في صنعاء: صراع الحلفاء هل سيغير المعادلة؟

عبد الامير رويح

2017-12-03 05:20

تطورات جديدة تشهدها الأزمة اليمنية التي اتخذت اليوم بحسب بعض المراقبين منحى مغايراً؛ بعدما اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من جهة، وقوات حركة أنصار الله الحوثية أهم حلفاء في هذه الصراع، هذه التطورات الجديدة والتحول في المواقف ربما تكون اتفاقا جديد وغير معلن بين صالح والسعودية، التي تسعى الى ضرب المصالح الإيرانية في المنطقة، ودعا صالح اليمنيين جميعاً لمواجهة الحوثيين كما دعا التحالف لـ "وقف العدوان"، وقال إنه سيفتح صفحة جديدة معه. وعلى الفور ردّ التحالف ببيان، بحسب ما أوردت صحيفة الرياض السعودية، أعرب فيه "ثقته" فيما يقوم به "أبناء وقيادات" حزب المؤتمر لـ "العودة لمحيطهم العربي"، مضيفاً: "نثق بانتفاضة اليمنيين ضد المليشيات الإيرانية".

ويبدو هذا التغيّر الدراماتيكي بحسب بعض المصادر، مرتبطاً بالتصعيد الأخير بين الرياض وطهران، والذي يقوده ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، كما أنه ليس بعيداً عن اللقاء الذي جمع الأخير بقادة في حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وخلال الشهر الماضي، بات ملفّ اليمن يمثل عامل ضغط كبير على المملكة، بالنظر لما يسببه لها من خسائر مادية وسياسية، فضلاً عن الانتقادات الحقوقية المتصاعدة للأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها البلد الفقير الذي مزقته الحرب.

وقد حثت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي السعودية على تخفيف الحصار على اليمن بشكل عاجل "لتجنب كارثة إنسانية" وفق بيان صادر عن مكتبها. وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت أيضا نداءات عاجلة. وتابعت ماي جولتها الشرق أوسطية في عمان حيث التقت الملك عبد الله الثاني وحضرت توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين. وضرب تحالف بقيادة السعودية يتدخل في اليمن ضد الحوثيين، حصارا بشكل جزئي على مساعدات إنسانية لليمن، كانت قد فرضت في وقت سابق ردا على إطلاق الحوثيين صاروخا تم اعتراضه قرب مطار الرياض.

وكانت ماي التقت العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض في إطار جولتها في الشرق الأوسط، وتصدرت الأزمة في اليمن النقاشات. وأفاد البيان أن "رئيسة الوزراء أوضحت أن تدفق الإمدادات التجارية التي يعتمد عليها (اليمن) يجب أن يستأنف في حال أردنا تجنب كارثة إنسانية". وتابع أنهما "اتفقا على أنه يجب اتخاذ خطوات بشكل ملح لمعالجة هذه المسألة". والسعودية هي أكبر شريك تجاري لبريطانيا في الشرق الأوسط وقد وقعت لندن عقود أسلحة مع الرياض بقيمة تفوق 3,7 مليار يورو منذ آذار/مارس 2015.

صراع الحلفاء

وفي هذا الشأن قال سكان إن أنصار الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح اشتبكوا مع الحوثيين بالعاصمة صنعاء مما يبرز صدعا آخذا في الاتساع قد يؤثر على مسار الحرب التي اندلعت قبل أكثر من عامين ونصف العام. والطرفان حليفان في مواجهة تحالف تقوده السعودية تدخل في الحرب باليمن عام 2015 بهدف إعادة الحكومة المعترف بها دوليا بزعامة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى سدة السلطة بعد أن أجبره الحوثيون على ترك البلاد.

وتسلط الاشتباكات الضوء على الوضع المعقد في اليمن حيث تدور رحى حرب بالوكالة بين الحوثيين المتحالفين مع إيران وهادي المدعوم من السعودية مما تسبب في أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. وتحدث السكان عن اشتباكات عنيفة في شوارع منطقة حدة السكنية بجنوب صنعاء والتي يعيش فيها الكثير من أقارب صالح ومن بينهم طارق صالح نجل شقيقه.

وقال السكان إن دوي انفجارات وإطلاق نار يتردد في أنحاء المنطقة. وخلت الشوارع من الجميع باستثناء مقاتلي الجانبين. واتهم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه صالح الحوثيين بعدم الالتزام بالهدنة وقال في بيان على موقعه الإلكتروني إن الحوثيين يتحملون مسؤولية جر البلاد إلى الحرب الأهلية. ووجه البيان حديثه إلى أنصار الحزب ومن بينهم مقاتلو القبائل قائلا ”إنكم مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى لتضعوا حدا لتصرفات تلك العناصر المأزومة التي تريد أن تنتقم منكم ومن الوطن ومن الثورة والجمهورية“. وناشد الحزب الجيش وقوات الأمن التزام الحياد في الصراع. بحسب رويترز.

وقالت جماعة أنصار الله التابعة للحوثيين في بيان عبر حسابها على تويتر ”ما يجري في صنعاء مؤسف ويخدم العدوان ومن الواضح أنه بالتنسيق معه“ في إشارة إلى التحالف بقيادة السعودية. واندلع القتال عندما اتهم حزب المؤتمر الشعبي العام الحوثيين باقتحام مجمع يضم مسجد المدينة الرئيسي وإطلاق قذائف آر.بي.جي وقنابل. وذكر الطرفان أن ما لا يقل عن 16 شخصا قتلوا في الاشتباكات. وأودت الحرب الأهلية في اليمن بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص منذ عام 2015 كما تشرد بسببها أكثر من مليونين وأسفرت عن تفشي مرض الكوليرا الذي أصيب به نحو مليون نسمة وجعل البلاد على شفا المجاعة.

صاروخ جديد

من جهة اخرى أطلق الحوثيون صاروخا بالستيا من اليمن "أصاب هدفه العسكري" في السعودية، وفق ما أفاد تلفزيون "المسيرة". ونقلت القناة عن "القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية إجراء تجربة ناجحة لصاروخ بالستي متوسط المدى على هدف عسكري في السعودية"، متابعة أن الصاروخ "أصاب هدفه العسكري بدقة". ولم يتسن حتى الآن الحصول على تعليق من المتحدث باسم التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية.

وفي وقت سابق حذر زعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي السعودية من مواصلة إغلاق منافذ اليمن الغارق في الحرب، متوعدا بـ"خطوات حساسة" للرد. وقال الحوثي في خطاب ألقاه عبر تلفزيون المسيرة "نحذر قوى العدوان من الاستمرار في إغلاق المنافذ". وتابع "نؤكد على حقنا بالإقدام على خطوات حساسة ونحن نعرف مكامن الوجع الشديد التي يمكن أن نستهدفها" في حال استمرار الحصار الذي يفرضه التحالف العسكري بقيادة السعودية على اليمن. بحسب فرانس برس.

ومنذ العام 2014، يشهد اليمن نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية. وأسفر النزاع اليمني عن أكثر من 8650 قتيلا وتسبّب بأزمة إنسانية حادة، إذ يعاني ملايين اليمنيين من خطر المجاعة وانتشار وباء الكوليرا.

وقال المتحدث باسم قوات التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، إن "قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي رصدت انطلاق صاروخ باليستي من داخل الأراضي اليمنية باتجاه مدينة خميس مشيط، وتم اعتراضه وتدميره دون وقوع أي خسائر". وحذر المالكي من أن "السيطرة على الأسلحة الباليستية من قِبل المنظمات الإرهابية، ومنها الميليشيات الحوثية المسلحة، يمثل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي"، مشدداً على أن إطلاق هذه الصواريخ "باتجاه المدن الآهلة بالسكان يعد مخالفاً للقانون الدولي الإنساني".

كما أكد أن "استمرار الميليشيات في استهداف المدن بالصواريخ الباليستية أكبر دليل على استمرار تهريب الأسلحة إلى الداخل اليمني بكل الطرق والوسائل المخالفة لقرار" مجلس الأمن الدولي رقم 2216. واتهم التحالفُ "النظام الإيراني بإنتاج الصواريخ وتهريبها إلى الميليشيات الحوثية في اليمن، بهدف الاعتداء على المملكة وشعبها ومصالحها الحيوية".

الثقة بالعدو

في السياق ذاته أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، أنه يتابع التطوّرات الجارية في صنعاء، مبدياً ثقته بقيادة "حزب المؤتمر الشعبي العام"، الموالي للرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، في الرجوع إلى المحيط العربي. وقالت قيادة التحالف، في بيان لها بحسب بعض المصادر، إن "التحالف يدرك أن الشرفاء من أبناء حزب المؤتمر الشعبي العام وقياداته وأبناء الشعب اليمني الأصيل، الذين أجبرتهم الظروف للبقاء تحت سلطة المليشيات الإيرانية الطائفية، قد مرّوا بفترات عصيبة".

وأضاف البيان أن التحالف يرى أن هذه "المرحلة من تاريخ اليمن تتطلّب التفاف الشرفاء من أبناء اليمن في هذه الانتفاضة المباركة، على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والقبلية، بما فيهم أبناء حزب المؤتمر والأحزاب الأخرى وقياداتها الشرفاء، للتخلّص من المليشيات التابعة لإيران، وإنهاء عهد من التنكيل والتهديد بالقتل والإقصاء وتفجير الدور والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة".

وأكد البيان ثقة التحالف بـ "استعادة أبناء حزب المؤتمر الشعبي زمام المبادرة، وانحيازهم لشعبهم اليمني وانتفاضته المباركة"، معرباً عن اعتقاده بأن هذه الانتفاضة "ستخلّص اليمن من شرور المليشيات الإيرانية الطائفية الإرهابية، وعودة يمن الحكمة إلى محيطه الطبيعي العربي الخالص". وأكد "وقوف التحالف بكل قدراته في كافة المجالات مع مصالح الشعب اليمني للحفاظ على أرضه وهويته ووحدته ونسيجه الاجتماعي، في إطار الأمن العربي والإقليمي والدولي".

ودعا الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، التحالف العربي إلى وقف القتال، وفتح صحفحة جديدة، وإلى اللجوء للحوار مع السلطة الشرعية ممثّلة بمجلس النواب، وهو من سيتحمّل المسؤولية خلال الفترة القادمة. وقال صالح في كلمة عبر التلفزيون: "أدعو الأشقّاء في دول الجوار، والمتحالفين، أن يوقفوا عدوانهم، ويرفعوا الحصار، وأن يفتحوا المطارات، وأن يسمحوا للمواد الغذائية وإسعاف الجرحى، وسنفتح معهم صفحة جديدة للتعامل معهم بحكم الجوار، وسنتعامل معهم بشكل إيجابي، ويكفي ما حصل في اليمن".

ذات صلة

مقام التسليم والرضا والعبودية لله تعالى، علماء وعالمات جبل عامل نموذجاًفي ذكرى مولدها السعيد: السيدة زينب ورؤيتها المستقبليةالنظام الحزبي والديمقراطيةآليات مناقشة وتقييم بحث الترقية للقاضي بين الماضي والحاضر؟حياتنا بحاجة لهذه القرارات