يهود فرنسا وسيناريو الهجرة الى اسرائيل

عبد الامير رويح

2015-01-24 07:29

هجمات باريس الاخيرة لا تزال تلقي بظلالها على واقع الحياة في فرنسا، خصوصا وانها اثارت الرعب والهلع لدى العديد من طبقات المجتمع ومنهم (يهود فرنسا) الذين كانوا جزءا من هذه الهجمات التي قتل فيها عدد من اليهود في هجوم مسلح على متجر شرق باريس، تلك الحادثة وغيرها من الحوادث اسهمت بزيادة قلق اليهود حول مستقبلهم في هذا البلد وفي اوروبا بشكل عام، وهو ما سيسهم ايضا بتزايد معدلات هجرة اليهود من فرنسا الى اسرائيل، خصوصا في ظل التكهنات الإسرائيلية التي تتوقع بتزايد معدل العمليات الإرهابية ضد اليهود في اوربا بسب معاداة السامية.

ويعيش في فرنسا حاليا حوالي نصف مليون يهودي. وفي العام الماضي هاجر 7000 منهم إلى إسرائيل، وهو ضعف عدد الذين هاجروا إليها عام 2013، حسب احصائيات "الوكالة اليهودية الإسرائيلية". وخلال العام الحالي يتوقع أن يصل عددهم إلى عشرة آلاف شخص، وهو عدد لا يشمل اليهود الفرنسيين الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة أو كندا. ويهاجر يهود فرنسا إلى إسرائيل بمعدل لم يسبق له مثيل تاركين وراءهم ما يصفونه بجو عام طارد على نحو متزايد في طريقهم إلى إسرائيل التي تجذبهم إليها بتمويل حكومي مغري.

كما ان هذه الهجمات وكما يقول بعض المحللين، قد جاءت من مصلحة بعض الجهات التي سعت الى استغلالها لأهداف سياسية ومصالح خاصة كما فعل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي دعا يهود فرنسا بشكل واضح إلى الهجرة إلى إسرائيل، أثناء زيارته للكنيس اليهودي الكبير في باريس وقال نتنياهو: "اليهود الذين يريدون المجيء إلى إسرائيل سنرحب بهم بأذرع مفتوحة، وبكل حرارة. وهم لن يأتوا إلى بلد أجنبي".

ويأتي ذلك في وقت كشف فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن نية حكومته استقطاب مزيد من اليهود من فرنسا ودول أوروبا عموماً "التي تواجه مظاهر فظيعة لمعاداة السامية". كما أعلن نتنياهو أن طاقما وزاريا خاصا سيلتئم من أجل دفع الخطوات التي تهدف إلى زيادة الهجرة لإسرائيل من فرنسا ومن سائر الدول الأوروبية.

من جانب اخر يرى بعض المراقبين ان رسالة رئيس الوزراء الاسرائيلي التي احرجت السلطات الفرنسية، اثارت الكثير من الشكوك حول دور اسرائيل في مثل هكذا عمليات ارهابية ولأسباب سياسية، الهدف منها معاقبة فرنسا وبقية الدول الأوروبية بسبب مواقفها الاخيرة وتأييدها لمشروع القرار الفلسطيني، يضاف الى ذلك انها تسعى الى زعزعة الامن والاستقرار في سبيل اثارة مخاوف اليهود وبتالي دفعهم للهجرة إلى اسرائيل.

نتنياهو ثعلب مراوغ

وفي هذا الشأن تمكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من إثارة حساسيات أثناء مشاركته في مسيرة "شارلي إبدو" في باريس وهو حدث قال مكتبه في الاصل انه لن يحضره لأسباب أمنية. وربما كان الاكثر حرجا دعوته ليهود فرنسا -- الذين أزعجتهم هجمات باريس ومقتل أربعة اشخاص في متجر للأطعمة اليهودية -- للهجرة الى اسرائيل اذا أرادوا ذلك مما دفع رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس للمسارعة بطمأنة الطائفة اليهودية انها في أمان وأنها جزء لا يتجزأ من فرنسا.

ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليهود الفرنسيين للهجرة إلى إسرائيل، بعد أن قتل 17 شخصا في هجمات لمسلحين إسلاميين، بينهم أربعة يهود. وقال نتنياهو في نداء وجهه إليهم "إلى جميع اليهود في فرنسا، وفي أوروبا، أريد أن اقول لكم إن إسرائيل ليست فقط الوجهة التي تتوجهون إليها في صلواتكم بل هي وطنكم أيضا". وأشار إلى إن فريقا من الوزراء سيجتمع للاتفاق على إجراءات لتشجيع هجرة اليهود من فرنسا ودول أوروبية أخرى، وإن من يرغب من اليهود في الهجرة إلى إسرائيل سيستقبل بحرارة. وأضاف نتنياهو أن الإسلام الراديكالي هو تهديد للحضارة الغربية ولليهود.

وذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قام بدعوة نفسه الى التظاهرة الجماهيرية في باريس رغم طلب الرئاسة الفرنسية منه عدم الحضور. وقالت القناة التلفزيونية الثانية ووسائل اعلام اخرى ان الرئاسة الفرنسية التي غضبت من اصرار نتانياهو على الحضور، قامت بدعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ردا على ذلك.

وبحسب وسائل الاعلام، فان اصرار نتانياهو على الحضور جاء من اجل حملته الانتخابية في الانتخابات المقررة في اذار/مارس. ونقلت صحيفة هارتس على موقعها الالكتروني عن مصدر اسرائيلي مطلع على الاتصالات بين البلدين انه عندما بدأت فرنسا بارسال الدعوات لحضور التظاهرة، فان مستشار هولاند الدبلوماسي جاك اوديبير ابلغ مستشار نتانياهو للامن القومي يوسي كوهين ان الرئيس الفرنسي يفضل عدم حضوره. واضاف المصدر ان اوديبير ابلغ كوهين ان الرئيس الفرنسي لم يكن يرغب في ان يقوم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي او العلاقة بين اليهود والمسلمين بتحويل الانتباه عن رسالة التظاهرة، واعرب عن امله في ان يتفهم الجانب الاسرائيلي ذلك.

واشارت هارتس الى موافقة نتانياهو على ذلك في البداية. لكن عندما علم ان وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت سيذهبان الى باريس للمشاركة في التظاهرة ولقاء الجالية اليهودية هناك، قام بابلاغ الفرنسيين بحضوره التظاهرة. ويقود ليبرمان وبينيت حزبين يمينيين ينافسان حزب نتانياهو في الانتخابات. وقررت باريس التي غضبت من قرار نتانياهو ان تقوم بدعوة عباس، بحسب الصحيفة. ولم يكن بالإمكان الحصول على اي تعليق رسمي من الحكومتين الاسرائيلية والفرنسية. واعلن في وقت متأخر عن مشاركة عباس ونتانياهو في تظاهرة باريس.

وكان الحاخام مناحيم مارجولين رئيس الرابطة اليهودية الاوروبية متشددا بدرجة خاصة وقال ان هجرة اليهود الى اسرائيل ليست الرد على كل شيء حتى اذا كانت سياسة مهمة لاسرائيل. وقال "أي شخص على دراية بالواقع الأوروبي يعرف ان دعوة الهجرة ليست الحل للإرهاب المناهض للسامية." ومساعدة مزيد من اليهود في الشتات للهجرة الى اسرائيل ما زالت تمثل السياسة الرئيسية للحكومة اليمينية التي تواجه انتخابات في مارس اذار القادم.

وقال محلل مالي عمره 38 عاما اكتفى بذكر ان اسمه سامي "اسرائيل لها ثقافة ولغة مختلفة للغاية". وعبارة نتنياهو "انتقل الى اسرائيل" لا تختلف في حقيقة الامر عما يقوله باستمرار في هذا الموضوع. لكن عندما تأتي في يوم مسيرة يشارك فيها ثلاثة ملايين شخص صممت لإظهار ان العالم يقف جبهة واحدة مع فرنسا فانها تصبح مثيرة للفرقة. وأظهر فيديو - وضع على فيسبوك في لقطات اخبارية صاحبت موسيقى كاريكاتير لوني تونز - نتنياهو وهو يناور ليشق طريقه الى مقدمة المسيرة بمساعدة العديد من حراسه الشخصيين حتى يسمح له ذلك بالتقاط صور وهو يسير بجوار زعماء آخرين بينهم الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل. بحسب رويترز.

وسرعان ما وضعت هذه الصور في حساب نتنياهو على تويتر بينما تم تغيير اللافتة على صفحته في فيسبوك الى صورة له في الصف الاول جنبا الى جنب مع أولوند وميركل والرئيس المالي ابراهيم ابوبكر كيتا وزعيما الاتحاد الاوروبي جان كلود يونكر ودونالد توسك. ولم يظهر في الصورة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي كان يقف بجوار توسك على بعد مترين من نتنياهو.

جدل فرنسي اسرائيلي

في السياق ذاته وعدت الحكومة الفرنسية بحماية المدارس اليهودية والكنس في البلاد من قبل الجيش "في حال الضرورة" بينما توجه الرئيس الفرنسي الى الكنيس الكبير في باريس لحضور موكب تكريم لكل ضحايا الهجمات الارهابية الاخيرة في المنطقة الباريسية. وغداة عملية احتجاز رهائن في محل لبيع الاطعمة اليهودية في باريس سقط فيها اربعة قتلى، اكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس ان مكان يهود فرنسا هو فرنسا ردا على تصريحات نظيره الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي رأى ان "وطنهم" هو اسرائيل.

وقال رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا روجيه كوكيرمان في ختام لقاء مع الرئيس الفرنسي ان الحكومة الفرنسية وعدت بان يقوم الجيش بحماية المدارس اليهودية والكنس في البلاد "في حال الضرورة". واضاف ان الرئيس هولاند "قال لنا ان كل المدارس وكل الكنس ستكون في حال الضرورة محمية من قبل الجيش". واستقبلت الرئاسة الفرنسية عددا كبيرا من ممثلي الطائفة اليهودية في فرنسا. وقد طالبوا الحكومة بتعزيز اجراءات الحماية.

وقال كوكيرمان انه مع احترام قرار اليهود الراغبين في الرحيل الى اسرائيل "علينا ان نحارب في فرنسا كل أعداء اليهودية". وأوضح ان بين المواضيع التي تمت مناقشتها مراقبة "الشبكات الاجتماعية" او القنوات التلفزيونية الفضائية التي "تبث عبرها رسائل معادية للسامية"، ويجب اتخاذ اجراءات جزائية ضدها. واكد ضرورة "الكف عن صنع جهاديين في سجوننا". وتابع ان "اجراءات ستعلن في الايام المقبلة".

وكان رئيس الحكومة الفرنسية تفقد مع عدد من الشخصيات السياسية والدينية المكان الذي وقع فيه احتجاز الرهائن. وقال ان "يهود فرنسا خائفون منذ سنوات"، مؤكدا "نحن كلنا اليوم شارلي كلنا شرطيون كلنا يهود فرنسا". واضاف فالس ان "فرنسا بدون يهود فرنسا لا تكون فرنسا". ووسط تصفيق الحضور. واشاد رئيس الوزراء الفرنسي "بأكبر جالية يهودية في اوروبا والاقدم وساهمت الى حد كبير في الجمهورية". وقال "علينا الا نخاف من ان نكون صحافيين وان نكون شرطيين وان نكون يهودا وان نكون مواطنين". وسعى فالس بذلك الى الرد على نظيره الاسرائيلي الذي قال "الى كل يهود فرنسا ويهود اوروبا اقول: اسرائيل ليست فقط المكان الذي تتوجهون اليها للصلاة بل دولة اسرائيل هي وطنكم".

وفي الواقع هذا الجدل ليس جديدا. ففي تشرين الاول/اكتوبر 2012 وبعد اشهر على الهجوم الذي قام به محمد مراح وقتل فيه عسكريون من اصول مغاربية ويهود في مدينة تولوز جنوب غرب فرنسا، قال نتانياهو متوجها الى اليهود "تعالوا الى اسرائيل". ورد الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا هولاند بالقول ان "مكان يهود فرنسا هو فرنسا"، متعهدا "بملاحقة معاداة السامية والقضاء عليها". واستهدفت عدة هجمات اليهود في فرنسا في السنوات الاخيرة من بينها مقتل ثلاثة اطفال ومعلم في مدرسة يهودية في تولوز في 2012 بيد الاسلامي محمد مراح. وقبل ذلك توفي ايلان حليمي في 2006 بعد تعرضه للتعذيب ثلاثة اسابيع.

ويقول جهاز حماية الجالية اليهودية شهدت الاشهر السبعة الاولى من 2014 تصاعدا في الاعمال المعادية لليهود في فرنسا التي تضاعف عددها تقريبا (91 بالمئة) بالمقارنة مع الفترة نفسها من 2013. وفي تموز/يوليو وخلال تظاهرة لادانة الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة تردد هتاف "الموت لليهود". وكانت فرنسا في 2014 وللمرة الاولى منذ اعلان قيام دولة اسرائيل في 1948 اول بلد هجرة الى اسرائيل اذ غادرها اكثر من 6600 يهودي للاستقرار في الدولة العبرية مقابل 3400 عام 2013. وتساءل رئيس الوكالة اليهودية ناتان تشارانسكي خلال الحرب على غزة ما "اذا كان هناك مستقبل لليهود في فرنسا". بحسب فرانس برس..

ويشكل يهود فرنسا الذين يقدر عددهم بنحو 500 او 600 الف اكبر جالية يهودية في اوروبا والثالثة في العالم بعد اسرائيل والولايات المتحدة. ومنذ 1948هاجر اكثر من تسعين الف يهود من فرنسا الى اسرائيل. ويأتي ذلك بينما تشعر الحكومة الاسرائيلية بالاستياء من تصويت البرلمان الفرنسي في نهاية 2014 على قرار ينص على الاعتراف بدولة فلسطين. وقد استدعت في نهاية كانون الاول/ديسمبر السفير الفرنسي بعد دعم باريس لمشروع قرار فلسطيني في الامم المتحدة يهدف الى تسريع تسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.

الدفن في اسرائيل

على صعيد متصل دفن اليهود الاربعة الذين قتلوا في هجوم باريس في القدس بناء على رغبة عائلاتهم اثر مراسم تشييع حضرها الالاف فيما يتزايد القلق في البلاد حيال امن اليهود في فرنسا واوروبا عموما. وكانت جثامين القتلى الاربعة يوهان كوهين ويوهاف حطاب وفيليب ابراهام وفرنسوا ميشال سعادة وصلت برفقة عائلاتهم الى مطار تل ابيب على متن طائرة تابعة لشركة العال الاسرائيلية. ونقلوا في نعوش خشبية وجرى دفنهم في اكبر مقبرة في القدس الغربية سبق ان دفن فيها عام 2012 الاطفال اليهود الثلاثة ومدرسهم الذين قتلوا في فرنسا برصاص جهادي اخر هو محمد مراح.

وخلال مراسم التشييع، اعتبر الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين انه من غير المقبول ان يشعر اليهود بالخوف حين يسيرون في شوارع اوروبا وهم يضعون اشارات تدل على انتمائهم الديني. وقال "لا يمكننا السماح في العام 2015 وبعد 70 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، ان يخاف اليهود من السير الشارع في اوروبا وهم يضعون القلنسوة". من جهته، اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو خلال التشييع ان قادة العالم بداوا يدركون "ان الارهاب الذي يرتكبه متطرفون اسلاميون يشكل تهديدا واضحا للسلام في العالم الذي نعيش فيه".

واضاف ان ذلك الارهاب "ليس فقط عدو الشعب اليهودي وانما عدو كل البشرية". بدورها، اكدت وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية سيغولين روايال التي تمثل باريس في مراسم التشييع ان معاداة السامية "لا مكان لها في فرنسا". وقالت روايال "اود ان اؤكد لكم هنا تصميم الحكومة الفرنسية الحازم على مكافحة كل اشكال الاعمال المعادية للسامية".

من جانب اخر اكد الرئيس الاسرائيلي الترحيب بيهود فرنسا في اسرائيل لكن يجب ان لا يكون ذلك بدافع الخوف من الهجمات. وقال "اشقائي وشقيقاتي الاعزاء، المواطنون اليهود في فرنسا، انتم موضع ترحيب" مضيفا "لكن لا يمكنكم العودة الى ارض اجدادكم بدافع اليأس او بسبب الدمار او ويلات الارهاب والخوف". واليهود الاربعة الذين دفنوا في اسرائيل هم ضمن 17 شخصا قتلوا في الاعتداءات التي اثارت الصدمة في فرنسا.

وقتلوا خلال عملية احتجاز رهائن في متجر يهودي في باريس ما اثار ذهولا ايضا في اسرائيل. ويوهان كوهين المتحدر من مدينة سارسيل شمال باريس التي كانت في تموز/يوليو مسرحا لتظاهرات عنيفة لمعاداة السامية في اطار حرب اسرائيل على حماس، كان يعمل منذ سنة في متجر فرنسي للمنتجات اليهودية يقع عند بورت دو فنسان في باريس حيث جاء الضحايا اليهود الثلاثة الاخرون يتبضعون.

ويوهاف حطاب (21 عاما) من مواليد تونس قتل بعدما اصر على دخول المتجر فيما كانت الستائر مغلقة كما افاد موقع صحيفة يديعوت احرونوت الالكتروني. وقتلت شقيقة والدته عام 1985 مع اربعة اشخاص اخرين حين اطلق جندي تونسي النار في حرم كنيس الغريبة في جربة. ووالده حاخام الكنيس الكبير في تونس ارسله بعد ذلك للدراسة في فرنسا ظنا منه ان ابنه سيكون هناك في امان.

اما فيليب ابراهام الذي يعمل في مجال الالكترونيات، فروت زوجته انه درج على عادة التبضع الخميس لكنها طلبت منه القيام ببعض المشتريات الاضافية. وحين سمعت الاخبار ارسلت له عدة رسائل نصية، قائلة "حينها ادركت ان شيئا ما قد حصل". وتتابع ارملته فاليري ان ابراهام سبق ان فقد طفلا دفن في اسرائيل. وقالت "فيليب ابراهام يجب ان يكون هناك الى جانب ابنه". والرجال الاربعة ليسوا اسرائيليين لكن نتانياهو وافق على طلب العائلات ان يدفنوا في اسرائيل. بحسب فرانس برس.

وعززت عملية احتجاز الرهائن التي قام بها احمدي كوليبالي، الشعور في اسرائيل بان فرنسا لم تعد بلدا آمنا لليهود لا سيما بعد قضية مراح وتصاعد الهجمات المعادية للسامية. واتصل كوليبالي قبل ساعتين من مقتله برصاص الشرطة الفرنسية، بمحطة تلفزيون محلية مؤكدا انه ينتمي الى تنظيم "الدولة الاسلامية" وانه استهدف اليهود بسبب "القمع" الذي يمارس ضد المسلمين والفلسطينيين.

الخوف يتصاعد

الى جانب ذلك رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن اليهود الفرنسيين يشعرون بالفعل بأنهم موضوعون تحت حصار 'معاداة السامية'.. مشيرة إلى أن صدمة الهجمات الإرهابية في باريس تركتهم خائفين وغاضبين وغير مطمئنين على مستقبلهم في فرنسا، وأنهم باتوا على استعداد متزايد للنظر في الانتقال إلى إسرائيل التي تمزقها الصراعات كملاذ أكثر أمنا.

ونقلت الصحيفة وكما تقول الشرق الأوسط في تقرير نشرته في نسختها الالكترونية عن جاكلين كوهين صاحبة متجر للتحف الفنية في شارع قصر روزييه في الحي اليهودي حيث أغلقت العديد من الشركات أبوابها إنها الحرب هنا.. مضيفة بعد ما حدث، نشعر بأننا سنكون أكثر أمنا في وسط تل أبيب عن هنا في قلب باريس. وقالت في إسرائيل، هناك القبة الحديدية لحمايتنا، في اشارة الى نظام الدفاع المضاد للصواريخ في إسرائيل.. مؤكدة هنا نشعر بالضعف واننا مكشوفون، وأصبحنا نخشى أن نرسل أطفالنا إلى المدرسة.

وأعرب بعض السكان اليهود في باريس عن زيادة قلقهم بعد هجوم الإرهابي عندما قام مسلح فرنسي مدجج بالسلاح باقتحام محل لأطعمة اليهود كوشير في شرق باريس، تاركين وراءه أربعة قتلى من الرهائن في تلك الواقعة قبل أن يقتله رجال الشرطة.. مشيرين إلى أن الشعور بعدم الأمن بين اليهود بات حادا جدا.

ووفقا للوكالة اليهودية لإسرائيل التي تنسق عملية الهجرة إلى تل أبيب، فإن فرنسا أصبحت أكبر مصدر لليهود الذين ينتقلون إلى إسرائيل. وفي نهاية تقريرها، أشارت نيويورك تايمز إلى أن القادة الفرنسيين، أعربوا عن خوفهم من النتائج المترتبة على هجرة اليهود من فرنسا، بتعبيرات قوية من الدعم.. مشيرة إلى قول رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، إن فرنسا من دون اليهود ليست فرنسا.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي