لماذا نكره النظر الى المرآة؟

عزيز ملا هذال

2022-02-08 06:23

جميعنا يحب الظهور بمنظر لائق ومقبول مجتمعياً، ولأجل ذلك يختار ملابسه وقصة شعره وجميع ما يتعلق بمظهره الخارجي بعناية، ولعل الاغلب يذهب الى الاطلاع للمرة الاخيرة على صورته النهائية عبر المرآة التي تعطيه حكم بقبول او برفض او ايعاز بالتعديل، ومن هنا فأن الوقوف امام المرآة امر طبيعي جدا بل ضروري بالنسبة للكثيرين سيما النساء التي تقضي امامها وقت اطول بالمقارنة بالرجال.

رغبة الاغلب من الناس في رؤية مظهرهم بالصورة النهائية قبل الخروج لا تنفي رغبة فئة من الناس في تجنب النظر الى المرآة خوفاً، قد يبدو الامر صعب التصديق حين يذكر بهذه البساطة لكن في الحقيقة انها مشكلة قائمة تعرف بـ (رهاب المرايا) او (السبكتروفوبيا) الذي يعاني بموجبه المصاب من الخوف الشديد بمجرد النظر في المرآة أو حتى عند المرور بجوارها، وفي بعض الحالات يرفض حتى التصوير الفوتوغرافي أو الفيديو لكونه يعطي صورة تشبه صورة المرآة.

ويخشى بعض المصابين بهذا الرهاب رؤية الاشكال المعكوسة وان كانت صورهم لانهم يعتقدون انها ليست حقيقية او مشوهة او انهم يعدونه من الأشياء الخارقة للطبيعة أو المخيفة، بينما البعض الآخر تنتابهم حالة من الخوف عن النظر الى المرآة ليست من المرآة ذاتها انما من الافكار الوسواسية التي تختزن في ذاكرتهم والتي تثار عند النظر الى المرآة.

وهناك سبب اخر يعد اصلاً المخاوف هو وجود عاهة في الشكل الخارجي وحين النظر اليها تتولد مشاعر سلبية تتعلق بالحادث او بالصورة المشوهة والتي يراها صاحبها بأنه عيب مفضوح، وبعض الاشخاص يقومون بإغماض اعينهم عندما يذهبون إلى الحلاق أو يخفون المرآة من خلال قطعة قماش، وإذا ساروا في الشارع فإنهم لا ينظرون إلى واجهات المحال الزجاجية.

المصابون برهاب المرايا لا يتجنبون فقط النظر في المرآة بل الى أي سطح عاكس يمكن من خلاله رؤية صورته ويترتب على ذلك أنه عندما يستيقظ في الصباح لا ينظر في المرآة حتى يرى شكله مما يضطره الى الاستعانة بأحد الموجودين معه كشقيق أو زوجة أو صديق مثلاً حتى يبدي رأيه في مظهره العام.

أعراض مرض الخوف من المرايا هي الرجفة، تزايد التفكير في الموت، وتسارع ضربات القلب، محاولة الهرب او السير بسرعة عندما تكون مرآة عاكسة، الصراخ والبكاء بالنسبة للأطفال، جفاف الفم، اتساع العين، التعرق المفرط، واضطراب التنفس.

الأسباب العامة

الاسباب التي ينتج منها رهاب المرايا غير معلومة حتى يومنا هذا وما سنذكره هي مجرد تخمينات وتوقعات قد تكون في مجملها مسببات له، ومن هذا التخمينات: امكانية تعرض الفرد الى صدمة نفسية نتيجة تعرضه لحادث سير تسبب بتخريب وجهه بسبب تكسر مرآة السيارة وتطايرها عليه، وقد يحدث هذا الخوف من ادعاء البعض برؤية أشباح أو أرواح وصور للشيطان او قيام الاهل بسرد مثل هذه الحكايات لابنائهم مما يجعلهم لا ينظرون الى اي شيء فيه عمق وظلام او تموج.

كما إن بعض من يعانون هذا الخوف يكون سببه مشاهدة أفلام رعب، سببت لهم خوفاً شديداً لم يحتمله العقل، والتعرض الى كوابيس واحلام مزعجة يؤدي الى زيادة الضغط العصبي والنفسي للمريض مما يجعله غير محتملاً لرؤية شكله في المرآة وبذا يصبح الامر سلوكية مخيفة بالنسبة اليه، ويمثل الشعور الداخلي للانسان من كونه أنها تراقبه، يعد سبباً نفسياً بحتاً لهذا الخوف، واخيراً نكرر ما قلناه ان ماذكرناه هي مجرد تخمينات للخوف من المرآة.

العلاجات الممكنة

اول العلاجات واكثرها فاعلية للتغلب على مرض رهاب المرايا هو التعريض التدريجي للمرايا وذلك بالنظر لصور المرآة ومن ثم النظر في مرآة حقيقية وبذا يمكن التغلب على حالة الخوف يوم بعد آخر ولكن على وتيرة بطيئة، ويحتل العلاج المعرفي السلوكي المرتبة الثانية في تصنيف العلاجات التي يمكن ان تحد من الخوف من المرايا ويتم العلاج به عبر محاولات اقناع المريض بأن المرآة جسم عادي وليس له اية علاقة بالأفكار التي تجعله يخاف منها وبذا يمكن ان يغادر خوفه عن قناعة وبالتالي لن يعود اليه هذا الخوف مرة اخرى على عكس العلاجات التي تمارس بالفرض على المريض، تلك ابرز وافضل طريقتين لعلاج رهاب المرايا.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي