الشرق الاوسط بين لهيب الحرب الأوكرانية ومطرقة العقوبات
وكالات
2023-02-01 07:50
يبدو ان تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أصبحت أكثر قربا من الشرق الأوسط وأكثر تداخلا في النزاعات الإقليمية خصوصا فيما يرتبط بالملف الإيراني، حيث أشار أحد كبار مساعدي الرئيس الأوكراني إلى وجود علاقة مباشرة بين حادثة هجوم بطائرات مسيرة على مصنع عسكري قرب مدينة اصفهان في إيران وبين الحرب في أوكرانيا. وتتهم كييف إيران بتزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة التي تستخدمها في مهاجمة أهداف مدنية في مدن أوكرانية بعيدة عن جبهات القتال.
حيث طلب الروس المزيد من الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية الإيرانية بدقة محسنة وخاصة عائلة صواريخ فتح وذو الفقار.
ولمواجهة سيل العقوبات الغربية تسعى طهران وموسكو منذ بداية الحرب الأوكرانية إلى إقامة علاقات ثنائية وثيقة فيما تحاول كل منهما بناء شراكات اقتصادية ودبلوماسية جديدة في أماكن أخرى.
فقد قال مسؤول إيراني كبير إن إيران وروسيا ربطتا أنظمة الاتصال والتحويل لبنوكهما للمساعدة في تعزيز المعاملات التجارية والمالية في ظل خضوع طهران وموسكو لعقوبات غربية.
يأتي هذا فيما تتخذ واشنطن إجراءات صارمة في مواجهة المحاولات الروسية للتهرب من العقوبات المفروضة عليها بسبب حربها في أوكرانيا.
وفرضت واشنطن مجموعة من العقوبات على شركات تتخذ من دولة الإمارات مقرا بسبب التهرب من العقوبات على طهران، وفرضت عقوبات على شركة طيران مقرها البلد الخليجي بسبب دعمها لشركة المرتزقة الروسية (فاجنر) التي تقاتل في أوكرانيا.
هجوم إسرائيلي على مصنع عسكري إيراني
قال مسؤول أمريكي إن إسرائيل تقف على ما يبدو وراء هجوم بطائرات مسيرة على مصنع عسكري في إيران.
وقالت إيران إنها اعترضت طائرات مسيرة استهدفت مصنعا عسكريا بالقرب من مدينة إصفهان بوسط البلاد، مضيفة أنه لم تقع إصابات أو أضرار جسيمة.
ولم يتسن بشكل مستقل التأكد بعد من مدى الضرر الذي نجم عن الانفجار. وأظهر تسجيل مصور بثته وسائل إعلام رسمية إيرانية وميضا من الضوء في السماء وعربات إسعاف في مكان الحادث.
وأحجم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق. وتهدد إسرائيل منذ وقت طويل بالقيام بعمل عسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من برامج إيران النووية أو الصاروخية لكنها تتبع نهجا بالإحجام عن التعليق على وقائع بعينها.
وقال البريجادير جنرال باتريك رايدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنه لم تشارك أي قوات عسكرية أمريكية في ضربات بإيران، لكنه أحجم عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وكان المسؤولون الأمريكيون يشيرون إلى دور إسرائيلي في الهجوم الذي كانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من أورد نبأ بشأنه، وذلك نقلا عن عدة مصادر لم تذكرها بالاسم. وقال مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم نشر اسمه لرويترز إن إسرائيل ضالعة في الهجوم على ما يبدو. وامتنع العديد من المسؤولين الأمريكيين الآخرين عن التعليق بخلاف القول إن واشنطن لم تلعب أي دور.
ولم تحمل طهران لأي جهة مسؤولية ما وصفه وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان بالهجوم “الجبان” الذي كان يستهدف إثارة “حالة من عدم الأمن” في إيران. لكن التلفزيون الإيراني بث تصريحات للنائب حسين ميرزاعي قال فيها إن هناك “تكهنات قوية” بأن إسرائيل وراء ذلك.
وقع الانفجار وسط تصاعد للتوتر مع الغرب بسبب ملف إيران النووي وتزويدها لروسيا بالأسلحة في حربها مع أوكرانيا، إضافة إلى قمع مظاهرات مناهضة للحكومة مستمرة منذ أشهر.
وقالت وزارة الدفاع الإيرانية إن الانفجار لم يتسبب سوى في أضرار مادية محدودة دون سقوط قتلى أو مصابين.
وأضاف وزير الخارجية للصحفيين في تصريحات أذاعها التلفزيون “مثل هذه التصرفات لن تؤثر على تصميم خبرائنا على إحراز تقدم في عملنا النووي السلمي”.
ولو كانت إسرائيل مسؤولة عن هذا الهجوم، فستكون هذه هي الضربة الإسرائيلية الأولى على إيران في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ عودته إلى المنصب الشهر الماضي على رأس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
وفي أوكرانيا، التي تتهم إيران بتزويد روسيا بالمئات من الطائرات المسيرة لمهاجمة أهداف مدنية في مدن بعيدة عن جبهة القتال، قال مستشار بارز للرئيس الأوكراني إن ما حدث في إيران له صلة مباشرة بالحرب في بلاده.
وقال ميخايلو بودولياك في تغريدة “منطق الحرب لا يرحم وفتاك. يحاسب المسؤول والمتواطئ بحزم… ليلة متفجرة في إيران، إنتاج طائرات مسيرة وصواريخ ومصاف نفطية. حذرناكم”.
واعترفت إيران بإرسال طائرات مسيرة إلى روسيا لكنها تقول إنها وصلتها قبل أن تبدأ موسكو غزو أوكرانيا العام الماضي. وتنفي موسكو استخدام قواتها طائرات مسيرة إيرانية في أوكرانيا رغم إسقاط عدد منها وانتشال بقاياها هناك.
وقالت وزارة الدفاع الإيرانية في بيان بثه التلفزيون الرسمي “في حوالي الساعة 23:30 بالتوقيت المحلي مساء يوم السبت (2000 بتوقيت جرينتش) تم تنفيذ هجوم فاشل باستخدام طائرات مسيرة على أحد مجمعات الصناعات الدفاعية التابعة للوزارة”.
وأضاف بيان الوزارة “أصاب الدفاع الجوي واحدة من (الطائرات المسيرة)… ووقعت الطائرتان الأخريان في فخاخ دفاعية وانفجرتا. ولحسن الحظ لم يتسبب هذا الهجوم الفاشل في خسائر في الأرواح وألحق أضرارا طفيفة بسقف المصنع”.
وقال مسؤول عسكري في المنطقة إنه بالنظر إلى موقع الضربة في وسط إيران وحجم الطائرات المسيرة، فمن المحتمل أن يكون الهجوم قد نُفذ من داخل حدود إيران.
وفي نبأ منفصل، ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء في وقت سابق أن حريقا هائلا شب في مصنع لزيوت المحركات في منطقة صناعية قرب مدينة تبريز في شمال غرب البلاد. وذكرت الوكالة لاحقا أن تسربا للزيت تسبب في اندلاع الحريق.
واتهمت إيران من قبل عدوتها إسرائيل بالتخطيط لشن هجمات باستخدام عملاء داخل إيران. وفي يوليو تموز، قالت إيران إنها اعتقلت مجموعة مخربة مؤلفة من نشطاء أكراد يعملون لصالح إسرائيل كانت تخطط لتفجير مركز صناعي دفاعي “حساس” في إصفهان.
ويقع عدد من المواقع النووية الإيرانية في إقليم إصفهان، من بينها نطنز الذي يقع في قلب برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. واتهمت إيران غريمتها إسرائيل بتنفيذ عملية تخريبية في هذا الموقع في 2021. ووقع عدد من الانفجارات والحرائق حول منشآت عسكرية ونووية وصناعية إيرانية في السنوات القليلة الماضية.
وأصيبت المحادثات بين طهران والقوى العالمية لإحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015 بالجمود منذ سبتمبر أيلول. وكانت إيران قد وافقت بموجب ذلك الاتفاق على أن تحد من عملها النووي مقابل تخفيف العقوبات. وانسحبت واشنطن من الاتفاق في عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
أوكرانيا والصواريخ الباليستية الإيرانية
وفي سياق متصل قال يوري إحنات، المتحدث باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية، إنه إذا حصلت روسيا على صواريخ باليستية إيرانية لاستخدامها في حربها في أوكرانيا، فإنها لا تملك الوسائل للدفاع ضدها.
وأضاف المتحدث، في تصريحات تلفزيونية: "لا تزال روسيا على استعداد لاستقبال طائرات بدون طيار وصواريخ فاتح وذوالفقار من إيران. هذه صواريخ باليستية".
اعتبارًا من نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت إيران تستعد لإرسال حوالي 1000 سلاح إضافي، بما في ذلك صواريخ باليستية قصيرة المدى أرض - أرض والمزيد من الطائرات بدون طيار الهجومية، إلى روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، حسبما قال مسؤولون من دولة غربية تراقب عن كثب أسلحة إيران لشبكة CNN في ذلك الوقت.
ونقلت وكالة رويترز في أكتوبر/ تشرين الأول عن مسؤولين ودبلوماسيين إيرانيين قولهم إن طهران وعدت بتزويد روسيا بتلك الأسلحة. وقال أحد الدبلوماسيين الإيرانيين الذي تم إطلاعه على الرحلة لرويترز "الروس طلبوا المزيد من الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية الإيرانية بدقة محسنة وخاصة عائلة صواريخ فتح وذو الفقار".
اعترفت الحكومة الإيرانية في نوفمبر/ تشرين الثاني بأنها أرسلت عددًا محدودًا من الطائرات بدون طيار إلى روسيا في الأشهر التي سبقت بدء غزوها لأوكرانيا، لكنها نفت إمدادها بمعدات عسكرية لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا.
من جهتها ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية أن إيران استدعت القائم بالأعمال الأوكراني في طهران بسبب تصريحات صادرة عن بلاده بشأن هجوم بطائرات مسيرة على منشأة عسكرية بإقليم إصفهان بوسط إيران.
وكان أحد كبار مساعدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أشار إلى وجود علاقة مباشرة بين الحادثة وبين الحرب في أوكرانيا. وتتهم كييف إيران بتزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة التي تستخدمها في مهاجمة أهداف مدنية في مدن أوكرانية بعيدة عن جبهات القتال.
وأدان الكرملين هجوما بالطائرات المسيرة على منشأة تصنيع دفاعي في إيران قائلا إنه يعكف على تحليل ما حدث.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين "ليس بوسع المرء سوى إدانة مثل هذه التصرفات الموجهة ضد دولة ذات سيادة".
وقالت وزارة الخارجية الروسية "مثل هذه التصرفات المدمرة قد تكون لها تبعات غير متوقعة على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
مواجهة نفوذ إيران الإقليمي
من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري في القاهرة إن من المهم مواصلة العمل للتصدي لتصرفات إيران في المنطقة.
وأضاف "بالنسبة للولايات المتحدة ولكثير من شركائنا في المنطقة، من المهم جدا أن نواصل مجابهة التصرفات المختلفة لإيران في المنطقة وخارجها والتصدي لها كلما اقتضت الضرورة".
وفي اثناء هذا قُتل 11 مقاتلاً من المجموعات الموالية لإيران جراء ثلاث استهدافات جوية منفصلة طالت في أقل من 24 ساعة شاحنات في شرق سوريا بعد عبورها تباعاً من الجانب العراقي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي قال إنها كانت تقل أسلحة.
وتعد المنطقة الحدودية بين شرق سوريا والعراق من أبرز مناطق نفوذ إيران والمجموعات الموالية لها في سوريا، وبينها فصائل عراقية. وتعرضت على مر السنوات شاحنات كانت تقلّ أسلحة وذخائر ومستودعات ومواقع عسكرية تابعة لتلك المجموعات إلى ضربات جوية، بينها ما أعلنت عنه واشنطن وأخرى نُسبت إلى إسرائيل.
وغداة استهداف طائرات مسيّرة قافلة شاحنات في ريف البوكمال، بعد عبورها من العراق، ما أوقع سبعة قتلى من القوات الموالية لطهران، وفق المرصد، استهدفت طائرة مسيّرة صباح الاثنين سيارة رباعية الدفع في المكان ذاته.
وأدى القصف إلى "مقتل قيادي في مجموعة مقاتلة موالية لإيران مع اثنين من مرافقيه من جنسيات غير سورية"، بينما كانوا يتفقدون موقع الاستهداف ليلاً، بحسب المصدر ذاته.
وبعد ساعات عدة من الهجوم الثاني، استهدفت طائرة مسيرة صهريج نفط رجح المرصد السوري أنه كان يقل أسلحة وذخائر، ما أدى إلى انفجاره ومقتل مقاتل موال لايران.
ولم يتمكن المرصد من تحديد جنسيات القتلى في الهجمات الثلاث، ولا هوية الجهات التي نفذتها. ولم يعلن أي طرف مسؤوليته حتى اللحظة.
إلا أن مصدراً سورياً في معبر البوكمال، رفض الكشف عن اسمه، نفى أن تكون الشاحنات المستهدفة محملة بأسلحة. وقال لوكالة فرانس برس إن "قافلة مؤلفة من 25 شاحنة مبردة كانت قد حازت على ترخيص مسبق للدخول تباعاً الى سوريا، وقد تعرضت لثلاث استهدافات منذ ليل الأحد". وأوضح أن "الشاحنات محملة بمواد غذائية مقدمة كمساعدات من إيران الى الشعب السوري".
وبدأت الضربات ليلاً باستهداف ست شاحنات تبريد فور دخولها من العراق، وكانت تقل أسلحة إيرانية وفق ما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن فرانس برس.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من دمشق، لكنّ إذاعة "شام إف إم" المحلية المقربة منها ذكرت أن طيراناً "مجهول الهوية استهدف بعدد من الغارات ست شاحنات تبريد" أثناء توقفها شرق البوكمال "بعد اجتياز البوابة الحدودية المشتركة مع العراق".
وفي العراق، أكد مسؤول من سلطات الحدود لفرانس برس أنّ "الشاحنات التي قصفت داخل سوريا عراقية لكنها لا تحمل أي بضائع عراقية". وقال إنّ "الشاحنات تقلّ بضائع إيرانية باتجاه سوريا وقد عبرت من منافذ غير رسمية"، مرجحاً استخدام شاحنات عراقية عوض الإيرانية لتلافي تعرّضها للقصف.
وبحسب المرصد، دخلت قافلتان على الأقل خلال هذا الأسبوع من العراق، أفرغتا حمولتهما في مدينة الميادين، لافتاً إلى نقلها "أسلحة متطورة" الى مجموعات موالية لطهران.
وتعدّ إيران داعماً رئيسياً لدمشق. وقدمت لها منذ بدء النزاع في العام 2011 دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وقد بادرت في العام 2011 إلى فتح خط ائتماني لتأمين احتياجات سوريا من النفط بشكل خاص، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش السوري في معاركه. وقد ساهم هؤلاء في ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية على جبهات عدة.
ومحافظة دير الزور مقسمة بين أطراف عدة، إذ تسيطر قوات النظام ومقاتلون إيرانيون ومجموعات موالية لهم على المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى جزأين، فيما تسيطر قوات سوريا الديموقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، على المناطق الواقعة عند ضفافه الشرقية.
ويقدّر المرصد انتشار نحو 15 الف مقاتل من القوات الإيرانية من المجموعات الموالية لها في المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال والميادين.
وتتعرض المنطقة بين الحين والآخر لضربات جوية، استهدفت إحداها في تشرين الثاني/نوفمبر قافلة تضم صهاريج محروقات وأسلحة بعد عبورها من العراق. وأسفر القصف الذي أعلنت اسرائيل مسؤوليتها عنه لاحقاً، عن مقتل 14 مقاتلاً موالين لطهران.
ومنذ بدء النزاع عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله. ونادراً ما تؤكّد تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وأقر التحالف الدولي مراراً بتنفيذه ضربات ضد مقاتلين موالين لطهران.
إيران وروسيا تربطان أنظمتهما المصرفية
من جهة أخرى قال مسؤول إيراني كبير إن إيران وروسيا ربطتا أنظمة الاتصال والتحويل لبنوكهما للمساعدة في تعزيز المعاملات التجارية والمالية في ظل خضوع طهران وموسكو لعقوبات غربية.
ومنذ إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران في 2018 بعد انسحاب واشنطن من اتفاق طهران النووي لعام 2015 مع القوى العالمية، تم فصل الجمهورية الإسلامية عن شبكة سويفت المالية العالمية للتحويلات المصرفية التي تتخذ من بلجيكا مقرا.
وتم فرض قيود مماثلة على بعض البنوك الروسية منذ غزو موسكو لأوكرانيا العام الماضي.
وقال محسن كريمي نائب محافظ البنك المركزي الإيراني لوكالة أنباء فارس شبه الرسمية "لم تعد البنوك الإيرانية بحاجة إلى استخدام سويفت... مع البنوك الروسية وهو ما يمكن أن يكون لفتح خطابات الائتمان والتحويلات أو الضمانات".
وفي حين رفض البنك المركزي الروسي التعليق على الاتفاق الموقع، قال كريمي "سيتم ربط نحو 700 بنك روسي و106 بنوك غير روسية من 13 دولة مختلفة بهذا النظام"، دون الخوض في تفاصيل حول أسماء البنوك الأجنبية.
ورحب رئيس البنك المركزي الإيراني محمد فرزين بهذه الخطوة. وكتب على تويتر "يجري إصلاح قناة الاتصال المالية بين إيران والعالم".
وتسعى طهران وموسكو منذ بداية الحرب الأوكرانية إلى إقامة علاقات ثنائية وثيقة فيما تحاول كل منهما بناء شراكات اقتصادية ودبلوماسية جديدة في أماكن أخرى.
ويشعر العديد من الإيرانيين بوطأة التضخم المتسارع وتزايد البطالة مع تفاقم المعاناة الاقتصادية التي تعود إلى حد كبير إلى العقوبات الأمريكية المرتبطة بالنشاط النووي الإيراني.
وارتفع التضخم إلى أكثر من 50 بالمئة في أعلى مستوى منذ عقود. ووفقا لتقارير مركز الإحصاء الإيراني، لا يزال معدل البطالة بين الشباب مرتفعا مع تدني أوضاع أكثر من 50 بالمئة من الإيرانيين إلى ما دون خط الفقر.
وفي هذا السياق يعتزم أكبر مسؤول عن العقوبات في وزارة الخزانة الأمريكية خلال جولة إلى تركيا والشرق الأوسط تحذير دول وشركات من أنها قد تفقد القدرة على دخول أسواق دول مجموعة السبع إذا تعاملت مع كيانات خاضعة للقيود الأمريكية.
يأتي هذا فيما تتخذ واشنطن إجراءات صارمة في مواجهة المحاولات الروسية للتهرب من العقوبات المفروضة عليها بسبب حربها في أوكرانيا.
وقالت وزارة الخزانة في بيان إن براين نيلسون، وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية، سيسافر إلى سلطنة عُمان والإمارات وتركيا بدءا من 29 يناير كانون الثاني للقاء مسؤولين حكوميين وممثلي شركات ومؤسسات مالية لإعادة تأكيد أن واشنطن ستستمر في تطبيق عقوباتها بصرامة.
وأضافت الوزارة "الأفراد والمؤسسات العاملة في نطاق السلطات المتساهلة يواجهون خطر فقدان (إمكانية) دخول أسواق دول مجموعة السبع بسبب التعامل مع كيانات خاضعة للعقوبات".
وكانت رويترز أول من أورد نبأ هذه الجولة. وأثناء تواجده في المنطقة، سيناقش نيلسون موضوعات مثل جهود وزارة الخزانة لمواجهة محاولات روسيا للتهرب من العقوبات وقيود التصدير المفروضة عليها بسبب حربها الوحشية في أوكرانيا، وتصرفات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والتمويل غير المشروع الذي يهدد بتقويض النمو الاقتصادي، والاستثمار الأجنبي.
وستكون هذه أحدث زيارة يقوم بها مسؤول كبير بوزارة الخزانة إلى تركيا لمناقشة العقوبات، بعد سلسلة من التحذيرات العام الماضي من جانب مسؤولين في إطار تكثيف واشنطن ضغوطها على أنقرة لضمان الامتثال للقيود على روسيا.
ويزور نيلسون العاصمة التركية أنقرة والمركز المالي إسطنبول يومي الثاني والثالث من فبراير شباط. وقال متحدث باسم وزارة الخزانة لرويترز إنه سينذر الشركات والبنوك بأن عليهم تجنب المعاملات المرتبطة بعمليات نقل محتملة التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، والتي يمكن أن تقع في يد الجيش الروسي في نهاية المطاف.
والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج يكون لها استخدامات تجارية وعسكرية.
وفرضت واشنطن وحلفاؤها عدة جولات من العقوبات على موسكو منذ الغزو الذي أدى لمقتل وإصابة الآلاف وحول مدنا أوكرانية إلى أنقاض.
ونددت تركيا بالغزو الروسي وأرسلت طائرات مسيرة مسلحة إلى أوكرانيا. لكنها في الوقت نفسه تعارض العقوبات الغربية على روسيا ولديها علاقات وثيقة مع كل من موسكو وكييف.
وعززت أيضا التجارة والسياحة مع روسيا. واشترت بعض الشركات التركية أصولا روسية من شركاء غربيين انسحبوا بسبب العقوبات، أو حاولت ذلك، بينما يحتفظ البعض الآخر بأصول كبيرة في البلاد.
لكن أنقرة تعهدت بعدم الالتفاف على العقوبات الدولية في تركيا.
وتشعر واشنطن بالقلق أيضا من التهرب من عقوباتها على إيران.
وقال المتحدث إن نيلسون سيثير أثناء وجوده في الإمارات مسألة "ضعف الامتثال للعقوبات".
وفرضت واشنطن مجموعة من العقوبات على شركات تتخذ من دولة الإمارات مقرا بسبب التهرب من العقوبات على طهران، وفرضت عقوبات على شركة طيران مقرها البلد الخليجي بسبب دعمها لشركة المرتزقة الروسية (فاجنر) التي تقاتل في أوكرانيا.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيانها إن نيلسون سيلتقي في سلطنة عُمان مع نظرائه لمناقشة التعاون في مكافحة التمويل غير المشروع، بما يشمل تمويل الإرهاب.
عقوبات جديدة على إيران
كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإسلامي الإيراني ومسؤولين كبار في الجمهورية الإسلامية، مما يزيد الضغط على طهران بسبب قمعها للاحتجاجات.
وهذه الخطوة، التي اتخذت بالتنسيق مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي، هي أحدث رد من واشنطن على حملة القمع الإيرانية الدموية في مواجهة الاضطرابات التي أعقبت وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في حجز شرطة الأخلاق في سبتمبر أيلول.
وتمثل الاحتجاجات التي شارك فيها إيرانيون من جميع أطياف المجتمع أحد أجرأ التحديات التي تواجه الحكومة الدينية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وتتهم إيران القوى الغربية بإثارة الاضطرابات، التي واجهتها قوات الأمن بعنف أدى إلى سقوط قتلى.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن خطوة تستهدف “ركيزة اقتصادية رئيسية للحرس الثوري الإيراني، والتي تمول الكثير من القمع الوحشي للنظام، وكذلك مسؤولين أمنيين كبار ينسقون حملة القمع التي تنفذها طهران على المستويين الوطني والإقليمي”.
ووصفت وزارة الخزانة المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني بأنها تكتل اقتصادي أنشأه كبار المسؤولين في الحرس الثوري لإدارة استثماراته والتواجد في قطاعات الاقتصاد الإيراني.
واتهمت الخزانة الأمريكية المؤسسة بأنها صارت “منبعا للفساد والكسب غير المشروع“، وقالت إن الأموال التي تقدمها دعمت المغامرات العسكرية للحرس الثوري الإيراني في الخارج.
واستهدفت واشنطن المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني سابقا من خلال سلطات عقوبات مختلفة، لكن تم استهدافها من خلال سلطة العقوبات المعنية بحقوق الإنسان يوم الاثنين.
واتهمت واشنطن الحرس الثوري الإيراني بمواصلة قمع التظاهرات السلمية بقوة، وقالت إن القوة كان لها “دورا رئيسيا في قمع الاحتجاجات عبر انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان”.
واستهدفت عقوبات أيضا خمسة من أعضاء مجلس إدارة المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني، ونائب وزير المخابرات والأمن، وأربعة من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني في إيران، وفقا لوزارة الخزانة.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية بريان نيلسون في بيان “سنواصل، مع شركائنا، محاسبة النظام الإيراني ما دام يعتمد على العنف والمحاكمات الصورية وإعدام المتظاهرين وغير ذلك من وسائل القمع لشعبه”.
وتجمد عقوبات يوم الاثنين أي أصول في الولايات المتحدة للمستهدفين، ويمنع الأمريكيين بشكل عام من التعامل معهم. ويواجه من ينخرط في معاملات بعينها مع هؤلاء الأشخاص عقوبات أيضا.
وفرضت بريطانيا عقوبات على المزيد من الأفراد والكيانات الإيرانية بسبب “القمع الوحشي” للشعب. كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران يوم الاثنين بسبب “الاستخدام الوحشي وغير المتناسب للقوة” ضد المتظاهرين.