مركز آدم ناقش واقع الحقوق والحريات في العراق لعام 2022
مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
2023-03-06 05:26
ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (واقع الحقوق والحريات في العراق لعام 2022، واستشراف 2023)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور علاء إبراهيم الحسيني أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، وابتدأ حديثه قائلا؛
"حين يجري الحديث عن الحقوق والحريات في العراق يتبادر إلى الذهن مقدار التقدم في هذا الملف الذي يكاد يتفرد بتقلبات دراماتيكية صعوداً ونزولا، فما ان أفلت السنة الماضية 2021، إلا وبدأت تطورات متلاحقة تمس أغلب الحقوق والحريات فهنالك تطورات إيجابية نرصد بعضها وفق الآتي:
1- في مجال الحقوق السياسية: اعلنت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية في العراق، وعلى إثرها تشكل مجلس النواب وتلا ذلك تشكيل الحكومة العراقية وانتخاب رئيساً للجمهورية.
2- في مجال الحقوق الاقتصادية:
أ- اطلاق مجلس الخدمة الاتحادي استمارة التعيين لفئات كبيرة من الشباب العراقي من حملة الشهادات الأولية والعليا كبادرة لتضييق دائرة البطالة وتوفير فرص العمل.
ب- صدور القرارات المتتابعة بتثبيت المتعاقدين مع الوزارات المختلفة بما يضمن الحقوق الحالية والمستقبلية للفئات المذكورة.
ج- اتخاذ وزارة الاتصالات وبتأييد من مجلس الوزراء قراراً بإلغاء ضريبة المبيعات على فواتير الاتصالات وخدمات الانترنيت ما يخفف العبء عن المواطن العراقي.
د- إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي رقم (2) لسنة 2022، الذي شابت عملية الوصول اليه عقبات كثيرة ولا تزال شبهة عدم الدستورية تحوم حوله، إلا أنه أسهم بلا شك في تمويل النفقات الضرورة في المجال الخدمي بالخصوص.
3- في نطاق الحق في العيش الكريم: اتخذت الحكومتين العراقيتين الماضية والحالية جملة من القرارات بخصوص مفردات السلة الغذائية من حيث تحسينها كماً ونوعاً.
4- في نطاق الحق بالتعليم: لوحظ تقدم ولو بطيء في ملف تأهيل وبناء المدارس فقد أعلن وزير التربية في شهر أيلول عن انجاز ترميم واستحداث (399) مدرسة في عموم البلاد، استحداث وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عدد من الكليات والأقسام العلمية في الجامعات الحكومية والأهلية وقبول عدد مضاعف من الطلبة وصل إلى زهاء (200) الف طالب في الجامعات الحكومية وضعف هذا الرقم في نظيرتها الأهلية.
لكن، رافق ذلك العام مجموعة من السلبيات التي لا يمكن السكوت عنها، ومن ضمنها؛
1- في مجال حرية الرأي والتعبير: حيث شهدنا التضييق على حرية التعبير عن الرأي فقد رافق العام المنصرم اعتداءات متكررة على الناشطين لاسيما الاعتداءات على المتظاهرين السلميين في بغداد ومدينة الناصرية الأمر الذي أدى إلى استشهاد كوكبة من المواطنين في ذكرى احياء الحركة الشعبية الاحتجاجية في شهر تشرين الأول والثاني من العام 2019.
2- في مجال الحق في الحياة: حيث هنالك العديد من التحديات أهمها:
أ- لا يزال ملف الاختفاء القسري وبحسب اللجان والأجهزة الأممية المختصة أبرز الملفات التي تؤرق المهتمين بملف حقوق الانسان في العراق فمنذ سنوات الإرهاب والحرب على العصابات الاجرامية لا يزال مصير العديد من العراقيين مجهولاً كمئات المفقودين في جرائم الإرهاب التي استهدفت المدنيين والأقليات الدينية.
ب- لا يزال قانون الحماية الاجتماعية يطبق بانتقائية شديدة وبإجراءات روتينية مقيتة حرمت مئات الأسر المعوزة من الحصول على الحد الأدنى من الدخل الذي يضمن لهم العيش المناسب والخدمات الأساسية.
3- في مجال الصحة لا يزال قانون الضمان الصحي رقم (22) لسنة 2020 يراوح مكانه رغم انتهاء المدد المحددة لنفاذه ما يحرم شرائح كبيرة من العراقيين بالخصوص الفئات الأكثر فقراً من الحصول على الخدمات الصحية المطلوبة".
وللاستزادة من الآراء حول الموضوع تم طرح السؤالين الآتيين:
السؤال الأول/ ما أهم الانتهاكات التي رصدتها شخصياً خلال العام 2022 والتي طالت الحقوق والحريات الأساسية للشعب العراقي؟ وكيف تقيم أداء السلطات العامة (تشريعية، تنفيذية وقضائية) ازاء ما تقدم؟.
السؤال الثاني/ ما أهم التوصيات التي تقترح ان تدرج على سلم أولويات الهيئات العامة والخاصة المعنية بإقرار وتعزيز الحقوق والحريات العام 2023؟.
المداخلات
الدكتور رياض المسعودي، عضو البرلمان العراقي السابق:
"ما يكسبه المواطن من حق الطعام او السكن وحق التعيين هذه لا تعد حقوقاً بل أمور إجرائية يومية، والحكومة في أي دولة من دول العالم تقوم بهذه الجوانب التي هي ضمن الاعمال الدولة اليومية، وهناك حقوق وواجبات كثيرة على الحكومة والدستور واضح في المادة 14 الى المادة 36 التي بينت باب الحقوق وقدمت الحقوق على باب الحريات والحريات اخذت تسلسل المواد من 37 الى 46 من الدستور العراقي، والحقوق قسمها الدستور الى حقوق مدنية واقتصادية وثقافية وعموماً قد كُتبت بطريقة انشائية وليس بطريقة واضحة، وهناك انتهاك وسلب لحقوق البرلمان والحكومة في ممارسة دورها جاء من خلف الكواليس فعندما تفشل الحكومة في قانون يتعلق بإزالة التجاوزات رغم ان القانون موجود لكن الضغوطات تحول دون ذلك.
وبتعبير آخر فان الحكومة الحالية والحكومات السابقة لا تستطيع ان تنفذ الأدوار الموكلة اليها بموجب الدستور، وان المفهوم الحقيقي للحقوق والحريات عندما يكون للإنسان دور في اتخاذ القرار وهذا الدور غير موجود حالياً، وان ما جرى هو انتهاك عظيم القى بظلاله على مفاصل العملية السياسية وسيكون بالمستقبل اخطر وهو انسحاب الكتلة الصدرية وهو ما انتج اختفاء التمثيل والدور للتمثيل الشعبي بعد صعود الخاسر وانسحاب الفائز بسبب تعطيل مجلس النواب من جهات، اما الجانب الاخر والمهم لمحددات الحقوق والحريات وهو الجانب الشخصي ومدى قدرة الانسان والتمتع بالحرية، وكذلك المحدد العرفي والذي قد اثر تأثيراً كبيرا في مسألة الحقوق والحريات، بالإضافة الى الجانب القانوني ومن أساس الحقوق والحريات هو المساواة بتطبيق القانون".
الدكتور حميد مسلم الطرفي؛ المدير السابق لجمعية الهلال الاحمر العراقية/ كربلاء:
"في البدء لا بد من الإشادة بجهود صاحب الورقة وبحياديته، لأنه تعرض في جزء منها الى بعض المنجزات الحكومية في مجال الحقوق والحريات التي كفلها الدستور والقوانين النافذة في عام 2022 وهذا ما يحسب له، لاننا تعودنا دوماً أن ننظر الى النصف الفارغ من الكأس كثيرة هي الحقوق والحريات التي تمنحها معظم دساتير العالم ومنها دستورنا الدائم لعام 2005، وبودي ان اشير الى ما نصت عليه المادة 16 منه ( تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك). تكافؤ الفرص في التعيين، في القبول في الدراسات، في البعثات تكافؤ الفرص في ايفادات الموظفين، في تولي المناصب العليا في الجامعات، في التعيين في الجامعات الأهلية، وفي القطاع الخاص، في الشركات، في المعامل، تكافؤ الفرص في حق التقاضي، في الحصول على القروض، كل تلك المجالات يجب على الدولة ان تتخذ الاجراءات اللازمة لتنفيذها.
استبشرنا بمجلس الخدمة الاتحادي وبالاستمارة الالكترونية لبعض الدوائر وخاصة الدفاع والداخلية ولكن تبين فيما بعد ان تلك الاستمارة مخروقة. التعيين في المستشفيات والجامعات والمدارس الاهلية كله يتم خارج ضوابط مبدأ تكافؤ الفرص بل يقوم على اساس المحسوبية والمنسوبية. وأكثر ما يسوءنا في ذلك أن الرشوة لازالت تمنع من تكافؤ الفرص في التعيينات. إن مبدأ تكافؤ الفرص يرتبط بشكل جوهري بمبادئ أخرى كمبدأ المواطنة، والمساواة أمام القانون، والعدالة الاجتماعية، وهي مبادئ لا ينمو حب بغيرها.
الحقوقي احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
"ان جميع الأحزاب المشتركة في السلطة في العراق لا تؤمن بقضية حقوق الانسان وكرامة الفرد الحقيقي والدليل نفس الانتهاكات ونفس الأخطاء تعاد وسنة بعد سنة يتم التضييق على حقوق الانسان ومن بينها خنق ثقافة التعبير وخلق ثقافة التبرير التي يروجون لها، وهناك محطات وابواق للسلطة تبرر لجهات وتابعة لها، وان اكبر انتهاك لحقوق الانسان هو الروتين والبيروقراطية ونرى المواطن العراقي يذل امام دوائر الدولة، وعندما يتم تشريع قانون نبدأ بالبحث عن الحاجة التي استدعت المشرع لتشريع هذا القانون والحاجة بالتأكيد نابعة من مشكلة واجهت المواطن ومن خلال هذا التشريع يتم حل الأسباب الموجبة بتشريع القانون الذي يسهل إجراءات المواطن وليس تعقيدها لكن بالمقابل نشاهد الفساد والرشاوى والتي اثرت على المواطن ومعيشته بصورة كبيرة بالاضافة الى عدم تكافؤ الفرص بين المواطنين فالمحسوبية والمنسوبية اخذت دورها منذ 2003 ولا اعتقد من ممكن القضاء عليها بسهولة".
الدكتور حميد الهلالي؛ ناشط في مجال الحقوق والحريات:
"لم تتغير العقلية البوليسية للأجهزة الأمنية في عام 2022 وكذلك تصرف القوات الأمنية في عام 2019 مع المتظاهرين، وكذلك الانفلات الأمني الذي حصل واكبر دليل هو اغتيال قاضي في وسط النهار وهذه ظاهرة سلبية لم يألفها المجتمع العراقي، لذلك الدولة يجب ان تتصدى وتأخذ اجرائها ولكن اليوم لدينا عصابات متسيدة وفساد متسيد ولا يمكن معالجته بإجراءات لان الدولة هي من تمارس الفساد، لذلك لا يمكن ان تقضى على هذا الفساد في ظل دولة محاصصة وبيع الوزارات وتغييب الحقوق، وان العقلية التي تدار بها الدولة قدر الإمكان تحاول تغييب عقل الشعب وتصدير قوانين وقرارات دون العودة الى الشعب وهذا ما لم يألفه كل الدساتير".
الشيخ مرتضى معاش:
"ان ظاهرة الخوف بدأت تتزايد في قضية التعبير عن الرأي وذلك بالانكفاء والانعزال الحاصل لدى النخب وعدم ابداء آرائهم في قضايا الفساد والعنف والانتهاكات الأمنية بالإضافة الى الانتهاكات القضائية وهي ظاهرة متزايدة ومعبرة عن تزايد حالة القمع وتحجيم الحريات والحقوق.
ولاحظنا عدم وجود رقابة من الاعلام بل ان الاعلام اصبح مدجنا يتماشى مع الواقع الحكومي والقوى التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكذلك لاحظنا غياب دور المنظمات غير الحكومية في هذا الامر وعدم قدرتها على التفاعل في قضايا حرية التعبير وحقوق الانسان، وكذلك تشدد الرقابة الأمنية على المؤسسات الإعلامية ونشاط منظمات المجتمع المدني بالنتيجة هناك زيادة بيروقراطية شديدة على هذه المنظمات وعدم قدرة هذه المنظمات ان تكون فاعلة.
وكذلك عدم فاعلية الجهاز القضائي في حل أزمات المواطنين وحل الازمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والفشل القضائي هو تعبير عن واقع الحريات والحقوق للإنسان، كذلك غياب المدعي العام بتفعيل الكثير من القضايا التي ترتبط بالجرائم الحكومية وجرائم الفساد، وكذلك ظهور الدولة الأمنية بشكل واضح وتصاعدها وسطوتها في قمع الحريات.
وكذلك عدم وجود جدية حقيقية في ترصين البنى التحتية التي هي مهمة جدا في حماية حقوق الانسان وتحقيق كرامته، بالإضافة الى غياب المشاركة المجتمعية فالمجتمع ليس له دور في القرارات فهو منعزل وبعيد عن مشاركة سياسية حقيقية، وعدم وجود رأي مجتمعي فاعل في الكثير من القضايا.
وكذلك هناك فشل حكومي في تحقيق السيادة التي من ضمنها الحدود والمياه ومنع التدخل الخارجي الذي ساهم بالكثير من الصراعات السياسية، وغياب التواصل بين المجتمع والحكومة بالنتيجة أدى الى عدم جدوى التمثيل وشعور المواطن بأهمية الانتخابات ومشاركته بالعملية الانتخابية.
كذلك غياب الحوار السياسي والاجتماعي الذي يسهم في تقريب وجهات النظر فهناك جدلية عقيمة مثلا بين المركز والاقليم وكذلك بين القوميات المختلفة وهذا ما يساهم توسيع الفوارق الاجتماعية مما يؤدي الى القطيعة.
اما اهم التوصيات فنحتاج الى:
- توسيع المجال الى المنظمات غير الحكومية للمشاركة في تفعيل منظومة الحقوق والحريات. – توفير الحماية لوسائل الاعلام في الحصول على المعلومات دون الملاحقة القضائية والأمنية. - تنشئة المواطن على حقوق الانسان المتبادلة يعني ان يتربى الانسان منذ صغره على حماية حقوق نفسه والدفاع عن حقوق عن الاخر.
- رقمنة البيروقراطية بما يؤدي الى تسهيل المعاملات الإدارية ورفع الروتين العقيم الذي ينتهك حقوق الانسان وكرامة المواطن.
- تفعيل القطاع الخاص الإنتاجي الذي يؤدي الى استيعاب طاقات الشباب وتفعيل مهاراتهم وتوسيع المهارات وتحويل المواطن الى انسان انتاجي قادر على تحقيق ذاته وكرامته".
حيدر الاجودي؛ باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
"شهد العراق بعد انتخابات تشرين الأول 2021 الكثير من الازمات والمشكلات على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي، وما يميز عام 2022 هو كثرة الاغتيالات والاعتدائات على كثير من الناشطين في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني بعد كل تظاهرات والتي نخشى ان تكون هذه الثقافة سائدة في كل تظاهرات يتم تصفية من يطالبون بحرية الرأي وتحقيق الخدمات يخشون رصاصة او دعوة كيدية تأتيهم لإسكاتهم والعودة للرضوخ الى الأحزاب، وما يميز عام 2022 الكثير من الاغتيالات والدعاوى الكيدية، وشريحة مهمة تعرضت الى سلب حقوقها وتعرضت الى التهميش لهذه الحقوق وهي الأطفال ما دون سن 15 سنة وسط تغييب امن البلد وتوفير البيئة والتعليم المناسب لهم ونأمل من الحكومة تشريع قانون يحمي حقوق الأطفال.
الاستاذ عدنان الصالحي؛ مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
"فكرة الديمقراطية الناشئة هي فكرة رائعة جدا تمتد من الإدارات المحلية سواء كانت حكومة محلية او مجالس محلية اقضية ونواحي صعودا الى البرلمان، ولو كانت الفكرة عكس ذلك لرأينا اسوء من ذلك ولو كانوا اشخاص معينين لكانت الديكتاتورية تبددت في اسوء صورها في العراق، وان مجالس المحافظات كقانون او فكرة هي من افضل القوانين مع بعض المؤاخذات على تطبيقاتها وصياغتها، ولكن المشكلة تكون في الهدف من انشاء ديمقراطية وبناء بلد او هدف في انشاء كتل سياسية وزعامات، وان الذي يسن القانون يحاول ان يضخم من مساحته ولا يعطي فرصة لتوسع الاخرين، وان اغلب الكتل السياسية تعمل على تقليل المشاركة في الانتخابات الى ادنى مستوى، لان الأغلبية الصامتة اذا اشتركت ستقلب الموازين وتظهر الكتل السياسية بصورتها الحقيقية، لذلك الجزء الأساس في انتاج مجالس محافظات او إدارات محلية هو عدم وجود نية صادقة لأغلب الكتل السياسية في انتاج قوانين ومصاديق حقيقة لإنجاح مجالس محافظات عملي".
وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.
للاطلاع على الملخص التلفزيوني: