ثقافة نفسية: الرهاب الاجتماعي
أ. د. قاسم حسين صالح
2019-08-03 06:10
هو خوف دائم وواضح من واحد أو أكثر من المواقف الاجتماعية أو الأداء الاجتماعي، بمعنى آخر هو خوف الفرد من المواقف التي يوجد فيها ناس آخرون. ولا يعني ذلك خوفه من إلحاق الأذى به، إنما يخاف أن يمعن الآخرون النظر فيه، فيشعر عندها بالإحراج أو الخجل أو الارتباك، ولهذا فهو إذا كان يأكل ورأى الآخرين ينظرون إليه، فأن الملعقة قد تقع من يده. وإذا كان بيده كوب الشاي فقد ينسكب عليه.
ولهذا فأن قلقه المفرط هذا يضعه أمام خيارين، إما أن يتوقف عن الأكل أو الشرب ، وإما أن يغادر المكان .والمفارقة أن المصاب بالرهاب الاجتماعي يدرك ان خوفه هذا زائد عن الحد او غير معقول ولكنه لا يستطيع السيطرة عليه .
والشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي يخاف أيضاً من النقد ، أو الظهور أمام الآخرين ، أو ممارسة الرياضة بحضورهم ، او مواجهة الجنس الآخر، .. بل هو يخشى حتى التقاء العيون . وهو إذا تعرض إلى مثل هذه المواقف فأن الشيء الذي سيشغل تفكيره هو خوفه من الفشل أمام الآخرين . ومشكلته أو علّته انه يتوقع حدوث هذا الفشل . ويزداد يقينه بذلك عندما يبدأ وجهه بالاحمرار، وترتعش يداه ، ويتصبب العرق منه ، وتزداد ضربات قلبه . وتعمل هذه الأعراض كلها كما لو كانت جرس إنذار بحصول ما لا يحمد عقباه ، يدفعه إلى أن يغادر الموقف فيتجنب الموقف الإجتماعي بالهرب منه . أما إذا أضطر مجبراً على البقاء فيه ، فأنه سيغض بصره عن الآخرين ، وينظر إلى الأرض أو الفضاء أو أي شيء آخر يشغله عن الآخرين ، ويكون صوته ضعيفاً خافتاً .
وتصاحب الخوف الاجتماعي مظاهر واضطرابات نفسية من قبيل : الحساسية الزائدة للانتقاد ، أو الشعور بالنقص والدونية وانخفاض تقدير الذات ، أو النقص في المهارات الاجتماعية وعدم القدرة على التواصل البصري ،ووجود علامات ملحوظة على القلق مثل : برودة اليدين والارتجاف والصوت المتحشرج .
وقد تكون المخاوف الاجتماعية مصحوبة باضطرابات الذعر واضطراب الوسواس القسري واضطرابات المزاج الناجمة عن تعاطي المواد والعقاقير النفسية. ويتم تشخيص هذه الحالة اذا كان الخوف او القلق الناجم عن المواقف الاجتماعية من شأنه ان يعيق النشاطات اليومية لصاحبه واداءه الوظيفي او يكون الشخص مكروبا لكونه يعاني من هذه المخاوف.