هل تنجح السعودية في ابقاء مصالحها مع الغرب؟

عبد الامير رويح

2016-06-30 07:06

العلاقات بين المملكة العربية السعودية والدول الغربية شهدت في الفترة الاخيرة تجاذبات كثيرة وتحولات كبيرة، بسبب جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، يضاف الى ذلك وصعود تنظيم داعش الارهابي والجماعات المتشددة المدعوم من قبل دول الخليج ومنه السعودية، التي تعد ايضا من باعتبارها من أكثر الدول قمعا لحقوق الإنسان، الامر الذي اثار قلق ومخاوف المنظمات الحقوقية العالمية، التي دعت دول العالم الى اعتماد اساليب ضغط جديدة ضد السعودية واجبارها على الرضوخ للقرارات والمعاهدات الدولية، كما طالبت الدول الغربية بعدم تزويد حكومة الرياض بالأسلحة والمعدات العسكرية بسبب سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان وطبيعة علاقتها مع المنظمات الجهادية.

ويرى بعض المراقبين ان الاتفاق النووي بين ايران والغرب وتطور العلاقات بين الجانبين، جعل السعودية تتخذ مواقف وقرارات جديدة، بهدف تغير التوازنات الاقليمية التي قد تصب بمصلحة ايران. وفي وقت سابق نشرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، تحليلاً يرصد تحولات نظرات الغرب تجاه السعوديين، وذلك بعد صعود تنظيم داعش الإرهابي، وتزايد الانتقادات لها مع المستوى المرتفع لاستهداف المدنيين الناجم عن التدخل العسكري السعودي في اليمن، وبواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان وتقليل الاعتماد على النفط العربي.

وقالت الصحيفة، إن هناك شيئاً ما يتغير في علاقة الغرب بالمملكة العربية السعودية. يمكنك أن تقرأ ذلك في الصحف، كما يمكن سماعه من السياسيين. كما يمكنك أن تراه بوضوح في تحولات السياسة. وأشارت، أن المقالات المعادية للسعودية أصبحت الآن نهجاً متكرراً في الصحافة الغربية. وندد المقال الرئيس في صحيفة ذي أوبزرفر البريطانية، بالعلاقة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية واصفاً إياها بأنها تحالف يعرض أمننا القومي للخطر. وقبل ذلك، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي مقالاً سلط الضوء على موجة غير مسبوقة من عمليات الإعدام في السعودية. وقبل بضعة أشهر، قام توماس فريدمان، الذي يمكننا أن نصفه بأنه الصحفي الأكثر تأثيراً في الولايات المتحدة، بوصف تنظيم داعش الإرهابي بأنه نسل أيديولوجي للمملكة العربية السعودية.

بدورهم قام السياسيون بتناول مواضيع مماثلة: سيغمار غابرييل، نائب المستشارة الألمانية ميركل، اتهم المملكة العربية السعودية، مؤخراً، بتمويل التطرف الإسلامي في الغرب. وأضاف: علينا أن نوضح للسعوديين أن وقت صرف الأنظار قد ولّى. في بريطانيا، دعا اللورد أشداون، وهو الزعيم السابق لحزب الديمقراطيين الأحرار، إلى إجراء تحقيق في تمويل الجهاديين في بريطانيا، وأشار إلى المملكة العربية السعودية.

وتعزو الصحيفة البريطانية، أن تطورات أخرى أسهمت في إضعاف النفوذ السعودي في الغرب. ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة قد جعلت الغرب أقل اعتماداً على النفط السعودي. وفي الوقت نفسه، فإن الاضطرابات في الشرق الأوسط قد سلطت الضوء على السياسة الخارجية السعودية، مع تزايد الانتقادات لها مع المستوى المرتفع لاستهداف المدنيين الناجم عن التدخل العسكري السعودي في اليمن، ودور الرياض في سحق انتفاضة في البحرين في عام 2011.

وتقول الصحيفة، إن النقاد الغربيين للمملكة العربية السعودية، يرغبون في أن يروا أن انتقاداتهم تؤتي ثمارها. إنهم يتهمون حكومات بريطانيا والولايات المتحدة باللهث خلف المال السعودي. وقد أشار اللورد أشداون إلى نفوذ من أسماهم بـ”أثرياء الخليج” في السياسة البريطانية. ولا تزال المملكة العربية السعودية، أيضاً، سوقاً بالغ الأهمية لصانعي الأسلحة الغربيين. على مدى الأشهر الـ18 الماضية، وافقت الولايات المتحدة على بيع أكثر من 24 مليار دولار من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

الأمم المتحدة والسعودية

وفي ما يخص بعض تطورات هذا الملف فقد دعت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان مارك إيرولت إلى القيام بكل ما هو ممكن لتهدئة الخلاف بين الأمم المتحدة والسعودية حول انتهاك حقوق الأطفال في اليمن، مشيرا إلى أن فرنسا يمكن أن تساعد في ذلك. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ندد بالضغوط بما فيها المالية، للرياض لإجباره على سحب التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن من لائحة سوداء للدول التي تنتهك حقوق الأطفال.

وقال الوزير الفرنسي في تصريحات في نيويورك "أرى أنه يجدر القيام بكل ما هو ممكن لتهدئة" الخلاف و"لمساعدة الأمم المتحدة على القيام بمهامها". وأضاف أن "فرنسا يمكنها أن توصل رسائل وهي تفعل ذلك (..) وسبق أن ساعدنا على التوصل لحلول حين ينشأ توتر بين بعض الدول والأمم المتحدة". وترأس إيرولت نقاشا في مجلس الامن حول حماية المدنيين خلال عمليات حفظ السلام، كما حرص على التذكير بالمبادئ المتعلقة بالحماية التامة للمدنيين وخصوصا الأطفال في النزاعات.

وتابع "على جميع المعنيين التعهد باحترام ذلك، جميع الشركاء (...) وبخصوص اليمن أكرر ضرورة العمل سريعا على توفير إمكانات السلام (...) قلت ذلك لجميع الذين التقيت بهم بمن فيهم السعودية". لكن الوزير الفرنسي لم يعرب عن دعم واضح لبان ضد الرياض مذكرا بأن "السعودية شريك في التصدي لـ’داعش‘". وأكد بان كي مون أن من بين الضغوط السعودية التهديد بـ"إلغاء تمويلات لبرامج عدة للأمم المتحدة". لكن السفير السعودي عبد الله المعلمي نفى ممارسة مثل هذه الضغوط.

من جانبها أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن تأييدها لموقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وتصريحاته عن "ضغوط" المملكة العربية السعودية لإزالتها والتحالف العربي في اليمن من القائمة السوداء بعد تقرير عن الأطفال في الصراع المسلح، بينما أقرت الخارجية الأمريكية بسجلها في تهديد المنظمة الدولية وتعليق المساعدات.

وقال نائب المتحدث باسم الخارجية مارك تونر: "لقد استمعنا إلى تصريحاته، ونتفق مع رؤية الأمين العام للأم المتحدة بأن التقرير يصف الرعب الذي لا يجب أن يواجهه أي طفل، ونعتقد أنه من المهم السماح للأمم المتحدة بمواصلة تحمل مسؤولياتها، فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحماية الأطفال دون خوف من الانتقام". وأضاف: "نتفق مع الأمين العام في أن الأمم المتحدة يجب أن تمارس مهامها دون خوف من قطع الأموال عنها".

ورد أي أحد الصحفيين على تونر في المؤتمر بأن تهديد الأمم المتحدة أصبح إجراء دبلوماسيا عاديا أو سلوكا عاديا من دول بينها الولايات المتحدة، فقاطعه تونر بقوله: "أنا على علم بسجلنا". ثم سأله الصحفي مجددا: "التهديد بقطع الدعم عن هيئات الأمم المتحدة إذا لم تفعل أو إذا فعلت أشياء غير مرغوب فيها، ألا يعتبر نفاقا منكم أن ترفعوا حاجبا أو تقولوا إن السعوديين على خطأ، بينما تواصل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وأحيانا وفقا للقانون الأمريكي، بتهديد الأمم المتحدة تقريبا بشكل يومي؟.

ورد تونر: "مرة أخرى، أنا أتحدث عن حالة محددة وهو التقرير الخاص بحماية الأطفال، وسأقول إن تركيزنا يجب أن يكون على المضي قدما، إذ دعا الأمين العام السعوديين والتحالف لإرسال فريق إلى مقر المنظمة في نيويورك، لمناقشة التقرير، وبالتأكيد نشجع السعوديين وغيرهم على المشاركة في هذه العملية". وأضاف: "لقد قلت إني أعترف تماما بسجلنا في تعليق المساعدات، ومع قول هذا، فإن الأمم المتحدة يجب أن تكون قادرة على تنفيذ تفويضها وعلى إصدار تقارير محايدة حول هذه النوعية من القضايا دون خوف من انتقام". بحسب CNN.

فعاد الصحفي وسأله: "لكن، هل يعني ذلك أنكم على استعداد لتجاهل القانون الأمريكي ودعم هيئات الأمم المتحدة التي تعترف بالفلسطينيين؟". وقال تونر: "أنا أتحدث عن موقف محدد وعن قضية محددة". وقاطعه الصحفي بقوله: "لكن هذا تناقض، أنت تقر بتناقض موقف الولايات المتحدة"، فرد تونر: "أنا أقر بأننا علقنا المساعدات لأسباب مختلفة في الماضي".

تمويل سعودي

الى جانب ذلك يعارض رئيس بلدية نيس الفرنسية افتتاح مسجد في المدينة بدعوى أن أقيم بتمويل سعودي، وأن مموله "ينادي بالشريعة الإسلامية ويدعو إلى تدمير كل الكنائس في الجزيرة العربية". ورفع رئيس بلدية نيس الفرنسية، كريستيان إيستروسي، دعوى قضائية في دائرته ضد افتتاح مسجد مولته السعودية. مؤكدا أن مالك المسجد، وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف السعودي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، "ينادي بالشريعة الإسلامية ودعا إلى تدمير كل الكنائس في الجزيرة العربية".

وتابع رئيس البلدية الذي ينتمي إلى حزب الجمهوريين اليميني، أن "أجهزتنا الاستخباراتية تشعر بالقلق من هذا المسجد"، مشيرا إلى "أموال أجنبية لا تخضع للرقابة". ووافق المجلس البلدي على قرار كريستيان إستروسي على رفع دعوى ضد مندوب الحكومة في دائرته. ويقول إستروسي، الذي يتولى رئاسة البلدية منذ 2008، "لم يحصل هذا المسجد على أي ترخيص" منذ إطلاق فكرة بنائه في 2002، أيام سلفه الذي ينتمي إلى اليمين أيضا. بحسب فرانس برس.

وقد أعطى مندوب الدولة أدولف كلورا في الفترة الأخيرة، موافقة مشروطة على افتتاح مسجد معهد النور، الذي بدأ بناؤه في تموز/يوليو 2012 وانتهى في تشرين الثاني/نوفمبر. وطالب بألا "يخضع المسجد بأي شكل من الأشكال لنفوذ أجنبي". من جهته، اتهم المستشار البلدي الذي ينتمي إلى المعارضة الاشتراكية باتريك ألمان، رئيس البلدية "بتأجيج الشعبوية". وشدد على القول "هذا مسعى مشبوه، إنكم توجهون الاتهامات إلى طائفة بعينها".

بيع الاسلحة

على صعيد متصل دعت منظمة العفو الدولية بريطانيا والولايات المتحدة إلى الامتناع عن تسليم أسلحة تستخدم في ا"ارتكاب وتسهيل انتهاكات خطرة والتسبب في أزمة انسانية على نطاق غير مسبوق" في اليمن. وأكدت العفو الدولية في بيان "أن الولايات المتحدة وبريطانيا، أهم مزودي السعودية بالسلاح، ودول أخرى واصلت السماح بنقل أسلحة تستخدم في ارتكاب وتسهيل انتهاكات خطرة والتسبب في أزمة انسانية على نطاق غير مسبوق".

وتابعت المنظمة "آن الأوان ليتوقف قادة العالم عن تقديم مصالحهم الاقتصادية" داعية مجلس الأمن الدولي إلى فرض "حظر شامل وكامل على نقل الأسلحة لاستخدامها في اليمن". وصرح جايمس لينش المدير المساعد في العفو الدولية لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط "إنه بعد عام (من الحرب) كان رد المجتمع الدولي عليها معيبا جدا ومخجلا تماما".

وبعد أن ذكرت الخسائر البشرية المسجلة خلال عام من الحرب في اليمن، أشارت منظمة العفو الدولية إلى أنها وثقت سلسلة من الانتهاكات الخطرة للحق الإنساني وحقوق الإنسان ضمنها جرائم حرب. وأكدت أنه "بموجب القانون الدولي الإنساني، فإن كافة أطراف النزاع ملزمون بالسعي إلى التقليل من المخاطر على المدنيين، بما في ذلك من خلال إلغاء أو تاجيل هجوم في حال تبين أن مدنيين يمكن أن يصابوا بطريقة غير متناسبة". وأضاف لينش في البيان أنه علاوة على ذلك "يتعين على كافة أطراف النزاع أن يعملوا على حصول المدنيين الموجودين في المناطق التي تحت سيطرتهم، على المساعدة الإنسانية".

من جانب اخر سلم نشطاء صواريخ وهمية لمقر الحكومة البريطانية احتجاجا على استمرار بريطانيا في تزويد السعودية بالاسلحة رغم المخاوف من استخدامها ضد المدنيين في اليمن. وسلم نشطاء من منظمة العفو الدولية يرتدون ملابس بيضاء، خمس نسخ وهمية من صاروخ بيفواي-4 بطول 1,8 متر التي تزود بريطانيا الطائرات السعودية بها، الى مقر حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

وقالت كيت الن مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في بريطانيا ان "على الوزراء التوقف عن وضع رؤوسهم في التراب وتعليق مبيعات الاسلحة لالة الحرب السعودية فورا". وبدأ التحالف العربي بقيادة السعودية حملة القصف الجوي في اليمن في اذار/مارس 2015 لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

وتقر الحكومة البريطانية بان معدات الدفاع التي تزود بها السعودية استخدمت في الحملة في اليمن، الا انها تقول أن لديها "واحدا من اكثر انظمة ضبط تصدير الاسلحة صرامة في العالم". وقالت انها ناقشت مع الرياض المزاعم باستهداف مدنيين، الا انها رفضت دعوة لجنة التنمية الدولية في البرلمان الشهر الماضي بتعليق صادراتها الى السعودية الى حين اجراء تحقيق ملائم في المسالة.

في السياق ذاته وافق البرلمان الهولندي على مشروع قانون يدعو الحكومة لوقف صادرات الأسلحة إلى السعودية، معللا ذلك باستمرار الانتهاكات للقانون الإنساني في اليمن. ويسعى تصويت البرلمان الهولندي بشكل فعلي لتطبيق قرار صدر عن البرلمان الأوروبي في فبراير/شباط، يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على بيع الأسلحة للرياض. واستشهد مشروع القانون الهولندي بتقرير للأمم المتحدة صدر في وقت سابق عن لجنة الخبراء بشأن اليمن، بالإضافة إلى مواصلة السعودية تنفيذ أحكام الإعدام، كأسباب للحظر. وقتل نحو ستة آلاف شخص منذ تدخلت قوات تقودها السعودية في الصراع باليمن في مارس/آذار الماضي. ووفقا للأمم المتحدة، فإن نحو نصف اولئك القتلى من المدنيين.

من جانب اخر طالبت محكمة ألمانية الحكومة باتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستوافق على طلب شركة هكلر آند كوخ تصدير أجزاء بنادق للسعودية مما يمثل انتصارا جزئيا للشركة. وتقدمت الشركة -إحدى أشهر شركات صناعة البنادق في العالم- بشكوى العام الماضي ضد الحكومة الألمانية لتأخرها في إصدار قرار بشأن الموافقة على تصدير أجزاء لتصنيع بندقيتها الهجومية طراز جي36 في السعودية. وتقدمت الشركة للحصول على تصريح بالصفقة قبل أكثر من عامين.

ووافقت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل عام 2008 على منح هكلر آند كوخ ترخيصا مثيرا للجدل لكنه مربح للغاية يسمح للسعوديين بإنتاج البندقية جي36 رغم المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة. لكن الحكومة غيرت سياستها بشأن صادرات السلاح منذ عامين عقب موجة انتقادات في الإعلام وفي يناير كانون الثاني قال وزير الاقتصاد زيجمار جابرييل إن بلاده ستواصل التدقيق في صادرات الأسلحة للسعودية بعد موجة من الإعدامات هناك.

وقضت محكمة فرانكفورت بأن على الحكومة ممثلة في المكتب الاتحادي للرقابة على الصادرات اتخاذ قرار الآن بصورة أو بأخرى بشأن قضية هكلر آند كوخ. وقال القاضي راينالد جيرستر للمحكمة "قد ينتهي الأمر بأن يكون القرار سلبيا" موضحا أنه ليس من اختصاصه اتخاذ قرار سياسي. ورحبت الشركة بالحكم. وقال أوفى بروجمان المحامي الممثل للشركة في القضية "هذا ما أردنا أخيرا تحقيقه". بحسب رويترز.

لكن مثل هذا النصر قد يكون له عواقب باهظة الثمن على الشركة. وقالت وزارة الاقتصاد في بيان إنها أبلغت بالحكم وإنها ستتخذ قرارا. وأشار البيان إلى أن وزير الاقتصاد مازال ينتقد صادرات السلاح للسعودية وأنه أدلى بتعليقات ضد الموافقة على هذه الصادرات في فبراير شباط.

تعاون وانتقادات

من جهة اخرى تخطط الشرطة البريطانية لتدريب السعوديين على تقنيات تتبع الجرائم الإلكترونية، وذلك رغم مخاوف من استخدامها للوصول إلى أشخاص وتعذيبهم. واطلعت بعض المصادر على أوراق تظهر أن كلية الشرطة في انجلترا وويلز قالت إنه توجد "مخاطر" تتعلق بحقوق الإنسان، لكنها أشارت إلى إمكانية متابعة هذه المخاطر. وقالت مجموعة حقوق الإنسان "إرجاء" إن التدريب بمثابة "فضيحة" إذ قد يساعد الشرطة السعودية على استهداف النشطاء. لكن الكلية قالت إن التدريب قد يحد من احتمالات إخفاق العدالة.

واكتُشفت هذه المعلومات في مجموعة من الوثائق التي حصلت عليها بي بي سي ومنظمة "إرجاء" بعد طلب الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات. وتُظهر الوثائق أن الكلية منذ عام 2009 قدمت تدريبات لوزارة الداخلية السعودية في مجالات بصمات الأصابع، والطب الشرعي، والتحقيق في محل الجريمة، كجزء من "مشاركة مهنية موثوق بها". وتسعى الكلية الآن إلى توسيع التدريب ليشمل الأمن الإلكتروني، وتحليل مواد الهواتف المحمولة، وأنظمة المراقبة بالكاميرات، والتعرف على الصوت، واستخدام الحمض النووي. كما يشمل التدريب الطب الشرعي الإلكتروني الذي يتضمن فك الشفرات، واستعادة الملفات الملغاة.

وحذرت مايا فوا، التي تعمل في حملات "إرجاء" المناهضة لعقوبة الإعدام، من أن السلطات السعودية استخدمت تحليل الهواتف المحمولة في مقاضاة محتجين سعوديين قد يواجهون عقوبة الإعدام. وظهرت تفاصيل التدريبات في وثيقة قُدمت مطلع هذا العام لمجلس المساعدة الشرطية الدولية، الذي يضع خطط الدعم الشرطي خارج البلاد "بما يتوافق مع القيم والمصالح البريطانية".

وأشارت الكلية في الوثيقة إلى وجود "مخاطر حقوقية من استخدام المهارات التي يقدمها التدريب في التعرف على أشخاص، وتعذيبهم، وتعرضهم لانتهاكات حقوقية مختلفة".

لكنها أشارت إلى أنه عند استغلال المهارات في انتهاكات حقوق الإنسان، فإن الكلية ووزارة الخارجية "ستعيدان النظر في التدريب". كما ذكرت الوثيقة أنه إذا رفضت الكلية تقديم التدريب، فقد تظهر "مخاطر أكبر فيما يخص العلاقات البريطانية التجارية". كذلك أعربت الكلية عن مخاوف من أنه إذا انتبه الإعلام إلى التدريب، فقد يبرز تعاون المملكة المتحدة مع بلد "ذي سجل ضعيف في حقوق الإنسان".

وبحسب النائب عن حزب العمال ووزير حقوق الإنسان في حكومة الظل، آندي سلوتر، فإن الوثيقة "مثيرة للدهشة. هذا نظام سياسي أعدم 47 شخص في يوم واحد. كما حكم على قُصر بالإعدام. لا ينبغي أن نتورط في أي شيء له علاقة بهذا النظام القضائي الإجرامي". وقال أحد أقارب المعدومين إن بريطانيا "لا ينبغي أن تدربهم (الشرطة) أو تدعمها لأنها تصبح أقوى بهذه الطريقة". لكن كلية الشرطة البريطانية تقول إن تدريب الشرطة قد يكون وسيلة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في المملكة.

وقال متحدث باسم الكلية: "يجب تطويع قرار تقديم التدريب مع مصاعب التعاون مع البلاد التي تختلف معايير حقوق الإنسان بها عن بلادنا، وكذلك استغلال الفرصة للمساهمة في الإصلاح والتعامل مع مخاوف الأمن القومي". وتابع: "الوسائل الحديثة في تحقيقات الطب الشرعي يمكن أن تُسهم في التحول من الإدانات بناء على الاعتراف والشهود إلى المساعدة في التأكد من سرعة وسهولة التعرف على الشخص البريء، وتقليل احتمالات إخفاق العدالة".

وبحسب الوثائق، فإن الهدف من التدريب دبلوماسي، وله فوائد أمنية وتنموية. وأشارت الوثائق إلى أن التعاون مع السعودية في مكافحة الإرهاب ساهم من قبل في العثور على قنبلة في إحدى طائرات الشحن في مطار إيست ميدلاندز عام 2010. وقالت كلية الشرطة إن الرسوم التي تدفعها السعودية تغطي تكلفة التدريب فحسب، وهو غير هادف للربح. وقال متحدث باسم المجلس الوطني لرؤساء الشرطة إنه تجري "الموافقة على تقييم في مجال حقوق الإنسان وأمنى وقضائي قبل أي تدريب"، وقد يرفع الأمر لمجلس الوزراء في الحالات الأشد خطورة. بحسب بي بي سي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انسحبت المملكة المتحدة من خطة تعاون مثيرة للجدل مع السعودية بقيمة 5.9 مليون جنيه استرليني، لتقديم تحليل للتدريبات التي يحتاجها العاملون في السجون. وقالت رئاسة الوزراء إن هذا التحرك يعكس قرار الحكومة بالتركيز على الأولويات الداخلية، وليس له أي علاقة بقضية كارل أندري، الذي سُجن في السعودية بعد ضبطه وبحوذته نبيذ منزلي.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا