الأصدقاء الداعمون: ما هي أدوارهم؟
عزيز ملا هذال
2025-12-21 03:48
الإنسان بصورة عامة يحتاج إلى من يقف إلى جانبه؛ إذ يحيا الفرد داخل المجتمع حياة طيبة وآمنة نفسياً، وعلى خلاف ذلك يعيش حياة منقوصة الدعم، ومنها الدعم النفسي الذي تمارسه جماعات الدعم، فحاجة الإنسان إلى المعنويات لا تقل أهمية عن الماديات، ومن أهم من يقدم الدعم النفسي والإسناد هم الأصدقاء. فما هي أهمية الأصدقاء في الحياة، وما هي صور الدعم التي يقدمها الأصدقاء؟
يعد الدعم النفسي من الأصدقاء ركيزة أساسية لا غنى عنها في معادلة الصحة النفسية المتكاملة؛ ففي عالم مليء بالضغوط والتحديات يمثل الأصدقاء ملاذاً آمناً ومصدراً ثرياً للقوة، يتجاوز أهمية الروابط العائلية في كثير من الأحيان، خاصة في مراحل الشباب والبلوغ حيث يكون الأصدقاء هم الحائط القوي الذي يستند إليه الشباب، وبدونهم يستشعرون الخوف والإحباط وما ينتج عنهما من علات وآثار نفسية وخيمة.
ولا يقتصر دعم الأصدقاء على المحادثات، بل يمثل نظاماً معقداً من التفاعل العاطفي والعقلي والعملي، والذي يساعد على تعزيز القدرة على التكيف لدى الفرد خلال الأوقات الصعبة؛ فالدعم النفسي من الأصدقاء والسعي إلى تطوير هذه العلاقات الصحية يعتبر خطوة تعليمية وإرشادية مهمة نحو حياة أكثر استقراراً وسعادة.
من الواقع:
قد يتعرض صديقان إلى مشكلتين متشابهتين في الشدة والنوعية؛ تجد أحدهما الذي يحيط به أصدقاء يحاولون الاقتراب منه ومعرفة مشكلته ومساعدته في التوصل إلى حلول واقعية، وبالتالي تخفيف الأثر النفسي عليه وإرشاده إلى طريقة الحل، مما يجعله يطمئن بوجود من يحميه ويشد من أزره عند المحن.
بينما الثاني الذي لم يجد هذا النوع من الأصدقاء الداعمين له في وقت محنته بالمستوى المطلوب، فإنه يبقى يحمل هم الخروج من الأزمة بمفرده، مما يجعله عرضة للهم والضيق الذي قد يوصله إلى أزمات نفسية معقدة، ومنها ينتج نوع من عدم الثقة بالمحيط الاجتماعي، وبالتالي يفكر في الانفصال عنه.
ما هي أوجه الدعم النفسي الذي يقدمه الأصدقاء؟
الدعم النفسي الذي يقدمه الأصدقاء يلعب دوراً هاماً من خلال أوجه متعددة، ومن أهم هذه الأوجه التي تساهم في تنظيم المشاعر وتعزيز الوعي الذاتي والحفاظ على التوازن الداخلي لدى الشخص هي:
توفير بيئة آمنة للتعبير: من أوجه الدعم التي يقدمها الأصدقاء من أجل تقديم الدعم النفسي لبعضهم هي توفير بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر، ولا سيما المعقدة والمؤلمة، دون الخوف من الانتقاد أو الحكم أو العزلة؛ فعندما يستطيع الفرد أن يشارك مشاعر القلق أو الحزن أو الغضب مع صديق موثوق، فإن ذلك يساعد في تقليل التوتر النفسي المستمر ويسهل عملية تنظيم المشاعر، وهذا النوع من الاستماع المتعاطف يمثل دعماً نفسياً صادقاً من الأصدقاء.
تعزيز الشعور بالانتماء: ومن أوجه الدعم من الأصدقاء هو تعزيز الشعور بالانتماء والقبول، حيث إن الصداقات القوية تعزز شعور الفرد بأنه مقبول ومحبوب لشخصه الحقيقي، بعيوبه ومميزاته؛ هذا القبول غير المشروط يقلل من مشاعر الوحدة والعزلة الاجتماعية، ويعزز الثقة بالنفس والرضا عن الحياة.
تقديم رؤية موضوعية: ومن أوجه الدعم أيضاً هو عرض رؤية خارجية موضوعية للأزمات والمشكلات؛ فعندما يواجه الشخص أزمة يميل تفكيره إلى أن يكون مشوشاً ومقيداً، والصديق الحقيقي يقدم رؤية خارجية موضوعية تساعد الشخص على فهم المشكلة بطريقة جديدة، واكتشاف الأنماط السلبية في تفكيره وتذكيره بقدراته وإنجازاته السابقة. وهذه الرؤية تسهم في إعادة تنظيم الأفكار مما يساعد على تحرير العقل من التفكير السلبي، وهو جزء مهم من الدعم النفسي من الأصدقاء.
الدعم العاطفي والاحتواء: كما يتضمن دعم الأصدقاء الدعم العاطفي، فكلمات التعاطف (مثل: "أفهم أنك في وضع صعب")، والتشجيع، والاحتواء؛ هذا الشكل من الدعم النفسي من الأصدقاء لا يقدم حلولاً سريعة، بل يوضح للشخص أن مشاعره طبيعية ومدروسة، مما يمنحه القوة العاطفية لمواجهة الأزمة والمضي قدماً. إن وجود صديق بجانبك في الأوقات الصعبة يعتبر علاجاً بحد ذاته.
في الخلاصة: وبناءً على الأدوار الداعمة التي يؤديها الأصدقاء الحقيقيون في أوقات الأزمات والمشكلات لأصدقائهم، من المهم أن يختار الإنسان الصديق الصدوق الذي يقف معه في محنته، ولا ينغر بكثرة من حوله إلا حين يجربهم ويعرف ماهيتهم.