حرب القوقاز.. ام حرب التغيير
حيدر الاجودي
2016-04-05 01:16
يستمر النزاع بين قوات البلدين أرمينيا وأذربيجان على طول حدود إقليم ناغورني قره باخ المتصارع عليه، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين، الأمر الذي يهدد بانهيار كامل لاتفاق الهدنة بينهما عام 1994م، الذي نص على ان تسحب أرمينيا قواتها من أراضي أذربيجان، لكنها لم تمتثل لها حتى اللحظة، وكان النزاع اندلع بين البلدين عام 1988 على إقليم قره باخ الجبلي حين أعلنت الأغلبية الأرمينية لسكان الإقليم الذي كان منطقة أذربيجانية، الانفصال عن جمهورية أذربيجان التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي آنذاك. وتجرى مفاوضات منذ عام 1992 لتسوية النزاع فى إطار مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وشهدت منطقة جنوب القوقاز حربًا بين أذربيجان وأرمينيا في مطلع تسعينيات القرن العشرين، بعدما أيدت أرمينيا انفصال "كاراباخ" عن أذربيجان، وساهمت جهود الوساطة التى بذلتها روسيا فى وقف تلك الحرب، إلا أن النزاع بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين حول منطقة كاراباخ التى فقدت أذربيجان السيطرة عليها لم ينته، حيث أعلنت أرمينيا وأذربيجان، يوم 2 ابريل 2016، تفاقم الوضع فى إقليم (كاراباخ) موضع النزاع بينهما.
تبادل الاتهامات بين الطرفين ببدء الهجوم
تبادل أطراف النزاع الاتهامات حول من بدأ بافتعال الاشتباكات وجدد النزاع العسكري في هذا الاقليم. حيث أعلنت وزارة الدفاع الأرمينية عن اندلاع معارك عنيفة على خط التماس بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في إقليم ناغورني قره باخ المتنازع عليه بين البلدين. واشار بيان قد صدر عنها (2 نيسان/ ابريل 2016) أن القوات الأذربيجانية تقوم بعمليات على طول خط التماس مع الإقليم مستخدمة الدبابات والمدفعية والقوات الجوية للتوغل في الإقليم والاستيلاء على مواقع في عمقه، (بحسب وكالة أرمن برس). وقالت الوزارة أن الجيش الأرميني يقوم بهجوم مضاد على عدة محاور في الإقليم، واشارت مصادر إعلامية أرمينية إن الاشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين دون تحديد عدد القتلى أو الجرحى.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع ألاذربيجانية أن "القوات المسلحة الأرمينية خرقت خلال الـ24 ساعة الماضية اتفاق وقف إطلاق النار 127 مرة على مختلف محاور خط التماس"، بحسب وكالة الأنباء الأذربيجانية (أذرتاج). وأشارت الوزارة إلى أن قوات أرمينيا استخدمت راجمات القنابل والرشاشات الثقيلة.
خسائر بشرية وعسكرية للطرفين
أشارت مصادر إلى وقوع قتلى من الجانبين، اذ تحدثت عن تكبد الجانب الأذربيجاني خسائر جسيمة بالأرواح والعتاد وفقد طائرة مروحية، كما وقعت اصابات عديدة في الصف الارمني من خسائر بالارواح والعتاد والمواقع العسكرية، وشدة المعارك وعنفها واستمرارها صعّب المهمة لاحصاء العدد الدقيق للخسائر في الارواح في الطرفين.
مواقف دولية
أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو تتابع باهتمام بالغ تطورات الوضع فى إقليم كاراباخ. وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، لـ"سبوتنيك": "نبحث المعلومات الواردة"، وصرح ناطق الرئاسة الروسية دميترى بيسكوف، بأن أنباء استئناف العمليات القتالية بين القوات الأرمينية والأذربيجانية أثارت قلق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ودعا الاخير الطرفين المتنازعين الى وقف إطلاق النار.
من جانبه تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعم أذربيجان "حتى النهاية" في نزاعها مع أرمينيا حول ناغورنو كاراباخ، ونقلت الرئاسة التركية عن أردوغان قوله أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة "نصلي من أجل انتصار أشقائنا الأذربيجانيين في هذه المعارك بأقل خسائر ممكنة".
وتقيم تركيا علاقات ثقافية ولغوية قوية مع أذربيجان، وتعتبر حليفة أساسية لباكو. ولا تقيم في المقابل علاقات مع أرمينيا بسبب الخلاف حول المجازر بحق الأرمن في ظل حكم العثمانيين عام 1915، والتي تعتبرها يريفان "إبادة"، وهو ما ترفض أنقرة الاعتراف به.
موقف مجموعة مينسك
في غضون ذلك أعلن الرئيس المناوب لمجموعة (مينسك) التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن الجانب الأمريكي جيمس فارليك يوم السبت 2/ ابريل 2016 عن اجتماع للمجموعة في فيينا يوم الثلاثاء المقبل لبحث الاشتباكات بين اذربيجان وارمينيا في اقليم ناغورني قره باغ.
وقال فارليك في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) وفقاً لوكالة (سبوتنيك) الروسية للانباء أن "الرؤساء المناوبين لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي سيجتمعون في فيينا يوم الاثنين وسيعقدون اجتماعاً لمجموعة مينسك يوم الثلاثاء بشأن العنف في قره باغ الجبلية".
وكان الرؤساء المناوبون لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد دعوا في بيان مشترك لهم إلى وقف إطلاق النار واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لاستقرار الأوضاع بالمنطقة.
الايادي الخفية وراء الحرب
ألمحت جمهورية قرة باغ إلى احتمال وقوف تركيا وراء استئناف العمليات القتالية على خط التماس بين القوات الأذربيجانية والأرمينية. وذكر موقع إخبارى أرمينى، أن المتحدث باسم رئاسة جمهورية قرة باغ، دافيد بابايان، قال: "لا يمكن أن تسلك أذربيجان هذا السلوك بناءً على مبادرة من قبلها فقط. والأغلب ظنًا أنها تحظى بتأييد قوى محددة كتركيا".
من خلال الاستعراض السابق، يمكن القول أن الأزمة تضع اوروبا على مفترق طرق بين مطرقة الإندفاع الأميركي وسندان المصالح مع روسيا، حيث لم تلق بتأثير إيجابي على صعيد بروز قوة أوروبا، إن لم تضعها في موقف الضعيف سواء شكل التابع للولايات المتحدة، أو من يسترضي روسيا للتهدئة، وهو ما يعني أن فصول الأزمة مرشحة للتصاعد في شكل مواجهة بين قطبين بغض النظر عن مستوى قوة كل منهما هما الولايات المتحدة وروسيا، وهى مواجهة تبدو حصيلتها متعادلة حتى الآن، كما ان تركيا من جانبها تحاول بكل قوة خلق جو لنفسها كعنصر مؤثر اقليمي ودولي فبعد الاتهامات التي وجهت لها في موضوع دعم تنظيم مايعرف بالدولة الاسلامية في السشام والعراق (داعش) وبعد ان اوشكت هذه الصفحة على الانجلاء، يرى محللون ان تركيا وبدعم من بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط لاحداث فوضى جديدة في العالم بغية تأخير ووضع العراقيل امام مشروع التغيير الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية وبمعية دول اخرى لما يعرف بمقاومي التغيير او الحرس القديم.