قوة الوعي في الإصلاح الذاتي
عزيز ملا هذال
2021-03-16 08:31
الوعي الانساني هو تلك المعرفة لشيء ما لم نعرفه من قبل، والحواس هي البوابات التي يمر من خلالها الوعي ليعبر الى فلتر الفكر ثم المعرفة البدائية والوعي الناضج، وعملية الوصول الى الوعي الكامل تشبه الى حد بعيد المعلومات التي يتم ادخالها الى جهاز الحاسوب حيث يتم تحليلها واعطاء المخرجات.
الوعي الانساني افضل من الوعي الفردي او اكثر مسؤولية، فصحاب الوعي الفردي يندد بما يصيبه او يرفض ما يتعرض له هو شخصياً ويحاول تجنبه، اما صاحب الوعي فهو يندد بما يعتقد ان يهدد الانسانية وموعياً الناس الى تجنبه فهو يعني الكل وليس الجزء ومن هنا يأتي تفضيل الوعي الانساني على الوعي الفردي لأنه تخطى الفردية نحو الجماعية.
ليس لدينا تحكم في نوع المدخلات او عبر أي بوابة ستمر فالأذن تسمع والعين ترى كما اليد تلمس والانف يشم واللسان يتذوق وفي النهاية يصدر الحكم على مدى التعرف او التيقن مما تم مسحه في الـ(سكنر).
يمكن ان نتزود بالوعي من ذواتنا او من الاخرين حولنا، فيمكن ان تعي ما حولك بذاتك عن طريق تحليل المعطيات التي رصدتها حواسك، ومن خلال التحليل الحكيم ايضاً يمكن التميز بين ما هو ضار وما هو نافع او تدرك ان شيء قد حصل كنتيجة استنتجتها من بعض العلامات على سبيل المثال حين نسمع اثناء سيرنا في طريق ما صوت احتكاك الفرامل لأحد السيارات يعقبها صراخ لطفل او تعالى اصوات شتم مع تعالي الغبار فتحليلنا في هذه اللحظات لما جرى هو ان حدث حادث سير وهنا يتولد لديك وعي بضرورة ان يكون عبور الشارع بطريقة واعية وفطنة حتى لا تتكرر الحادثة ذاتها وبذلك التوعية تولدت ذاتياً.
لكي يتحمل الانسان مسؤولياته بما تتضمن تحديات وقرارات مصيرية يتطلب مواجهتها والبت فيها ينبغي ان يكون واعياً بما يمكنه من ادارة نفسه كما يجب ان يكون سيد قراره ومسيراً لمشاعره وافكاره وافعاله وفي حال لو اننا في حقيقة الأمر ليس لنا من الأمر شيء؟ فلا نختار أفكارنا وما يعترينا من مشاعر، بل اننا فقط مجرد مستقبل لها.
ولعل اغلب ويلاتنا ومشاكلنا وما يحصل لنا على الصعيد المجتمعي والسياسي والديني والثقافي ما هو الا بسبب تدني مستويات الوعي لدينا او عدم تمكنا من صنع وعي مختلف لمرحلة مختلفة في حياتنا.
الوعي الثقافي
على الصعيد الثقافي نحن شعوب لا نملك من الوعي الثقافي الذي يدفعنا باتجاه تنمية الكثير من السلوكيات السليمة في الاوساط المختلفة، فمشكلة تدني الوعي الثقافي من اهم المشاكل التي تثار في احاديث المثقفين او من يهمهم رفع مستويات الوعي، ومن هنا يتحمل المثقفون مسؤولية ثقيلة في خلق روح البصيرة وتدبر في حياة الانسان.
ويخطئ من يرى ان الثقافة هي حصة نخبة من الناس وفائدتها مقتصرة عليهم فقط، والصواب ان الثقافة مسؤولية مشتركة ليس للمثقفين وحدهم ولكن النخب الأخرى، ومن يمتلك ثيمة ثقافية يمكن ان يحسن التصرف في الكثير من الامور وتلك هي قيمة هذا النوع من الوعي.
الوعي الديني
اهمية الوعي تأتي من كونها الدعامات الحقيقة بوجه هجمات التطرف التي اسهمت في الكثير من الحروب والقتل والتشريد رابطين افعالهم اللاإنسانية بدافع ديني يسوغ لهم كل ما يقومون به جهلاً وسذاجة، كما الوعي الديني يجعل الانسان مدركاً لعملية اختيار قادته الدينين الذين يوصلونه الى طاعة الله وعبادته سيما ونحن نعيش في زمن الفتن وتقمص الادوار القيادية الجوفاء وغيرها من الادعاءات الباطلة، فالعكس يعني ان يسير الناس حول اناس لا يملكون من الدين سوى اسمه وهذا يعني التقبل لكل ما يملى عليهم بممنونية لعدم امتلاكهم (الاتباع )ما يدفعهم الى الاعتراض او حتى المناقشة.
الوعي السياسي
اهمية الوعي السياسي في حياة البشر تنبع من اهمية السياسة في رسم خارطة العمل السياسي، ولسنا مبالغين اذا قلنا ان الوعي العام لا يكتمل الا بوجود وعي سياسي لدى الانسان.
فلو تسلحنا بوعي سياسي لما سرنا وراء ثلة من الساسة لا تفقه في امور السياسة شيء وما يهمهم هو الحصول على ما يبقيهم على كرسي الترف والسطوة، او لقلبنا الطاولة عليهم في اي فرصة تحين لكننا نعيدهم في كل مره ليحكمونا بغطرسة ودموية مع انعدام الشعور بمن يحكمون، والمصداق على ادعاءنا هو عودة الكثير من الوجوه السياسية الكالحة بعد كل عملية انتخاب في العراق.
الوعي المجتمعي
حين يغيب الوعي المجتمعي يكون المجتمع ارضاً خصبة لتقبل كل فساد او ارهاب او افكار فاسدة او سلوكيات منحرفة وبذا تهدم الشخصية الانسانية او تنمسخ دون عناء، كما ان غياب الوعي المجتمعي او الفكري يجعل من عقل الانسان مغتصباً او مجمداً وفي كلتا الحالتين لم يؤدي دوره، وهذه هي مبررات ان يمتلك الانسان وعياً مجتمعياً.
في الختام نقول ان الانسان حين يمتلك وعياً نسبياً في كل جانبً من جوانب الحياة فأن هذا الوعي يحميه من الكثير من السلوكيات غير السوية وهذه هي قوة الوعي في تغير الانسان وسموه.