عقدة الاستعلاء: حين يحاول الانسان تعويض الشعور بالدونية

عزيز ملا هذال

2023-02-20 05:32

كثيرة هي الامراض والعقد النفسية التي تصيب الانسان وتفقده توازنه النفسي، ومن هذه العقد هي عقدت الاستعلاء التي اصبحت تنتشر كالنار في الهشيم بالمجتمع العراقي، وهذه العقدة في مجتمعنا ربما وليدة ثقافة التفضيل والتمييز غير الصائب والمبينة على اسس واهية وغير منطقية لكن ثقافة المجتمع هي من تدفع بتكوينها وتحت ظروف ومسببات عديدة.

عقدة الاستعلاء هي ابنة عقدة الدونية او عقدة الشعور بالنقص، فالأنسان الذي اشتوى بنار عقدة الدونية يحاول عبر عقدة الاستعلاء ان يداوي جراحه، فيحاول إخفاءه اثر الاولى بالتكبر على الآخرين فما هي هذه العقدة؟ وماذا تخفي من مشاعر وافكار؟ وما هي مجالات انتشارها، وماهي ملامحها؟ وكيف يمكن ان تعالج؟

تعرف عقدة الاستعلاء بأنها إحدى الطرق التي يستخدمها الشخص الذي يشعر بمركب الدونية للإفلات من الصعوبات التي يواجهها، فيدعي أنه أكبر من ذلك وهو في الحقيقة ليس كذلك، وهذا النجاح الكاذب يعوض حالة الدونية التي لا يمكنه تحملها.

ربما لا نجافي الحقيقة ان قلنا ان جذوة هذه العقدة مشتعلة في داخل معظم البشر الا ان خبرات الفرد البيئية هي من تجعلها تتوقد اكثر او تنطفئ، فعقدة الاستعلاء موجودة في نفوس كبار الشخصيات واصحاب الشهادات بأنواعها كما المهن بأنواعها واصحاب المناصب العليا هم الآخرين ليسوا براء منها، وهذه ليس اتهامات نسوقها اليهم بقدر ماهو استقراء للشخصيات الانسانية نتيجة المعايشة مع شخصيات متنوعة ومتعددة المشارب والاجناس والصفات.

أهم الأعراض التي تدل على هذه العقدة هي تقيم الانسان لنفسه تقييمات عالية للقيمة الذاتية ووجود آراء عالية عن النفس، يركز الانسان على المظهر بدرجة كبيرة ما يدلل على الغرور، يظهر الانسان المصاب عدم رغبته بالاستماع للآخرين لكونه يعتقد انه افضل منهم.

تصطبغ اكثر سلوكياته الفرد بصبغة السعي لتعويض النواقص في حياته ففي حال الشعور بالنقص في جانب معين يتم التعويض بطريقة مبالغ فيها وبشكل غير ضروري مثل شراء الملابس الفاخرة والمبالغة في دخول المطاعم وما الى ذلك من السلوكيات المشوهة، ويكون الفرد ايضاً ذو مزاج بشكل سلبي بسبب تناقض الشخصية ما بين التفوق والشعور بالنقص.

كما ان الانسان المصاب بعقد الاستعلاء عادة ما يكون انانيا وهو ما يجعل علاقاته مع الاخرين قصيرة الامد ومصلحية، يجري المقارنات بطريقة كبيرة مع الآخرين واغلب هذه المقارنات غير منطقية ولا واقعية، والميل للمسك بزمام الامور من حوله ولو بطريقة غير قانونية مما يجعله يصدر قرارات شخصية عشوائية، واخيرا ً يكون لديه شعور عالي بالاستحقاق، فكل ما يحدث من حولهم هو أمر واجب بالنسبة لهم فلا يظهرون الامتنان.

الحل هو ان يتدرب الانسان على حل المشكلات التي تواجهه مستخدماً طرقاً مفيدة وغير مشوهة، ووضع تحقيق ذاته كهدف يسعى اليه وليس الاستعلاء هو الهدف على حساب القيم والاخلاق، فالمحاولات غير المجدية التي يقوم بها الانسان من اجل اثبات الافضلية من دون الاعتماد على فضائله الشخصية ستدمره وتجعله اسير هذا الهدف الذي ترسمه لك الاحلام والخيالات غير السليمة، ثم لابد للانسان ان يعتبر ان النقص الذي واجهه في حياته هو من اسهم بصورة او بأخرى في صناعته وهو من كون منه انسان ناجحاً، فلا داعي لهذه الشراهة والابتذال في طلب التمييز الذي قد يأتي وقد لا يأتي فأن اتى فلن يزيد من انسانيتك شيء وان غاب فلا قيمة له ان كان قد اتى بما لا يرضي الانسان ولا ضميره ولا الذي من حلوه.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي