مهمة شاقة تنتظر أردوغان لاستمالة الأقلية العلوية الكبيرة

وكالات

2021-12-21 06:36

يقود علي إردِم أفراد طائفته العلوية كل أسبوع في شعائر تجمع بين الطقوس الرمزية والموسيقى والرقص في مكان للعبادة يسمونه (بيت الجمع) أصبح محور جدال سياسي قبل الانتخابات التركية المقررة في 2023، وبينما تنطلق نغمات آلة الساز التركية الشبيهة بالعود ويتمايل مصلون يضعون أوشحة حمراء عند الخصر ويتحركون في دائرة تعبيرا عن القرب من الله، يتلو إردِم أدعية ويروي قصص الاضطهاد الذي عاشته الطائفة العلوية، أكبر الأقليات الدينية في تركيا على مدار التاريخ. بحسب رويترز.

وفي حين أن استطلاعات الرأي قبل الانتخابات تظهر تضاؤل التأييد لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان فقد أوفد الرئيس مبعوثين إلى 1585 بيتا من بيوت الجمع للاستماع إلى قائمة المظالم الطويلة من الطائفة.

ويواجه أردوغان مهمة شاقة في محاولة استمالة الطائفة التي تمثل ما بين 15 و20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 84 مليون نسمة وتميل في الغالب إلى تيار يسار الوسط وترتاب في أهداف حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية بعد انهيار محاولات سابقة لعلاج هموم العلويين.

وتطالب الجماعات العلوية بالاعتراف الرسمي ببيوت الجمع وتنفيذ أحكام قضائية في هذا الصدد ووضع حد لما تقول إنها مساع لتذويب الطائفة من خلال التعليم الديني الإلزامي والتمييز ضدها في الحياة العامة.

وقال إردم قبل بدء الشعائر في بيت الجمع باسطنبول "حكومة حزب العدالة والتنمية تحاول خلق علويين على هواها"، وأضاف "تعرضنا للاضطهاد لمئات السنين لكننا لم نذعن قط لأحد"، وعدّد سلسلة من المذابح التاريخية التي استهدفت العلويين.

ويستمد العلويون شعائرهم من الشيعة والمتصوفة والتراث الشعبي في الأناضول ويؤدون طقوسا تجعل منهم مخالفين في الدين في نظر الأغلبية السنية. وهم ينتسبون للشيعة بسبب تبجيلهم للإمام علي بن أبي طالب الذي يعتقد الشيعة أنه صاحب الحق في خلافة رسول الإسلام، وفي العام 1993 لقي 37 شخصا أغلبهم من المثقفين والمفكرين العلويين مصرعهم في حريق بفندق في إقليم سيواس التركي خلال احتجاج للسنة على وجودهم في احتفال علوي بمترجم لرواية الكاتب سلمان رشدي "آيات شيطانية".

إرادة التغيير

قبل نحو عشر سنوات أطلق أردوغان تعهدا بمساعدة العلويين لكن هذا المسعى سرعان ما انهار وسط اضطرابات تسببت فيها مظاهرات احتجاج معادية للحكومة تركزت على منتزه غيزي في اسطنبول عام 2013.

غير أنه وسط مؤشرات على تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية عادت القضية للظهور في اجتماع لمجلس الوزراء مؤخرا تعهد أردوغان بعده ببذل المزيد من الجهد لتمكين جميع الأتراك من "التنفس بسلاسة"، وقال علي يوروميز، وهو ممثل جمعية علوية في بيت آخر من بيوت الجمع في اسطنبول، إن مسؤولين زاروا المبنى المقام بمواد سابقة التجهيز وعرضوا إعادة بنائه، لكنه رفض ذلك قائلا إن مثل هذه العروض بالمساعدة المادية توحي بأن الحكومة لا تحرص على إجراء تغييرات قانونية.

وقال وهو يجلس تحت صور لضحايا حريق سيواس "كانوا يتساءلون ’هل يمكننا إحداث انقسام بين العلويين’، مع اقتراب الانتخابات. لكني لا أعتقد أن العلويين سينجرون لتلك اللعبة"، وأضاف أنه تم استهداف العلويين مؤخرا بعبارات كراهية مشيرا إلى إعلان أحد أئمة السنة أنه لا يمكن لعلوي يؤمن بدين يخالف دين الإسلام أن يتزوج امرأة سنية، إلا أن مسؤولين أتراكا تحدثوا عن وجود إرادة حقيقية للتغيير في أحدث مسعى للتقارب مع العلويين.

وقال مسؤول كبير بحزب الحرية والعدالة لرويترز "الرئيس يريد تسوية هذه المسألة... ربما تتم الاستجابة هذه المرة لوضعية مكان العبادة التي يطالبون بها منذ فترة طويلة"، وسلّم مسؤول تركي كبير بالمنافع الانتخابية المحتملة لمثل هذه التحركات المتعلقة بحقوق الأقليات، غير أنه نفى أن هذا هو الدافع وراء الخطوات التي تخص العلويين.

وفي 2016 قضت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية بأن العلويين حُرموا من حقهم في الحرية الدينية وأنهم يواجهون تمييزا. وأصدرت محكمة استئناف تركية في 2018 حكما بأن بيوت الجمع دور للعبادة، غير أن الحكومة لم تتحرك لتنفيذ هذه الأحكام وبدا أن هناك اختلافا في وجهات النظر داخل الحكومة فيما يتعلق بوضع بيوت الجمع. وقال المسؤول الكبير بحزب العدالة والتنمية إنه ربما يتقرر تصنيفها على أنها مراكز ثقافية، مما يعفيها من الإيجار وسداد نفقات المرافق، وربما لا ترقى مثل هذه الخطوة لمستوى تلبية مطالب العلويين بالاعتراف بدور عبادتهم، حتى إذا كانت هناك مزايا مالية لبيوت الجمع التي تعتمد على التبرعات الخاصة في تمويل إقامة الشعائر الدينية في غياب دعم الدولة.

وعلى النقيض، تحصل مساجد تركيا التي يقارب عددها 90 ألفا والعاملون فيها على تمويل من إدارة الشؤون الدينية التي تقترب موازنتها من ملياري دولار. غير أن العلويين أكدوا مرارا أن المساعدة المالية ليست هي ما يسعون إليه، ويعمل إردِم نفسه سائقا لحافلة صغيرة ينقل فيها عمال مصنع قبل أن يشق طريقه إلى بيت الجمع، لكنه رفض فكرة دفع الدولة مرتبات للقيادات الدينية من أمثاله، قال "لا أريد أبدا أن أتقاضى مرتبا. لن نتحول أبدا إلى رجال للدولة أو لحزب العدالة والتنمية".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا