أنا: صبغة الله تعالى

موضوع الجلسة الفكرية التاسعة لنجل سماحة المرجع الشيرازي

مؤسسة الرسول الاكرم

2017-02-20 02:43

أقيمت الجلسة الفكرية التاسعة لنجل المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، حجّة الإسلام والمسلمين السيد حسين الشيرازي، في مكتب المرجعية بمدينة قم المقدّسة، يوم الخميس الثامن عشر من شهر جمادى الأولى 1438للهجرة (16/2/2017م).

حضر هذه الجلسة العلماء، والفضلاء، وأعضاء مكتب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بمدينة قم المقدّسة، وعدد من الوكلاء، والضيوف من العراق وسوريا، وطلبة العلوم الدينية، وناشطين في المجالات الدينية والثقافية والإعلامية.

تناول نجل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في هذه الجلسة، موضوع: أنا ـ صبغة الله تعالى.

إليكم رؤوس نقاط الكلمة، بشكل موجز:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلّي الله على محمّد وعترته الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين

قال تعالى: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون» (البقرة/138).

«يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم» (المائدة/54).

«ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطّيبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً» (الأسراء/7).

«وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون» (الجاثية/13).

«هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً» (البقرة/29).

«سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم» (فصلت/53).

قال قرينه ربّنا ما اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد» (ق/27).

«ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين» (آل عمران/139).

قال صلى الله عليه وآله: «يا أباذر، لا يفقّه الرجل كل الفقه حتى يري الناس كلهم في جنب الله أمثال الأباعر ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقرٍ لها».

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «أتحسب أنّك جرم صغير وفيك انطوي العالم الأكبر».

الإمام الصادق عليه السلام: «استوصوا بعمّتكم النخلة خيراً، فإنّها خُلقت من طينة آدم».

الإمام الصادق عليه السلام: «المؤمن كالجمل الأنف إذا قُيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ».

ـ رحلة (آبلو 11) إلى القمر ونزول البشر على سطح القمر وعودته إلى الأرض بعد أخذ جولة حول الأرض، اشتملت على مسافة قريبة من مليون كيلومتر، وكلّفت انفاق طاقة هائلة جدّاً لكن تكلفة الدقائق الأولى من الرحلة كانت تفوق الطاقة التي تم صرفها على كل المليون كيلومتر، لأن قوّة الجاذبية في الأميال القليلة الأولى ومقاومة الغلاف الجوّي والخروج من المدار الهائل استحوذ على كل الطاقة المبذولة، بحيث انعدمت الحاجة إلى الطاقة تقريباً بشكل كامل بعد تجاوز المدار.

بخلاف الحال في صعود الجبال فكلما يتمّ التقدّم تزداد القسوة القاهرة.

ـ الصعود إلى قمّة (إفرست). إنّ أعظم إنجازات الإنسان في مجال الصعود عبر التاريخ هي التي تخصّ جبل (إفرست) وبالرغم من تصدّي الملايين من البشر لذلك في كل عام، إلاّ أن أغلب الأفراد والفرق الموهوبين بعد صرفهم طاقات هائلة وبذلهم إمكانات جبّارة عادوا أدراجهم فاشلين منكوبين وبعد تقديمهم خسائر جسيمة في الأرواح والمعدّات وغيرها والسبب يعود إلى عوامل أساسية عديدة مثل:

1) نقص العزم والإرادة والهمّة وعمق المبادرة؛

2) فقدان وانتهاء المواد الغذائية؛

3) النقص في معدّات التسلّق؛

4) تقلّب الأحوال الجويّة مما يتسبّب أحياناً التوقّف عن المواصلة لفترة طويلة بسبب عواصف ثلجيّة بالغة القسوة؛

5) عدم محاسبة الطريق والعقبات بشكل دقيق مما يدعو إلى خيبة الأمل في الأثناء.

ـ جوهرة النفس الإنسانية هي عنوان (أنا) وهو خليط متعارض ومتكوّن من نمطين: 1) (أنا) العالي 2) (أنا) الواطي، وهذان النمطان يشكّلان أهم عوامل التفوّق والتردّي في الإنسان وذلك باختلاف (المتعلّق) ويمكن اختزال المتعلّق ضمن مجالين: 1) الحياة وأبعادها 2) الإنسان الآخر، فيتم مواجهة الحياة بالعالي والإنسان بالواطي.

ـ يمكن اختصار ما ذكرنا من خلال هذا البيت من الشعر في وصف ثمرة النخل وهي (الثمرة): «أنا العالي أنا العالي *** وسِعري ليس بالغالي»

ـ الحياة في غاية القسوة وليس في طبيعتها ذرّة تسامح ولا من شيمها الرأفة والحنان، فيجب الخوض فيها باستعمال القسوة بلا حدود واحترافية بالغة ومهارات واسعة وهذا مفهوم (أنا) العالي الصلب، فيجب (التحلّي والتبنّي) لجوهرة (أنا) العالي ههنا، و(التخلّي والتنحّي) عن مفهوم (أنا) الواطي الواهن في هذا المجال.

ـ الناس كلّهم يفكّرون بمنطق (أنا) العالي، فلا يمكن العيش معهم إلاّ إذا تمّ التخلّي والتنازل الكامل عن كل ما يعطي انطباعاً عن (أنا) العالي، وهو (أنا) الواهن.

ـ الإنسان الآخر، هو إعاقة بلا حدود ففي أمر التسخير قال تعالى: «ما في الأرض» ولم يقل «من في الأرض» ولا يمكن إزاحة هذه الإعاقة اللاّمحدودة إلاّ بالتواضع وهو مفهوم (أنا) الواطي الواهن، الذي يلازم (الرأفة) و(الحنان) و(الشفقة).

ـ ليس «التواضع» مفهوماً سلبياً ولا يتضمّن ولا يقتضي التوقّف في مجال العمل وخوض غمار الحياة، فمراعاة عواطف الإنسان الآخر لا تقتضي بالضرورة الانسحاب عن العمل. حديث (يرى الناس أمثال الأباعر) هذا في مواجهة مقتضيات العمل، لكن عندما يواجه ويتعامل مع الإنسان الآخر، فيجب ترخيص النفس بل استعمال الذلّة.

ـ يمكن اختصار (أنا) العالي في مجال العمل في أنه ليس أمام الإنسان عقبة في الحياة أبداً بمقتضي قوله تعالى: «سخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً» فكل الوجود ذليلٌ وحقير أمامه.

ـ يجب أن لا يتسرّب شيء من «الوهن» إلى الجانب (العملي) ولا يتسرّب شيء من «العلوّ والرفعة» إلى الجانب (الإنساني)، مثال: قِطعتي وحدات التبريد، تَسَرُّب ذرة غبار إلى الأنابيب.

ـ (أنا) العالي، مجرّد قناعة:

1) بالقدرات والطاقة اللا محدودة؛

2) الرسالة والمسؤولية؛

3) انهض بواجبك بنفسك ولا تلقي بأعبائك على الآخرين، قال عليه السلام: ملعونٌ ملعون من ألقي كلّه على الناس.

ـ أدوات (أنا) العالي توسع دائرة التأثير فقط وهي خمسة: 1) العلم والمعرفة 2) المهارة والاحتراف 3) التجربة 4) التخطيط (الاستراتيجي والتشغيلي) 5) التطبيق والتنفيذ.

ـ (تصوّر وتصرّف) أي (نظرة الطائر المحلّق) «كان بعيد المدي» و(مباشرة الدودة التي تلامس الأشياء). التصوّر يمثل (أنا) العالي، ويمثل التصرّف (أنا) الواطي الناصي. كان فينا كأحدنا.

ـ كل الإخفاقات الحاصلة في الحياة والتردّي في الأداء والتأثير تعود إلى الاختلال في جوهرة (أنا) في مجاليها (العالي والواطي) بل تعود إليها الاستفادة من جميع الهبات والمواهب.

ـ أهم عوامل الاختلال في هذه الجوهرة، ثلاث: الأول: الجينات. الثاني: النزعات. الثالث: التنشئة. بأبعادها الثلاث: 1) العائلة 2) المجتمع 3) المدرسة.

النتيجة: جوهرة (أنا) محصورة بالإنسان دون سائر المخلوقات، فهي جوهرة الذات الربوبية التي لم يهبها لأيّ من مخلوقاته، ونتيجة ذلك اُمور:

الأول: جميع المخلوقات حتى الحيوانات كلّها مجرّد آلات لردّ الفعل والاستجابة للمثيرات، لكن الإنسان بالأساس ينتج الخيارات، فهو ماكنة تصنع الخيارات دون أن تنساق لها، فليس هو نتاج الطبيعة ولا التنشئة ولا البيئة ولا الجينات.

الثاني: تاريخ الإنسان لا يكتبه إلاّ الإنسان نفسه بكامل الحرية والاختيار، وذلك فقط عبر صيانه جوهرة (أنا) يصبح ناصعاً.

الثالث: هذا معنى قوله عليه السلام: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي