كيف تنجو ناقلات النفط الإيرانية من مقصلة عقوبات ترمب؟
موقع الطاقة
2024-11-17 06:09
بينما يتجه الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب إلى تفعيل العقوبات على طهران، تجوب ناقلات النفط الإيرانية البحار، إذ تخرج من البلاد وتختفي، ولا يمكن تتبعها بعد ذلك، ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن هناك أمورًا تجاهلها المحللون، أولها أنه بمجرد أن فرض ترمب العقوبات تعاونت إيران مع الصين على إخفاء جزء كبير من تجارة النفط.
وأضاف: "بعبارة أخرى، ناقلات النفط الإيرانية تخرج من البلاد وتختفي، ولا يمكن تتبعها، كما أن وسائل الإعلام، مثل رويترز وبلومبرغ، التي تتبع السفن بالحاسب الآلي، تكتب عن انخفاض الصادرات من إيران إلى 400 ألف برميل يوميًا، فقط بناء على الإشارات التي تصدرها السفن التي تشغل إشارات التتبع".
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدّمه الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، يوم الثلاثاء من كل أسبوع، التي جاءت تحت عنوان: "النفط ودول الخليج بين ترمب وإيران".
تتبع ناقلات النفط الإيرانية
قال الدكتور أنس الحجي إن تتبع ناقلات النفط الإيرانية بالكامل غير ممكن، إذ إن هناك عشرات السفن يوميًا لا تشغّل أجهزة الرادار أو أجهزة التتبع، وبالتالي لا يمكن تتبعها.
لذلك، فإن الأخبار الصادرة عن بلومبرغ ورويترز -تاريخيًا- غير صحيحة، إذ إن صادرات إيران أكبر مما ذكرته وكالات الأنباء، وبالطبع هناك شركات تتبع بعضها يُظهر أرقامًا صغيرة، وأخرى تُصدر أرقامًا أكبر.
ولكن، وفق الحجي، من خلال التجربة ودراسة هذه الأمور على أرض الواقع، يتضح أن صادرات النفط الخام الإيرانية أكبر من كل ما يُذكر في وسائل الإعلام هذه، وحتى من شركات التتبع التي تستعمل الأقمار الاصطناعية.
وأوضح الدكتور أنس الحجي، أنه حتى في هذه الأحوال، إذا كان الجو غائمًا أو هناك سوء أحوال جوية، فلا تستطيع الشركات مراقبة ناقلات النفط الإيرانية وتتبعها بالأجهزة الحرارية أو الأقمار الاصطناعية.
وضرب مثالًا يحدث على أرض الواقع، إذ إن هناك أوقاتًا معينة يقوم فيها الحرس الثوري الإيراني المشرف على تهريب النفط -بعد دراسة الطقس وأوضاع السفن وأماكن وجود البحرية الأميركية والهندية وبحرية الدول الأخرى- بتحديد موعد تحرك إحدى الناقلات، لتصبح في بلد مجاور في ساعة معينة.
وأضاف: "عندما تذهب هذه الناقلة إلى البلد المجاور، تُستخرج لها أوراق مزورة بالكامل، ليُقال إن حمولتها من النفط العراقي القادم من البصرة، ويجري ختم الجوازات، وكل شيء يتم على أساس أن هؤلاء البحارة كانوا في العراق، في حين هم لم يذهبوا إلى العراق على الإطلاق".
ولفت إلى أن هذه الشحنات لم يتم حسابها في أي مكان، ولكن كانت ناقلات النفط الإيراني تفعل ذلك بصفة يومية، ومن ثم يجري تهريب النفط بهذه الصورة من جانب الحرس الثوري الذي يتولّى تدبير هذه الأمور.
مواني تصدير النفط الإيراني
تطرّق الدكتور أنس الحجي إلى الحديث عن مواني تصدير النفط الإيراني، موضحًا أن هناك أمرًا آخر أتقنته إيران التي يمكن أن يُوصف نظامها وحكومتها بأي وصف ما عدا الغباء، إذ إنهم أذكياء جدًا، وهو ما يثبته التاريخ.
وأضاف: "دائمًا ما كانوا يتصرفون بذكاء شديد، ومن ضمن الأمور التي تعلّموها من دروس الماضي، خاصة من خلال الحرب العراقية الإيرانية، هي بناء عدد من المواني، خصوصًا بهدف التمويه".
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن هناك بعض المواني التي عندما تشتد العقوبات، وتكون هناك مراقبة شديدة؛ يبدأ التصدير منها، حيث تصدر نحو 5 من ناقلات النفط الإيرانية، وعندما تقرر أميركا أن تتحرك، تكتشف أن هذا الميناء توقف وتم التصدير من ميناء آخر يبعد عنه نحو 300 كيلومتر.
لذلك، فإن تعدّد المواني وأماكن التصدير جعلا إيران قادرة على التحايل بصورة كبيرة على العقوبات، أضف إلى ذلك أن طهران بنت أنبوبًا طوله يتجاوز 1000 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب، يتجاوز مضيق هرمز إلى ميناء جاسك.
ومن ثم، يمكن شحن النفط من خلاله، وبالفعل شُحن النفط الإيراني خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2024 من خلال ميناء جاسك، خوفًا من ضرب إسرائيل بعض المواني التي يمكنها الوصول إليها، واستهداف ناقلات النفط الإيرانية.
ولفت إلى أن وصول الطيران الإسرائيلي والصواريخ إلى ميناء جاسك صعب جدًا، إلا إذا كانت هناك سفينة في مكان قريب، سواء في بحر العرب أو المحيط الهندي يمكنها فعل ذلك، ولكن من إسرائيل يكون الأمر صعبًا.
وتابع: "من خلال كل ذلك، يمكن الاستنتاج ببساطة أن العقوبات الجديدة من قبل ترمب لن تؤثر في صادرات إيران، وبالتالي لن تكون هناك تغيرات في السوق، كما أن هناك قناعة لدى بعض الخبراء أن ترمب يمكنه خفض صادرات إيران، ولكن هذا يتطلّب رأس مال سياسيًا ودبلوماسيًا كبيرًا".
وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن المقصود بذلك أنه ستكون هناك مفاوضات مع عدد من الدول في المنطقة لعدم التعامل مع ناقلات النفط الإيرانية، مع أن بعض هذه الدول تتعامل مع الشحنات الإيرانية منذ أكثر من 15 عامًا، وتجني أموالًا طائلة من وراء ذلك.
وبالتالي، ستكون هناك مفاوضات مع بعض دول الخليج والمنطقة وكبار تجار الهند والصين، وهذا يتطلّب رأس مال سياسيًا ودبلوماسيًا، ومن غير المتوقع أن يفعل ترمب ذلك
ونتيجة لذلك، وفق الحجي فإن المحصلة النهائية لكل هذا أن الصادرات القادمة من طهران لن تنخفض، ومع ذلك ستقول وسائل الإعلام إنها انخفضت، لأنها لن تكون قادرة على تتبع ناقلات النفط الإيرانية.