لقاء بايدن وشي.. أحلام السلام وسط كوابيس نووية
وكالات
2022-11-15 05:20
أعرب الرئيسان جو بايدن وشي جينبينغ عن أملهما في أن تتمكّن الولايات المتحدة والصين من إدارة الخلافات المتزايدة وتجنّب النزاع بينهما، وذلك خلال أول لقاء بينهما منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وتصافح شي وبايدن أمام علَمي بلديهما قبل محادثات ثنائية في جزيرة بالي السياحية الإندونيسية قبل قمة مجموعة العشرين، وذلك بعد أشهر من التوتّر بشأن تايوان وقضايا أخرى.
وقال بايدن، إنّ بكين وواشنطن "تتشاركان المسؤولية" للإظهار للعالم أنهما قادرتان على "إدارة خلافاتنا، ومنع المنافسة من التحوّل إلى نزاع".
من جهته، قال شي، أقوى زعيم للصين منذ عقود والذي حصل أخيراً على ولاية ثالثة، لبايدن إنّ العالم "وصل إلى مفترق طرق". وأضاف أنّ "العالم يتوقّع أن تعالج الصين والولايات المتحدة بشكل صحيح العلاقة" بينهما.
تصافح بايدن ونظيره الصيني بحرارة وهما يبتسمان أمام صف من الأعلام الصينية والأمريكية في فندق موليا الفاخر في خليج نوسا دوا في بالي.
قال بايدن لشي وهو يضع ذراعه حوله “لقد أمضينا الكثير من الوقت سويا عندما كان كل منا نائبا للرئيس وكم هو رائع أن التقي بك“، مضيفا في تصريحات أمام الصحفيين أنه ملتزم بالحفاظ على بقاء خطوط الاتصال مفتوحة على المستويين الشخصي والحكومي.
وتابع بايدن قائلا “بصفتنا زعيمين لبلدينا، فإنني أعتقد أن من واجبنا إظهار أن بإمكان الصين والولايات المتحدة إدارة خلافاتنا، والحيلولة دون تحول المنافسة… إلى صراع وإيجاد سبل للعمل سويا بشأن القضايا العالمية الملحة التي تتطلب تعاوننا المتبادل”.
وأشار إلى تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي باعتبارهما من المشكلات التي من المتوقع أن يتصدى لها البلدان.
وردا على بايدن، قال الرئيس الصيني إنهما بحاجة إلى رسم مسارهما وإيجاد الاتجاه الصحيح ورفع مستوى العلاقات التي لا ترقى للتوقعات العالمية. وأضاف أنه يتطلع إلى العمل مع بايدن لإعادة العلاقات إلى المسار الصحيح.
ولم يضع أي من الزعيمين كمامة على الوجه للوقاية من كوفيد-19 على الرغم من أن أعضاء الوفدين الأمريكي والصيني التزموا ذلك.
ولكن رغم التصريحات العلنية المتفائلة، تبقى العلاقات بين البلدَين مشوبة بالشكوك بشكل متزايد، إذ تخشى الولايات المتحدة أن تكون الصين قد صعّدت جدولها الزمني للسيطرة على تايوان.
وقال مسؤول في البيت الأبيض قبل الاجتماع، إنّ بايدن يأمل في وضع "حواجز أمان" في العلاقة مع الصين وتقييم كيفية تجنُّب "الخطوط الحمر" التي يمكن أن تدفع أكبر اقتصادين في العالم إلى النزاع.
وتعدّ تايوان من أكثر القضايا حساسية بين البلدين، فهذه الديموقراطية ذات الحكم الذاتي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها. وعزّزت الولايات المتحدة دعمها لها، بينما كثّفت الصين تهديداتها بالسيطرة على الجزيرة. وبعد زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لتايبيه في آب/أغسطس، ردّت الصين بإجراء مناورات عسكرية غير مسبوقة.
وعشية المحادثات مع شي، التقى بايدن برئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول على هامش قمة جنوب شرق آسيا في كمبوديا، حيث وجّه الزعماء الثلاثة دعوة مشتركة لـ"السلام والاستقرار" في مضيق تايوان.
كذلك، من المتوقع أن يدفع بايدن الصين إلى كبح جماح حليفتها كوريا الشمالية بعد سلسلة قياسية من التجارب الصاروخية التي أثارت مخاوف من أن تُجري بيونغ يانغ قريباً تجربتها النووية السابعة.
يقوم شي بثاني زيارة خارجية له منذ بداية جائحة كوفيد-19، حيث سيلتقي بعدد من القادة الرئيسيين.
ومن المقرّر أن يجري محادثات الثلاثاء مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، في أول لقاء رسمي بين قادة البلدين منذ العام 2017.
وكانت آخر قمة حضورية للرئيس الصيني مع رئيس أميركي قد حصلت في العام 2019 مع دونالد ترامب، الذي حدّد، كما بايدن، الصين على أنها مصدر قلق دولي كبير والمنافس الوحيد المحتمل لتفوّق الولايات المتحدة على المسرح العالمي.
ورغم أنّ هذا الاجتماع يعدّ الأول بين بايدن وشي منذ وصول الأخير إلى البيت الأبيض، إلّا أنّ تاريخاً غير عادي يجمع بين الرئيسين.
فوفقاً لتقديرات بايدن، أمضى 67 ساعة شخصياً مع شي عندما كان نائباً للرئيس، بما في ذلك خلال رحلة إلى الصين في العام 2011 كانت تهدف إلى فهمٍ أفضل للقائد الصيني المنتظر آنذاك، إضافة إلى اجتماع في العام 2017 في الأيام الأخيرة من إدارة باراك أوباما.
ومنذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض، أجرى مع شي خمس محادثات عبر الفيديو، لكنّه قال له الإثنين إنّ "لا بديل" عن المحادثات المباشرة.
بوتين الغائب
رغم انخراطه في محادثات مع شي، إلّا أنّ بايدن رفض منذ غزو أوكرانيا التعامل مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يغيب عن قمة بالي.
وأشار الكرملين إلى مشاكل تتعلّق بالجدول الزمني حالت دون حضوره القمة، موفِدا بدلاً عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وأثار وجود لافروف في بالي تساؤلات بشأن الصورة الجماعية لمجموعة العشرين والبيان المشترك، حيث من المؤكّد أنّ روسيا سترفض أيّ دعوات صريحة لإنهاء غزوها لأوكرانيا.
ورغم الخطاب الصيني الداعم لروسيا، إلّا أنّ بكين لم تزوّد موسكو بالأسلحة في إطار الحرب على أوكرانيا، في الوقت الذي باتت فيه روسيا مضطرّة للاعتماد على إيران وكوريا الشمالية، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وقال مسؤول أميركي قبل ساعات من المحادثات بين شي وبايدن "أعتقد أنّ هناك بلا شكّ بعض الانزعاج في بكين بشأن ما شهدناه في ما يتعلّق بالخطاب المتهوّر والنشاط من جانب روسيا".
وستتركز المناقشات الرئيسية بين الزعيمين حول تايوان وأوكرانيا والطموحات النووية لكوريا الشمالية، وهي القضايا التي ستبرز أيضا خلال قمة مجموعة العشرين التي ستعقد دون حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان بايدن قد أبلغ الزعماء الآسيويين في كمبوديا بأن خطوط الاتصال الأمريكية مع الصين ستبقى مفتوحة للحيلولة دون وقوع صراع، وإن كان من المؤكد تقريبا أن تتسم المحادثات بالصعوبة الشديدة في الأيام المقبلة.
وساءت العلاقات في السنوات الأخيرة بسبب التوترات المتزايدة بشأن قضايا تتراوح من هونج كونج وتايوان إلى بحر الصين الجنوبي والممارسات التجارية والقيود الأمريكية على التكنولوجيا الصينية.
لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن الجانبين تحليا بالهدوء خلال الشهرين الماضيين لإصلاح العلاقات.
وقال مسؤول في إدارة بايدن “هذه الاجتماعات لا تعقد بمعزل عن غيرها، فهي جزء من عملية مستدامة للغاية.. لقد انخرطنا في دبلوماسية جادة ومستمرة، عشرات وعشرات الساعات، من الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس”.
وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين للصحفيين في بالي إن الاجتماع “يهدف إلى استقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وخلق أجواء أكثر ملائمة للشركات الأمريكية”.
وقال البيت الأبيض إن اجتماع يوم الاثنين ليس من المرجح أن يسفر عن صدور بيان مشترك.
تداعيات التنافس الأمريكي الصيني
من جهتها حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا من مخاطر على الاقتصاد العالمي جراء التنافس بين الصين والولايات المتحدة، ووصفت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الواردات الصينية بأنها تأتي بنتائج عكسية.
وقالت جورجيفا في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست "ربما نكون نسير دون أن نشعر باتجاه عالم أكثر فقرا وأقل أمنا جراء ذلك".
وأضافت جورجيفا، التي وُلدت ونشأت في بلغاريا: "لقد عاصرت الحرب الباردة الأولى على الجانب الآخر من الستار الحديدي. ونعم الجو شديد البرودة هناك، وإقحام جيل جديد في حرب باردة ثانية، هو أمر غير مسؤول على الإطلاق".
ولم يحل الرئيس جو بايدن بعد القضية الرئيسية المتعلقة بالرسوم الجمركية التي فرضها سلفه على بضائع صينية وكلفت المستوردين الأمريكيين مليارات الدولارات.
وعلقت جورجيفا على الرسوم التي تعود لعهد ترامب بالقول "من المهم التفكير بتأنٍ في الإجراءات وما قد تسفر عنه من أخرى مضادة، لأنه بمجرد إخراج الجني من المصباح، سيكون من الصعب إعادته".
ويكافح فريق بايدن منذ أشهر بطرق مختلفة لتخفيف تكاليف الرسوم المفروضة على الواردات الصينية في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة كبح التضخم.
وسبق أن قالت مصادر مطلعة لرويترز في أغسطس آب إن المناورات العسكرية التي تجريها الصين حول تايوان دفعت مسؤولي إدارة بايدن لمعاودة التفكير بشأن ما إذا كان سيتم إلغاء بعض الرسوم أو فرض رسوم أخرى على بكين.
وأجرت بكين مناورات في ذلك الشهر بعد زيارة قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايبه، وتواصل منذ ذلك الحين القيام بأنشطة عسكرية بالقرب منها بما في ذلك اجتياز مقاتلات جوية بشكل شبه يومي لخط فاصل في مضيق تايوان.
وتوترت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم في السنوات الماضية بسبب قضايا من بينها الرسوم الجمركية وتايوان والملكية الفكرية والأمن الإلكتروني ومنشأ فيروس كورونا.
أمريكا لا تسعي إلى صراع مع الصين
وفي وقت سابق قال الرئيس الأمريكي جو بايدن لقادة آسيويين إن خطوط الاتصال بين الولايات المتحدة والصين ستظل مفتوحة لمنع حدوث صراع، إن الولايات المتحدة ستظل تتنافس مع الصين وتنتقد علانية سجلها في مجال حقوق الإنسان، لكنه شدد على أهمية السلام في مضيق تايوان وضمان حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي.
ونقل البيان عن بايدن القول فيما يتعلق بالصين إن “الولايات المتحدة ستتنافس بقوة… وستُبقي في الوقت نفسه خطوط الاتصال مفتوحة وضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع”.
وشاركت 18 دولة تمثل مجتمعة نصف حجم اقتصاد العالم في قمة شرق آسيا يوم الأحد، بما في ذلك دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى جانب كل من اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند والولايات المتحدة وروسيا وأستراليا ونيوزيلندا.
وفي مؤتمر صحفي منفصل، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيسي إن المناقشات المقتضبة التي أجراها مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في اليوم السابق كانت بناءة وإيجابية، ما أثار توقعات بعقد قمة رسمية مع شي.
وتدهورت علاقات أستراليا مع الصين في السنوات القليلة الماضية.
وأضاف ألبانيسي “لقد قلت مرارا عن العلاقة مع الصين إنه يتعين علينا التعاون حيثما أمكن… فالحوار دائما أمر جيد”.
وضع حواجز أمان
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض للمراسلين قبل ساعات من الاجتماع إنّ الهدف الأساسي هو وضع "حواجز أمان" و"قواعد واضحة للطريق". وأضاف "نقوم بكل ذلك لضمان أن لا تتحوّل المنافسة إلى نزاع".
ومن المتوقع أن يدفع بايدن الصين إلى كبح جماح حليفتها كوريا الشمالية بعد سلسلة قياسية من التجارب الصاروخية التي أثارت مخاوف من أن تُجري بيونغ يانغ قريباً تجربتها النووية السابعة.
وتوقع ريان هاس المسؤول السابق عن الشؤون الصينية في مجلس الأمن القومي الأميركي، ألا يكون الرئيس الصيني "مرنًا مع بايدن"، مثلما كان مع المستشار الألماني أولاف شولتس خلال لقاء مؤخرًا، كي لا يُنظر إليه على أنه "مستجيب لمطالب (بايدن) في ما يخصّ أوكرانيا والنووي وكوريا الشمالية"
وتُعد الصين أبرز حليف لبيونغ يانغ. وقال مسؤولون أميركيون إن بايدن سيحذّر شي من أن إطلاق مزيد من الصواريخ وتصاعد التوتر النووي من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى تعزيز انتشارها العسكري في المنطقة، وهو ما تعارضه بكين بشدة.
وجاء في بيان مشترك لبايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول أنهم "يؤكدون مجددًا أن أي اختبار نووي لجمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية سيُقابَل بردّ قوي وحازم من المجتمع الدولي".
ولكن قد لا يكون شي، الذي عقد آخر قمة له مع الولايات المتحدة عندما التقى دونالد ترامب في العام 2019، في مزاجٍ للمساعدة. وهو يصل إلى القمة مدعوماً بحصوله على ولاية ثالثة تاريخية في المنصب، مما عزّز دوره باعتباره أقوى زعيم صيني منذ أجيال.
كذلك، يصل بايدن مدعوماً بأداء أفضل من المتوقّع لحزبه الديموقراطي في انتخابات منتصف الولاية التي احتفظ فيها بالسيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي، على الرغم من أنه لا يزال ضعيفاً في السياسة الداخلية.
تُفتتح قمة مجموعة العشرين في بالي الثلاثاء، وتأتي في ظلّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود في جميع أنحاء العالم، وفيما لاتزال أوكرانيا غارقة في الصراع، فضلاً عن التهديد بالحرب النووية الذي يلقي بظلاله.
عسكرة القمم
وسيكون هناك غياب واضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن طاولة الاجتماعات، فقد جعل غزوه لأوكرانيا المستمر منذ تسعة أشهر، رحلة بالي صعبة لوجستياً ومشحونة سياسياً.
واختار بوتين بدلاً من ذلك إرسال وزير الخارجية المخضرم سيرغي لافروف، في الوقت الذي يتشاجر فيه أعضاء دائرته المقرّبة علناً، وبينما باتت سلطته ملطّخة بعدما كانت توصف بالحديدية.
قرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم المشاركة في قمة مجموعة العشرين رسميًا لأن جدول أعماله يحول دون ذلك، إلا أنّ غيابه يُعتبر مؤشرًا الى عزلة في خضمّ غزوه لأوكرانيا.
وجعل الهجوم الروسي على أوكرانيا المستمرّ منذ قرابة عشرة أشهر، مشاركة بوتين في القمة صعبة ومحفوفة بمخاطر سياسية. ورغم أن الحرب لم توضع على جدول أعمال القمة، إلا أنّها في مقدّم مخاوف قادة العالم خصوصًا لناحية تأثيرها الكبير على أسواق الغذاء والطاقة.
واتهم لافروف الغرب يوم الأحد بعسكرة جنوب شرق آسيا لتقويض المصالح الصينية والروسية في هذه المنطقة المهمة من العالم.
وقال في مؤتمر صحفي في فنومبينه “الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي يحاولون السيطرة على هذه الساحة”.
وأضاف أن استراتيجية بايدن لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، التي سعى الرئيس الأمريكي للترويج لها بقوة خلال الاجتماع، هي محاولة لتجاوز “الهياكل الشاملة” للتعاون الإقليمي.
ودعت وزارة الخارجية الروسية في بيان مجموعة العشرين إلى التركيز على القضايا الاقتصادية التي تأسست من أجلها هذه الصيغة التي تجمع الاقتصادات الرئيسية في العالم، بدلاً من القضايا الأمنية التي تقع ضمن اختصاص الأمم المتحدة.
ويُتوقع أن تخضع روسيا لمزيد من الضغوط لتمديد اتفاق يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية والأسمدة عبر مرافئ البحر الأسود، وتنتهي صلاحيّته في 19 تشرين الثاني/نوفمبر.
لكن حتى في هذا الموضوع، من المحتمل أن يجعل التقارب الصيني الروسي إصدار بيان مشترك مع الغربيين، أمرًا مستبعدًا.
رسمياً، لن تكون الحرب في أوكرانيا ولا تهديدات بوتين باستخدام الأسلحة النووية مدرجة على جدول أعمال القمة. ولكن رغم أنّ رجل الاستخبارات السوفياتية السابق لن يكون حاضراً على طاولة القمة، إلّا أنّ حربه ستكون بالتأكيد على القائمة.
ويأتي ذلك فيما أثر ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على أعضاء مجموعة العشرين الأكثر غنى والأكثر فقراً على حد سواء - الأمر الذي يغذّيه النزاع في أوكرانيا.
وأعلنت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أنّ إنهاء الحرب في أوكرانيا "هو واجب أخلاقي وهو ببساطة أفضل ما يمكن فعله للاقتصاد العالمي".
كذلك، قال رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك قبل توجّهه إلى بالي، إنه "سيندّد بنظام بوتين ويكشف عن تجاهله التام للتعاون الدولي".
ومن المحتمل أن تخضع روسيا لضغوط من أجل تمديد الاتفاق الذي يسمح بشحن الحبوب والأسمدة الأوكرانية عبر البحر الأسود، عندما تنتهي الاتفاقية الحالية في 19 تشرين الثاني/نوفمبر.
كحدّ أدنى، قد يودّ بايدن وحلفاؤه أن يشهدوا تأكيد مجموعة العشرين لبوتين أنّ الحرب النووية غير مقبولة.
وقال شي في اجتماع عُقد أخيراً مع المستشار الألماني أولاف شولتس، إنّ الحرب النووية لا يمكن أن يفوز فيها أحد ويجب أن لا تُخاض أبداً.
ولكن بياناً واضحاً بهذا الشأن، من المتوقع أن يواجه عرقلة بسبب مزيج من المعارضة الروسية وعدم استعداد الصين لخرق الصفوف مع حليفها في موسكو أو منح فوز لواشنطن.
وكانت مجموعة العشرين مكاناً مناسباً أكثر لمناقشة الشؤون المالية والاقتصاد بدلاً من القضايا الأمنية.
وقد تفضّل موسكو أن يبقى الأمر كذلك.
وقال وزير الخارجية الروسية الأحد "نرفض رفضاً قاطعاً عسكرة قمة العشرين"، الأمر الذي يقدّم لمحة عن ما قد يدلي به لافروف أثناء القمة.
وفشلت الاجتماعات الوزارية لمجموعة العشرين التي سبقت القمة في الاتفاق على بيان نهائي مشترك. وفي هذا السياق، قال مسؤولون إندونيسيون الاثنين إنّ هذا الأمر يبقى "عملاً قيد التقدّم" و"هدفاً رئيسياً" للقمة.
وقال وزير الحكومة الإندونيسية لوهوت ينسار باندجايتن الأحد "صدقاً، أظنّ بأنّ الوضع العالمي لم يكن أبداً بهذا التعقيد".
وأضاف "إذا لم يصدر قادة (مجموعة العشرين) في النهاية بياناً رسمياً، فلا بأس بذلك".
آسيان قلب الاستراتيجية الامريكية
عقد رؤساء حكومات دول جنوب شرق آسيا محادثات يوم السبت مع عدد من زعماء العالم الزائرين، من بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أشاد بإطلاق اتفاق جديد بين الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ووصفه بأنه خطوة حاسمة نحو معالجة “أكبر قضايا عصرنا”.
وفي زيارته الأولى إلى جنوب شرق آسيا منذ توليه منصبه، قال بايدن إن المنطقة تقع في قلب استراتيجية إدارته لمنطقة المحيطين الهندي والهادي وأن واشنطن ستخصص بالفعل موارد، وليس مجرد إطلاق وعود، في إطار شراكة استراتيجية شاملة جديدة.
وأضاف في افتتاح اجتماع في كمبوديا مع زعماء رابطة آسيان التي تضم عشر دول “معا سنتعامل مع أكبر قضايا عصرنا من المناخ إلى الأمن الصحي لمواجهة التهديد الكبير للنظام القائم على القواعد”.
وتابع “سنبني منطقة للمحيطين الهندي والهادي تكون حرة ومنفتحة ومستقرة ومزدهرة ومرنة وآمنة”.
وتجري آسيان مشاورات مع مجموعة من الزعماء من بينهم بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول.
وهذا اللقاء هو الأول في سلسلة من الاجتماعات ستعقد في جنوب شرق آسيا خلال الأيام السبعة المقبلة، ومن المتوقع أن تناقش قضايا عالمية معقدة، من بينها الحرب في أوكرانيا والمناخ والتوترات الإقليمية حول مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي وإطلاق كوريا الشمالية للصواريخ.
وتأتي مشاركة بايدن في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إعادة إثبات وجودها بعد فترة من التشكيك الإقليمي في التزامها تجاه المنطقة في ظل حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فضلا عن الجهود المكثفة التي تقوم بها الصين لتعزيز نفوذها وملء الفراغ.
وأعلنت الصين وآسيان رفع مستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة العام الماضي.
واقترح الرئيس الكوري الجنوبي في وقت سابق يوم السبت آلية للحوار مع الصين واليابان لمعالجة أي أزمات تطرأ في المستقبل بما في ذلك تداعيات الحروب على مجالات مثل أمن الغذاء والطاقة وكذلك تغير المناخ.
وانتقد يون ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا محاولة كوريا الشمالية تعزيز قدراتها النووية والصاروخية، ووصفاها بأنها تهديد خطير وغير مقبول.
وفي حوار منفصل مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، قال كيشيدا إنه يتعين على اليابان والصين السعي لبناء علاقات “بناءة ومستقرة”.
وأصدر زعماء آسيان يوم الجمعة “تحذيرا” للقادة العسكريين في ميانمار، الذين جرى حرمانهم من حضور القمة، وطالبوهم بإحراز تقدم ملموس بشأن السلام.
وسيشارك قادة من أنحاء العالم في قمة لدول شرق آسيا في فنومبينه يوم الأحد، قبل اجتماع لرجال الأعمال وقمة لمجموعة العشرين في بالي الأسبوع المقبل، تنتقل الاجتماعات بعدها إلى بانكوك التي ستستضيف منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك).
وفي الاجتماعات القادمة، سيركز بايدن على منطقة المحيطين الهندي والهادي ويتحدث عن التزام الولايات المتحدة بنظام دولي قائم على القواعد في بحر الصين الجنوبي، وفقا لمسؤول بالإدارة الأمريكية.
وقلل بعض المحللين من شأن التوقعات بإحراز أي تطورات كبيرة جراء وجود بايدن في اجتماعات آسيان ولكنهم أشاروا إلى أن ذلك يقدم مزيدا من الأدلة على عودة الولايات المتحدة إلى “الدبلوماسية العادية”.
وقال جريج بولينج رئيس برنامج جنوب شرق آسيا في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية إن “الرئيس ترامب لم يحضر قمة واحدة لدول شرق آسيا خلال أربع سنوات في منصبه”.