب الأهلية السورية وقال إن سياساته ستوفر حماية أفضل للنساء الأمريكيات والمثليين واليهود والمسيحيين. كما انتقد ترامب الرئيس باراك أوباما حين شكك في دوافعه لرفضه استخدام تعبير "الإرهاب الإسلامي المتشدد" في وصف هذا النوع من الهجمات. وقال إن الرئيس وكلينتون غير أهل لقيادة البلاد.
وفي مقترحات للتعامل مع التهديدات بالعنف في الداخل والخارج دعت كلينتون إلى زيادة الجهود لحذف دعاية داعش من على الإنترنت وزيادة الضربات الجوية على المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد وتحسين التنسيق مع الحلفاء بالمنطقة. وخصت بالذكر ثلاثة حلفاء للولايات المتحدة هم السعودية وقطر والكويت لسماحها لمواطنيها بتمويل مساجد ومدارس تدرب المتشددين. كما دعت إلى حظر شامل على حمل الأسلحة الهجومية.
معركة على تويتر
ولم تبدأ بعد معركة الانتخابات الرئاسية بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب لكن حربهما على تويتر مستعرة. وبعدما تلقت تأييد الرئيس باراك أوباما لتخلفه في البيت الأبيض قالت كلينتون -التي ضمنت ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة المقررة في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني- إنها تتشرف بدعمه لها وإنها "مفعمة بالحماس ومستعدة للانطلاق."
وانتهز ترامب -الذي استخدم تويتر بشكل مكثف اثناء حملته لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي- الفرصة للرد على كلينتون وقال "أيد أوباما لتوه هيلاري المخادعة. هو يريد المزيد من سنوات أوباما لكن لا أحد آخر يريد ذلك!"
ورد حساب كلينتون سريعا في تغريدة إلى 6.7 مليون متابع لها على تويتر بعبارة "احذف حسابك". وفي غضون دقائق أصبحت العبارة -وهي تعبير شائع عن الازدراء عبر الانترنت- التغريدة الاشهر على الاطلاق لكلينتون إذ اعيد نشرها أكثر من 194 ألف مرة وحصلت على إعجاب 213 ألفا.
وتحرك جمهوريون بارزون لمساندة ترامب موجهين انتقادات لاستخدام كلينتون لمزود خاص للبريد الإلكتروني عندما كانت وزيرة للخارجية. وقال رينس بريباس رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في تغريدة "هيلاري كلينتون إذا كان هناك شخص يعرف كيف يستخدم زر للحذف فهو أنت."
وقالت كلينتون مرارا إنها اختارت "ألا تحتفظ" بثلاثين ألف رسالة إلكترونية قال محاموها إنها شخصية وهو ما جرى تفسيره على أنه يعني أنها حذفت هذه الرسائل. وفي وقت لاحق انضم ترامب للمعركة مجددا وقال في تغريدة "كم من الوقت استغرق طاقم عملك المكون من 823 شخصا في التفكير في هذا وأين رسائلك الإلكترونية الثلاثة وثلاثين ألفا التي حذفتيها؟".