عقوبات أمريكية جديدة: المصائب على لبنان لا تأتى فرادى
عبد الامير رويح
2020-11-22 07:47
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية ومع تفاقم الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، ضغوطها المستمرة أجل اضعاف قوة حزب الله اللبناني وتقليص نفوذه داخل وخارج لبنان، حيث أصدرت الولايات المتحدة في الفترة السابقة، العديد من العقوبات ضد حزب الله الذي تعتبره منظمة إرهابية واستهدفت عددا من عناصره وكذلك مصادر تمويل الحزب المختلفة التي يعتمد عليها. وتأتي هذه الاجراءات وكما نقلت بعض المصادر، وسط استخدام مفرط للعقوبات في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي سعى الى اعتماد قرارات كثير تصب في مصلحة اسرائيل، ولدى امريكا تشريعان يستهدفان حزب الله- قانون صادر عام 2015 وقانون اخر معدل صدر في 2018.
وفرضت واشنطن سلسلة من العقوبات على بعض القيادات في الحزب والكيانات المرتبطة به، كما اعلنت عن تقديم مكافأة قدرها 10 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض على محمد كوثراني القيادي في الحزب الذي كان مقرباً من قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، الذي تم اغتياله مع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس في غارة جوية.
كما تشن واشنطن حملة دبلوماسية واسعة لتشجيع الحلفاء الأوروبيين وغيرهم على اتخاذ القرارات القوية ضد حزب الله. وأصدرت وزارة الداخلية الألمانية في 30 إبريل 2020، قراراً بحظر جماعة حزب الله على الأراضي الألمانية وذلك بعد تصويت البرلمان الألماني على قرار اعتبر فيه الحزب تنظيماً إرهابياً. وفي هذا السياق، قامت القوات الأمنية بعدة مداهمات لبعض المؤسسات والجمعيات المرتبطة بالحزب. وتشير تقارير عديدة إلى أن عدد عناصر الحزب الذين يتواجدون على الأراضي الألمانية يصل إلى 1050 عنصراً، إلا أن بعضهم لم يمارس نشاطاً بارزاً خلال الفترة الماضية.
قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة ستواصل فرض عقوبات على اللبنانيين المتحالفين مع جماعة حزب الله ، رغم اتفاق بين إسرائيل ولبنان على إجراء محادثات بوساطة أمريكية بشأن نزاع على الحدود البحرية بينهما. وقال ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى للصحفيين إن فرض مزيد من العقوبات لا يزال قائما حتى بعد إعلان إسرائيل ولبنان في وقت سابق أنهما اتفقا على إطار عمر للمفاوضات المقبلة.
عقوبات واتهامات
وفي هذا الشأن قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على اثنين من مسؤولي جماعة حزب الله اللبنانية، أحدهما قائد عسكري كبير في جنوب البلاد. وأضافت الوزارة أن المسؤولين هما نبيل قاووق، عضو المجلس التنفيذي للجماعة والذي قاتل أثناء الاحتلال العسكري الإسرائيلي لجنوب لبنان في الفترة بين 1982 و2000، وحسن البغدادي. وقالت وزارة الخزانة إن قاووق والبغدادي عضوان في مجلس حزب الله المسؤول عن انتخاب مجلس الشورى، أعلى هيئة لصنع القرار في الجماعة "والذي يصوغ السياسات ويسيطر على جميع جوانب الأنشطة بما في ذلك الأنشطة العسكرية".
وأضافت أن قاووق ألقى خطبا هدد فيها بمحاربة إسرائيل وندد بالوجود الأمريكي في الشرق الأوسط وأشاد بأسلوب هجمات حزب الله. وتابعت أن البغدادي دافع عن الهجمات على الأمريكيين وأشاد بالحرس الثوري الإيراني ومقاتليه في سوريا والعراق لمهاجمته قواعد عسكرية أمريكية. وتجمد مثل هذه الخطوة أي أصول بالولايات المتحدة للمدرجين على القائمة السوداء وتمنع الأمريكيين بوجه عام من التعامل معهم. وقالت الوزارة إن من يدخلون في معاملات معينة مع المدرجين بالقائمة السوداء معرضون أيضا لفرض عقوبات.
من جانب اخر قالت شركة استشارات مقرها في لبنان تخضع لعقوبات أمريكية إنها ”تستغرب“ التحرك واتهمت واشنطن بالسعي لخنق الاقتصاد اللبناني المتداعي. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤول من جماعة حزب الله ، وشركتين في لبنان التي تعاني من أزمة اقتصادية. وقالت الخزانة الأمريكية إن أولئك المستهدفين مرتبطين بالجماعة الشيعية المدججة بالسلاح وذات النفوذ السياسي.
وتستند الإجراءات إلى عقوبات فرضتها الولايات المتحدة على وزيرين سابقين في الحكومة اللبنانية اتهمتهما بتمكين حزب الله. وقالت آرش كونسلتينج وهي إحدى الشركتين المدرجتين على القائمة السوداء من جانب وزارة الخزانة ”تستغرب الشركة قيام الإدارة الأمريكية باتهام الشركة بالفساد وتأمين إثراء لبعض الأفراد على حساب الشعب اللبناني“.
وألقى البيان باللوم على ”سياسة العقوبات والحصار“ التي تفرضها واشنطن في ”الأوضاع الاقتصادية المتراجعة“ للبنان. وينهار اقتصاد لبنان بعد أن راكمت البلاد جبلا من الدين عقب حربها الأهلية في الفترة بين 1975 و1990. وبنوك البلاد مشلولة، وعملتها منهارة وتخلفت عن سداد ديون سيادية. وزادت مشاكلها بفعل انفجار ضخم هز بيروت في أغسطس آب وأسفر عن مقتل نحو 200 وإصابة الآلاف وتسبب في أضرار تقدر بمليارات الدولارات.
كما اتّهمت الولايات المتحدة حزب الله اللبناني بإقامة عدة "مخابئ لتخزين نيترات الأمونيوم" في عدد من الدول الأوروبية، ما يوحي بإقامة واشنطن رابطا بين التنظيم الشيعي اللبناني وانفجار مرفأ بيروت الناجم عن تخزين هذه المادة. وقال منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية نيثن سيلز إن "حزب الله أقام منذ العام 2012 مخابئ لتخزين نيترات الأمونيوم في أنحاء أوروبا، عبر نقل حقائب إسعافات أولية تحتوي جيوبها التبريدية على هذه المادة".
وأوضح سيلز أنه "عثر على هذا النوع من مخابئ التخزين في دول عدة بينها المملكة المتحدة واليونان وفرنسا وإيطاليا وغيرها". كما تحدّث عن نقل هذه المادة عبر بلجيكا وإسبانيا وسويسرا. وأكد سيلز أن بعضا من هذه المواد المخزنة قد "أتلف". وقال المنسق الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب "لدينا أسباب تدفعنا للاعتقاد بأن هذه الأنشطة لا تزال قائمة"، موضحا أن واشنطن تشتبه بأن مخابئ تخزين من هذا النوع كانت موجود على الأقل حتى العام 2018 "على الأرجح في اليونان وإيطاليا وإسبانيا". وتابع "كما شهدنا جميعا في انفجار مرفأ بيروت فإن نيترات الأمونيوم مادة خطرة جدا". بحسب فرانس برس.
وأكدت السلطات اللبنانية أن الانفجار الهائل سببه شحنة من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزّنة في أحد عنابر المرفأ منذ أكثر من ست سنوات "من دون تدابير وقائية" بعدما صودرت أثناء نقلها بواسطة سفينة شحن انطلقت من جورجيا وكانت متّجهة إلى موزمبيق. قال نحن نعرف أن حزب الله خزّن كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في أوروبا"، وتابع "نعرف أيضا من خلال ما شهدناه في بيروت القدرة التدميرية الكبيرة لمادة نيترات الأمونيوم القادرة على التسبب بدمار هائل إن استخدمت كمتفجرات". وقال سيلز "لذا تطالب الولايات المتحدة بتحقيق شامل ومفتوح وشفاف ومعمّق في انفجار بيروت نأمل أن نرى نتائجه سريعا".
استهداف جديد
الى جانب ذلك أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية على السياسي اللبناني النافذ جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون وحليف حزب الله، بسبب تورطه بحسب زعمها بقضايا فساد واختلاس أموال الدولة. وأوضحت الوزارة في بيان أن العقوبات تعني تجميد كل الأصول العائدة لباسيل في الولايات المتحدة. وطلبت من المصارف اللبنانية التي تجري تعاملات بالدولار الأميركي تجميد كلّ أصوله في لبنان. وسارع باسيل الى الرد على القرار الأميركي عبر "تويتر"، قائلا إن العقوبات "لا تخيفه".
ويعد باسيل (50 عاماً) من أكثر الأشخاص قرباً من عون الذي يعتبره بمثابة وريثه السياسي. وهو رئيس التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية، وحليف وثيق لحزب الله. وتأتي العقوبات في إطار قانون "مانييتسكي"، وهو اسم محام روسي توفي قيد الاعتقال في موسكو بعد أن كشف قضية فساد. وتم إقراره في الولايات المتحدة في العام 2012 لمكافحة إفلات الأفراد والشركات من العقاب على مستوى العالم لدى انتهاكهم حقوق الإنسان أو ارتكابهم أعمال فساد. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية أن جبران باسيل "استخدم نفوذه لتأخير جهود" تشكيل حكومة في لبنان. وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه "بهذا العمل اليوم، نشجع لبنان على تشكيل حكومة من دون سياسيين معروفين بممارسة الفساد، وعلى بدء إصلاحات اقتصادية جدية". وتابع "الشعب اللبناني يستحق أفضل من جبران باسيل".
كما أشار المسؤول الأميركي الى أن حزب جبران باسيل "مرتبط بشكل وثيق" بحزب الله، ويقيم معه "شراكة سياسية سمحت لحزب الله بتوسيع نفوذه والمساهمة في النظام الحكومي الذي فشل في تأمين حاجات الشعب اللبناني الأساسية". وفي تعليق عبر تويتر، ردّ باسيل على إعلان العقوبات بالقول "لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني. لا أنقلب على أي لبناني... ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان". وأضاف "اعتدت الظلم وتعلّمت من تاريخنا : كُتب علينا في هذا الشرق أن نحمل صليبنا كل يوم... لنبقى".
وللمرة الأولى، تطال العقوبات الأميركية مسؤولاً سياسياً رفيعاً من حلفاء حزب الله المسيحيين. وفرضت الإدارة الأميركية عقوبات على الوزير السابق في تيار المردة المسيحي المتحالف مع حزب الله يوسف فنيانوس ووزير المالية السابق علي حسن خليل من حركة أمل الشيعية برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، أبرز حلفاء حزب الله. وتجمع التيار الوطني الحر وحزب الله وثيقة تفاهم منذ العام 2006.
ومن الأسباب التي أوردها بيان وزارة الخزانة لفرض العقوبات أن باسيل "مسؤول أو متواطئ، أو تورط بشكل مباشر أو غير مباشر في الفساد، بما في ذلك اختلاس أصول الدولة ومصادرة الأصول الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية"، متحدثة ايضا عن فساد "متعلق بالعقود الحكومية أو استخراج الموارد الطبيعية، أو الرشوة". وجاء في البيان "في عام 2017، عزز باسيل قاعدته السياسية بتعيين أصدقاء له في مناصب (...). في عام 2014، عندما كان وزيرا للطاقة، وافق على مشاريع عدة من شأنها توجيه أموال من الحكومة اللبنانية إلى أفراد مقربين منه". بحسب فرانس برس.
من جانب اخر قالت السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شاي إن السياسي اللبناني المسيحي جبران باسيل أبدى استعداده للانفصال عن جماعة حزب الله الشيعية، في نفي لتأكيد باسيل على أنه رفض الفكرة بشكل قاطع. وقالت شاي في مقطع فيديو بثته قنوات محلية إن باسيل أعرب في محادثات معها عن "الاستعداد للانفصال عن حزب الله بشروط معينة" لكنها لم تقدم تفاصيل عن الشروط. وأضافت "في الواقع، أعرب عن امتنانه لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة غير مواتية للحزب" في إشارة للتيار الوطني الحر الذي يتزعمه باسيل.
وقالت شاي "نسعى لجعل أكبر قدر ممكن من المعلومات متاحا عند الإعلان عن (العقوبات) ولكن، كما هو الحال في كثير من الأحيان، فإن بعض هذه المعلومات غير قابل للنشر". وأضافت أن الولايات المتحدة ترحب برغبة باسيل في الطعن على العقوبات أمام المحاكم. وأصدر مكتب باسيل بيانا وصف فيه تصريحات شاي بأنها "محاولة دق الإسفين" بين التيار الوطني الحر وحزب الله وقال إن هذه الطريقة "لن تنجح".
قال وزير الخارجية اللبناني الأسبق جبران باسيل إن الولايات المتحدة عرضت قطع علاقاته بحزب الله لتفادي فرض عقوبات اقتصادية عليه، قبل أن تقدم على هذه الخطوة متهمة إياه بالفساد. وقال باسيل إنه تبلغ مؤخراً "من السفيرة الاميركية ضرورة تلبية أربع مطالب فورا وإلا يتم فرض عقوبات اميركية (..) والحديث كله لم يأت على ذكر كلمة فساد". وأشار إلى أن المطلب الأول هو "فك العلاقة فورا مع حزب الله"، من دون أن يكشف عن المطالب الأخرى.
ومنحه الأميركيون، وفق قوله، عدة مهل وتخلوا لاحقاً عن مطالبهم الباقية "وحصروا مطلبهم بقطع العلاقة مع حزب الله". وبعد رفضه الطلب الأميركي أقرت العقوبات التي تبين "أن لها علاقة بالفساد وبالكاد ذكرت حزب الله فيما لم يحدثوني إلا عنه"، وفق قول باسيل الذي نفى أي اتهامات له بالفساد. واكد باسيل "لا يمكن أن نطعن حزب الله"، وقال "لا نترك (حزب الله) بضغط خارجي، اذا أردنا أن نترك فلأسباب داخلية"، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود خلافات عدة مع الحزب بينها "السلام في المنطقة ووجود اسرائيل".
ونددت جماعة حزب الله اللبنانية بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على جبران باسيل، رئيس أكبر كتلة سياسية مسيحية في البلاد وصهر الرئيس ميشال عون، ووصفت العقوبات بأنها محاولة من واشنطن لفرض إملاءات على لبنان. وقال حزب الله في بيان "يدين حزب الله القرار الذي اتخذته وزارة الخزانة الأمريكية بحق رئيس التيار الوطني الحر معالي الوزير جبران باسيل ويعتبره قرارا سياسيا صرفا وتدخلا سافرا وفظا في الشؤون الداخلية للبنان". وأضاف "هذا القرار بالتحديد يهدف إلى إخضاع فريق سياسي لبناني كبير للشروط والإملاءات الأمريكية على لبنان". ويتحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله وسبق أن دافع باسيل عن الحزب قائلا إنه يلعب دورا حيويا في الدفاع عن لبنان.
باريس وواشنطن
من جانب اخر تنطلق باريس في مقاربتها لأزمة لبنان من أنّ حزب الله يشكل لاعباً أساسياً لا يمكن تجاوزه في أي تسوية، فيما تستنفر واشنطن جهودها للحدّ من نفوذه ومحاولة عزل هذه القوة العسكرية، ما يجعل مساعي فرنسا بحسب محللين أكثر "واقعية". وتتفق الدولتان على المطالبة بتشكيل حكومة مختلفة عن سابقاتها تنكبّ على إجراء إصلاحات عميقة لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية الحادة. ويقول أستاذ العلاقات الدولية في بيروت وباريس كريم بيطار "يميل نهج فرنسا إلى أن يكون أكثر واقعية، إذ ترى لبنان كما هو، فيما تنحو إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب لرؤيته كما يحلو لها".
ويضيف "تعترف فرنسا بتوازن القوى، أي أن حزب الله لاعب سياسي رئيسي وله حاضنة شعبية واسعة شيعياً، وهو موجود ليبقى". أما الولايات المتحدة فترى لبنان "كبلد يتمتع فيه حزب الله بنفوذ مفرط يجب احتواؤه في أسرع وقت يمكن". وكان لافتاً أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أبدى إيجابية إزاء حراك ماكرون، من دون أن يصنّفه في إطار التدخل الخارجي في شؤون لبنان، بخلاف توصيفه لأي حراك أميركي مماثل. وشارك رئيس كتلة الحزب النيابية محمّد رعد في لقائين عقدهما ماكرون في بيروت مع ممثلي القوى السياسية التسع الأبرز.
ويدافع ماكرون عن استراتيجيته برغبته "التحدّث الى الأطراف كافة" بينها حزب الله، "المنتخب من الشعب اللبناني" و"الشريك السياسي للأغلبية الرئاسية". وقال في تصريحات لموقع "بروت" من بيروت "إذا كنا لا نريد أن ينزلق البلد تدريجياً نحو نموذج إرهابي، أن ينتصر هذا النموذج اللبناني التاريخي... يجب أن نجعل الناس يتحملون مسؤولياتهم على طريق الإصلاح". وتنطلق باريس من أن "الحفاظ على قناة الحوار مع حزب الله ضرورة لمنع زعزعة استقرار لبنان" وفق بيطار. ويقول "نهج باريس وإن بدا محفوفاً بالمخاطر، ومفرطاً في التفاؤل" لكنه "النهج الذي يمكن أن يساعد لبنان في مرحلة انتقالية صعبة".
وتعد فرنسا القوة الغربية الوحيدة التي تتواصل مباشرة مع حزب الله. ويربط مراقبون ذلك بشكل أساسي بدور محوري لعبه سفيرها في بيروت برونو فوشيه، بالنظر الى علاقته مع طهران حيث كان سفيراً لسنوات. ويقول مصدر دبلوماسي عربي في بيروت إن "خطوط التواصل المباشرة بين باريس وحزب الله لطالما كانت مفتوحة". ويشرح أن واشنطن، تترك لفرنسا هامش تحرك في لبنان. ويضيف "صحيح أن الأميركيين يشترطون عدم إشراك حزب الله في الحكومة، لكنهم في الوقت ذاته قد يغضون النظر عن بقائه في حال تم التوصل إلى تسوية وإصلاحات".
ويؤكد الأميركيون أنهم يعملون "بشكل وثيق" مع الفرنسيين، لكن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر، تحدث خلال زيارته بيروت عن "اختلافات صغيرة" حول نقطتين. الأولى أن "تنفيذ" الحكومة للإصلاحات هو "شرط مسبق" لحصولها على دعم مالي، تمسك بلاده بمفتاحها، والثانية أن حزب الله "منظمة إرهابية" لأن "المنظمة السياسية لا تملك ميليشيات"، وفق ما نقلت عنه صحيفة النهار.
ولطالما شكل نزع سلاح حزب الله، مطلب واشنطن، التي تفرض عقوبات عليه وعلى المتعاونين معه. كما تنادي بـ"حياد" لبنان، في مطلب ترفعه قلّة من القوى السياسية ومجموعات ناشطة في لبنان، ويُقصد به فك ارتباط حزب الله عن إيران وعن صراعات المنطقة. وتشعر واشنطن، "بخيبة أمل من حقيقة أن حزب الله يواصل لعب دور مهم" على الساحة السياسية، وهي تبذل قصارى جهدها "لتقليل عدد حلفائه ومحاولة عزله". بحسب فرانس برس.
وحذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو فرنسا من أن جهودها لحل الأزمة في لبنان قد تضيع سدى إذا لم يتم التعامل على الفور مع مسألة تسلح جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران. وقال بومبيو “الولايات المتحدة اضطلعت بمسؤوليتها وسنمنع إيران من شراء دبابات صينية ونظم دفاع جوي روسية ثم بيع السلاح لحزب الله ونسف جهود الرئيس ماكرون في لبنان”. وأضاف “لا يمكن أن تدع إيران تحصل على المزيد من المال والنفوذ والسلاح وفي الوقت نفسه تحاول فصل حزب الله عن الكوارث التي تسبب فيها بلبنان”.