سنة 2023 وآفاق ما بعد السادسة والستين

علي حسين عبيد

2023-01-01 07:40

(لأنني عرفت اليأس، فأنا أقدر الأمل. لأنني ذقت الإحباط، فأنا أقدر الإنجاز. لأنني كنت وحيدًا، فأنا أقدر الحب). هذه كلمات (ليونارد نيموي) وليست كلماتي، عثرتُ عليها مصادفة، وشعرت أنها كلماتي، كأنني أنا الذي قلتها وليس كاتبها.

فقد مضت ستٌ وستون سنة من عمري مع دخولنا السنة الجديدة 2023، ورأيتُ ما رأيت في هذه الدنيا، وعشتُ ما عشتُ من وقائع ومواقف وأحداث، كلها مضت إلى مقبرة الذاكرة، بعضها يلوح لي بين حين وآخر، كأنه مصباح يضيء من بعيد ليدلّني أو يهديني أو يحذرني، وبعضها انطفأ إلى الأبد لأنه لم يكن حدث أو واقعة أو موقف متميز عن سواه، فمضى نحو الخفوت بلا رجعة.

هذا جعلني على يقين ونحن نبدأ سنتنا الجديدة هذه (2023) بأن الأشياء التي يتقرَّب منها الخلود والمجد، هي تلك التي تتميز عن سواها، ولا تشبه سواها في أي شيء، وتتفوق على سواها، أما غير ذلك فإنه لن يبقى ولا يستمر، لأن ذاكرة الناس غير قادرة على استيعاب العادي وغير المتميز وغير المفيد، لكنها لا تنسى الكوارث، ولا الجرائم، ولا الإساءات.

اليأس عشته مرات عديدة في حياتي الطويلة، حتى أنه أغلق جميع النوافذ والأبواب في وجهي، لكنني كنتُ دائما بانتظار انفراجة مجهولة المصدر، كنت دائما أقول لنفسي أنا لستُ وحيدا في هذا العالم، فهناك من يراقبني، ويعرف بأن جدران اليأس الشاهقة تحيط بي، تحبس حتى أنفاسي وتصادر صوتي، لذلك سوف يأتي ليساعدني ويخرجني من أسوار اليأس.

ويحدث هذا فعلا، فبعد زمن تُزاح تلك الأسوار، وتتحول الأمكنة إلى مساحات واسعة بلا اسوار، ولا عقبات، ويندحر اليأس، وتبدأ رحلة (سيزيف مجددا)، ليستمر بدفع صخرته فوق السفح نحو قمة الجبل، وحتما سوف يتكرر سقوط الصغرة نحو قاع الجبل، ويستأسد الياس ويتنمّر الشر، ومع ذلك هناك شعلة في الأعماق، تدفع بي دائما نحو الانتصار على اليأس، ويحدوني أمل أنني قادر على ذلك في هذه السنة الجديدة 2023.

كثيرة تلك المشاريع التي خطّطتُ لها، منها ما تحقّق فعلا، ومنها ما فشلتُ في تحقيقه فأصابني الإحباط الشديد، فبعد كل فشل في عمل ما إحباط ثقيل يجثم على الصدر، ويجعل حتى الأنفاس بطيئة وثقيلة، وتكررت الإحباطات بصورة غريبة، لكن ما الذي كان يتكرر في مقابلها؟، إنه الإصرار على أن أبدأ من جديد بعد كل فشل وإحباط أُصابُ به.

إنها سلسلة متواصلة من العناد على النجاح، فالإحباط يتكرر، والفشل يتكرر أيضا، لكن الإصرار لن يزول، ودائما هناك هزيمة شنيعة يتعرض لها الفشل والإحباط، وتستمر مسيرة الإنجاز، وهذا ما جعلني أتقن التعامل مع خبث الإحباط، وتعلمتُ كيف أروّض الفشل وأغلق فمه بنجاحي وإنجازي الذي يتحقق بعد كل إحباط يسعى لإيقافي عن التقدم إلى أمام.

أما الحب، وما أدراك ما الحب؟، فقد رافقني مثل ظلي، ومع ذلك بقيَ الحب هو الشيء الوحيد الذي لم أرتوٍ منه، لأنّ الإنسان إذا ارتوى من الشيء، لم تعد له حاجة بذلك الشيء، ولهذا بقيت عطشانا للحب، طالما أنا على قيد الحياة، ليس تصنّعا، ولم أبذل أية محاولة كي أخسر الحب، فالسبب كما أظن في فقدان الحب هو الوحدة، أو حين تعيش وحيدا، ثم تنفتح أمامك بوابة الحب الأعظم، هنا سوف تقدّر قيمة هذا الكنز المذهل، كنز الحب.

في سنة 2023 لا أشعر بأن النهايات قد اقتربت، خاصة أن لهفة الإنجاز والأمل والحب لا تزال تحيل جسدي إلى آلة لن تتوقف عن الاشتغال إلى الأبد، لذا فقد خطّطتُ وسوف أستمر بالتخطيط، بأن تكون هذه السنة، سنة (الإنجاز، والحب، والأمل، والعمل الجيد الصحيح)، وسوف أثبت لكم جميعا أن العمر كلما تقدم بالإنسان إلى أمام، صار الإنسان أقوى وأقدر على الإنجاز والحب والأمل.

ذات صلة

الإمام علي عليه السلام وتحجيم الجبروت والطغيانعلى حكومة السيد السوداني ان تكون أكثر حذراالمطلوب فهم القرآن بشكل جديد!مَعرَكَةُ بَدر هِيَ يَومُ الفُرقَانِ العَظِيمِ حَقَاًتعلم ثقافة السؤال بداية التعليم