بايدن النعسان ودار المسنين الرئاسي
شبكة النبأ
2024-02-14 09:35
كانت سن جو بايدن المتقدمة نقطة ضعفه الكبرى، وتعود الآن إلى واجهة حملة الانتخابات الرئاسية بعد هفوات الرئيس الأميركي المتكررة، وخصوصا على ضوء تعليقات مدمرة سياسيا صدرت عن مدع خاص.
كان يفترض ان يتلقى الرئيس الديموقراطي البالغ 81 عاما نبأ سارا مع إعلان المدعي الخاص المكلف التحقيق في قضية سوء تعامله مع وثائق سرية بانه لن يلاحق بايدن المرشح لولاية ثانية.
لكن القاضي أرفق تقريره بتعليقات مدمرة سياسيا لجو بايدن الذي يخوض حملة انتخابية في مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يهاجمه منذ فترة طويلة تحديدا بشأن قدراته الذهنية والجسدية.
وقال المدعي الخاص روبرت هور إن هيئة المحلفين ستواجه صعوبة في إدانة جو بايدن واصفا إياه بانه "رجل مسن ودود، بنوايا حسنة مع ذاكرة ضعيفة".
ورد بايدن غاضبا في خطاب أعلن عنه في اللحظة الأخيرة مساء الخميس في البيت الأبيض قائلا "حسناً، أنا رجل صاحب نوايا حسنة وأنا رجل مسن لكني أعرف ما أقوم به بحق الله! ذاكرتي بخير"، مندداً بشدّة بما أورده المحقّق في تقريره حول نسيانه تاريخ وفاة ابنه بو بايدن.
وقال الرئيس بتأثر شديد عند ذكر وفاة ابنه البكر بسبب السرطان عام 2015 "كيف يجرؤ على ذكر ذلك؟"، وهو يضع على معصمه مسبحة بو.
لكن الضرر وقع سياسيا، وسارع خصوم بايدن الجمهوريون الى استغلال هذه الفرصة.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون "إن رجلا لا يمكن محاسبته على سوء التعامل مع معلومات سرية غير أهل بالتأكيد للمكتب البيضوي".
من جهته قال البرلماني الجمهوري عن أوكلاهوما كيفن هيرن إن "رجلا مسنا ذاكرته ضعيفة يجب ألا تكون لديه شيفرة السلاح النووي".
وطالبت شخصيات من المعسكر الجمهوري بتطبيق البند 25 من الدستور الذي يتيح إنهاء مهام الرئيس في حال لم يكن قادرا على توليها.
وقالت مارجوري تايلور غرين الموالية لدونالد ترامب إنه "اذا لم يكن جو بايدن قادرا على مواجهة محاكمة، فهو بالتأكيد غير قادر، عقليا، على أن يكون رئيسا للولايات المتحدة".
جو النعسان
كل شيء يشير إلى أن جو بايدن سيواجه في تشرين الثاني/نوفمبر الرئيس الجمهوري السابق الذي أطلق عليه في الماضي لقب "جو النعسان" ويعمد الى تقليده خلال تجمعاته الانتخابية، فيصوّره كخصم تائه ومشوّش.
يبدو أن الناخبين أقل اهتماما بعمر المرشح الجمهوري (77 عاما) الذي يمر أيضا بلحظات من الارتباك لكنها لا تحدث ضجيجا كبيرا متل تصريحات جو بايدن غير المفهومة أحيانا.
تطرق هذا الأخير على سبيل المثال في نهاية الأسبوع الماضي الى محادثة قال إنه أجراها في 2021 خلال قمة مجموعة السبع مع الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران الذي توفي منذ فترة طويلة.
وارتبك هفوة أخرى الأربعاء إذ قال إنه تحدث في نفس الاجتماع الدولي مع المستشار الألماني السابق هيلموت كول الذي توفي عام 2017.
كل واحدة من هذه الهفوات تعيد إحياء الجدل حول سن الرئيس الأميركي وقدراته.
وكان طبيبه أكد في تقرير مفصل جدا نشر قبل سنة ان بايدن "في وضع صحي جيد".
لكن علامات التقدم بالسن تظهر فعليا على الرئيس الأميركي بشكل متزايد، فمشيته متصلبة ونظرته مشتتة في بعض الأحيان، وهو الآن يستقل أقصر سلم في غالب الأحيان للصعود إلى طائرته.
في استطلاع حديث نشرته شبكة "إن بي سي" عبر 76% من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع عن قلقهم بشأن قدرة جو بايدن الجسدية والعقلية على تأدية ولاية ثانية مقارنة بـ48% فقط بشأن دونالد ترامب.
ودافع الديموقراطي الذي طرح فكرة أن يكون رئيسا انتقاليا خلال حملته الانتخابية عام 2020، عن قراره الترشح مرة أخرى الخميس.
وقال "أنا أكثر شخص مؤهل في الولايات المتحدة لأكون رئيسا وانجز المهمة".
بعد ذلك، وخلال حديث مع صحافيين أخطأ جو بايدن مرة أخرى في اسم رئيس أجنبي.
وردا على سؤال حول الحرب في غزة، تطرق الى اجراء محادثات بشأن المساعدة الإنسانية مع "رئيس المكسيك، السيسي" فيما كان في الواقع يريد الاشارة الى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ما عدا ذلك، حمل التقرير الذي أعده المدعي العام الخاص روبرت هور انباء سارة لبايدن إذ برأه من أي سوء تصرف في الاحتفاظ بوثائق سرية استخدمها عندما كان نائبا للرئيس في عهد باراك أوباما، في منزله الخاص ومكتب سابق له.
وهذا التحقيق مختلف كليا مع تحقيق جنائي آخر يطال منافس بايدن المرجح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، الرئيس السابق دونالد ترامب المتهم بحمل كمية كبيرة من الوثائق السرية لدى مغادرته البيت الأبيض في العام 2021 وبعرقلة المحاولات لاستعادتها لاحقا.
وردا على سؤال لصحافيين في البيت الأبيض بعد تصريحه الرسمي، "انا الرئيس وانا أعيد هذا البلد على المسار الصحيح. انطروا إلى ما حققته منذ صرت رئيسا".
واعتبر رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون ومسؤولون جمهوريون كبار أخرون في المجلس أن تقرير هور "مقلق للغاية" ويظهر أن بايدن "غير أهل" لتولي الرئاسة.
وأضافوا في بيان "إن رجلا لا يمكن محاسبته على سوء التعامل مع معلومات سرية غير أهل بالتأكيد للمكتب البيضوي".
وفي قت سابق الخميس قال بايدن إن تبرئته من جانب هور على صعيد المسائل القانونية يعني أن "هذه القضية طويت".
ولطالما واجه بايدن انتقادات من أوساط اليمين ومن داخل حزبه أيضا بأنه أكبر سنا من أن يكون رئيسا. وفيما يستعد للانتخابات الرئاسية المقبلة في مواجهة ترامب الذي يعتبره تهديدا وجوديا للديموقراطية الأميركية، يركز بايدن حملته على خبرته الطويلة وقيادته الحكيمة للانتعاش الاقتصادي بعد أزمة كوفيد-19.
وعين ميريك غارلاند وزير العدل في إدارة بايدن، هور العام الماضي بعد العثور على وثائق سرية في منزل الرئيس في ولاية ديلاوير وفي مكتب سابق له.
وجاء في التقرير الواقع في 388 صفحة أن بايدن "احتفظ بإرادته، بوثائق سرية وكشف عنها" في الفترة التي تلت تركه منصب نائب الرئيس قبل فترة طويله من الحاقه الهزيمة بدونالد ترامب في انتخابات 2020 وتوليه الرئاسة.
وقال هور الذي سبق لترامب أن عينه كبير المدعين العامين في ولاية ميريلاند إن مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) استعاد هذه الوثائق حول الجيش والسياسة الخارجية في أفغانستان وقضايا أخرى.
وأضاف هور "نخلص إلى ان الدليل ليس كافيا للإدانة ونمتنع عن التوصية بمحاكمة السيد بايدن لاحتفاظه بوثائق سرية حول أفغانستان".
ومضى يقول "سيكون من الصعب اقناع هيئة محلفين بأنه ينبغي إدانته، بعدما يصبح رئيسا سابقا في آخر الثمانينات من العمر، بجرم خطر يتطلب حضورا ذهنيا كبيرا".
واعتبر المستشار الخاص في البيت الأبيض ريتشارد ساوبر ومحامي بايدن الشخصي بوب باور هذه التعليقات بأنها "غير دقيقة "و"غير مناسبة".
وقالا في رسالة إلى هور "يستخدم التقرير لغة فيها تجن لوصف أمر عادة ما يحدث لدى الشهود: صعوبة في تذكر أحداث جرت قبل سنوات عدة".
دار للمسنّين
وفي هذا السياق حاول فريق الرئيس الأميركي الجمعة شنّ هجوم مضادّ على أثر تعليقات أطلقها المحقّق الخاصّ روبرت هور حول صحّة جو بايدن العقليّة، مشدّدًا على أنّ هذه التعليقات "غير دقيقة" و"غير لائقة" و"ذات دوافع سياسيّة".
وانتقدت نائبة الرئيس كامالا هاريس الجمعة تقرير المحقّق الخاصّ في قضيّة احتفاظ بايدن بوثائق سرّية، معتبرةً أنّ هناك دوافع سياسيّة وراء التشكيك في عمر الرئيس وذاكرته.
وقالت هاريس عندما سُئلت عن تقرير هور، إنّ "الطريقة التي وُصِف بها سلوك الرئيس في ذلك التقرير لا يُمكن أن تكون مغلوطة أكثر، ومن الواضح أنّ دوافعها سياسيّة".
وأضافت هاريس التي كانت مدّعية عامّة، أنّ التعليقات حول صحّة بايدن العقليّة الواردة في التقرير، هي "بلا مُسوّغ وغير دقيقة وغير مناسبة".
وقال المتحدّث باسم البيت الأبيض إيان سامز الجمعة في مؤتمر صحافي، "عندما يكون الاستنتاج الحتميّ أنّ الحقائق والأدلّة لا تدعم أيّ اتّهامات، لا يبقى أمامك سوى أن تتساءل لماذا يستهلك هذا التقرير وقتًا في توجيه انتقادات بلا مُسوّغ وغير مُناسبة للرئيس؟".
من جهته، ندّد السناتور الديموقراطي عن ولاية بنسلفانيا جون فيترمان الذي ستكون ولايته حاسمة في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، بعملٍ نفّذه مُدّعٍ عام "عيّنه ترامب" من أجل "تشويه" سمعة بايدن.
وقد شكّل ذلك فرصة لترامب (77 عاما) الذي يُرجَّح أن يُواجه بايدن مرّة أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. ولطالما وجّه ترامب انتقادات إلى بايدن تتعلّق بقدراته العقليّة والجسديّة.
وفي حديثه مساء الجمعة إلى تجمّع لأعضاء لوبي السلاح (الجمعيّة الوطنيّة للأسلحة إن آر إيه) في ولاية بنسلفانيا، قال الرئيس الجمهوري السابق عن خليفته الديموقراطي "لا أعتقد أنّه يعلم أنّه على قيد الحياة".
كما نشر ترامب على شبكته الاجتماعيّة "تروث سوشال" خريطة زائفة للشرق الأوسط، يحلّ فيها اسم المكسيك محلّ اسم مصر. وفي أسفل الخريطة، كُتبت عبارة "المصدر: جو بايدن".
في كانون الثاني/يناير، نشر ترامب مقطعًا انتخابيًّا ساخرًا يعتمد على صور غير مواتية لمنافسه. ويُصوّر الفيديو البيت الأبيض على أنّه "دار للمُسنّين" مُريحة "يشعر سكّانها وكأنّهم رؤساء".
رهان على الاقتصاد
وفي خضم الحملة لإعادة انتخابه لولاية ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر، يستخدم بايدن باستمرار ورقة التأثير النفسي بالإعلان أن الاقتصاد الأميركي في حالة جيدة بفضل ادائه في البيت الأبيض.
وذلك بالرغم من المؤشرات الاقتصادية المواتية. وبعد انفجار غير مسبوق منذ أربعين عاما في عام 2022، تباطأ التضخم بشكل كبير في الأشهر الأخيرة ليقترب من هدف 2%، وهذا لا يعني أن الأسعار تراجعت. وتسجّل الولايات المتحدة نموا مقبولا (+3,1% في عام 2023).
واعتاد الرئيس على الترويج لسياساته الاقتصادية، والجمعة بينما تظاهر قطاع الفنادق في لاس فيغاس شدد في بيان على تأمينه 14,8 مليون وظيفة منذ توليه ولايته.
وأضاف ان "الاقتصاد الأميركي هو الأقوى في العالم".
يتناقض هذا الخطاب تماما مع الشعور السائد في صفوف الاميركيين، لا سيما في نيفادا، الولاية التي تقع فيها لاس فيغاس وتعتمد على الاوضاع المتقلبة للكازينوهات وتسجل أسوأ معدلات البطالة منذ سنوات.
يقول اندرو وينتلاند "كل شيء اصبح باهظ الثمن... تكلفة المعيشة والإيجارات والتأمين على السيارات، كل شيء! حتى الطعام".
لتأمين معيشة كريمة، اضطر موظف الكازينو هذا الى ايجاد وظيفة ثانية.
ويقول الرجل الخمسيني الذي بات يعمل 16 ساعة يوميا "حاولت إجراء الكثير من التعديلات. من الصعب العيش كالفقراء".
ويشعر باستياء لصرف الحكومة أموال الضرائب التي يدفعها لتمويل المساعدات لأوكرانيا أو إسرائيل، وهما دولتان في حالة حرب تدعمهما الولايات المتحدة.
ويضيف "لا علاقة لنا بهذه الحروب. اهتموا بنا قبل الاهتمام بهم".
وهذا السخط هو الخطر الرئيسي الذي يواجه الرئيس في شوارع لاس فيغاس، لأن ولاية نيفادا هي إحدى الولايات الرئيسية القليلة التي ستقرر مستقبل البلاد في تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي عام 2020 فاز جو بايدن على دونالد ترامب بفارق ضئيل بحصوله على 33 ألف صوت اضافي.
يقول بيتر غوزمن رئيس غرفة التجارة الإسبانية في نيفادا "يشعر الافراد بالقلق عندما ينقصهم المال". ويضيف "سيصوتون على أساس اوضاعهم المعيشية".
إذا تحقق هذا التوقع، فعلى جو بايدن ان يقلق. وأظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة "إن بي سي نيوز" الاثنين أن ثلث الناخبين الأميركيين فقط يؤيدون سجله الاقتصادي.
ولا يخفي العديد منهم عدم حماستهم لاحتمال حدوث مواجهة جديدة بين الديموقراطي البالغ من العمر 81 عاما والجمهوري دونالد ترامب البالغ من العمر 77 عاما، لانهما الأوفر حظا في الانتخابات التمهيدية لحزبيهما.
لكن عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، للملياردير مكانة خاصة بين الناخبين المترددين.
انضمام بايدن إلى تيك توك
من جهة أخرى أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن حسابا له على منصة "تيك توك" الاجتماعية الأحد بتسجيل مصوّر مدته 26 ثانية.
تأتي الخطوة بعد انتقادات حادة من الحكومة الأميركية لمنصة مشاركة التسجيلات المصوّرة في السنوات الأخيرة، قادها الجمهوريون والتي صدر جزء منها أيضا من إدارة بايدن.
و"تيك توك" مملوكة لشركة "بايت دانس" الصينية واتّهمتها شريحة واسعة من السياسيين الأميركيين بأنها أداة دعائية تستخدمها بكين، وهو أمر تنفيه الشركة بشدّة.
وفي تسجيل الأحد الذي نُشر على حساب حملة بايدن @bidenhq، تطرّق الرئيس الديموقراطي البالغ 81 عاما إلى مواضيع تراوحت بين السياسة والدوري الوطني لكرة القدم الأميركية.
ولدى سؤاله عمّا إذا كان يفضّل مباريات "سوبر بول" نفسها أو العرض الذي يتخلل المباراة بعد نهاية الشوط الأول، اختار بايدن المباراة.
ولدى سؤاله عن وجود خطة سريّة للتلاعب بنتيجة المباراة لتستغل تايلور سويفت التي تواعد لاعب "كنساس سيتي تشيفس" ترافيس كيلسي شهرتها لدعم بايدن، يسخر الرئيس من الفكرة التي يعتبرها البعض نظرية مؤامرة يمينية.
ويقول "سأكون في ورطة إذا اخبرتكم".
حظرت عدة ولايات والحكومة الفدرالية التطبيق على أجهزة الحكومة الرسمية مشيرة إلى مخاوف أمنية مرتبطة بها.
وفي مونتانا، عطل قاض قبل فترة قصيرة مسعى حكومة الولاية لحظر التطبيق بالكامل.
ورغم توجّس واشنطن من المنصة، لا يبدو أن ثمة مساعي فدرالية إضافية حاليا لحظرها أو الحد من استخدامها.
وقال المحامي المعني بالحريات المدنية ديفيد غرين لصحيفة "ذي غارديان" البريطانية "يبدو حاليا أنه يتم الترويج لفكرة الحظر من أجل تسجيل نقاط سياسية، وليس في إطار جهود جديّة لوضع تشريع في هذا الصدد".
ومع اقتراب موعد الانتخابات، توفر المنصة نافذة إلى الناخبين الأصغر سنا.
اختُتم تسجيل الأحد بسؤال للرئيس عن مرشحه المفضل: هو أم الجمهوري دونالد ترامب، ليرد ضاحكا "هل هذه مزحة؟ بايدن".
* المصدر: وكالات+ فرانس برس