ترامب وكلينتون.. ايهما اقرب الى المكتب البيضاوي؟
عبد الامير رويح
2016-01-31 09:41
مع بدأ العدّ التنازلي للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية لسنة 2016 ازادت حدة الحرب الانتخابية بين المرشحين للرئاسة الامريكية، التي دخلت مرحلة حاسمة وحساسة كما يقول بعض المراقبين. فدونالد ترامب الذي يبحث عن ترشيح الحزب الجمهوري له وبحسب بعض المصادر، كثّف من لقاء ته مع الجمهور وزاد من وتيرة ظهوره في وسائل الأعلام. من جهتها هيلاري كلينتون لم تدخر جهدا في توسيع حملتها الانتخابية لتشمل عدة ولايات وأجرت حوارات مع إعلاميين معروفون بمدى تأثيرهم في الناخب الديمقراطي. يضاف الى ذلك الحملات الاخرى التي يقوم بها باقي المرشحين الساعين الى حصد اكبر عدد من اصوات الناخبين.
ويرى كثير من المراقبين أن المنافسة ستكون شرسة بين اثنين من المرشحين هما هيلاري كلينتون السياسية المخضرمة التي تطمح لتكون أول رئيسة أمريكية ودونالد ترامب الجمهوري المثير للجدل وصاحب التصريحات النارية، خلال الشهر العاشر من هذا العام ستجرى الانتخابات الامريكية 2016 وبعد أيام فقط ستتمّ الانتخابات التمهيدية لإختيار مرشّح جمهوري واخر ديمقراطي ليخوضا السّباق نحو البيت الأبيض.
الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية تبدأ من أيوا كما جرت العادة حيث يتوجه منخرطي الحزبين إلى صناديق الإقتراع من أجل اختيار مرشحهم. ويعتبر الفوز في هذه الولاية مفتاحا للفوز في بقية الولايات وهو ما جعل كلّ المرشحين يولونها أهمّية قصوى. وفيما يخص الحزب الجمهوري فجميع استطلاعات الرأي تؤكد أنّ المنافسة ستكون كبيرة بين مرشحين اثنين هما دونالد ترامب وتيد كروز. وعرف الأول بعدائه للمسلمين و تصريحاته النارية ضدّهم ممّا جلب له سخط الكثيرين داخل البلاد وخارجها واعتبر بعضهم أنّ سياسته مجنونة وغير عقلانية لكنه مع ذلك يحافظ على تصدّر نوايا التصويت عند الجمهوريين وخاصّة المحافظين منهم. وقبل أيام قليلة نشرت صحيفة دي موين رجيستر المحليّة أنّ مرشحي الرئاسة قد نظموا 1200 اجتماعا و تظاهرة في أيوا وحدها وهو ما يعكس أهمّية الفوز بأصوات الناخبين تمهيدا لبقية الولايات. وخلال المناظرة التي جرت في شارلستون بين مرشحي الحزب الجمهوري برز تفوق كلّ من ترامب و كروز في حين لم تبق فرصة للبقية الذين بدا أداؤهم باهتا و لم تقنع اجاباتهم على أسئلة الصّحافيين ملايين الأمريكيين في منازلهم.
اما فيما يخص الحزب الديمقراطي فتتصدّر هيلاري كلينتون مرشحي الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة و ينافسها في ذلك بيرني ساندرز. ويعرب جميعهم عن تأييد سياسة الرئيس اوباما في أغلب القضايا، وفي مناظرة جرت بينهم عبروا عن رفضهم ارسال قوات امريكية لمحاربة داعش سواء كان ذلك في العراق أو سوريا.
الحزب الديمقراطي
في هذا الشأن أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالحنكة السياسية لهيلاري كلينتون المرشحة المحتملة لخوض انتخابات الرئاسة عن الحزب الديمقراطي. وتمثل إشادة أوباما دفعة لحملة هيلاري التي تواجه منافسة قوية من بيرني ساندرز. وأدلى أوباما بهذا التصريح في سياق مقابلة أجرتها معه مجلة بوليتيكو وكلمات أوباما عن وزيرة خارجيته السابقة ستساعدها في محاولتها لربط حملتها بشكل أوثق بالرئيس لحشد المزيد من التأييد من داعميه.
ولم يوجه أوباما أي انتقادات صريحة لساندرز وهو سناتور من فيرمونت تتركز حملته على تعهدات بإصلاح التفاوت الاجتماعي واحتواء تجاوزات وول ستريت. لكن الرئيس الأمريكي أثنى على خبرة كلينتون وأشار أكثر من مرة إلى أن رسائل كلينتون ترتكز على الواقعية. وقال أوباما عن كلينتون "لها خبرة غير عادية وانتم تعرفون انها ذكية بشكل لا يضارع وتعرف كل شيء متعلق بالسياسة في الداخل والخارج وهذا يجعلها أحيانا أكثر حذرا." وعلى مدى شهور ظلت كلينتون -التي خسرت أمام أوباما في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة في عام 2008- المرشحة الأبرز لنيل ترشيح الحزب للانتخابات القادمة لكن استطلاعات الرأي أظهرت زيادة في شعبية ساندرز خلال الأسابيع الماضية.
وتقول كلينتون إن أهداف ساندرز في قضايا مثل التفاوت الاجتماعي جديرة بالثناء لكنها أشارت إلى ان بعض هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها كما انه يفتقر للخبرة اللازمة للتعامل مع عدد أوسع من القضايا. وقالت كلينتون في كلمة أمام اتحاد ديس موينس اليهودي "عندما تكون في البيت الابيض لا يمكنك انتقاء القضايا التي ترغب في العمل بشأنها بل عليك أن تكون جاهزا للتعامل مع كل قضية تواجهك بما في ذلك القضايا التي لا يمكن توقعها."
وفي تأكيد على أن تلك النقطة سترضي حملة كلينتون قال أوباما في المقابلة "الشيء الذي يفهمه الجميع هو أن من يشغل هذا المنصب لا يملك رفاهية التركيز على شيء واحد." وتابع "أعتقد أن ما تمثله هيلاري كلينتون هو إدراك أن ترجمة القيم إلى حكم رشيد وتحقيق المطلوب هو في نهاية المطاف مهمة العمل السياسي وإحداث فارق حقيقي على حياة الناس اليومية." ويقول أوباما الذي ما زال يتمتع بشعبية داخل الحزب الديمقراطي إنه لن يؤيد أي مرشح في الانتخابات التمهيدية للحزب لكنه أقر بأنه يتابع الأمر عن كثب ليرى من سيخلفه. بحسب رويترز.
وحثت هيلاري كلينتون الناخبين في ولاية ايوا على اختيار خبرتها مقابل مثالية منافسها بيرني ساندرز الذي قام بجولات على الجامعات لحشد تاييد الطلبة. وقالت كلينتون امام حوالى 600 شخص تجمعوا في ملعب مدرسة ابتدائية في بلدة نورث ليبرتي "اعلم ان بعضكم لا يزال يستعرض خياراته. آمل ان اتمكن من اقناع بعضكم".
والرسالة التي تحاول كلينتون وفريقها تمريرها هي ان طروحاتها اكثر واقعية من افكار ساندرز الذي وضع مهاجمة النخبة المالية في وول ستريت في صلب حملته الانتخابية. وهاجم ساندرز كلينتون تكرارا مستهدفا ما اعتبره علاقاتها الوثيقة ببعض المصارف الكبرى وانتقدها لالقاء خطابات مقابل بدل امام شركات تابعة لوول ستريت. لكن كلينتون ردت قائلة "لقد انتقدت وول ستريت لسنوات، ولدي خطة افضل للقيام بذلك". واضافت "ليس من مصرف اكبر من ان يفشل، وليس من مدير أكبر من ان يسجن". كما شددت على انجازاتها في مجال السياسة الخارجية و"الخطوات المحددة جدا" التي ستتخذها لهزم تنظيم داعش. وكرست كلينتون قسما كبيرا من خطابها لدورها في العملية الخاصة التي ادت الى مقتل اسامة بن لادن في العام 2011 والتي اعتبرها الكثيرون من مساعدي الرئيس باراك اوباما خطرة جدا وتنطوي على مجازفات. واكدت انها شجعت الرئيس على المضي بالعملية.
الجمهوريون في مناظرة
الى جانب ذلك ومع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية في السباق الرئاسي الى البيت الابيض شهدت مناظرة الجمهوريين تغييرا في اللهجة وخصوصا بين المرشحين الابرزين دونالد ترامب وتيد كروز اللذين تخليا عن المجاملات المعتادة. وبعد اشهر من الحملات العشوائية تنافس فيها اكثر من عشرة مرشحين على امل لفت الانتباه، كانت المناظرة التي تمت في كارولاينا الجنوبية مختلفة عن السابق اذ بات التركيز اوضح على اهمية اختيار مرشح للحزب الجمهورية.
واحتكر ترامب وكروز الذي يتقدم استطلاعات الراي في ايوا الولاية الاميركية الاولى التي ستبدا فيها الانتخابات التمهيدية حيزا من المناظرة التي تحولت الى مشادة تجاهلا فيها المرشحين الاخرين في بعض الاحيان. وفي انتظار نتائج الانتخابات التمهيدية التي سيتواجه فيه المرشحون في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، فان استطلاعات الراي لا تزال تظهر تقدما واضحا للملياردير ترامب الذي يتصدر مع 33% من نوايا التصويت في مقابل 20% لكروز و13% لسناتور فلوريدا ماركو روبيو، بحسب اخر استطلاع اجرته "ان بي سي/دبليو اس جاي". وعلق ترامب الفخور بادائه "كم احب هذا الاستطلاع".
وركز المرشحون السبعة المتفقون على انتقاد السياسة الخارجية للرئيس الاميركي باراك اوباما هجماتهم على هيلاري كلينتون المرشحة الاوفر حظا في المعسكر الديموقراطي. واعتبر جيب بوش نجل وشقيق رئيسين اسبقين ان وزيرة الخارجية السابقة ستكون "كارثة" للامن القومي الاميركي. وقال روبيو ان "كلينتون لم تعد مؤهلة لتكون القائد الاعلى". لكن المناظرة شهدت قبل ذلك تبادلا للهجمات الحادة. فقد اخذ دونالد ترامب على كروز ولادته في كندا وقال ان ذلك يحرمه من الحق في تولي الرئاسة.
وما كان من كروز سوى ان علق بان ترامب يشعر بالهلع لتراجع ادائه في استطلاعات الراي في ايوا وانه قرر اختلاق ازمة للاحتفاظ بالمرتبة الاولى. وقال كروز "في ايلول، اكد لي صديقي دونالد ان محاميه راجعوا الملف من كل نواحيه وانه لم يعثروا على اي مشكلة". واضاف "الدستور لم يتغير منذ ايلول/سبتمبر، بعكس ارقام الاستطلاعات... ودونالد مستاء لتراجع ادائه في ايوا". ورد ترامب "هناك علامة استفهام كبيرة على ترشيحك، لا يمكنك القيام بذلك ازاء الحزب".
وبحركة من يده، استبعد ترامب عرض كروز ان يعينه نائبا للرئيس وقال "اذا لم انجح ساعود الى مجال البناء". وانطلق كروز سناتور تكساس في انتقاد مطول "للذهنية النيويوركية" اليسارية بنظره لدى ترامب الذي استهجن ما اعتبره "اقوالا مهينة". ورد قائلا ان "نيويورك مكان رائع"، مشيدا وسط التصفيق برد فعل السكان بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 "عندما تهدم مركز التجارة العالمي ما رايته لا يمكن ان يحصل في اي مكان اخر في العالم"، في اشارة الى اعادة بناء مانهاتن.
وقبل المناظرة، خرق قادة الحزب الجمهوري الحياد النسبي الذي كانوا يلزمونه حيال المرشحين، مع اختيارهم نيكي هايلي، اصغر حاكمة ولاية في البلاد (43 عاما عن كارولاينا الجنوبية) لالقاء خطاب الحزب ردا على كلمة الرئيس باراك اوباما السنوية حول حال الاتحاد. وكانت هايلي صرحت في اشارة واضحة الى ترامب كما اقرت بذلك في اليوم التالي "ايظن البعض انه يكفي ان يكون الشخص الاكثر صخبا من اجل تغيير الامور" مضيفة "ان افضل ما يمكن القيام به في غالب الاحيان هو خفض الصوت". ورد ترامب بالقول "لم انزعج للامر فقد قالت الحقيقة. ليس لدينا حدود وبلدنا تديره مجموعة من الاشخاص العديمي الكفاءة" مضيفا "انا اشعر بالغضب الشديد".بحسب فرانس برس.
والسبب الفعلي لرفض مسؤولي الحزب الجمهوري لدونالد ترامب هو انهم يعتبرون انه ليس افضل مرشح لرص صفوف اليمين والوسط في الانتخابات ضد هيلاري كلينتون الاوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي. كما انهم يخشون حصول الامر نفسه بالنسبة للانتخابات التشريعية التي ستجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية وعلى نفس بطاقة الاقتراع. ويقوم الناخبون عادة باختيار كل المرشحين الجمهوريين المدرجين على بطاقة الاقتراع في حال كان اسم المرشح للانتخابات الرئاسية في اعلى البطاقة يروق لهم. لكن سياسيا، يساهم لجوء مسؤولي الحزب الى مثل هذه الوسائل ضد ترامب، في تعزيز صورته كمرشح معارض للمؤسسات.
مايكل بلومبرغ
على صعيد متصل وفي حملة رئاسية اميركية مليئة بالمفاجآت، اضاف رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرغ بعض الشكوك معلنا انه ينوي خوضها كمرشح مستقل. واكد مقربون من بلومبرغ لصحيفة "نيويورك تايمز" ان الاخير مستاء من هيمنة دونالد ترامب لدى الجمهوريين، وغاضب لتردد هيلاري كلينتون وتقدم السناتور بيرني ساندرز لدى الديموقراطيين. وبلومبرغ (73 عاما) الملياردير المؤسس لوكالة المعلومات المالية التي تحمل اسمه، كان اشار في الماضي الى رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية. لكن في بلد لم يتم فيه يوما انتخاب اي مرشح مستقل رئيسا، لم يتخذ ابدا هذه المبادرة.
وهذه المرة قد يكون حدد مهلة حتى مطلع اذار/مارس لاتخاذ قراره بعد الاقتراع في اول ولايتين ايوا ونيوهامشير. حتى انه استعان بخدمة مستشار لمساعدته في اطلاق حملته المحتملة واجرى استطلاعا للرأي الشهر الماضي لتقدير فرصه في الفوز امام دونالد ترامب وهيلاري كلينتون وفقا لنيويورك تايمز. وبلومبرغ وهو برغماتي اكثر منه ايديولوجي، يبحث اولا عن نتائج ويعشق الارقام، ولطالما كان ديموقراطيا قبل ان يصبح جمهوريا في 2001 ليترشح لرئاسة بلدية نيويورك ثم كمستقل في 2007.
وبلومبرغ صاحب اكبر عاشر ثروة في الولايات المتحدة وقيمتها 36,5 مليار دولار بحسب مجلة "فوربس"، اكد انه مستعد لانفاق مليار دولار لحمتله. وبلومبرغ شخصية سياسية قريبة من وول ستريت، لا يتساهل بتاتا مع القضايا الامنية ويعارض بقوة الاسلحة النارية ويؤيد اصلاحا لنظام الهجرة. كما انه منذ زمن بعيد يؤيد فكرة الزواج للجميع والخيار الحر في الاجهاض وهي امور لا تلقى تأييدا لدى اليمن واليسار سواء.
وكرئيس لبلدية نيويورك (2002-2013) روج ايضا كثيرا للقضايا الصحية ومنع التدخين في الحانات والمطاعم والاماكن العامة وارغم شبكات المطاعم على نشر لائحة بالسعرات الحرارية على قائمة الطعام. وفي حال خاض الانتخابات ستكون المعركة صعبة جدا خصوصا وانه غير معروف على الصعيد الوطني. وبحسب خبراء من المستبعد ان يجازف في حال اختار الديموقراطيون هيلاري كلينتون في اول الولايات التي ستقترع.
وفي الواقع اعلنت كلينتون انها لن تمنحه هذه الفرصة. وصرحت الاحد لقناة ان بي سي، "انه صديق عزيز سابذل كل جهدي لاكون مرشحة الحزب الديموقراطي وسنرى ما يحصل بعد ذلك". واضافت "حسب ما فهمت في حال لم اكن المرشحة سيفكر في الامر. ساوفر عليه عناء ذلك". اما النيويوركي دونالد ترامب الذي وصل في المرتبة الاولى في استطلاعات الرأي في صفوف الجمهوريين فقال انه من دعاة سروره ان يتبارز مع رئيس البلدية السابق. وصرح لقناة سي ان ان "اعرف مايكل جيدا ساكون في غاية السرور ان اتنافس معه" مشيرا الى ان لديه افكارا مختلفة تماما في مجالي الاسلحة النارية والاجهاض.
ودان بيرني ساندرز سناتور فيرمونت المعارض لوول ستريت الذي يأتي بعد هيلاري كلينتون في ايوا ويتقدم عليها في نيو همبشر، بقوة "تنافس مرشحين مليارديرين لرئاسة الولايات المتحدة". وقال لقنوات تلفزيونية "بالنسبة لي هذه ليست الديموقراطية الاميركية معركة بين اصحاب مليارات. لكن في حال حصل ذلك اني واثق من اننا سنفوز". من جهته رأى الجمهوري راند بول ان ترشيحه قد يجذب اصوات الديموقراطيين "ما قد يعود بالفائدة على الجمهوريين".بحسب فرانس برس.
وكان اخر مرشح مستقل خاض الانتخابات الرئاسية الاميركية الملياردير روس بيرو في 1992 ونال 18,9% من الاصوات وساهم في هزم المرشح الجمهوري جورج بوش امام بيل كلينتون. وكان خاض الانتخابات مرة اخرى في 1996 كمرشح عن حزب الاصلاح وحصل على 8% من الاصوات.
1500 مرشح
من جانب اخر فمايكل بيتيو نجار وجندي سابق من جنود البحرية الأمريكية وجد وقائد للفرقة الموسيقية بكنيسة ارثوذكسية روسية يحب أن يتباهى بما تصنعه يداه في البيت من العجائن الملفوفة بالمكسرات. وهو إلى جانب كل ذلك مرشح لرئاسة الولايات المتحدة. وليس لبيتيو (66 عاما) الذي يعيش في ولاية انديانا ممولون كبار كما أن خبراته السياسية محدودة لا تتجاوز محاولتين فاشلتين للفوز بعضوية الكونجرس الأمريكي كما أن فرصه في الفوز في انتخابات الرئاسة معدومة. لكن هذا لم يمنعه من التفكير في أنه الشخص المناسب لخلافة الرئيس باراك أوباما في هذا المنصب.
وبيتيو من بين عدد متزايد من الأمريكيين الذين يطمحون لشغل مقعد الرئاسة بسبب ما يصفه خبراء علم النفس بأنه نرجسية متزايدة وارتياب في القيادات وكذلك قوة وسائل التواصل الاجتماعي في تيسير الوصول إلى الجماهير. ويسلم بيتيو بأنه لا فرصة له في النجاح لكنه يعتقد أنه لا يحتاج سوى لبعض الاهتمام ويقول "كيف يدركون أنني لست الشخص التالي الذي عليه الدور."
وتقول اللجنة الاتحادية للانتخابات إن أكثر من 1500 مرشح تقدموا لخوض انتخابات الرئاسة. وقد زاد عدد المرشحين الساعين للرئاسة إلى أكثر من ثلاثة أمثاله إذ بلغ العدد 417 مرشحا في انتخابات عام 2012 رغم أن بعض المتقدمين رشحوا أنفسهم بأسماء ربما تكون مستعارة مثل ديسكو دادي ودارث فيدر. ومن المرشحين هذا العام سوزان يونج مدرسة الدراسات الاجتماعية في كاليفورنيا التي تهدف لإعطاء طلبتها درسا عمليا في الديمقراطية وكذلك تيري جونز القس المعروف في ولاية فلوريدا بتنظيم عمليات حرق المصاحف إلى جانب رائد برامج مكافحة فيروسات الكمبيوتر جون ماكافي.
ومنهم أيضا إيدي بوكوايج التي نشرت على موقعها على الانترنت وصفة لأكلة تطهوها جدتها بالفلفل الحامي ووعدت الناخبين بأن العامين الأخيرين من فترة رئاستها سيتسمان بالملل لأنها ستكون قد أصلحت كل ما لحق بالبلاد من ضرر. وأخطأت في كتابة كلمة ضرر. وهؤلاء المغامرون الذين يدفعهم الطموح ليسوا عنصرا في استطلاعات الرأي التي توضح أن دونالد ترامب والسناتور تيد كروز من ولاية تكساس يتصدران السباق على الفوز بترشيح الجمهوريين لانتخابات الرئاسة بينما يتسابق السناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت ووزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي وذلك قبل المؤتمرات الانتخابية في ولاية ايوا والانتخابات التمهيدية في نيوهامبشاير الشهر المقبل.
لكن غياب الاهتمام لم يقلل من حماسة بيتيو. فكثيرا ما يشبه نفسه بالنبي داود الذي كان راعيا للغنم واختاره الله ليكون ملكا. ويقول بيتيو إنه مثل النبي داود "تخرج الكلمات من بين شفتي كما ينساب العسل من خلية النحل." وقد استوفى بيتيو الشروط الدستورية للترشح لمنصب الرئيس فعمره لا يقل عن 35 عاما كما أنه مواطن أمريكي يحمل الجنسية لأنه ولد في الولايات المتحدة. ويقول بيتيو الذي يملك شركة للبناء ويوزع بطاقات بياناته الشخصية في كل المناسبات السياسية في منطقة الغرب الأوسط "لا أدري كيف يمكن لشخص أن يمثل الناس دون أن يكون واحدا منهم."
وتبنى بيتيو نظريات المؤامرة فزعم أن مقر إدارة الإيرادات الداخلية (الضرائب) الأمريكية في بويرتو ريكو وأن أعضاء تنظيم القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 تلقوا مساعدة من داخل الحكومة الأمريكية وأن الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ تقيم معسكرات اعتقال في مختلف أنحاء البلاد. وقال خبير علم النفس السياسي بارت روسي إن المهم بالنسبة لأمثال بيتيو إيجاد مواطنين أمريكيين مستعدين للإنصات لما يقولونه. وأضاف روسي "فهم يريدون نشر آرائهم وأفكارهم. يريدون أن يكونوا في الساحة حتى إذا لم يكن الفوز في السباق من نصيبهم." بحسب رويترز.
وقال المحلل النفسي وخبير القيادة مايكل ماكوبي إن العالم يمر بتغيرات عميقة وإن أعداد المرتابين في القيادات الحالية تتزايد. وتابع "من المفهوم أن يكون هناك كثير من الناس الذين يعتقدون أن لديهم الإجابة." وبيتيو جمهوري لكنه يرفض التصنيفات الحزبية لأنه يؤيد الاتحادات العمالية - وهو الموقف المعتاد للديمقراطيين - وفي الوقت نفسه يؤمن بأن الشركات الأمريكية يجب أن تدفع ضرائب قليلة أو لا تدفع ضرائب على الاطلاق. وقد ضمن بيتيو صوتا واحدا على الأقل. فقد قال صديقه القديم ونصيره جيم رايت (65 عاما) وهو مهندس متقاعد يتولى توزيع منشورات لصالح بيتيو إنه سيصوت لصالح بيتيو رغم أنه يعلم أن فرصه في النجاح "أشبه بفرصة بقاء كرة ثلج في الجحيم".