هكذا أثر فيروس كورونا على تجارة المخدرات العالمية
دلال العكيلي
2020-10-07 07:01
أن الاتّجار بالمخدرات يموّل الجريمة المنظمة بمبالغ مالية تصل قيمتها إلى 30 مليار يورو سنويا، والاتجار غير المشروع بالمخدرات هو أكبر سوق للمنظمات الإجرامية داخل دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن تأثير جائحة فيروس كورونا على إمدادات المخدرات غير المشروعة لم تعرف بعد بشكل كامل، إلا "أن القيود المفروضة على الحدود والقيود الأخرى المرتبطة بالجائحة قد أدت بالفعل إلى نقص في المخدرات في الشارع، وبالتالي أدى ذلك إلى ارتفاع أسعارها في دول وانتشارها في دول اخرى.
حوالي 269 مليون شخص حول العالم تعاطوا المخدرات لمرة واحدة على الأقل في 2018 وذلك بحسب تقرير المخدرات العالمي 2020 لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة حيث يعادل هذا العدد 5.4% من سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم ما بين 15-64 عاماً خلال الفترة 2009-2018 وصل عدد المتعاطين لأي نوع من المخدرات على المستوى العالمي من 210 مليون إلى 269 مليون.
ومع قدوم جائحة كورونا ما زال تأثيرها على أسواق المخدرات غير معروف ويصعب التنبؤ به ولكن هناك العديد من العوامل الجارية التي قد يكون لها أثر، فقيود الحركة المفروضة قد تجبر بعض المنتجين على البحث عن طرق جديدة لتصنيع المخدرات وذلك بسبب عدم قدرتهم على الوصول للمواد الأساسية المعنية للإنتاج، ويمكن توقع أكبر تأثير فوري على الاتجار بالمخدرات في البلدان التي يتم تهريب كميات كبيرة منها على الرحلات الجوية التجارية، ومقارنة بالأزمة الاقتصادية لعام 2008، بدأ بعض المستخدمين في البحث عن مواد اصطناعية أرخص لتتحول أنماط الاستخدام نحو المخدرات بالحقن.
ومن جهة أخرى، قد تقوم بعض الحكومات بتخفيض الميزانيات المتعلقة بالمخدرات لتكريس ميزانياتها على المجالات المساهمة في التصدي للجائحة، بحسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، على المدى الطويل من الممكن أن يؤدي الانكماش الاقتصادي وعمليات الإغلاق المرتبطة به إلى تعطيل أسواق المخدرات، ليؤدي ارتفاع معدل البطالة وقلة الفرص من زيادة احتمالية مشاركة الفقراء والمحرومين في أنماط ضارة من تعاطي المخدرات، مما سيجعلهم يتجهون إلى أنشطة غير مشروعة مرتبطة بالمخدرات، لتتمركز إما في الإنتاج أو النقل، بحسب تقرير الأمم المتحدة.
كورونا ترفع أسعار المخدرات
ذكر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير أن ما أفضى إليه تفشي فيروس كورونا من تشديد الرقابة على الحدود وإجراءات العزل العام وقلة رحلات الطيران تسبب في زيادة أسعار المخدرات وجعل من الصعب الحصول عليها في أنحاء العالم.
وقال المكتب في تقريره بشأن مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا إن الجائحة لها تأثيرات متفاوتة على إنتاج المخدرات في المناطق المختلفة وعلى تهريبها جوا وبرا وبحرا، لكنه أضاف أن الوضع العام في البلدان التي تستهلك المخدرات متشابه على ما يبدو، وورد في التقرير "بلدان عدة في جميع المناطق أعلنت أن هناك نقصا عاما في العديد من أنواع المخدرات على مستوى التجزئة وكذلك زيادة في الأسعار وخفض معدل نقاء المادة المخدرة مما دفع المتعاطين إلى استبدال بعض المواد بأخرى (التحول من الهيروين إلى المواد الأفيونية الصناعية على سبيل المثال) وزيادة الإقبال على العلاج باستخدام عقاقير مخدرة"، وفيما يجري نقل المواد الأفيونية مثل الهيروين بالكامل تقريبا عبر البر، حيث قد تؤدي زيادة إجراءات التفتيش والفحص لعرقلة الشحنات، فإن الكوكايين يُشحن بحرا بشكل أساسي وذكر المكتب أن زيادة ضبط شحنات الهيروين في المحيط الهندي في الآونة الأخيرة قد يشير إلى ارتفاع شحنات الهيروين إلى أوروبا بحرا.
وأضاف المكتب أن قلة رحلات الطيران في الوقت الراهن قد يكون لها أثر "جسيم للغاية" على تهريب مخدرات صناعية مثل الميتامفتامين لبلدان مثل كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا، وأشار المكتب إلى أنه في أفغانستان، أكبر منتج للهيروين في العالم، قد يتعطل حصاد الخشخاش بين مارس آذار ويونيو حزيران إذا عجز العمال عن السفر أو لم يرغبوا في ذلك، لكنه لم يقدم أدلة تذكر لدعم ذلك.
وتفاوت الوضع في البلدان الواقعة بمنطقة جبال الأنديز التي تنمو بها أشجار الكوكا المستخدمة في صناعة الكوكايين، وقال التقرير "انحسر إنتاج الكوكايين على ما يبدو نظرا لأن المنتجين، لا سيما في شرق كولومبيا، يعانون من نقص البنزين الذي كان يجري تهريبه من فنزويلا والضروري لإنتاج الكوكايين" لكنه لم يذكر صلة ذلك بمرض كوفيد-19.
مصادرة 50 طن كوكايين في عملية بحرية دولية
قال الرئيس الكولومبي إيفان دوكي يإن عملية بحرية متعددة الأطراف لمكافحة المخدرات صادرت 50 طنا من الكوكايين خلال 45 يوما، وجرت عملية "أوريون في" التي ضمت 26 دولة من الأمريكيتين وأوروبا في الفترة من أول أبريل نيسان وحتى منتصف مايو أيار، وألقي القبض على نحو 150 شخصا وصودرت عشرات المركبات المائية وأربع طائرات، وقال الرئيس الكولومبي "أتاحت لنا هذه المرحلة خلال تطورها، عندما رأينا الأطنان المصادرة (من الكوكايين) مستمرة في الزيادة وبالعشرات، المجال لنعيد التأكيد على أن الالتزام تجاه تعدد الأطراف في الحرب على تهريب المخدرات أمر أساسي".
وذكر وزير الدفاع كارلوس هولمز تروخيلو أن الكوكايين المصادر يعادل زهاء 126 مليون جرعة ويجلب للعصابات إيرادات تبلغ 1.7 مليار دولار، وصادرت العملية أيضا سبعة أطنان من الماريجوانا تقدر بنحو 36.7 مليون دولار، وتمكنت عملية أوريون وهي جزء من سلسلة جهود مشتركة لمكافحة التهريب 180.3 طن من الكوكايين و22.6 طن من الماريجوانا حتى الآن هذا العام.
مجرمون يستخدمون خدمات التوصيل لنقل المخدرات
قالت منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) إن مجرمين يستخدمون خدمات توصيل الطعام كغطاء لنقل المخدرات وسلع أخرى غير قانونية خلال أزمة فيروس كورونا، التي أجبرت معظم البلدان في أنحاء العالم على اتخاذ إجراءات عزل صارمة، وأشارت المنظمة إلى أنها تلقت تقارير من أجهزة الشرطة في أيرلندا وماليزيا وإسبانيا وبريطانيا ترصد سائقي توصيل ينقلون المخدرات مثل الكوكايين والماريجوانا والكيتامين وحبوب النشوة.
وأدت إجراءات الإغلاق العام والقيود على تنقلات الناس التي تفرضها الحكومات في جميع أنحاء العالم في محاولة لاحتواء انتشار الفيروس، إلى زيادة الطلب على سائقي التوصيل، وقالت الإنتربول هذا الشهر إن الشرطة الوطنية الإسبانية ضبطت سبعة أشخاص يرتدون زي سائقي توصيل الطعام في أليكانتي وبلنسية، وأضافت أن المتورطين في القضية ضبطوا وهم يسلمون الكوكايين والماريجوانا بالدراجات والدراجات النارية والسيارات، مع إخفاء بعض الأدوية داخل حقائب التوصيل للمنازل، وأضافت أنه في أيرلندا ضبطت الشرطة ثمانية كيلوجرامات من الكوكايين ومسدسين مخبأين في علب للشطائر.
إما الشرطة البريطانية فقد ضبطت طنا من الكوكايين مخبأ في شحنة فاكهة أثناء عملية تهريبها إلى داخل البلاد من أمريكا الجنوبية، وقال محققون إن كمية المخدرات "الضخمة"، التي قدرت قيمتها بمئة مليون جنيه إسترليني (128 مليون دولار)، ضُبطت في ميناء دوفر بجنوب شرق إنجلترا في حاويات جرى تفريغها من سفينة، وأُلقي القبض على رجلين (40 و 64 عاما) للاشتباه في استيرادهما الشحنة.
وفيما يخص فرنسا فقد أعلن رئيس الوزراء الفرنسي الجديد جان كاستيكس خططا لفرض غرامات فورية على بعض جرائم المخدرات وسط مخاوف متزايدة من إنهاك الشرطة بعد سلسلة من الأحداث العنيفة في المناطق الحضرية، وأعلن كاستيكس، الذي عينه الرئيس إيمانويل ماكرون في تعديل وزاري هذا الشهر، هذه الإجراءات خلال زيارة إلى نيس حيث أفادت تقارير بوقوع إطلاق نار كثيف قبل أيام دون سقوط مصابين.
وقال مسؤولون فرنسيون إن حالة العزل العام المفروضة في فرنسا لمواجهة تفشي فيروس كورونا أدت إلى انخفاض حاد في تجارة المخدرات وارتفاع كبير في أسعارها، وفي حديث لوزير الداخلية كريستوف كاستانير في مؤتمر صحفي إن تجارة المخدرات شهدت انخفاضا بنسبة تتراوح بين 30 و40 بالمئة في فرنسا، بينما قالت المسؤولة في إدارة مكافحة تجارة المخدرات ستيفاني شربونييه إن الأسعار قفزت بنسبة بين 30 و60 بالمئة.
إيطاليا والأمفيتامين
أعلنت الشرطة الإيطالية أنها صادرت كمية قياسية من الأمفيتامين تبلغ 14 طنا بشكل 84 مليون حبة كبتاغون أنتجها تنظيم داعش في سوريا، وأعلن الكولونيل دومينيكو نابوليتانو قائد الشرطة المالية في نابولي أنها "أكبر عملية مصادرة أمفيتامين تقوم بها قوات شرطة على المستوى العالمي"، وقالت الشرطة الإيطالية في بيانها إن العملية تمت في مرفأ ساليرنو في جنوب نابولي وقيمتها في السوق مليار يورو.
وأوضح المحققون أن الحبوب كان عليها ختم "كبتاغون" وهو دواء مصنف ضمن خانة المخدرات وغالبا ما يستخدم من قبل مقاتلي تنظيم داعش خلال القتال، وأضاف بيان الشرطة "نعلم أن تنظيم داعش يمول أنشطته الإرهابية الخاصة وخصوصا الاتجار بالمخدرات التي تصنع في سوريا، وبات لهذا السبب أكبر منتج عالمي للامفيتامينات في السنوات الماضية"، وكتبت صحيفة "لا ريبوبليكا" أن الشحنة كانت سترسل إلى شركة سويسرية مقرها لوغانو يملكها إيطاليون.
طائرة مسيرة تسقط مخدرات على تل أبيب
أسقطت طائرة مسيرة عبوات لما بدا وكأنه نبات القنب المخدر على ميدان رئيسي في تل أبيب بعد أن وعد نشطاء، يعملون على تقنين استخدام النبات المخدر في إسرائيل، على مواقع التواصل الاجتماعي بتوزيعه مجانا من الجو، وقالت الشرطة إنها اعتقلت رجلين قاما بتسيير الطائرة التي حلقت فوق ميدان رابين، وهو مكان كثيرا ما يستخدم للاحتجاجات والتجمعات السياسية.
وقالت جماعة جرين درون المؤيدة لتقنين المخدر على قناتها للتراسل على إنستجرام "الوقت قد حان... هل هو طائر؟ هل هي طائرة؟ لا إنها الطائرة المسيرة الخضراء (جرين درون) ترسل لكم القنب مجانا من السماء"، وقالت الشرطة في بيان إنها اشتبهت في أن تكون العبوات الصغيرة تحتوي على مادة خطرة وإن الضباط تمكنوا من مصادرة عشرات منها، وأظهرت صور التقطتها الشرطة ما بدا أنه قنب، وقال موقع معاريف الإخباري، الذي نشر صورا للطائرة المسيرة وهي تسقط العبوات، إن المارة أخذوا بعضها قبل وصول الشرطة وأظهرت اللقطات أشخاصا وسط الزحام المروري يلتقطون العبوات من على الأرض.
أفغان عاملون في مزارع الخشخاش فقدوا وظائفهم
تحوّل الأفغان الذين فقدوا وظائفهم بسبب فيروس كورونا بعد إغلاق المؤسسات والمدارس الى العمل في مزارع الخشخاش هذا الموسم لتحصيل المال، وتعد أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم، اذ تؤمن هذه الزراعة أكثر من 80 بالمئة من الامداد العالمي وتوفر مئات آلاف الوظائف في بلد يعاني مصاعب اقتصادية وتندر فيه الوظائف الثابتة، وأدى الإغلاق بسبب فيروس كورونا والقيود المفروضة على التنقل والسفر الى توقف قطاع التجارة والأعمال، ما دفع شركات كثيرة الى تسريح عمالها وموظفيها، وتعتمد مزارع الخشخاش على العمال الموسميين خلال موسمي الحصاد في الربيع والصيف، لكن جائحة كوفيد-19 أعاقت انتقال غالبية هؤلاء من أجل العمل.
رغم البرامج الكثيرة التي وضعت للقضاء على زراعة الخشخاش، الا أن المزارعين الأفغان استمروا في عملهم بدون خشية من العقاب، وخصوصا انه غالبا ما يستفيد المسؤولون الحكوميون وطالبان ايضا من هذه التجارة المربحة، ويتركز إنتاج الخشخاش في المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها طالبان، إضافة الى الحدود الشرقية للبلاد مع باكستان.
وقال مسافر الذي يسكن في منطقة خوقياني في ولاية ننغارهار الشرقية لفرانس برس "لا وظائف، واناس كثيرون وخصوصا أقاربي والعديد من القرويين تحولوا الى زراعة الخشخاش بسبب البطالة"، ولطالما استفادت حركة طالبان من زراعة الخشخاش من خلال فرض ضرائب على المزارعين والمهربين أو إدارة مصانع مخدرات خاصة بها تحول الأفيون الخام الى مورفين أو هيرويين معد للتصدير، قبل ان تهرب عبر باكستان وإيران المجاورتين.
وأنفق المانحون الدوليون خلال العقد الماضي مليارات الدولارات على حملات مكافحة المخدرات في أفغانستان، بينها برامج لتشجيع المزارعين على التحول الى زراعات بديلة مثل الزعفران، لكن هذه الجهود لإبعاد المزارعين عن زراعة الخشخاش المربحة والخطيرة في الوقت نفسه لم تحقق أي نجاح.