حين يفرط الانسان في الشكوى

عزيز ملا هذال

2024-09-05 05:49

طبيعياً ان نحتاج الى التعبير عما يضايقنا من مشاعر الحزن والقلق والاحباط والتذمر من حين لآخر، ويكون التعبير في العادة للقربين نفسياً لمعرفة ارائهم والاستنارة بتوصياتهم والظفر بالدعم النفسي منهم، لنخفف من شعورنا بالألم الذي يحاصرنا لسبب او لآخر، فليس من انسان في هذا الكون بأجمعه الا ولديه من المشكلات ما لديه، ومن هذا تتنتج المشاعر السلبية الموجبة للتحدث للقرين.

ليس طبيعياً ان يعتاد الانسان الشكوى لاي سبب كان بسيطاً او معقداً ويلغي كل ايجابيات الحياة ويصاردها لصالح الجانب السلبي منها، فلا يمنح الفرد نفسة فرصة لرؤية الحياة من نافذة الامل فيسيطر عليه الضيق تحت تأثير السلبية القاتلة، ومع استمرار هذا النمط في التفكير، يصعب رؤية الإيجابيات، وتتفاقم الشكوى وتصبح معطلة للحياة، فما هي الاسباب التي تدفع الانسان الى كثرة الشكوى؟، وكيف نحمي انفسنا من الانخراط في دوامة الشكوى المستمرة؟

مثال:

احدهم الذي يجمعني به عمل معين في وقت مضى اكاد اجزم انه لم يمر يوم التقيه فيه الا واعقب تحية لي بالشكوى من قلة مرتبه الشهري الذي لا يوصله الى منتصف الشهر كما يدعي، وشكوى تعقب شكوى وكأنه اعد سلسة شكاوى تسرد بطريقة منظمة ومعدة جيداً، وعند محاولة عدم الاستماع له او التفاعل مع كلامه يحاول ان يشدني اليه ويؤنبني لعدم الالتفات اليه، هذا مثال واقعي لكثير الشكوى وما اكثرهم في وقعنا اليوم للاسف.

ينقسم المشتكون الى فئتين الاولى تبدأ بالشكوى لصرف النظر عن امتياز او وظيفة او مكسب حصل عليه بداعي الخوف من الحسد، على سبيل المثال يبدأ صديقك الذي اقتنى سيارة جديدة قبل ايام حديثه معك بكونه مطالب بتسديد متبقي المبلغ على شراء السيارة، او انه يبرر شراءه للسيارة لحاجته الماسة اليها وهو ما جعله مثقل بالديون.

الفئة الثانية هي فئة الذين اثرت فيهم بيئتهم التي تعج بها الشكوى فأنخرطوا في هذا الجو واعتادوا عليه وبالتالي اصبحوا كثيري الشكوى، والشكوى بالنسبه لهم اسلوب حياة يصعب عليهم الخروج عنه او تعديله وهذا حال الكثير من السلوكيات الانسانية التي تتشكل بفعل تأثير الجماعة على الفرد.

ما الذي يدفع الانسان لكثرة الشكوى؟

اول الاسباب التي تدفع الانسان لان يكون كثير الشكوى هو صعوبة حل المشكلات ورؤية الخيارات الأخرى والافتقار إلى المهارات اللازمة لحل المشكلة لكن المشكلة انه يفرط في الشكوى لمن هب ودب وهذا هو سر اعتبار الشكوى مرض اجتماعي.

ثاني الاسباب هو اللجوء الى الشكوى بأعتبارها وسيلة للفت الانتباه للحصول على الاهتمام والتعاطف والدعم وابعاد تركيز الاخرين على ممتلكاته، لذا يمارس هذه السلوكية.

السبب الثالث هو وجود الانسان المصاب بالشكوى في بيئة مليئة بالشكوى سواء في البيت أو العمل أو مجموعة أصدقاء معينة، وهوما يجعل الناس أكثر ميلا للتعبير عن مشاعرهم السلبية والتركيز عليها بفعل تأثير المحيط.

كيف نعالج داء الشكوى؟

لايقاف هذا المرض الاجتماعي المزعج لابد للانسان ان يحصل على الدعم الاجتماعي عند المرور بأزمة ما للتخلص من القلق والاحباط والخووف شريطة ان يتم اللجوء الى الشخص القريب نفسياً والذي تتوسم فيه الحكمة وحفظ الاسرار والشعور والاهتمام بحاجاتك والابتعاد عن الشكوى لاي انسان سيما الذين لا يقدرون حجم الضغط النفسي الذي يعيشه المشتكي.

ومن الاهمية بمكان ان يشكو الانسان الى من يفهمه بغية طلب المساعدة في ايجاد طريقة للتعامل مع مشكلة قائمة وليس بقصد استجداء التعاطف الذي يتمثل بالتعاطف اللفظي الذي لا يعدو كونه كلمات لا تغني ولا تسمن من جوع، وان لايعتاد الانسان على الشكوى في كل صغيرة وكبيرة لكون ذلك سيجعله كثير الشكوى يتهرب من سماعه والانصات اليه اقرب الناس منه، وبهذين الامرين يمكن ان يعي الانسان سلبيات الافراط في الشكوى قبالة عدم فائدتها وبالتالي يفضل في ايقافها.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي