كيف يؤثر تراجع الصحة العقلية على الشباب؟
شبكة النبأ
2023-05-11 04:46
الصحة العقلية هي الصحة العامة لكيفية التفكير وتنظيم المشاعر والتصرفات. قد يكون هناك اضطراب عقلي عندما تتسبب الأنماط أو التغييرات في التفكير أو الشعور أو التصرف في اضطراب أو تعطيل قدرة الشخص على العمل. قد يؤثر اضطراب الصحة العقلية على مدى قيامه على نحو جيد، بالحفاظ على العلاقات الشخصية أو العائلية، التصرف في المواقف الاجتماعية، الأداء في العمل أو المدرسة، التعلم بالمستوى المتوقع لعمره وذكائه، المشاركة في الأنشطة المهمة الأخرى
الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) هو دليل نُشر بواسطة الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين يفسر أعراض وعلامات مئات حالات الصحة العقلية، بما في ذلك القلق المزمن، والاكتئاب، واضطرابات الشهية واضطراب الكرب التالي للصدمة والفصام.
يعتبر كثير من الأشخاص الذين لديهم اضطرابات صحية عقلية علاماتهم وأعراضهم جزءًا طبيعيًّا من الحياة أو يتجنبون العلاج بسبب الشعور بالخجل أو الخوف.
في عام 2021، أصبحت المشاكل النفسية السبب الرئيسي لدخول الشابات والشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا إلى المستشفيات، متجاوزة بذلك لأوّل مرة الإصابات الجسدية الأخرى.
فقد تعرضّت الفتيات المراهقات في الولايات المتحدة لمستويات عالية وقياسيّة من العنف، والحزن، ومخاطر الانتحار في الأعوام الأخيرة بظل تراجع "كبير" و "مفجع" في صحة الشّباب ورفاهيتهم بشكلٍ عام، وفقًا لما ذكرته البيانات التي نشرتها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC).
وجُمِعت ردود الاستطلاع نصف السنوي المتمحور حول السلوك الخطر للشّباب (Youth Risk Behavior Survey) في خريف عام 2021، وتُقدّم أوّل نظرة على الاتجاهات منذ بداية جائحة "كوفيد-19".
وفي مؤتمرٍ إعلامي، قالت مديرة قسم صحة المراهقين والمدارس في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، كاثلين إيثير، إنه "كانت هناك العديد من المؤشّرات التي تسير في الاتجاه الخاطئ قبل الجائحة. وتُظهر هذه البيانات أنّ أزمة الصحّة النفسيّة بين الشّباب مستمرّة"، مضيفةً أنّ النّتائج "مُقلِقة".
ووجد الاستطلاع زيادة في تحدّيات الصحّة العقليّة، والتجارب العنيفة، والأفكار والسلوكيات الانتحاريّة بين جميع المراهقين.
وأفاد أكثر من 40% من طلبة المدارس الثانوية أنّ مشاعر الحزن أو اليأس منعتهم من القيام بأنشطتهم المعتادة لأسبوعين على الأقل سنويًا.
وكانت الفتيات في وضعٍ أسوأ من الأولاد على نطاق واسع، بالإضافةً لوجود "معاناة مستمرّة وشديدة" بين المراهقين الذين يعتبرون أنفسهم من مجتمع الميم.
وشعرت غالبية الفتيات المراهقات (57%) بالحزن المستمر أو اليأس في عام 2021، ويساوي ذلك ضعف معدّل الفتيان المراهقين (29%).
وفكّرت 1 من كل 3 فتيات مراهقات تقريبًا في محاولة الانتحار بجديّة.
وتزايد المعدّلان "بشكلٍ كبير" خلال العقد الماضي، بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
وحقّقت القليل من مؤشرات صحّة المراهقين ورفاهيتهم تحسنًا مستمرًا، بما في ذلك الانخفاض في السلوكيّات الجنسيّة المحفوفة بالمخاطر، وتعاطي المخدّرات، والتّنمر في المدارس.
وأشار تقرير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها إلى أنّ المؤشرات الأخرى "ساءت بشكلٍ ملحوظ".
وأظهرت أحدث البيانات زيادة نسبة الشّباب الذين لم يذهبوا للمدرسة بسبب مخاوف تتعلّق بالسّلامة.
كما كانت هناك زيادة أيضًا في مستوى تعرّض الفتيات المراهقات للعنف الجنسي، وتعرّض الفتيان المراهقين للتّنمر الإلكتروني.
وتعرّضت واحدة من كل 5 فتيات مراهقات تقريبًا (18%) للعنف الجنسي في العام الماضي، وأُجبرت واحدة من كل 7 منهن (14%) على ممارسة الجنس.
وقالت إيثير: "هذه البيانات واضحة، شبابنا يعانون من أزمة".
وأكّد كبار مسؤولي المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، ورئيسة رابطة الآباء والمعلمين (PTA)، آنا كينغ، على الدّور المهم للمدارس.
وأوضحت كبيرة المسؤولين الطبيين في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، الدكتورة ديبرا حوري، أن "المدارس تقف على الخطوط الأماميّة لأزمة الصحّة العقليّة، ويجب أن تكون مجهّزة بالأدوات التي أثبتت فائدتها لمساعدة الطلبة على الازدهار".
وتتضمن تلك الأدوات تدريب الموظّفين للتعرّف على تحدّيات الصحّة العقليّة وإدارتها، وبرامج الإرشاد والتّوجيه، وغيرها من البرامج التي تشجّع على التواصل والتدخل.
ما يثير قلق الأهل
وفي سياق متصل توصلت نتائج استطلاع جديد إلى أنّ 40٪ من الأهل الأمريكيين قلقون "للغاية" أو "جدًا" من أن يعاني أطفالهم من القلق أو الاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم.
وأفاد تقرير مركز بيو للأبحاث أن الصحة العقلية كانت مصدر القلق الأكبر للأهل، يليها التنمر الذي يقلق 35٪ منهم. هذه المخاوف فاقت تلك المتصلة بالاختطاف، ومخاطر المخدرات، والكحول، وحمل المراهقات، والوقوع بمشاكل مع الشرطة.
كما تباينت المخاوف بحسب العرق، والإثنية، ومستوى الدخل، حيث قال قرابة 4 من كل 10 أهل لاتينيين ومنخفضي الدخل، و3 من كل 10 أهل سود البشرة إنهم قلقون للغاية، أو قلقون جدًا من احتمال إطلاق النار على أطفالهم، مقارنة مع حوالي 1 من كل 10 من ذوي الدخل المرتفع، أو الأهل ذات البشرة البيضاء.
وقال قرابة ثلثي المستطلَعين إن الأمومة والأبوة أصعب إلى حد ما ممّا كانوا يتوقعون، وأشار حوالي 41٪ إلى أنّ لعب دور الأهل أمر متعب، و29٪ إن الأخير أمر مرهق طوال الوقت، أو معظمه.
وأشار الخبراء أيضًا إلى أنه يجب على الأهل مراقبة الكم والمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بأطفالهم، حيث وجدت الأبحاث أنه قد يكون لها انعكاسات سلبية على صحتهم العقلية.
نوبات قلبية أو سكتات دماغية
أظهرت دراسة جديدة أنّ البالغين في العشرينيات والثلاثينيات من العمر الذين يعانون من اضطرابات عقلية، أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
ونظرت الدراسة التي نُشرت في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية في البيانات الصحية لأكثر من 6.5 مليون شخص من خلال قاعدة بيانات خدمة التأمين الصحي الوطنية الكورية.
وتراوحت أعمار الأشخاص الذين شملتهم الدراسة الجديدة بين 20 و39 عامًا، وخضعوا لفحوصات صحية بين عامي 2009 و2012. وتمت مراقبة صحتهم حتى ديسمبر/ كانون الأول 2018، بحثًا عن تحديد بداية تعرضهم لنوبات قلبية وسكتات دماغية.
وبحسب الدراسة، فإن حوالي 13٪ من المشاركين عانوا من نوع من الاضطرابات النفسية، التي تشمل الأرق، والقلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب تعاطي المخدرات، واضطرابات الأكل، والاضطراب ثنائي القطب، والفصام، أو اضطراب الشخصية. بحسب موقع سي ان ان.
ووجدت الدراسة أنّ الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 40 عامًا، ويعانون من اضطراب عقلي، كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بنسبة 58٪، وأكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بنسبة 42٪ مقارنة مع الأشخاص الذين لا يعانون من اضطراب.
وقالت الدكتورة كاثرين إيرليش، الأستاذة المساعدة بعلم السلوك وعلوم الدماغ في جامعة جورجيا، غير المشاركة في البحث: "عرفنا منذ بعض الوقت أنّ الصحة العقلية والصحة البدنية ترتبطان، لكن ما أجده مثيرًا للدهشة بشأن هذه النتائج أن هذه الروابط كانت واضحة في مثل هذه السن المبكرة".
ولفتت إلى أنّ أمراض الشرايين التاجية والنوبات القلبية نادرة قبل سن الأربعين، لذلك كان هناك حاجة لدراسة كبيرة مثل هذه لمعرفة العلاقة بين الصحة العقلية والتعرض (لأمراض القلب والنوبات القلبية) غير المألوفة لدى الشباب.
ورغبت إيرليش بمعرفة المزيد عن النشاط البدني والوجبات الغذائية للأشخاص المعنيين بهدف فهم أفضل لما إذا كان ثمة تأثير لهذه العوامل على العلاقة بين حالات الصحة العقلية، والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية.
وأشارت الدراسة إلى أنه لا يمكن أن يُعزى الخطر المتزايد إلى التفاوت في أنماط الحياة المعتمدة فقط، حيث ضبط المؤلفون العوامل التي تشمل العمر، والجنس، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع الكوليسترول، ومتلازمة التمثيل الغذائي، وأمراض الكلى المزمنة، والتدخين، والكحول، والنشاط البدني، والدخل.
وأفاد مؤلف الدراسة الدكتور إيو كيون تشوي، أستاذ الطب الباطني بكلية الطب في جامعة سيؤول الوطنية بكوريا الجنوبية، أنّ هذا لا يعني أنه يجب تجاهل نمط الحياة.
وأضاف تشوي في بيان أنه "في حين أن سلوكيات نمط الحياة لا تفسر الخطر المتزايد على القلب والأوعية الدموية، لا يعني هذا أنّ اتباع العادات الصحية لن يحسن من توقّع مسار المرض". وأشار إلى أنه "لذلك يجب التوصية بتعديل نمط حياة الشباب الذين يعانون من اضطرابات عقلية لتعزيز صحة القلب".
وأفاد مؤلف الدراسة الدكتور تشان سون بارك، الباحث في مستشفى جامعة سيؤول الوطنية، أنه بكوريا الجنوبية يعاني واحد من كل ثمانية أشخاص تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عامًا من أحد أنواع الأمراض العقلية، ما يعني أن عددًا كبيرًا من الأشخاص قد يُصبحوا عرضة للإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
وأضاف بارك أن ذلك قد يشير إلى وجود حاجة أكبر لإدارة الظروف النفسية ومراقبة صحة القلب لدى المعرضين للخطر.
وفي هذا الشأن، قالت إيرليش: "إذا تمكنا من تقليل عدد الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي مزمن، فقد نجد فوائد ثانوية في السنوات المقبلة لجهة عدد الأشخاص الذين يعالجون الأمراض المتعلقة بالقلب".
وأضافت أنه من المهم الإشارة إلى أنّ النتائج لا تُظهر أنّ الأمراض العقلية تتسبّب بأزمات قلبية أو سكتة دماغية. لكن البحث يشير إلى عامل خطر يجب الانتباه إليه.
وتابعت إيرليش أنه قد تنجم فائدة عن التدابير الوقائية لجهة تقليل المخاطر، وقد تشمل الحفاظ على نظام غذائي صحي، ودمج النشاط البدني.
وأوصى تشوي بأن يخضع الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية عقلية لفحوصات منتظمة أيضًا.
وأضاف أنّ هذه النتائج قد تؤكد أيضًا أهمية معالجة الشعور بالوحدة.
ولفتت إيرليش إلى أنّ "العديد من المصابين بمرض عقلي يعانون من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة، ولسنوات كان الباحثون يدقّون ناقوس الخطر من أنّ الوحدة قد تضرّ بالصحة الجسدية".
وأضافت: "قد تكون الجهود المبذولة لتحسين الترابط الاجتماعي بين الشباب حاسمة في معالجة المعدلات المتزايدة لأمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة البلوغ".
تخلّي طلاب الجامعات عن متابعة دراستهم
إيزابيل، طالبة جامعية تبلغ من العمر 20 عامًا، معتادة على العمل المضني. فبعد تخرجها من المدرسة الثانوية قبل عام، عملت بـ3 وظائف معظم عام 2021. لكن عندما بدأت دراستها الجامعية في الخريف، شعرت أنّها "تغرق". بحسب موقع سي ان ان.
لم تجد نفسها في الفصل الأول، وكانت تبكي كثيرًا أكثر مما اعتادت عليه.
لكنها بلغت الذروة خلال امتحان اللغة الإسبانية. سمعت إيزابيل، التي يُنظر إليها على أنها لاتينية وسوداء اللون على حد سواء، مقطع فيديو كان يشاهده طلاب آخرون حول العنصرية في مجتمعاتها. تضخّمت مشاعرها السلبية، وخرجت من دون أن تنهي الاختبار. عادت مسرعة إلى غرفتها، غاضبة ومستاءة، وكسرت بطاقة الطالب الخاصة بها عند محاولتها فتح الباب.
وقالت إنها شعرت بنوبة هلع. وروت إيزابيل أنها توسّلت إلى والديها كي يسمحا لها بالبقاء في الحرم الجامعي، لكنهما أصرا على أن تقطع مسافة ثلاث ساعات بالسيارة إلى المنزل، وسرعان ما أخذت سحبًا طبيًا.
وقد أظهر استطلاع جديد أنّ عددًا كبيرًا من طلاب الجامعات يعانون من مشاكل الصحة العقلية، وأن نسبة متزايدة منهم تفكر بعدم إكمال الدراسة.
2 من كل 5 طلاب جامعيين، نحو 50% منهم من الطالبات، يتعرضون لضغوط عاطفية أثناء التحاقهم بالكلية، وفقًا لمسح نشرته مؤسسة غالوب ولومينا الخميس، وهي منظمة خاصة مستقلة تركز على إتاحة فرص تعليمية في مرحلة ما بعد الثانوية. وأُجرِي الاستطلاع في خريف عام 2022، وسأل 12 ألف بالغ حاصلين على شهادة الثانوية العامة لكنّهم لم يكملوا درجة الزمالة أو الإجازة.
وكشف الاستطلاع أن أكثر من 40٪ من الطلاب المسجلين حاليًا في برنامج الشهادة الجامعية قد فكروا بترك الدراسة في الأشهر الستة الماضية، مسجلين ارتفاعًا من نسبة 34٪ في السنة الأولى من جائحة "كوفيد-19". وأعاد معظمهم السبب إلى التوتر العاطفي والصحة العقلية الشخصية، أكثر من الاعتبارات المالية وصعوبة الحصص الدراسية.
وتعتبر سنوات البالغين الشباب المقترنة بالتغييرات المهمة التي تترافق غالبًا مع الالتحاق بالجامعة والضغط الإضافي المصاحب لها، وقتًا دقيقًا للصحة العقلية عمومًا، بحسب الخبراء.
وقالت سارة ك. ليبسون أستاذة مساعدة في جامعة بوسطن، وباحثة رئيسية في منظمة Healthy Minds Network البحثية، التي تركز على الصحة العقلية لدى المراهقين والشباب، إنّ "حوالي 75٪ من مشاكل الصحة العقلية مدى الحياة تظهر بحلول منتصف العشرينيات، ما يعني أن سنوات الكلية هي وقت حرج جدًا من الناحية الوبائية".
ثم أنه بالنسبة للعديد من المراهقين والشباب، يترافق الانتقال إلى الكلية بالتمتع باستقلالية جديدة. قد يعانون من علامات وأعراض أولية لمشاكل الصحة العقلية سابقًا، لكنّهم يختبرون حاليًا هذا المستوى الجديد من الاستقلالية التي تتضمّن استقلالًا جديدًا لجهة اتخاذ القرار من حيث صلته بالصحة العقلية".
يُقدر أنّ 1 من كل 5 بالغين في الولايات المتحدة مصابون بمرض عقلي، ويتأثر الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا بشكل متفاوت بذلك. وتتزايد نسبة طلاب الجامعات الذين أبلغوا عن شعورهم بالقلق والاكتئاب منذ سنوات، وقد ازداد هذا الواقع سوءًا خلال جائحة "كوفيد-19".
وأظهر تحليل للبيانات الفيدرالية أجرته مؤسسة Kaiser Family Foundation أن نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا قد أبلغوا عن أعراض قلق واكتئاب عام 2023، مقارنة مع حوالي ثلث البالغين عمومًا.
ورأى الخبراء أن الصحة العقلية في الكلية مهمة للغاية.
وأشارت ليبسون إلى أنّ "التنبؤ بكل نتيجة طويلة الأمد تقريبًا نهتم بها، ضمنًا أرباحهم الاقتصادية المستقبلية، وإنتاجية مكان العمل، وصحتهم العقلية في المستقبل، وصحتهم البدنية أيضًا".
وتبيّن أنّ الحاجة إلى الدعم ملحة. فقد أجاب نحو 1 من كل 7 طلاب جامعيين أنّ لديهم أفكارًا انتحارية، وهذا رقم أعلى من العام السابق، وفقًا لمسح خريف 2021، الذي أجرته شبكة Healthy Minds Network.
عرفت إيزابيل أنها كانت تعاني، لكنّ الأمر استغرق بعض الوقت كي تدرك مدى تحدّيات صحتها العقلية.
وقالت: "الأمر الأول الذي عانيت منه هو الشعور بالإرهاق".
بالنسبة إلى إيزابيل، كما هي حال العديد من طلاب الجامعات، فإن التفكير أو اتخاذ قرار بالتخلي عن متابعة التحصيل الجامعي بسبب تحديات الصحة العقلية، يترافق مع مشاعر سلبية، مثل القلق والخوف والحزن.
وقالت جولي ولفسون، مديرة التوعية والبحث في برنامج College ReEntry لدى Fountain House، وهي منظمة غير ربحية تعمل على دعم الأشخاص المصابين بأمراض عقلية، إنه "بالنسبة لكثير من الطلاب، هذا لا يتماهى مع ما تخايلوا أنّ حياتهم ستكون عليه. هذا ليس الجدول الزمني الذي وضعوه لأنفسهم".
وتابعت: "هم يرون أصدقاءهم يواصلون تقدّمهم، ويتخرّجون، ويحصلون على أول وظيفة لهم. فيما يشعرون بأنهم عالقون وكأنهم يشاهدون خطة حياتهم تتلاشى".
وهذا الواقع قد يشكل نوعًا من "دوامة عار" بحسب ليبسون.
لكن خبراء الصحة العقلية يشدّدون على أهمية إعطاء الأولوية للاحتياجات الشخصية في الحالة الراهنة.
قال ماركوس هوتالينغ، عالم النفس في Union College، ورئيس رابطة مديري مراكز الإرشاد في الجامعات والكليات: "لا عيب بأخذ إجازة لبعض الوقت".
وتابع "توقف عن فصل دراسي، أو لسنة كاملة حتى، وحسّن نفسك من خلال العلاج أو الدواء، ثم عد أقوى، طالبًا أفضل، وأكثر تركيزًا، والأهم من ذلك، أكثر صحة".
كما أن الخبراء يشجعون مؤسسات التعليم العالي للمساعدة على تخفيف هذا الضغط من خلال وضع سياسات تبسط عملية العودة.
وأضاف: "آمل في المستقبل، أن توضع سياسات وأنظمة أكثر ترحيباً بالطلاب الذين يحاولون الاعتناء بأنفسهم".
إن إدارة الصحة العقلية تختلف من شخص لآخر، ويقول الخبراء إنّ الاستراحة من المدرسة ليست الحل الأفضل للجميع.
وقال رايان باتيل، رئيس قسم الصحة العقلية بجمعية الصحة بالكلية الأمريكية وكبار الأطباء النفسيين بولاية أوهايو، إنّ تتبّع التقدم من خلال التقييمات الذاتية للأعراض ومقاييس الأداء، مثل حضور الفصل ومواكبة المهام، قد يساعد.
وقال الخبراء إنه لفترة من الوقت كان يصعب توضيح المشكلة، وتحويلها إلى قضية من أجل زيادة الاهتمام بصحة طلاب الجامعات العقلية. الآن، يُشار باستمرار إلى الصحة العقلية للطلاب باعتبارها القضية الأكثر إلحاحًا بين رؤساء الكليات، وفقًا لمسح أجراه المجلس الأمريكي للتعليم.
مع زيادة الحاجة إلى الخدمات، تعاني مراكز الاستشارات الجامعية كي تتمكن من تلبية الطلب، مع النقص بعدد اختصاصيي الصحة العقلية داخل الحرم الجامعي.
وقال هوتالينغ إنه "لدى الكليات مهمة تعليمية، وأسعى كي يتوسع هذا المفهوم ليشمل التعليم حول الصحة والسلامة".
وتابع بأنه يجب تدريب أعضاء هيئة التدريس بالكلية على التعرف على المخاوف أو التهديدات الفورية حفاظًا على سلامة الطالب. لكن يجب أن يفهموا أيضًا أنه يمكن للطلاب مواجهة مجموعة من تحديات الصحة العقلية وتحديد الوجهة المناسبة لتوجيههم إليها.