الإنسان الصبور: ما هي طبيعته النفسية؟
عزيز ملا هذال
2025-10-04 03:49
تتنوع الشخصيات الإنسانية بتنوع الصفات الدالة عليها، فهناك شخصية محبة وأخرى حقودة وغير ذلك من أنواع الشخصيات وأنواعها، وضمن هذه الشخصيات هي الشخصية الصبورة أو الإنسان الصبور الذي يختلف في صفاته النفسية الدقيقة عن باقي الشخصيات الأخرى، فما هي أهم صفاته النفسية للصبور؟
كيف يفسر علم النفس الصبر؟
الصبر واحد من أهم الميزات التي تجعل الإنسان يمتلك مرونة في التعامل مع ما يتعرض له من أزمات وصعوبات وتحديات في الحياة ويتعامل معها بذكاء وخبرة نفسية بما لا يستنزف طاقاته النفسية إلى الحد الذي يرهقه نفسيًا، وبالتالي يحقق أهدافه الحياتية بفاعلية أعلى وبجهد وخسائر نفسية أقل مما يعزز مستويات التوازن النفسي وضمان جودة الصحة النفسية.
وتشمل دائرة الصبر في أحيان كثيرة فقد يكون على هيئة الابتلاء كأن يصاب الشخص بالفقر أو المرض أو يُمتحن بموت أحد أقربائه، وأحيانًا يكون على الشدائد والمصائب، والصبر على التعب والهم والحزن وعلى أداء العبادات وغير ذلك عدد من الأشياء والأمور التي ترهق النفس وتتعبها وتنال من صحة الإنسان النفسية والجسمانية.
ما هي أبرز الصفات النفسية الأساسية للإنسان الصابر:
يتصف الإنسان الصابر بعدة صفات نفسية من أهمها أنه يتصف بقدرته العالية للتحكم بالغضب، فهو يحاول أن يقلل من نوبات الغضب ويهدأ بسرعة، ويتكيف مع ما يريده الآخرون حتى وإن كان غير مقتنع بما لديهم من أطروحات ومهما كان مستوى منطقيتها من عدمها، بالتالي صبره على كل هذا الاختلاف والمواقف المثيرة للغضب هو يدلل على امتلاك الفرد لطاقة نفسية عالية.
كما أن الفرد الصبور يمتلك القدرة على التفكير الإيجابي، فهو يرى في التريث عند عدم الحصول على النتائج المرجوة أو عند الفشل واجبًا للحفاظ على الفرص المستقبلية وعدم إفسادها، ومثل هؤلاء الأفراد يرون أن الفشل بداية النجاح وبدونه لا يمكن الوصول إلى القمم وهذه القناعة والعمل بموجبها والابتعاد عن الملل والتذمر والإحباط والانكسار هو دلالة امتلاك الإنسان لصلابة نفسية عظيمة مما يجعله منتجًا على كافة المستويات الحياتية في المستقبل.
ومن صفات الإنسان الصبور أنه يجيد التحكم بقراراته ويحدوه الأمل دائمًا، فلا ييأس ولا يصيبه الملل أو التردد ويرى أن للزمن سرعات مختلفة، مما يمكنه من التحكم فيه وتكييف نفسه مع الإيقاعات المختلفة للحياة، فحين يُصاب بخيبة أمل لا يستسلم ويواصل مشواره في سبيل تحقيق ما يصبو إليه.
ومما يميز الإنسان الصبور هو سيطرته على نفسه بدلًا من أن تسيطر عليه غرائزه ورغباته، فهو يحرص على مواجهة رغباته وزجرها وعدم الانصياع لها لاعتقاده أن مسايرة الغرائز تضيع الإنسان وتضيع معه أحلامه وطموحاته بل وتفقده إنسانيته وتبعده عن رسالته التي خُلق من أجلها، لذا يسعى لأن يبقى في حدود أمر الله به مهما ارتفعت المغريات وزاد بريقها.
كيف يتعلم الإنسان الصبر؟
يستطيع الإنسان أن يصبح صبورًا وأن يتمتع بكل صفات الشخصية الصبورة عبر الاستعداد النفسي للتعلم على مواجهة الشدائد وربطها بالتوفيق وبالإيمان بالله أنه سيعوض الإنسان على ما حُرم منه يومًا ما، والإيمان سيبقي الإنسان مرتاح البال والضمير وهادئ النفس.
ومما يزيد من صبر الإنسان هو إيمانه أنه حين يتوجه إلى الله تعالى بالدعاء بقلب نقي ومؤمن بقضاء الله، والشعور باليقين الكامل بأن الله سبحانه وتعالى سيستجيب وهو ما يجعله صابرًا محتسبًا لا يفكر في مغادرة دائرة الارتياح النفسي الذي ينشده كل إنسان سوي.
في الخلاصة ونظرًا للصفات الحسنة التي يمتلكها الإنسان الصبور أوصي نفسي ومن يقرأ كلامي أن يتجمل بالصبر قدر المستطاع ولا ينزلق لهواه أو تجره الحياة إلى ما لا يحمد عقباه فهناك سيخسر نفسه ودنياه كما آخرته وذلك هو الخسران الكبير.