كيف أثرت كورونا على تجارة المخدرات العالمية؟

دلال العكيلي

2020-06-09 06:45

بحسب تقارير استقصائية يلجأ كثيرون لتعاطي المخدرات في ظل العزلة البيتيّة للوقاية من تفشي فيروس كورونا حول العالم، فهل يصبح جزءا كبيرا من سكان العالم مدمنًا مع انتهاء فترة العزل المنزلي؟ ليس بالضرورة، لكن الخبراء يحذّرون من الأمر بشدّة.

كما بين تقرير لوكالة رويترز، مقدار الضرر الذي تعرضت له تجارة المخدرات في العالم، بسبب إجراءات الوقاية الصحية المعتمدة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وبحسب بعض خبراء مكافحة المخدرات فإن من المحتمل أن تكون الاضطرابات هذه قصيرة الأجل، وستخف مع انتهاء حدة إجراءات الوقاية الصحية من الوباء، لكن "مع ذلك، فقد تمكن الفيروس التاجي من القيام بما لم تفعله السلطات في جميع أنحاء العالم: إبطاء تجارة المخدرات العالمية بين عشية وضحاها تقريبا وإلحاق قدر من الألم بجميع المشاركين فيها" بحسب رويترز.

وقال مراقبون لرويترز إن إغلاق البارات والأماكن الترفيهية والأنشطة العامة، قد أدى إلى نقص كبير في الطلب على المخدرات في الولايات المتحدة وكندا وأوربا.

يشرح الطبيب النفسي والمتخصّص في معالجة الإدمان ورئيس قسم الإدمان في شارانت في فرنسا، فيليب باتيل، أن "الروابط بين حالات الإجهاد بعد الصدمة وتناول الطعام راسخة تمامًا، إذ يردّ الجسم عبر اللجوء إلى الوسائل المعتادة أي المهدئات والكحول والمخدّرات"، وتشير عالمة النفس إلسا تاسكيني، وهي متخصّصة والشريكة المؤسّسة لجمعية "أديكت إيل" إلى أن "معظم استراتيجيات التعامل مع الإجهاد مثل الرياضة أو الخروج لم تعد صالحة في حالة العزل المنزلي، لكن هناك المزيد من الإجهاد الذي يردّ عليه باستراتيجية استخدام المواد المتاحة".

إنها ظاهرة متوقّعة حتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يعانون من إدمان حادّ، وقد تناولتها منظّمة الصحّة العالمية في توصياتها للتعامل مع الإجهاد" أثناء الوباء"، وهي تقول "لا تسعى إلى توجيه مشاعرك عبر التدخين أو شرب الكحول أو استخدام العقاقير المخدّرة الأخرى"، واتخذت بعض البلدان تدابير صارمة لتجنّب إساءة استخدام هذه المواد وستحظر جنوب أفريقيا مبيعات الكحول خلال فترة العزل المنزلي، فيما أصدرت هونغ كونغ قرارًا يمنع المطاعم والحانات من تقديمه.

لكن في فرنسا الأمر هو النقيض تمامًا، إذ سمحت السلطات لتجّار التبغ والنبيذ أن يفتحوا متاجرهم، بالنسبة إلى المدّخنين مدمنين النيكوتين، تعتبر هذه المشكلة حساسة أكثر، ويقول البروفسور برتران دوتزنبرغ، وهو الأمين العام للتحالف ضدّ التبغ "عندما تكون معزولًا في المنزل فإنه ليس الوقت المناسب لحرمان نفسك، من الأفضل أن نستبدل ذلك بلاصقات النيكوتين أو استخدام السجائر الإلكترونية، لكن يمكننا أن نحاول القول لأنفسنا: إنها فترة معقّدة وماذا يمكنني أن أفعل؟ التوقّف عن التدخين".

تقول ناتالي لاتور، المندوبة العامّة لاتحاد الإدمان وهي جمعية تضمّ متخصّصين في المجال "يجب أن ننجح في إدارة هذه الرغبة التي لا تقاوم"، وتتابع الاختصاصية "نرى تكاثر منتجات فتح الشهية على المواقع الإلكترونية فضلًا عن الحاجة إلى تخفيف الضغط باستهلاك الكحول، لذلك، يجب أن نتجنّب الوقوع في النمطية أي أن التعايش مع الأمر والإجهاد يساويان شرب الكحول".

وحذّر باتيل من أنه كلّما طالت فترة العزل المنزلي، ازدادت الآثار السلبية التي سنشعر بها، ويتابع "استهلاك هذه المواد يأتي نتيجة لفترة الانتظار: نقول لأنفسنا إنه سيساهم في التهدئة لكن مع الوقت، يقل تأثيره المهدئ، وتتحوّل منافعه المتوقّعة إلى كآبة وتحفيز على القلق من الاستهلاك المفرط للكحول"، بالنسبة إلى إلسا تسكيني، هناك حالة من اللاوعي الجماعي ناحية هذه الأخطار، وهو ما ينعكس في تكاثر مقاطع الفيديو الفكاهية حول العزل المنزلي، علمًا أنه "حتى لو ألقينا النكات فنحن ندرك أنها ليست مزحة في الواقع".

طريقة سرية: هكذا يتمّ نقل المخدّرات في زمن الكورونا

كشفت منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” عن “الطريقة السرية” التي يستخدمها تجّار المخدرات لنقل المخدرات وغيرها من السلع الممنوعة في ظل تفشي وباء “كورونا” المستجد والإجراءات المتّخذة كفرض الحجر المنزلي ومنع التجوّل.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإنّ تجار المخدرات يستخدمون خدمات توصيل الطعام كغطاء لنقل المخدرات والسلع غير القانونية خلال أزمة فيروس “كورونا”، التي أجبرت معظم البلدان في أنحاء العالم على اتخاذ إجراءات عزل صارمة.

وتسلمت المنظمة تقارير من أجهزة الشرطة في عدة دول مثل أيرلندا وماليزيا وإسبانيا وبريطانيا ترصد سائقي توصيل ينقلون المخدرات مثل الكوكايين والماريجوانا والكيتامين وحبوب النشوةK وتوصل تجار المخدرات إلى تلك الطريقة بعد أن أدّت إجراءات الإغلاق العام والقيود على تنقلات الناس التي تفرضها الحكومات في جميع أنحاء العالم في محاولة لاحتواء انتشار فيروس “كورونا”، إلى زيادة الطلب على سائقي التوصيل.

وبحسب “الإنتربول”، فقد ضبطت الشرطة الوطنية الإسبانية هذا الشهر 7 أشخاص يرتدون زي سائقي توصيل الطعام في أليكانتي وفالنسيا، وأضافت المنظمة أنّ المتورطين في القضية ضبطوا وهم يسلمون الكوكايين والماريجوانا بالدراجات الهوائية والدراجات النارية والسيارات، مع إخفاء بعض الأدوية داخل حقائب التوصيل للمنازل.

كذلك ضبطت الشرطة في أيرلندا 8 كلغ من الكوكايين ومسدسين مخبأين في علب للشطائر، كما أعلن مسؤولون كبار في مكافحة المخدرات أن أباطرة المخدرات بأميركا اللاتينية أرسلوا شحنات ضخمة من الكوكايين إلى أوروبا خلال الأسابيع القليلة الماضية، إحداها كانت مخبأة في شحنة من الحبار، على الرغم من انكماش التبادل التجاري المشروع عبر الأطلسي بسبب جائحة “كورونا”.

الخطر الأكثر دماراً

إن كانت الصين من الدول الأولى في فيروس الكورونا من حيث الحالات الأولى ومعدلات العدوى وكذلك معدلات الوفيات لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الإدمان يشكل تهديداُ على مصر والدول العربية أكثر بكثير من تهديده على بلاد العالم أجمع بما فيهم الصين و غيرها من الدول.

إذا كانت أعداد المصابين بـ فيروس الكورونا في مصر والدول العربية إلى الآن قد تقدر بالعشرات فقط على أقصى تقدير لها، فعليك أن تعلم عزيزي القارئ أن أعداد المدمنين في مصر وحدها ضعف العالم أجمع و إليك الإحصائيات الأتية :

أعداد المدمنين في تزايد مستمر خاصة بعد انتشار عقار الترامادول حيث من الملاحظ انتشار المخدرات بين السن الأصغر من السكان حيث أن السن الأكثر انتشاراً بين القصر هو حول 17 سنة يزيد أو يقل 5 سنوات، والسن الأكثر إصابة بين البالغين هو بين 21 إلى 30 سنة متوسط عدد المدمنين في مصر يقدر بـ 10.4% مقارنة بالمعدل العالمي الذي يقدر المتوسط له ب 5% من كافة عدد السكان، و هذا العدد يتضاعف سنوياً.

و يقدر عدد المدمنين في مرحلة العلاج فقط ب 116 ألف و 500 شخص و هذا المعدل يزيد من معدل العام الماضي ب 12% أي أن الأعداد في تزايد سنوي بمقدار لا بأس به، والجدير بالذكر أن أعداد الجرائم تتزايد بشكل كبير مع معدل زيادة استخدام المواد المخدرة والكحوليات حيث أن تقريباُ 79% من العدد الكلي للجرائم تحدث نتيجة إدمان المواد المخدرة والكحوليات.

ان ما يقارب من 349.500 شخص إلى 437.000 شخص تم تشخيصهم إدمان المواد المخدرة 96% منهم تم تشخيصهم بإدمان الهيروين والمورفين ، و هذا يشير إلى انتشار الإدمان بصفة كبيرة خاصة بعد انتشار عقار المورفين، و بعد هذا تزيد أعداد مدمني الحشيش الذي يقدرون ب 46% من إجمالي عدد المدمنين، بعدها يأتي إدمان الكوكايين في المركز الذي يليه، وإليك تعريفاُ عن أنواع المخدرات المنتشرة وتأثيرها.

أنواع المخدرات المنتشرة

الماريجوانا: من أكثر المواد المخدرة انتشارا في مصر والوطن العربي بمجرد تناول الحشيش يدخل الحشيش إلى الرئة ثم يمر إلى الدورة الدموية للفرد وبمجرد وصوله إلى الدماغ فإنه يعمل على تنشيط أكثر للمراكز الدماغية المختلفة مما يجعل الفرد يشعر بأعراض مثل الهلوسة وعدم التذكر الجيد والشعور بضعف القدرة الحركية للشخص، عدم الإدراك الجيد للوقت و تغير في المزاج.

الهيروين: الهيروين هو واحد من عائلة الـ opiateو الذي يستشق من المورفين ويوجد على هيئة بودرة بيضاء أو رمادية أو حتى يمكن أن يوجد على هيئة بودرة سوداء، عندما يدخل الهيروين إلى الدم فإنه يذهب سريعاً إلى الدماغ ويتحد بالمستقبلات العصبية ومن ثم بمجرد اتحاده بالمستقبلات العصبية في الدماغ فإنه يؤدي إلى إحساس عالي جدا من السعادة والنشوة النشاط والقوة المضاعفة .

الترامادول: يعد الترامادول أيضا من مثبطات الجهاز العصبي المركزي و في الأساس يستخدم الترامادول كمسكن للآلام بجرعة معينة و لكن الزيادة في الجرعة وكثرة تناوله تؤدي إلى إدمانه بشكل كبير، و الجدير بالذكر أن الاستخدام الغير طبي للترامادول يؤدي إلى كثير من الأعراض الغير المحببة مثل حدوث تشنجات وضعف العضلات وهبوط ضغط الدم وتثبيط القلب والجهاز التنفسي.

الشبو: يعد مخدر الشبو من المخدرات التي انتشرت مؤخرا في مصر والعالم العربي وله تأثير كبير كتأثير السحر على الأفراد لأنه يجعل الشخص يدمنه سريعا وبشكل الملحوظ حيث يعطي الشخص الشعور بالسعادة والنشوة ويشعر الفرد بثقة كبير ة في نفسه والقدرة على الاستيقاظ لأيام، من الملاحظ أن أعداد مدمني الشبو في مصر قد انتشرت كثيراً في الفترة المؤخرة.

الاستروكس: يعد الاستروكس من أكثر أنواع المخدرات خطورة و تهديدا وذلك لرخص سعره وانتشاره الكبير بين الناس، يصنع الاستروكس من الأوراق الخضراء المطحونة مع بعض أنواع المواد الكيماوية وأيضاً قد يضعه البعض مع أنواع المبيدات الحشرية، ومما لا شك فيه أن هذه التركبية رخيصة الثمن تؤثر بشكل ملحوظ على الوظائف الحيوية والإدراكية و تؤدي لحدوث بعض أنواع الهلاوس الحسية والسمعية والبصرية كما أنه قد يؤدي إلى فقدان الوعي والوفاه.

كورونا ترفع أسعار المخدرات

تسببت إجراءات انتشار فيروس كورونا، وما فرضه من إغلاق للحدود ووقف للرحلات بين الدول في ارتفاع أسعار المخدرات عالميا، ما دفع المتعاطين لاستخدام مستحضرات بديلة، وذكر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير نُشر أن تشديد الرقابة على الحدود وإجراءات العزل العام وقلة رحلات الطيران تسبب في زيادة أسعار المخدرات وجعل من الصعب الحصول عليها في أنحاء العالم.

وقال المكتب في تقريره بشأن فيروس "كوفيد-19"، إن الجائحة لها تأثيرات متفاوتة على إنتاج المخدرات في المناطق المختلفة وعلى تهريبها جوا وبرا وبحرا لكنه أضاف أن الوضع العام في البلدان التي تستهلك المخدرات متشابه على ما يبدو، وورد في التقرير أن "بلدانا عدة في جميع المناطق أعلنت أن هناك نقصا عاما في العديد من أنواع المخدرات على مستوى التجزئة وكذلك زيادة في الأسعار وخفض معدل نقاء المادة المخدرة ما دفع المتعاطين إلى استبدال بعض المواد بأخرى، وزيادة الإقبال على العلاج باستخدام عقاقير مخدرة".

وفيما يجري نقل المواد الأفيونية مثل الهيروين بالكامل تقريبا عبر البر، حيث قد تؤدي زيادة إجراءات التفتيش والفحص لعرقلة الشحنات، فإن الكوكايين يُشحن بحرا بشكل أساسي، وذكر المكتب أن زيادة ضبط شحنات الهيروين في المحيط الهندي في الآونة الأخيرة قد يشير إلى ارتفاع شحنات الهيروين إلى أوروبا بحرا.

وأضاف المكتب أن قلة رحلات الطيران في الوقت الراهن قد يكون لها أثر "جسيم للغاية" على تهريب مخدرات صناعية مثل "الميثامفيتامين" لبلدان مثل كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا، وأشار المكتب إلى أنه في أفغانستان، أكبر منتج للهيروين في العالم، قد يتعطل حصاد الخشخاش بين مارس آذار ويونيو حزيران إذا عجز العمال عن السفر أو لم يرغبوا في ذلك. لكنه لم يقدم أدلة تذكر لدعم ذلك.

وتفاوت الوضع في البلدان الواقعة بمنطقة جبال الأنديز التي تنمو بها أشجار الكوكا المستخدمة في صناعة الكوكايين، وقال التقرير "انحسر إنتاج الكوكايين على ما يبدو نظرا لأن المنتجين، لا سيما في شرق كولومبيا، يعانون من نقص البنزين الذي كان يجري تهريبه من فنزويلا والضروري لإنتاج الكوكايين" لكنه لم يذكر صلة ذلك بمرض كوفيد-19.

ومن الجدير بالذكر ان المخدرات من المخاطر التي تزيد من انتشار كوفيد 19 بين الناس، تجارةُ كانت وما تزال تتمتع بالنشاط ولم يحدّ كورونا وغيره من انحسارها لان من يتاجر ويروج لها اناس اقتاتوا على اروح الشباب وها هم اليوم يساهمون في انتشار الوباء القاتل.

إيران بؤرة المخدرات

حذرت بلدية العاصمة الإيرانية طهران، من انتشار فيروس كورونا بواسطة أحد عشر ألف مدمن على المخدرات يتنقلون في شوارع العاصمة، بعد إغلاق مراكز إيواء المدمنين، وقالت زهراء نجاد بهرام، عضو الهيئة الرئاسية في بلدية طهران إنه بعد إغلاق مراكز إيواء المدمنين خشية من تفشي فيروس كورونا بينهم، بات هناك نحو 11 ألف مدمن يجولون الشوارع ويتجمعون في ساحة شوش بجنوب العاصمة طهران.

وأضافت نجاد بهرام أن بلدية طهران طلبت رسميا من لجنة مكافحة المخدرات ولجنة مكافحة كورونا ورئيس مجلس تأمين العاصمة، العمل بجد على جمع المدمنين السائبين في الشوارع، مضيفة أن العديد منهم منبوذون من قبل أسرهم ولا يمتلكون مأوى، واصفة إياهم بأنهم مراكز متنقلة لنشر فيروس كورونا.

وتأتي هذه التحذيرات بعد نشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه مدمنون يتجمعون في شارع قرب ساحة شوش بجنوب العاصمة، يشتهر بأنه مركز لبيع وتعاطي المخدرات، ولا تتوفر إحصاءات رسمية واضحة لأعداد المدمنين على المخدرات في إيران، لكن يعتقد أن العدد يتراوح بين خمسة وعشرة ملايين مدمن.

.........................................................................................................
المصادر
- الغد الاردني
- عربي 21
- عرب 48
- موقع مستشفى الامل
- الحرة
- الدستور
- المصريون

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا