۲۰۰ مليون زائر في الاربعين الحسيني
رؤية مستقبلية من وجهة نظر مرجعية
مؤسسة الرسول الاكرم
2017-11-09 05:30
مرتضى عزيز نعمة اللهي
المسيرة المقدّسة لزيارة الأربعين الحسيني بحجمها وعظمتها وأعدادها المليونية المتزايدة وما تتضمّنها من تضحيات فريدة، تثير الدهشة لدي الكثير من الناس وتبعث على التأمّل والتفكر.
بعد سقوط النظام البائد في العراق مباشرة وتحرّر الشيعة من أغلال النظام، رأيت شخصياً آلاف المواطنين العراقيين الزائرين يسيرون مشياً على الأقدام قاصدين كربلاء المقدسة لزيارة الأربعين، وقد حصل ذلك في وقت لم يتم فيه بعد إلقاء القبض على الطاغية صدام، وكان الخوف لا يزال مهيمناً على قلوب المواطنين.
كانت هذه المراسيم لزيارة الأربعين هي الأولي بعد سقوط نظام صدام، وكانت تُعقد في ظروف استثنائية وفي أجواء رهيبة وأوضاع مخيفة ومذهلة.
في تلك السنة وبعد الانتهاء من مراسيم الأربعين ألقي سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظلّه كلمة في يوم 28 من شهر صفر تحدث فيها عن تاريخ الزيارة وأهمية المشي إليها والمعجزات التي حصلت وتحصل في هذه المسيرة، وعن أهمية إقامة الشعائر الحسينية المقدسة بصورها ومراسيمها القديمة.
من المثير للاهتمام أن سماحته كان يشير إلى موضوع زيارة الأربعين في أكثر خطاباته ولقاءاته ومؤلفاته، وكان يؤكد في بعضها ويشجّع على الزيارة الأربعينية من خلال ذكر الروايات والأحاديث الشريفة المرتبطة وكذلك من خلال القصص والخواطر المثيرة للاهتمام التي كان يسردها في هذا الخصوص، فكان حديثه يجلب انتباه السامعين إلى حدّ كبير ويخلق لديهم شعوراً بالمسؤولية وبالواجب الديني والمسؤولية الكبيرة تجاه هذه الزيارة.
كان سماحته يستغلّ جميع الفرص المتاحة لكي يتطرّق إلى هذا الموضوع المهم، معتبراً إياه أمراً مصيرياً وموضوعاً حياتياً يرتبط بمصير الشيعة في العراق والعالم.
وإن مجمل تصريحاته كانت تدور حول أهمية وسائل الإعلام ورسالتها في تغطية زيارة الأربعين وخاصة القنوات الفضائية باعتبارها من مسؤولية الجميع للخروج من التعتيم الإعلامي والإهمال والإقصاء الذي تتعمّده القنوات العالمية وحتى (بعض القنوات الشيعية)، وقد شكلت هذه التصريحات عناية خاصة واستثنائية لهذا الحدث العظيم.
ونحمد الله أن أول من استجاب لنداء المرجعية هي القنوات الفضائية التابعة حيث عملت هذه القنوات على كسر حاجز التعتيم الإعلامي، واستطاعت أن تُفشل مخطط التجاهل للمسيرة بحيث لم تستطع القنوات الأخرى التي تصدر من داخل الدول الإسلامية إلى تجاهل هذا الحدث وأقدمت على تغطيته مُجبرةً، وهذه التغطية تتحسّن عام بعد عام، ويمكن القول أنها ساهمت بعض الشيء بتغطية الحدث وإن كانت المساهمة بسيطة و خجولة.
في الواقع إن بيت المرجعية قام وعبر قنوات فضائية عالمية بتشجيع وترغيب الشيعة من علماء وخطباء ومبلغين ورواديد كبار ومراكز دينية فاعلة في جميع أنحاء العالم إلى استلهام الخطوط الفكرية والعمل بتوجيهات ووصايا هذا المرجع المفكر، التي تدعو إلى تطوير البرامج العالمية واتخاذ الإجراءات والتدابير الأساسية لتحفيز ودعم شعيرة زيارة الأربعين ومراسيمها المقدّسة، وهذا البحث نحتاج في بيانه إلى تفصيل كبير ومستقل.
لهذا السبب فقد شهدنا في العقد الأخير تطوّراً كبيراً واستثنائياً لهذه المراسيم، ويمكن الإشارة والإذعان وبجرأة كبيرة إلى التأثير الأساسي والمحوري الذي شكله سماحة المرجع دام ظلّه وساهم في تحقيق هذا الأمر المهم.
فقد أشار سماحته في العام الماضي إلى إمكانية حضور مائتي مليون زائر في مناسبة الأربعين، ولعل هذا التصوّر يصعب هضمه بالنسبة للكثيرين، ولكنه إذا نظرنا إلى خطابات سماحة المرجع في الـ 15 سنة الماضية (من عهد الطاغية صدام)، لوجدنا أن سماحته ومن خلال إدارته الحكيمة وتنبؤاته الدقيقة لهذا الموضوع، قد تزايدت أعداد الزائرين عاماً بعد عام وبلغت حوإلى (30 أو 40 مليون) حسب إحصاءات هذا العام.
هذا كلّه يظهر بعد النظر والعمق العلمي والفكري لسماحة المرجع الشيرازي دام ظلّه ويدعو الطائفة الشيعة الكريمة بما فيهم العلماء والوجهاء وكبار التجّار والأنظمة والدول وجميع أطياف المجتمع في مختلف أنحاء العالم، بالاستعداد والتهيؤ لزيارة قريبة بمشاركة مئتي مليون زائر، فعليهم أن يضعوا البرامج والخطط الدقيقة والصحيحة لإدارة هذه المراسيم الفريدة المذهلة.