نووي ايران.. اتفاق تاريخي وشيك، رهن الصفقات الكبرى
كمال عبيد
2015-07-13 08:59
اقتربت إيران والقوى الست الكبرى من إبرام اتفاق نووي تاريخي قد يحل نزاعا مستمرا منذ أكثر من 12 عاما بشأن طموحات طهران النووية، لكن أطراف الاتفاق لا تزال مختلفة على قضية تجارة الأسلحة والصواريخ الإيرانية، وحتى اللحظة الراهنة لا يزال يجتمع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوميا على مدى أسبوعين لتجاوز العقبات الأخيرة المتبقية أمام التوصل لاتفاق.
ويلاحظ المراقبون انه بينما جرى الاتفاق على معظم ما تضمنه ملف رفع العقوبات، فإن مطلب طهران بإنهاء حظر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن الدولي لا يزال من النقاط الشائكة التي لم تحل، إذ تقول طهران إنه يجب رفع الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية بعد إبرام الاتفاق النووي، فيما تحرص الدول الغربية على عدم السماح لإيران باستيراد الأسلحة لدورها في دعم أطراف بصراعات في الشرق الأوسط. وتتمتع طهران بتأييد قوي في هذه القضية من روسيا.
في حين يرى خبراء بالشأن السياسي إنه رغم معارضة روسيا والصين المعروفة لحظر السلاح والعقوبات المفروضة على برنامج إيران للصواريخ الباليستية فإنهما قررتا ألا تشقا الصف مع الغرب بشأن هذه القضية، وفرضت الأمم المتحدة العقوبات على الأسلحة والصواريخ بموافقة روسيا قبل نحو عشر سنوات لكن موسكو باتت معارضة لفكرة العقوبات على أي دولة منذ أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عليها بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية لأراضيها العام الماضي.
بينما يرى خبراء اخرون انه ربما تكون هناك أبعاد اقتصادية أيضا لدعم إيران في مجال تجارة الأسلحة والصواريخ. إذ تحرص موسكو وطهران على اتمام اتفاقهما بشأن بيع نظام إس-300 الصاروخي الروسي المتطور لإيران، وقد وقع الكرملين قرارا في أبريل نيسان يرفع حظرا ذاتيا على تسليم نظام إس-300 لإيران. وحتى الآن لم تسلم موسكو النظام لطهران.
من جانب آخر يرى المحللون أن حرب التصريحات السياسية من لدن الجهات المتشددة في ايران وأمريكا هي محاولة لكسب حرب الغنائم المعنوية قبل التوصل لأي اتفاق نهائي وهو ما يفضح نواياهم من خلال تناقض كلماتهم وأجندتهم، بسبب معضلة فقدان الثقة بين الاطراف المتخاصمة، لذا فليس من السهل الحصول على اتفاق نهائي لنزاع مشوب بالخلافات ونوايا المتباينة، على غرار تصريحات الرئيس الايراني حسن روحاني والزعيم الاعلى في ايران خامنئي، الى جانب تصريحات بعض المسؤولين في امريكا.
لذا يرى الكثير من المحللين انه قد يمثل النجاح في إبرام اتفاق التحول التاريخي الأكبر منذ عقود نحو إنهاء العداوة بين إيران والولايات المتحدة منذ اقتحم ثوار إيرانيون السفارة الأمريكية في عام 1979، وسيمثل أيضا نجاحا سياسيا لأوباما وروحاني اللذين يواجهان شكوكا من المتشددين بالداخل.
وعليه تشير الوقائع الراهنة بأن الاتفاق الحاسم بشأن البرنامج النووي الايراني يبقى ضمن مسلسل الصفقات المفتوحة والتنازلات الكبرى في ظل العناد السياسي والمماطلة بين طرفي النزاع، لكن على الرغم من نقاط الخلاف آنفة الذكر الا ان ايران والقوى العالمية تبدو أكثر قربا من أي وقت إلى اتفاق نووي تاريخي من شأنه ان ينهي مواجهة مضى عليها 12 عاما بشان برنامج طهران النووي.
إيران أبهرت العالم في المفاوضات النووية
في سياق متصل نقلت وكالة نسيم الإيرانية للأنباء عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله يوم السبت إنه إذا نجحت المفاوضات النووية مع القوى الدولية فإن العالم سيرى أن إيران حلت أكبر مشكلاتها السياسية بالتفاوض والحجج المنطقية.
ونقلت الوكالة عن روحاني في اجتماع مع فنانين "حتى إذا فشلت المفاوضات فإن دبلوماسيينا أظهروا للعالم أننا نتحلى بالمنطق. لم نترك طاولة المفاوضات قط وقدمنا أفضل الإجابات"، ونسبت اليه القول "22 شهرا من المفاوضات تعني أننا نجحنا في إبهار االعالم.. وهذا فن". بحسب رويترز.
على صعيد ذي صلة قال الزعيم الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي خلال اجتماع طلابي في طهران يوم السبت إن الولايات المتحدة تمثل "التجسيد الحقيقي للغطرسة العالمية" طبقا لما نشر على موقعه على الانترنت، وقال الموقع الالكتروني لخامنئي ان طالبا سأل عما سيحدث "للقتال ضد الغطرسة العالمية" بعد اتمام المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية فأجاب خامنئي قائلا ان القتال لن يتوقف"، ونقل عن خامنئي قوله "استعدوا لمواصلة قتالكم ضد الغطرسة العالمية".
تجاوز الخطوط الحمراء
من جهة أخرى نقلت وكالة انباء تسنيم الايرانية شبه الرسمية عن مستشار بارز للزعيم الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي قوله ان الخطوط الحمراء التي اعلنتها طهران يجب إحترامها في المحادثات النووية مع القوى الكبرى والتي تهدف الي تقييد البرنامج النووي للجمهورية الاسلامية.
ونقلت الوكالة عن علي أكبر ولايتي قوله "يمكن فقط التوصل لاتفاق إذا جرى إحترام خطوطنا الحمراء... تعليقات (وزير الخارجية الامريكي جون) كيري هي جزء من حرب نفسية تشنها امريكا ضد ايران". بحسب رويترز.
وقبل ساعات من موعد انتهاء مهلة حددها الكونجرس الامريكي لمراجعة سريعة لاتفاق نووي في المحادثات بين ايران والقوى الست الكبرى قال كيري يوم الخميس ان الولايات المتحدة والقوى الاخرى لا تتعجل الوصول الي الاتفاق مع ايران.
وأبلغ كيري الصحفيين في العاصمة النمساوية "نحن هنا لاننا نعتقد اننا نحقق تقدما حقيقيا... لن نتعجل ولن نسمح بان يستعجلنا احد"، لكن كيري اشار الي ان صبر واشنطن ليس بلا حدود قائلا "لا يمكننا ان ننتظر الي الابد... إذا لم يتم اتخاذ القرارات الصعبة فاننا بالتأكيد مستعدون لاعلان نهاية لهذا".
وعلى مدى الاسبوعين المنصرمين مددت ايران والقوى الكبرى مرتين الموعد النهائي لاتمام الاتفاق النووي الطويل الاجل، وقال ولايتي ان ايران ليس لديها نية للتخلي عن المحادثات، واضاف قائلا "ايران لا تقترح تمديد المحادثات ولا ترفض ذلك. الامر متروك للامريكيين إذا أرادوا مغادرة المحادثات. ايران مستعدة لمواصلة المفاوضات".
وقال البيت الابيض ان المحادثات لن تطول على الارجح "لاسابيع كثيرة اضافية، واتهمت ايران بعض القوى الكبرى بتغيير موقفها، وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للصحفيين يوم الجمعة "هم ايضا لديهم مطالب مفرطة"، وقال مسؤول ايراني بارز متحدثا شريطة عدم نشر اسمه "فجأة اصبح لدى الجميع خطوطهم الحمراء. بريطانيا لديها خطوطها الحمراء والولايات المتحدة لديها خطوطها الحمراء وكذلك فرنسا والمانيا."واضاف ان الولايات المتحدة والقوى الاخرى تغير مواقفها وتتراجع عن اتفاق مؤقت وقع في الثاني من ابريل نيسان وكان مقدرا له ان يمهد لاتفاق نهائي في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تشل اقتصاد ايران.
الخلاف على حظر بيع الأسلحة
الى ذلك أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الأنباء التي تتحدث عن اقتراب إيران والقوى الغربية من اتفاق نووي تاريخي، إلا أن دبلوماسيا غربيا شكك في ذلك. فيما تظل مسألة حظر بيع السلاح لإيران محل اختلاف بين الطرفين.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إنه لا يستطيع استبعاد إبرام اتفاق في الساعات القادمة، واجتمع وزير الطاقة الأمريكية أرنست مونيز ورئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي صباح اليوم الخميس. وقال صالحي للصحفيين "نأمل أن يكون اليوم هو آخر يوم. سنحل القضايا الأخيرة إذا استطعنا"، لكن دبلوماسيا غربيا كبيرا قال إن انتهاء المحادثات اليوم "محل شك كبير"، لكن قال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، إن النص الأساسي للاتفاق بالإضافة لخمسة ملحقات فنية "اكتملت بنسبة نحو 96 في المئة".
من جهته دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران بأسرع ما يمكن بعد إبرام اتفاق بشأن برنامج طهران النووي، وقال بوتين في مؤتمر صحفي في مدينة أوفا الروسية إن هناك مناقشات بشأن أي العقوبات يجب أن تُرفع ومتى. لكنه مضى يقول "ندعو إلى الرفع الشامل لها في أسرع وقت ممكن"، وأضاف أنه يأمل أن تتوصل القوى الست التي تتفاوض مع إيران إلى اتفاق قريبا.