مشكلتنا: الإدارة المعرقلة

سالم مشكور

2022-12-13 06:37

يشكو أحد الوزراء الجدد من تخلف الإدارة في العراق بما يعيق الإنجاز، هو يصفها بمشكلة الإدارة وهي في الواقع انهيار الإدارة، أو غياب النظام الإداري، لصالح فوضى إدارية تعيق أي إنجاز في القطاعات كافة، إضافة إلى استنزاف، الموارد المالية والإنسانية وتضييع الوقت الذي هو قيمة اقتصادية كبيرة.

الإدارة الــعــامــة هــي مجموعة الــوظــائــف والـعـمـلـيـات المتعلقة بتخطيط وتنظيم وتوجيه الأعمال والأنشطة، التي تتم ممارستها في منظمات الدولة وأجهزتها المختلفة، لتحقيق المصلحة العامة، التي هي تحقيق أهـداف المجتمع. ولا تتسم هذه الإدارة بالجمود، بل تتماشى مع المتغيرات البيئية والمجتمعية، الداخلية والخارجية.

لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية من دون نظام إداري حديث، ولو لم يتوفر فإن التنمية يجب أن تبدأ من إيجاد أو تطوير النظام الإداري اولاً، فكثير من الدول الغنية بالموارد الطبيعية، بقيت تعاني من التخلف الاقتصادي، بسبب غياب الإدارة السليمة للموارد.

في المقابل هناك دول قليلة تنمية الموارد، لكنها شهدت اقتصادية كبيرة بفعل تطور نظامها الإداري، الــذي يحسن استغلال الموارد القليلة لتحقيق التنمية. هذه الحالة هي التي دفعت إلى الاهتمام بالعامل الإداري كعنصر أساس في التنمية الاقتصادية، وليس أحد مدخلات العملية الإنتاجية.

تشترك الإدارة العامة عن الإدارة الخاصة للشركات والمشاريع التابعة للقطاع الــخــاص فــي العناصر الرئيسة للإدارة، باستثناء الهدف والرقابة: في القطاع الخاص الهدف هو الربحية الذي يقابله في القطاع العام تحقيق مصالح عامة، وكلاهما يقعان تحت مسمى الإنجاز، لكن الرقابة في القطاع الخاص تتم على أساس النتائج المتحققة، بينما تقوم في القطاع العام على الالتزام بالقوانين والتعليمات حتى لو كانت معيقة للعمل.

من هنا كان القطاع الـعـام بطيئا فـي إنــجــازه، هــادرا للجهد والمال والوقت، مقابل سرعة انجاز في القطاع الخاص مع توفير في الوقت والجهد والمــال. الإدارة الحديثة فـي بعض الـــدول بـدأت فـي اعتماد بعض عناصر إدارة القطاع الخاص في الإدارة العامة، خصوصا في حـالات الحاجة إلى انجاز سريع، أو أنها توكل الكثير من نشاطاتها إلى القطاع الخاص تحت رقابة ومتابعة جهات مختصة.

بعد 2003 كــان النظام الإداري العراقي بحاجة إلى عملية اصلاح كبيرة، ففضلا عن الخراب الذي أصاب الإدارة العامة طيلة سنوات الـحـصـار وهيمنة الـفـرديـة على الدولة، فإن التحول من الاقتصاد الاعتباطي الـفـردي إلـى اقتصاد السوق كما ورد في الدستور، كان يجب أن يقترن بإحلال نظام اداري يناسب التوجه الجديد والتنمية الاقتصادية المطلوبة.

لكن ذلك لم يحدث، لأسباب عدة بينها هيمنة الفوضى السياسية والمحاصصة، الـتـي تقاسمت الإدارة العامة، وغيبت أي فرصة لبناء مترابط موحد، وعـدم وجـود رؤيـة لـلإدارة والاقتصاد الذي ظل متأرجحا بين شعارات الاقتصاد الحر، وعقلية الاقتصاد الموجه الشرط الأساس لقيام تنمية اقتصادية هو وجود اقتصاد حر وقطاع خـاص فاعل، وهـذا ما لا يقوم الا بوجود تنمية إدارية تزيل العقبات وتوفر متطلبات هذا القطاع، والتنمية الإدارية لا تتم ما لم تتوفر قناعة بوجود حاجة ماسة لها، كشرط لقيام ونجاح كل القطاعات الإنتاجية والخدمية .الإدارة الـصـالـحـة هــي أســاس النهوض وقبل بـدء تنمية إداريــة حقيقية، لا تأملوا نجاح أي تنمية.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

الإمام علي عليه السلام وتحجيم الجبروت والطغيانعلى حكومة السيد السوداني ان تكون أكثر حذراالمطلوب فهم القرآن بشكل جديد!مَعرَكَةُ بَدر هِيَ يَومُ الفُرقَانِ العَظِيمِ حَقَاًتعلم ثقافة السؤال بداية التعليم