اليمن.. حرب استنزاف تفاقهما التداخلات الاقليمية
عبد الامير رويح
2015-10-10 08:33
الحرب التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، والتي أسهمت بتزايد أعداد الضحايا المدنيين وتدمير هذا البلد الذي يصنف من البلدان الفقيرة على مستوى العالم، جراء الحصار والغارات الجوية المتواصلة منذ مارس آذار الماضي، باتت وبحسب بعض المراقبين من أهم القضايا خصوصا وان قوات التحالف العربي وكما تشير التقارير قد سعت الى استهداف التجمعات المدنية والبنية التحتية في المدن اليمنية والأرياف وقتل المئات من المدنيين بينهم أعداد كبيرة هم من النساء والأطفال، هذا بالإضافة الى إصرارها على مواصلة الحرب من خلال رفض وتعطيل الخطط والمساعي، الرامية الى إيجاد حلول واتفاقات سياسية قد تسهم بوقف نزيف الدم في اليمن وهو ما جعلها عرضة للانتقادات الدولية.
وقد أكدت العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية صعوبة الأوضاع في اليمن، ودعت الى المجتمع الدولي الى العمل والتحرك بشكل سريع في سبيل وضع حد لهذه المعاناة كما طالبت بإجراء تحقيقات دولية تخص بعض الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة من قيل جميع الأطراف في هذه الحرب.
من جانب أخر يرى بعض الخبراء ان ملف الحرب والصراع في اليمن، يمكن ان يشهد تطورات جديدة في الفترة المقبلة ولأسباب كثيرة، منها سيطرة قوات التحالف على بعض المناطق والمدن الرئيسة والمهمة يضاف الى ذلك التطورات الكبيرة التي شهدها الملف السوري، وقرار روسيا دخول الحرب بشكل مباشر، وهو ما قد يجبر المملكة العربية السعودية وحلفائها على تغير الخطط الحالية او تقديم بعض التنازلات في ما يخص الملف اليمني، هذا الرأي خالفه بعض المراقبين الذين اكدوا على ان السعودية لن تتراجع عن مواصلة الحرب ضد جماعة الحوثي وصالح كونها تعتبر هذه الحرب حرب وجود وأي تتراجع إلى الخلف سيعني نهايتها وبتالي انتصار إيران عدوها الأول في المنطقة.
غارات على صنعاء
شن طيران التحالف العربي بقيادة السعودية غارات على مواقع للحوثيين وحلفائهم في صنعاء، فيما تستمر القوات الموالية للحكومة اليمنية حملتها البرية بمحافظة مأرب مدعومة من آلاف الجنود من دول التحالف، وذلك بهدف الزحف لاستعادة السيطرة على العاصمة اليمنية، ونفذ طيران التحالف غارات على مخازن للسلاح تابعة للحوثيين، ومواقع عسكرية لقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح في العاصمة.
وتأتي الغارات الجديدة فيما تستمر القوات الموالية للحكومة في حملتها البرية بمحافظة مأرب الاستراتيجية في وسط البلاد مدعومة من آلاف الجنود من دول التحالف، وذلك بهدف الزحف لاستعادة السيطرة على العاصمة. وما زال الحوثيون يمسكون بزمام الأمور في العاصمة بالرغم من الغارات اليومية التي يشنها طيران التحالف، وخسارتهم في جنوب البلاد لاسيما طردهم من عدن، ثاني أكبر مدن البلاد. بحسب فرانس برس.
وأتت السيطرة على صنعاء بعد حملة توسعية انطلق فيها الحوثيون، الذي ينتمون إلى المذهب الزيدي الشيعي، من معاقلهم في صعدة بشمال البلاد، وسيطروا فيها على معاقل خصومهم التقليديين في شمال صنعاء. وبعد صنعاء، سرعان ما تمدد الحوثيون باتجاه الجنوب ووصلوا إلى عدن، التي كان الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي أعلنها عاصمة مؤقتة للبلاد، وانتقل إليها من صنعاء. ومع وصولهم إلى عدن، أطلق تحالف يضم عشر دول تقريبا بقيادة السعودية، في 26 آذار/مارس عملية عسكرية ضد الحوثيين، ودعما لشرعية هادي الذي انتقل إلى الرياض. والعملية التي كانت جوية في بدايتها، تحولت إلى برية مع مشاركة آلاف الجنود، لاسيما من دول الخليج.
من جانبه أعلن عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين باليمن أن جماعته لا تزال مستعدة للتسوية السياسية لإنهاء قتال مضى عليه ما يقرب ستة أشهر، لكنه أضاف أنها ستقاوم ما وصفه بالعدوان الذي تقوده السعودية. وحث الحوثي "كل طبقات الشعب اليمني" إلى مواصلة تحركاته لمواجهة ما وصفه بالعدوان الإجرامي، مشيرا إلى أن الحلول السياسية لا تزال ممكنة.
رسالة أخيرة
من جانب اخر وجه نائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح تحذيرا الى الحوثيين وحلفائهم اعتبر فيه انه لم تعد امامهم "اي فرصة للمغامرات السياسية والعسكرية"، وذلك بعد سيطرة القوات الموالية على مضيق باب المندب الاستراتيجي. وقال بحاح خلال زيارة لمعسكر قرب باب المندب للائتلاف العربي الذي ساهم في استعادة منطقة المضيق "هناك مغامرات تمت من قبل الحوثيين و(الرئيس السابق علي عبدالله) صالح للقضاء على مقدرات الدولة، ونحن الان في المعركة لاستعادة الدولة" مضيفا "لن تكون هناك اي فرصة للمغامرات السياسية والعسكرية وهذه رسالة أخيرة للحوثيين وحلفائهم".
واعتبر المسؤول اليمني استعادة باب المندب وجزيرة ميون "نصرا استراتيجيا كون المضيق يعد ممرا ملاحيا عالميا" مضيفا "سوف تستمر هذه العملية التي انطلقت من عدن لاستعادة الشريط الساحلي بدءا بباب المندب ومرورا بميناء المخا والحديدة وكافة الشريط الساحلي الذي يربطنا مع اشقائنا في المملكة العربية السعودية وتحديدا الجهة الشمالية". وكان الحوثيون سيطروا مع حلفائهم على مضيق باب المندب الذي يمر عبره قسم كبير من التجارة البحرية العالمية في اذار/مارس الماضي.
من جهته، قال العميد ناصر مشبب قائد القوات الإماراتية "تم تكليفنا من قبل قيادة التحالف العربي باستعادة باب المندب، وتم التخطيط للعملية برا وبحرا وجوًا وتمت مفاجأة العدو واستعادة هذه المواقع الاستراتيجية خلال خمس ساعات". وقبل زيارة بحاح لمعسكر التحالف الذي تم استحداثه اقامت قوات التحالف العربي عرضا عسكريا بالمركبات والاليات العسكرية شاركت فيه نحو ثمانين قطعة بينها قطع مدفعية ودبابات ومدرعات. بحسب فرانس برس.
وجاء هذا الهجوم للقوات الموالية مع قوات التحالف في منطقة البحر الاحمر اثر السيطرة على خمس محافظات خلال الصيف الماضي في جنوب البلاد بينها عدن. وافادت مصادر امنية ان ضابطا في الجيش اليمني يدعى فهمي الحسني قتل في عدن بعد قيام شخصين مسلحين كانا يستقلان دراجة نارية باطلاق النار عليه. كما افاد مسؤول محلي في عدن ان شخصين قتلا واصيب ثالث اثر انفجار لغم ارضي.
في السياق ذاته أعلنت السعودية ان اثنين من جنودها وقعا اسرى في ايدي الحوثيين وقال المتحدث باسم التحالف العربي العميد احمد العسيري "لدينا ادلة تشير الى انهما على قيد الحياة ومحتجزان رهائن لدى الميليشيا". واضاف ان الجنديين اسرا في اليمن. ولفت العميد العسيري الى ان "ثلاثة جنود آخرين هم في عداد المفقودين ولا نعرف في الحال ما اذا كانوا احياء او اسروا قرب الحدود".
وبث الحوثيون عبر التلفزيون مشاهد لرجل قالوا انه جندي سعودي اسروه. وعرف الرجل عن نفسه باسم الرقيب ابراهيم حكيم من اللواء السعودي الاول المتمركز في منطقة جازان اليمنية الحدودية مع المملكة، مؤكدا انه اسر مع عدد من رفاقه. واتهم العميد العسيري الحوثيين بانتهاك معاهدات جنيف عبر نشر صور للجنديين المحتجزين. وقال "سنفعل كل ما بوسعنا لايجادهم واعادتهم" الى السعودية.
خطة سلام
على صعيد متصل قالت جماعة الحوثي اليمنية وحزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح إنهما قبلا خطة سلام توسطت فيها الأمم المتحدة في محادثات جرت في سلطنة عمان وهو ما يمهد الطريق أمام استئناف المفاوضات لإنهاء شهور من الصراع في البلاد. وقال الطرفان إنهما أبلغا رسميا بان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة باستعدادهما للانضمام لمحادثات بشأن تسوية اعتمادا على خطة سلام من سبع نقاط توسطت فيها الأمم المتحدة في محادثات عمان.
وكانت وكالات اغاثة والأمم المتحدة أبدت قلقها من الخسائر البشرية للحرب جراء القتال الذي أسفر عن سقوط خمسة آلاف قتيل والحصار الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية الذي يدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والذي تقول الوكالات والأمم المتحدة إنه يضع اليمن على شفا مجاعة. ودعت منظمة العفو الدولية الدول بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا إلى التوقف عن تسليح التحالف بقيادة السعودية الذي يقصف اليمن منذ ستة شهور مستشهدة بمزاعم جرائم حرب.
وفي رسالته التي تحمل تاريخ الثالث من أكتوبر تشرين الأول أكد محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين دعم جماعته وحلفائها للخطة المؤلفة من سبع نقاط. وقال في الرسالة إن مجلس الأمن يدعم تسوية سلمية للأزمة اليمنية والعودة للمحادثات دون شروط مسبقة وهو ما تدعمه جماعته أيضا. وقال حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في بيان إنه يقبل خطة السلام التي ترعاها الأمم المتحدة. وجاء في بيان الحزب "جدد مصدر مسؤول بالمؤتمر الشعبي العام موقف المؤتمر المتمسك بإيقاف العدوان ورفع الحصار والحل السلمي للأزمة اليمنية." بحسب رويترز.
وكان هادي رفض من قبل دعوة الأمم المتحدة لإجراء محادثات سلام في المنطقة مطالبا الحوثيين بقبول علنا قرار مجلس الأمن. وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها "تسلط الأدلة المتعلقة بوقوع جرائم حرب من التحالف الذي تقوده السعودية وتسلحه دول بينها الولايات المتحدة الضوء على ضرورة إجراء تحقيق مستقل وفعال في الانتهاكات ووقف ارسال أسلحة معينة." وحثت على وقف مبيعات الطائرات الحربية والطائرات الهليكوبتر والقنابل خاصة القنابل العنقودية المحرمة دوليا.
الإفراج عن المحتجزين
في السياق ذاته قال مسؤولون أمريكيون وبريطانيون وعمانيون ومصادر في جماعة الحوثي إن أمريكيين اثنين وبريطانيا وثلاثة سعوديين كانوا محتجزين على أيدي الجماعة عدة أشهر في اليمن أفرج عنهم ووصلوا إلى سلطنة عمان. وبدا ان الافراج عنهم يمثل لفتة حسن نوايا قبل محادثات بين جماعة الحوثي مع مبعوث الامم المتحدة الخاص الى اليمن في اطار جهود انهاء قتال مضى عليه نحو ستة اشهر.
وقالت وزارة الخارجية العمانية في بيان إنها تعاونت مع السلطات اليمنية في صنعاء للاطمئنان الى الافراج عن الامريكيين الاثنين. وأضاف بيان الوزارة الذي نقلته وكالة الانباء العمانية إن السعوديين الثلاثة والبريطاني الذين تحتجزهم جماعة الحوثي افرج عنهم ايضا ونقلوا الى مسقط على متن نفس الطائرة. ويحتجز الغربيون الثلاثة على ايدي الحوثيين منذ بدء الحملة العسكرية بقيادة السعودية في مارس آذار الماضي بتهمة دخول البلاد دون ان يحملوا تأشيرات سليمة.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن الافراج عن الامريكيين الاثنين تم الترتيب له بمساعدة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان. ودعا متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الابيض الى استئناف محادثات السلام فورا لإنهاء القتال في اليمن. وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الأمريكيين المفرج عنهما هما سكوت داردن (45 عاما) وهو موظف بشركة إمدادات مقرها ولاية لويزيانا وسام فران (54 عاما) وهو مستشار أمني من ميشيجان. بحسب رويترز.
وقال شخص على دراية بالقضية إن أمريكيا ثالثا يعتقد انه لا يزال محتجزا لدى جماعة الحوثي فيما تسعى عدة حكومات ومنظمات للافراج عنه. وأكدت وزارة الخارجية البريطانية ان البريطاني توجه الى سلطنة عمان من اليمن وقالت إن موظفي السفارة استقبلوا ركاب الطائرة ولم تذكر الوزارة مزيدا من التفاصيل. وكان داردن يساعد في الاشراف على نقل امدادات المساعدات الانسانية في اليمن لحساب شركة مقرها نيو أورليانز التي أكدت الافراج عنه. وكتبت ديانا لوش زوجة داردن على فيسبوك "رسميا.. تم الافراج عن زوجي في اليمن وهو في طريقه إلى مسقط."